خروج سوريا من محور المقاومة سيزيد من أطواق الحصار على غزة والضفة أحداث سوريا.. الأسد ليس هدفاً

•بلينكن: الأسد رفض الانخراط في العملية السياسية ما فتح الباب لهيئة تحرير الشام لشن الهجمات

•رويترز كشفت عن عرض نقلته الإمارات للأسد بتنصيبه ملكا مقابل التخلي عن حزب الله وفك ارتباط سوريا بالمحور

•العناصر التكفيرية تخرج عن مسار التقدم إلى دمشق وتتجه نحو القصير لفرض الحصار على حزب الله، وإسرائيل تساند بغارات على الحدود مع لبنان

• قدم أردوغان للاقتصاد والجيش الإسرائيلي الكثير خلال طوفان الأقصى وإشعال سوريا خدمة أخرى

الثورة /تقرير/ إبراهيم الوادعي
في تصريح سياسي أمريكي هو الأول حول ما يحصل في سوريا قال وزير الخارجية الأمريكية انتوني بلينكن، عرَّاب العدوان الأمريكي الإسرائيلي على غزة: إن الرئيس السوري بشار الأسد رفض الانخراط في العملية السياسية، ما فتح الباب أمام هيئة تحرير الشام – المسمى الجديد لجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في الشام – لشن الهجمات، وبالمناسبة فهيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة أيا كان المسمى مسجلة على قوائم الإرهاب الأمريكي، ومع ذلك حظيت الحركة بسلاح أمريكي وتركي متطور شمل الطائرات المسيرة وأنواعاً أخرى من الأسلحة خلال هجومها الأخير.
العملية السياسية التي تحدث عنها بلينكن كشفت عنها رويترز قبل أيام وهي بالأصح صفقة عرضت على الرئيس الأسد نقلها اليه موفد إماراتي يقوم خلالها الأسد بفك ارتباطه مع ايران وحزب الله ومحور المقاومة وإخراج سوريا من معادلة المحور المقاوم، مقابل تنصيبه حاكما مطلقا على سوريا دون منازع، ورفع العقوبات وامتيازات اقتصادية تمنح لسوريا تعيد للاقتصاد السوري قوته.
رفض الرئيس الأسد الصفقة كليا، وفق مصادر غربية وسورية، ونتيجة لفشل الغزو الإسرائيلي البري للبنان وتعثر الجيش الاسرائيلي عند الأمتار الأولى في جنوب لبنان، كان مقررا للدبابات الإسرائيلية أن تصل إلى الضاحية لترسم مشهد الانتصار وتتوجه نحو دمشق اذا ما واصل الأسد رفضه للصفقة، وبالتزامن ولمزيد من الضغط العسكري أزال جيش العدو الإسرائيلي حقول الألغام التي تفصل أراضي الجولان السوري المحتلة عن المحررة، في إشارة واضحة لنية الطرف الإسرائيلي شن هجوم على الأراضي السورية – يبعد الجولان عن العاصمة السورية دمشق نحو 30 كم–
كان الإسرائيليون مطمئنين إلى أن الضربات والاغتيالات والاختراقات التقنية التي لحقت بحزب الله كفيلة بإسقاطه وشطبه من معادلة المواجهة، وبإمكانية تحقيق سيناريو الغزو حتى بيروت وتهديد دمشق كام حصل في العام 1982م .
عشية وقف اطلاق النار في لبنان نتيجة الإخفاق الذي تعرض له الجيش الإسرائيلي، بدا مفاجئا في خطاب بنيامين نتنياهو توجيه تهديد غير مفهوم بدا وكأنه رسالة مشفرة إلى الرئيس السوري بالقول “اسد انت تلعب بالنار” وفي الساعة الثانية صباحا – أي بعد الخطاب بـ 6 ساعات بدأ الهجوم الكبير للتنظيمات التكفيرية التي جرى توحيدها تحت مسمى هيئة تحرير الشام.
وفيما كان محور المقاومة منشغلا بإسناد طوفان الأقصى وتسخير قدراته لوقف العدوان على غزة، استجلبت تركيا بإشراف أمريكي واسرائيلي آلاف المقاتلين تتحدث المصادر عن نحو 70 الف مقاتل من جنسيات عدة من الايغور الصينيين والشيشان، جرى تدريبهم على الأراضي التركية وفي أماكن أخرى قبل نقلهم إلى ادلب، وحيث لا يزال تدفقهم عبر الحدود التركية مستمرا.
في غضون 3 أيام وصلت المجاميع المسلحة إلى تخوم حلب وسيطرت عليها وسط انكفاء سريع للجيش السوري، وكان واضحا انها تمتلك هذه المرة أسلحة متطورة من طائرات مسيَّرة، وأجهزة تشويش ومدافع وصواريخ موجهة.
السيطرة على حلب لم يكن الوجهة الأساسية للهجوم ، وهذا بدا واضحا من الزخم القوي باتجاه حماه وحمص – نقلت قنوات العربية مشاهد لتوجه المسلحين إلى بلدة القصير الحدودية مع البقاع اللبناني مناطق تواجد لحزب الله رغم كونها ليست على طريق دمشق وفق ما تقول جبهة تحرير الشام ان هدفها اسقاط الأسد، عددا من المقاطع أظهرت توعد عناصر هذه التنظيمات للشيعة بالذبح والقتل، وداس كثير منهم على اعلام حزب الله وتوعدوه كما توعدوا الإيرانيين بالقتل والذبح، ولم ير منهم أي عمل أو مقطع فيديو يؤذي إسرائيل أو يهددها أو حتى تضامن مع فلسطين.
هجوم حلب أحدث المطلوب منه وهو الصدمة والترويع الذي تعتمد عليه التنظيمات التكفيرية في شن هجماتها ضد اعدائها، بديلا لعمليات الذبح التي لن يطول الأمر حتى تعود من جديد فتلك طبيعة العقرب.
كما ان السيطرة على حلب أريد منه تأمين الخلفية لانطلاق الهجوم نحو وجهته الحقيقية نحو حماة وحمص في الجنوب وصولا في المرحلة الأولى إلى الحدود السورية اللبنانية واطباق الحصار على حزب الله.
وفق مصادر لبنانية فإن أحد أسباب موافقة حزب الله على وقف اطلاق النار رغم موقفه القوي وضعف الموقف الإسرائيلي وقبوله بفك الارتباط مع غزة اقله بشكله العسكري، هو الانباء التي كانت ترد من الميدان السوري عن تحشد التنظيمات التكفيرية والهجوم المرتقب.

