الثورة /
بعد أن أفشل الفلسطينيون في قطاع غزة خطط الاحتلال الإسرائيلي للتهجير القسري، بتضحيات هائلة جبلت خلالها دماء عشرات آلاف الشهداء والجرحى بتراب الأرض التي يعشقون، جاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ليعيد طرح المشروع دون رؤية واضحة، متجاهلًا إصرار الفلسطينيين على التجذر في أرضهم التي يرفضون مغادرتها مهما كانت التضحيات.
ترامب يعيد طرح خطة التهجير
وفي وقت كان مئات آلاف الفلسطينيين ينتظرون عودتهم إلى شمال قطاع غزة، في إفشال عملي لخطة تهجيرهم التي أعلنها الاحتلال الإسرائيلي في مستهل حرب الإبادة، أطلق ترامب تصريحات تحدث فيها عن إمكانية نقل أكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى الدول المجاورة، وذلك في مكالمة هاتفية مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وقال ترامب للصحفيين مساء السبت (25 يناير): “طلبت من الأردن استقبال المزيد من الفلسطينيين لأنني أرى أن قطاع غزة في حالة من الفوضى. إنه وضع مأساوي يجب أن يتم معالجته.” وأضاف أنه سيبحث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إمكانية إيواء الفلسطينيين في مصر، حيث قال: “أنت تتحدث عن مليون ونصف المليون شخص، ونحن فقط سنزيل هذا الأمر برمته”.
وفي بداية حرب الإبادة على قطاع غزة في أكتوبر 2023، طرح مسؤولون إسرائيليون خطة التهجير القسري للفلسطينيين في قطاع غزة إلى سيناء، وسعوا إلى ذلك من خلال توجيه مئات الآلاف للنزوح إلى رفح وسط قصف وتجويع، ولكن الفلسطينيين واصلوا الصمود، فيما عبرت مصر عن رفض مطلق للخطط الإسرائيلية.
إعادة طرح خطة إسرائيلية قديمة
وتتسق تصريحات ترامب مع الخطط الإسرائيلية القديمة التي تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها الفلسطينيين، في إطار أكبر عملية تهجير قسري غير إنسانية تستهدف إلغاء وجودهم في أرضهم.
ويرى خبراء أن هذه التصريحات تأتي في وقت حساس، بعد أسبوع من بدء وقف إطلاق النار وسط تعثرات قابلة للحل لتنفيذ خطوة عودة النازحين إلى أماكن سكنهم، في وقت يعاني القطاع من دمار هائل جراء الحرب الإسرائيلي المدمرة التي أتت على أكثر من 70 % من مباني القطاع.
رفض فلسطيني وعربي قاطع
وعلى الدوام عبرت المكونات الفلسطينية المختلفة الرسمية والشعبية رفضها لخطط التهجير القسري مهما كان الثمن، وسط إجماع أن ما يطرحه ترامب هو مجرد تكرار لمحاولات إسرائيلية سابقة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ورغم أنه لم يصدر تعقيب سريع من مصر والأردن على تصريحات ترامب، إلا أن البلدين أكدا في أوقات سابقة رفضهما التام لهذه الفكرة، حيث وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وقت سابق فكرة تهجير الفلسطينيين بأنها جزء من مخطط أكبر لتفريغ المنطقة من سكانها الفلسطينيين، في حين شدد الملك عبدالله الثاني على أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن هي “خط أحمر”.
تهجير قسري بأيدٍ إسرائيلية
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور إبراهيم أبو جابر، أشار إلى أن مخططات التهجير حاضرة في إسرائيل، مبينا أن “الكل في إسرائيل يهدف إلى تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين سواء بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف.
نتنياهو يغازل ترامب منذ البداية.. لا أستبعد أن تكون هذه الفكرة قد وصلت من خلال مكتب نتنياهو”.
وأضاف أبو جابر: “هناك توافق بين الحكومة الإسرائيلية، من اليمين إلى بعض شرائح اليسار، على أن التهجير هو الحل الأمثل للصراع، ولكن هذا الحل لا يمكن أن يمر”، وفق مداخلة عبر الجزيرة تابعها المركز الفلسطيني للإعلام.
الشعب الفلسطيني يثبت تمسكه بأرضه
الفلسطينيون في قطاع غزة الذين يصطف الآلاف منهم منذ أيام على شارع صلاح الدين والرشيد بانتظار العودة إلى مدينة غزة بعد نزوح استمر عدة أشهر، يؤكدون رفض أي محاولة للتهجير، بل يعلنون تمسكهم بحق العودة إلى مدنهم وقراهم داخل فلسطين المحتلة منذ عام 1948.
وعلى مدار 15 شهرًا سعى الاحتلال لتفريغ محافظتي غزة والشمال عبر عشرات أوامر التهجير والغارات الدموية إلا أن مئات الآلاف تمسكوا بالبقاء وواجهوا الموت والجوع وأفشلوا مخطط التهجير.
وعلى مدار السنوات أظهرت غزة صمودًا لا مثيل له في مواجهة الهجمات الإسرائيلية، حيث لا يزال الفلسطينيون ثابتين في أرضهم، رغم الدماء والتضحيات التي دفعوها.
ويشدد الخبير أبو جابر على أن “تنفيذ هذا المخطط ليس سهلاً، لأنه سيتعارض مع أي تسوية مستقبلية، الشعب الفلسطيني يرفض التهجير القسري مهما كانت الظروف، الآلاف فضلوا الشهادة على الهجرة، ولن يقبلوا بأن تكون أرضهم محلًا لتجارب الآخرين”.
ورغم محاولات التهجير التي تُطرح بين الحين والآخر، يصر الفلسطينيون على الثبات والتجذر بالأرض والمضي على نهج المقاومة من أجل الحفاظ على وجودهم على أرضهم، مؤكدين أن حقوقهم الوطنية لا يمكن التفاوض عليها أو التنازل عنها.
المركز الفلسطيني للإعلام