مجددا.. الأسطول الأمريكي يغرق في بحر من العجز

كامل المعمري

 

 

 

 

 

 

استهداف ثلاث سفن إمداد تابعة للبحرية الأمريكية للمرة الثانية خلال عشرة أيام يمثل خطوة استراتيجية ومدروسة تهدف إلى تعطيل شرايين الدعم اللوجستي الحيوية التي يعتمد عليها العدو في تنفيذ عملياته العسكرية.

في الحروب الحديثة، تعتبر شبكات الإمداد واللوجستيات أحد الأعمدة الأساسية لاستمرارية العمليات الحربية، إذ لا يمكن لأي قوة عسكرية الحفاظ على قدرتها القتالية لفترة طويلة دون إمدادات ثابتة من الذخائر، الوقود، والطعام، والعتاد.

بالنسبة للقوات الأمريكية، التي تعتمد بشكل كبير على السفن لإيصال هذه الإمدادات إلى قواتها المنتشرة في مناطق شاسعة، يصبح تعطيل هذه السفن مسألة حاسمة يمكن أن تُحدث تأثيرا مباشرا على سير المعركة.

سفن الإمداد الأمريكية تعمل كمراكز حيوية لنقل الموارد من الموانئ التي تحتوي على قواعد امريكية إلى المناطق العسكرية المتقدمة أو أي نقطة أخرى في مسرح العمليات القتالية وبالتالي، عندما تُستهدف هذه السفن، فإن الهجوم لا يُصيب فقط قطعة بحرية، بل يعطل بشكل مباشر سلسلة الإمداد المستمرة التي يحتاجها العدو للحفاظ على استمرارية قواه العسكرية.

علاوة على ذلك فإن تأثيرات ضرب سفن الإمداد على قدرة العدو القتالية متعددة حيث يؤدي تعطيل هذه السفن إلى نقص حاد في الإمدادات الضرورية، مثل الذخيرة والمعدات العسكرية المتطورة وهذا يشكل تحديا كبيرا أمام قوات العدو التي ستكون مجبرة على تنفيذ عملياتها العسكرية باستخدام مخزونات محدودة، مما يقلل من قدرتها على تحقيق أهدافها العملياتية.

ثانيا استهداف هذه السفن يؤدي إلى إحداث حالة من الشلل المؤقت في العمليات القتالية فعندما يصبح العدو في حاجة ماسة إلى إمدادات جديدة ولكن لا يستطيع الحصول عليها بسبب تدمير خطوط الإمداد، فإن ذلك يخلق فجوة في قدراته العملياتية وهذه الفجوة تؤدي إلى حالة من الارتباك داخل صفوفه حيث يتعين عليه إيجاد بدائل سريعة للوصول إلى الإمدادات، وهو أمر معقد ومكلف وفي سياق الحرب الحديثة، الزمن عامل حاسم، وكل تأخير أو انقطاع في الإمدادات يمكن أن يُحدِث تراجعا كبيرا في فعالية العمليات العسكرية.

إلى جانب هذا فإن ضرب سفن الإمداد يسبب فقدانا للثقة داخل صفوف القوات المعادية الجنود والضباط الذين يعتمدون على هذه الإمدادات يشعرون بالقلق عندما يتعذر عليهم الحصول على المعدات والموارد التي يحتاجونها لاستمرار العمليات.

هذا القلق قد يتسبب في انخفاض المعنويات وتدهور الروح القتالية، وهو عامل مهم في أي صراع عسكري. عندما يعرف العدو أن خطوط إمداده قد تكون معرضة للخطر في أي لحظة، فإنه سيتردد في اتخاذ خطوات حاسمة في العمليات العسكرية المستقبلية، خوفا من نقص الإمدادات أو فقدان السيطرة على المواقف العسكرية

العامل المهم هنا هو ان عملية استهداف سفن الإمداد الأمريكية يأتي للمرة الثانية خلال عشرة أيام وهذا بحد ذاته مؤشر واضح على تصعيد من قبل الجيش اليمني يعكس قدرة متنامية على تعطيل خطوط الإمداد الحيوية التي يعتمد عليها العدو بشكل كبير في تنفيذ عملياته العسكرية

تكرار هذه الهجمات على مدار عشرة أيام يُظهر أن الجيش اليمني يركز جهوده على شل قدرة البحرية الامريكية على التحرك بحرية داخل مسرح العمليات البحري مما يعني أن الجيش اليمني قد بدأ في فرض نوع من الحظر البحري أو اللوجستي على السفن التي تعتمد عليها القوات الأمريكية.

باختصار، هذه الهجمات المتتالية تُظهر أن الجيش اليمني ينجح في فرض قيود على الإمدادات العسكرية الأمريكية وهو ما يُعد تحولا استراتيجيا يؤثر على معادلة القوى في المنطقة

أخيرا، يمكن القول ان الهجمات المتكررة على سفن الإمداد الأمريكية تُبرز تفوق الجيش اليمني في قراءة المعركة وتحديد نقاط الضعف الحرجة لعدوه.

فتعطيل خطوط الإمداد لا يؤثر فقط على العمليات العسكرية المباشرة، بل يؤدي إلى إرباك استراتيجيات العدو وتقويض معنوياته.

ومن خلال هذه الخطوات المدروسة، يعيد الجيش اليمني صياغة قواعد اللعبة العسكرية في المنطقة، ما يعكس قدرة متزايدة على فرض إرادته واستغلال نقاط الضعف لتحقيق أهدافه الاستراتيجية.

 

*كاتب متخصص في الشأن العسكري

قد يعجبك ايضا