•أهمية سوريا لجبهة المقاومة ضد اسرائيل
توفر سوريا عمقا مهما للمقاومة الإسلامية اللبنانية وأحد عناصر قوته التي فشلت أمامها القوة الإسرائيلية رغم افراطها في القصف والتدمير، وبعكس غزة التي تقبع تحت حصار مطبق، تمتلك المقاومة الإسلامية في سوريا مصانع أسلحة تمد المقاومتين اللبنانية والفلسطينية بالسلاح.
تفتح سوريا أراضيها لوصول السلاح إلى حزب الله، ولاحقا إلى المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية عبر الأراضي الأردنية، وإلى المقاومة الفلسطينية في غزة عبر لبنان سالكة الطريق البحري مع اغلاق النظام المصري لكل الانفاق.
كما توفر سوريا أيضا اتصالا جغرافيا لمحور المقاومة من طهران وحتى بيروت، وذلك له أهميته في المواجهة مع العدو الإسرائيلي .
لا تخفي التنظيمات التكفيرية خلال هذه الجولة عداءها لحزب الله وهي أظهرت فرحها الكبير عندما اغتيل الأمين العام سيد الشهداء حسن نصر الله .
واذا ما وصلت التنظيمات التكفيرية إلى حمص وجبال القلمون فيمكن الحديث حينها عن إعادة الاطباق وخنق حزب الله ويمكن للجيش الإسرائيلي حينها إعادة الحرب على حزب الله واستنزافه على غرار ما فعل بالمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الواقع تحت حصار إسرائيلي مصري مطبق، ومع وصول التنظيمات التكفيرية إلى اطراف حمص شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات على الحدود اللبنانية السورية في تناغم واضح مع سير خط الهجوم التكفيري واحتياجه إلى تامين خط الحدود من أي التفافات.
يمكن لهجوم مزدوج من التنظيمات التكفيرية، وذلك واقع حتما وهجوم اسرائيلي من الجنوب على المقاومة اللبنانية الإسلامية، أن يضعها في موقف صعب للغاية .

