الثورة /وكالات
لا يكفي النازحون في غزة ويلات التشرد وحياة الخيام، ونقص المياه والغذاء والرعاية الصحية، ليضاف إليهم مكاره تراكم النفايات في أماكن نزوحهم.
ومنذ بدء حرب الإبادة الجماعية بغزة في السابع من أكتوبر 2023م، شردت إسرائيل بموجب أوامر الإخلاء القسري قرابة مليوني فلسطيني من أماكن سكناهم إلى مناطق في دير البلح ومواصي خان يونس، بزعم أنها إنسانية، إلا أن هذه المناطق قصفتها إسرائيل بصلف وإرهاب، إضافة لحرمان سكانها من الطعام والماء.
المواطن محمود الحداد والذي دمر الاحتلال منزله في خان يونس، ويقطن في مخيم للنازحين قرب جامعة الأقصى يقول لمراسلنا إنهم لا ينامون ليلًا من الروائح المنبعثة من أكوام النفايات التي تحاصرهم، وتجمعات مياه الصرف الصحي.
يتابع: أن الاحتلال يتفنن بقتل الفلسطينيين، فتارة بالقنابل والصواريخ، وبالتجويع والحصار، والآن بالمكاره الصحية.
ويقول: تنبعث روائح كريهة نتيجة طفح مياه الصرف الصحي حول خيمته، ما تسبب في مكرهة صحية تهدد حياته، بسبب ضعف مناعته، في ظل انعدام توفر نظام غذائي صحي منذ بداية الحرب، فضلا عن انتشار الأمراض، وتلوث المياه التي لم تعد أساسا صالحة للشرب.
أزمات قاسية
وتقول تقارير صادرة عن جهات حكومية بغزة إن الاحتلال تعمد استهداف البنى التحتية وشبكات الصرف الصحي، وخطوط المياه، ما يحدث أزمات قاسية لدى النازحين، ناهيك عن الأزمات التي تلاحقهم في كل لحظة.
والمشهد يتكرر مع النازحين كافة على امتداد وجودهم في قطاع غزة، فتجد الكثيرين منهم خاصة الأطفال يسيرون حفاة، بسبب عدم توفر الأحذية، واهتراء أغلبها، نتيجة الحصار المفروض والحرب المتواصلة على قطاع غزة.
ولا تقل مأساة المواطن أحمد أبو شعيرة في منطقة مواصي رفح عن الحداد، فهو الآخر يعاني من مكرهة صحية، وطفح المياه العادمة، وتكدس النفايات بشكل كبير، وتجمع الكلاب الضالة، التي تحد من تنقل الأطفال، وتسبب إزعاجا وخوفا خلال ساعات الليل.
نسف الاحتلال لمبانٍ شمال قطاع غزة،
يقول أبو شعيرة لمراسلنا: إنه ترك منزله في حي تل السلطان قبل 7 شهور، ووردت إليه أخبار عن تدميره من قبل قوات الاحتلال، يقول: إن القوارض والحشرات تؤرقهم بشكل لا يوصف في خيام النزوح في منطقة المواصي غرب مدينة رفح.
وأشار إلى انتشار واسع للأمراض بسبب المياه الملوثة، وتكاثر القوارض، التي تتنقل بشكل مرعب بين الخيام.
وأكد أبو شعيرة أن أطفاله الثلاثة يسيرون على الأرض، حفاة نظرًا لعدم توفر أحذية، ويقول: لو وجدتها فهي بأسعار خيالية ولا نستطيع شراءها.
خطر على صحة الإنسان والبيئة
نائب المدير العام للإدارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة، رئيس جمعية أصدقاء البيئة الفلسطينية المهندس عاطف جابر، أكد أن تراكم النفايات والمياه العادمة في الشوارع شكل أكبر خطر على صحة الإنسان والبيئة.
ونبه في تصريح صحفي إلى أن استمرار الحرب يحول دون تمكن البلديات من نقل النفايات إلى المكبات الرئيسية، ما نتج عنه تفاقم المكرهة الصحية، وانتشار الأمراض.
أطفال يجمعون البلاستيك والأوراق من مكب النفايات لاستخدامه في أفران الخبيز وبديل لغلاء الحطب في جنوب قطاع غزة.
وحذر من خطر المكبات العشوائية، كونها تلامس الإنسان والحيوانات الضالة، وتعمل على استنزاف الأراضي الزراعية. ولفت جابر إلى أن الفرد يُنتج يومياً كيلو جراما من النفايات الصلبة، ما يعني أن قطاع غزة يُنتج إجمالي ألفي طن يومياً.
وأشار إلى أن اختلاط تلك النفايات بمخلفات المستشفيات، وتكدسها بين خيام النازحين، يُنذران بكارثة صحية، يتحمل مسؤوليتها الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمنع نقلها إلى المكبات الرئيسية، علاوة على وجود ملايين الأطنان التي نتجت عن عمليات تدمير المنازل والمنشآت.
ويرتبط الماء الملوث وتردي منظومة الصرف الصحي بانتشار الأمراض، مثل: الكوليرا، والإسهال، والدوسنتاريا، والالتهاب الكبدي الوبائي، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، التي حذرت منذ أشهر من كارثة صحية وبيئية شاملة يواجهها سكان قطاع غزة.
وفي رصد لمراسلنا أكد أن شوارع مدينة دير البلح التي تؤوي آلاف النازحين، تعد بمنزلة مكاره صحية نظرًا لغرقها بمياه الصرف الصحي، نتيجة استمرار الاحتلال باستهداف البنى التحتية، ومنع إدخال الآليات والموارد اللازمة لمعالجة الأمر.