الثورة /
كانت ترتدي زيّها الصحافي أثناء تغطيتها لاقتحام قوّات الاحتلال مدينة جنين في عام 2022م. وكان يفترض أن يحميها هذا الزي، لكنّ الاحتلال قتلها عمداً أمام أعين العالم أجمع، ثمّ حاول طمس الحقيقة تماماً كما حدث مع أكثر من 190 صحافياً في غزّة.
«اخترتُ الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان، ليس سهلاً ربما أن أغيّر الواقع، لكنني على الأقل قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم»، هكذا قالت شيرين أبو عاقلة في إحدى مقابلاتها .
أبو عاقلة، التي اغتيلت برصاص الاحتلال عام 2022م، كانت تدرك أنّ الصحافة كما تجعلها قريبة من الإنسان، تجعلها أيضاً، أقرب إلى الموت في ظلّ الاحتلال.
لم تكن أبو عاقلة أول الصحافيين الذين وقعوا ضحايا الإجرام الصهيوني. قبل استشهادها، ووفقاً لتقرير صادر عن منظّمة «مراسلون بلا حدود»، تَعرَّض أكثر من 144 صحافياً، فلسطينياً وأجنبياً، لاعتداءات من قوات الاحتلال.
ولم تكن أيضاً الأخيرة، فمنذ السابع من أكتوبر 2023م، أسفرت الإبادة الجماعيّة التي يشنّها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزّة، عن استشهاد أكثر من 190 صحافياً حتّى الآن
ورغم أنّ شيرين أبو عاقلة لم تكن أول الصحافيين الذين استشهدوا في فلسطين، ولا آخرهم، إلّا أنّ اغتيالها لفت انتباه العالم إلى الاعتداءات الصهيونيّة الممنهجة ضد الصحافيين، التي تهدف إلى إسكات صوت الحقيقة، فقد اقتحمت قوات الاحتلال حرم المستشفى الفرنسي في القدس المحتلة، وهاجمت مشيّعي جثمان أبو عاقلة، وحاولت إسقاط النعش ومنعت رفع العلم الفلسطيني، فعكست في هذا المشهد، وحشيّة الاستعمار.
هو المشهد نفسه، الذي دفع الباحثة والكاتبة اللبنانيّة، غيداء ماجد، إلى جمع كتاب «شيرين اصحي» الصادر عن مكتبة «فيلوسوفيا»، الذي يوثّق سيرة الصحافيّة الشهيدة، ويجمع أرشيفاً من تصريحاتها وتغطياتها وشهادات عدّة عنها وعن استشهادها. تكتب ماجد في مقدمة الكتاب عن الاعتداء على نعش أبو عاقلة: «شُلَّ تفكيري من هول ما رأيت… كان إيذاناً لي بالتفكير بعملٍ ما، ردّاً على أولئك الذين أرعبهم جثمان في تابوت، واستفزتهم أعلامٌ ذات ألوانٍ أربعة».