الثورة /
قضى الاحتلال الإسرائيلي أكثر من عشر سنوات في تطوير ما يُعرف بـ»مصنع الذكاء الاصطناعي»، وهو نظام متطور يهدف إلى دعم عملياته العسكرية ضد الفلسطينيين في غزة، ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإن إسرائيل استثمرت في هذه التكنولوجيا لتعزيز «كفاءة» استهداف المواقع في القطاع، ما أدى إلى نتائج كارثية على المدنيين.
وأشارت الصحيفة، نقلاً عن مصادر مطلعة، إلى أن هذا النظام ساهم بشكل كبير في تصعيد العدوان الحالي على غزة، إذ مكّن الجيش الإسرائيلي من استهداف 12 ألف موقع في غضون أسابيع قليلة منذ السابع من أكتوبر 2023م، وعلى الرغم من حديث الاحتلال عن «كفاءة الاستهداف»، عبّرت مصادر عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك أفراد سابقون في الجيش، عن قلقهم من أن استخدام الذكاء الاصطناعي تسبب في «زيادة كبيرة بالخسائر المدنية».
الذكاء الاصطناعي من رحم الوحدة 8200
برزت هذه التكنولوجيا بشكل لافت منذ عام 2020م تحت قيادة يوسي سارييل، رئيس وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية 8200، وهي وحدة سيبرانية تُعد من أخطر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتعمل الوحدة على استقطاب الشباب النخبة وتطوير أدوات متقدمة لجمع المعلومات وتحليلها.
وأثناء فترة قيادته للوحدة، قاد سارييل مبادرات بارزة لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث وصفها في أحد كتبه بأنها قادرة على بناء «قواعد بيانات أهداف» دقيقة تشمل أسماء الأفراد المستهدفين، مواقعهم، وتحركاتهم.
»بنك الأهداف« ودمار غزة
ساهمت الوحدة 8200، بالتعاون مع الموساد، في تطوير «بنك أهداف» متكامل يحتوي على تفاصيل دقيقة، بما في ذلك إحداثيات وأرقام الشقق السكنية لحماس وحزب الله. تُجمع هذه البيانات من مليارات الإشارات التي تلتقطها الطائرات من دون طيار، المقاتلات، وأجهزة الاستشعار، إلى جانب معلومات الهواتف المحمولة وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي.
ولتسريع عملية الاستهداف، طور الجيش الإسرائيلي تطبيقًا يُدعى «Hunter» يتيح للجنود الوصول المباشر إلى معلومات استخبارية محدثة، لكن التركيز المفرط على السرعة، حيث يُختصر تقييم الهدف إلى ثلاث دقائق فقط، أدى إلى تهميش تقييمات الاستخبارات المتأنية، وهو ما نتج عنه استهداف عشوائي أودى بحياة الآلاف.
أدوات الذكاء الاصطناعي في العدوان
استخدم جيش الاحتلال عدة أدوات متطورة، مثل “غوسبيل”، “لافندر”، و”ألكيمست”، لتحليل البيانات وتحديد الأهداف. ووصف أحد المسؤولين العسكريين الإسرائيليين هذا التغيير بأنه استبدال كامل للعنصر البشري بالآلة، ما عزز قدرات الاحتلال على شن هجمات واسعة النطاق وبوتيرة غير مسبوقة.
جرائم حرب بدعم الذكاء الاصطناعي
نتيجة لهذا الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، خلف العدوان الإسرائيلي على غزة دمارًا هائلًا وأعدادًا كبيرة من الضحايا، بينهم أطفال ومسنون، إلى جانب تفاقم المجاعة والأوضاع الإنسانية الكارثية، ورغم مذكرتي اعتقال صادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت لارتكابهما جرائم حرب، يستمر الاحتلال في تجاهل القوانين الدولية واستخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز عدوانه.
خاتمة
يثير اعتماد إسرائيل على الذكاء الاصطناعي في عملياتها العسكرية تساؤلات أخلاقية خطيرة، إذ تتحول التكنولوجيا الحديثة من أداة لتطوير البشرية إلى وسيلة لتدميرها، مع تجاهل واضح للأرواح البريئة والقوانين الدولية.