•تركيا تعمل لبقاء سرائيل
وللمرة الثانية منذ الـ 7 من أكتوبر يتعرض طوفان الأقصى للطعن من قبل نظام الرئيس اردوغان، والذي كان قلبه وسيفه مع إسرائيل منذ اليوم الأول للعدوان.
بعد أيام من فرض الحصار اليمني على الكيان الإسرائيلي رفعت تركيا من مستويات التصدير للخضار والفاكهة لتعويض النقص في السوق الإسرائيلية، كما أمنت العدة العسكرية التي افتقدها الجيش الإسرائيلي مع اغلاق البحر الأحمر امام الملاحة الإسرائيلية، سجل في فبراير من العام 2024م استخدام الجيش الإسرائيلي لقنابل تركية الصنع، وقبل نحو أسبوعين ضربت البحرية اليمنية سفينة الاناضول التركية التي زارت الموانئ الإسرائيلية مرارا خلال طوفان الأقصى، فيما لم يقدم لغزة أي مساعدات يمكن الاعتداد بها وما وصل عبر معبر رفح حصد مقابله اردوغان أرباحا من التجارة مع اسرائيل.
في الضفة الأخرى يتحضر محور الجهاد والمقاومة للرد على الحماقة الأمريكية الإسرائيلية التركية، وثق السوريون وجود قيادة إسرائيلية على الحدود التركية تنسق العمليات داخل سوريا بالتعاون مع أمريكا وتركيا، واكد وزير الخارجية العراقي في اجتماع بغداد امس الجمعة وجود هذا الدور وقال: من الحماقة على دول المنطقة ان تتجاهله.
وخلال اليومين الماضيين جرى اتصال بين وزراء دفاع ورؤساء هيئات الأركان في العراق وسوريا وايران، الكل استشعر الخطر وخاصة الطرف العراقي الذي عانى كثيرا من انتشار التنظيمات التكفيرية على أراضيه .
وامس الجمعة انعقد اجتماع ثلاثي سوري عراقي إيراني يستشعر الخطر التكفيري على دول المنطقة ووجوب مواجهته قبل ان يطأ أراضي الجميع انطلاقا من تجربة 2011 وحتى عام 2014 وطرد داعش من العراق وجل الأراضي السورية حتى ادلب .
وفي البيان المشترك أكدت الدول الثلاث العمل مجتمعة لمواجهة الخطر التكفيري المدار إسرائيليا على المنطقة، في تنفيذ لتهديد نتنياهو بإعادة رسم خريطة المنطقة ويبدو ان الطرف الإسرائيلي الأمريكي يعمل في الوقت الحالي على تلافي أخطائه السابقة، ومنع ظهور صور الذبح إلى العلن أو حجبها حتى الوصول إلى مناطق الشيعة والأطراف غير المؤمنة بالفكر التكفيري .

•محاولات إيحاء استانا
سياسيا ذكرت مصادر أن الإيرانيين نقلوا خلال زيارة وزير الخارجية عباس عراقجي إلى انقره تحذير القيادة الإيرانية بان المسيرات التي وصلت إلى يد الجماعات التكفيرية، ستصل إلى يد حزب العمال الكردستاني، وحينها قد لا تقتصر الانفجارات على الأراضي السورية بل سيشاهدها اردوغان في انقرة.
لا يتوقع ان تفضي الاتصالات الروسية الإيرانية مع تركيا إلى نتائج ملموسة قريبا، اليوم السبت ينعقد في الدوحة اجتماع لأطراف اتفاق استانا وهي روسيا وإيران وتركيا.
فالأخيرة غامرت باتفاق استانا لعيون الحليف الأمريكي والصديق الإسرائيلي وهي منتشية اللحظة بما حققته أدواتها شرق سوريا والاستيلاء على حلب، والجميع عيونهم معلقة على الميدان .
وحديث الأطراف عن استعادة استانا يندرج في اطار حساب المخاطر لكل مرحلة .
التنظيمات التي فتح الأمريكيون لها الباب وأطلقها الأتراك من القمقم في ادلب قد تكون خسارتها مضاعفة هذه المرة، فلن يكرر الحلفاء هذه المرة خطيئة ترك ادلب وتصديق وعود أنقره وتنظيم الإخوان الخائن لله ولرسوله ولفلسطين والقسام وفقاسة التكفير في المنطقة، وتلك عادته منذ نشأته على يد البريطانيين في مصر مستلهمة ظاهرة – اخوان من اطاع الله- والتي مهدت لنشوء الحكم السعودي وسيطرت على الجزيرة العربية قبل ان تباد على يد منشئيها البريطانيين وآل سعود، والجديد هذه المرة هو انقلاب الإخوان على حماس والقسام لتمسكهم ببوصلة تحرير فلسطين في حرب تراها إسرائيل وجودية وتلك بركة من فيض بركات طوفان الأقصى الذي نهض به الصادقون من كل أطياف الأمة .

لفتة في اليمن
شاهدنا خلال الأيام الماضية كيف تحولت بوصلة ناشطي الاخوان في تركيا، تناست غزة وهي لم تفعل طوال عام سوى الكلام، وها قد تخلت عنه فلا هو أفاد غزة حين قيل ولا يضرها تحول أصحابه، بل واحتسبت التحرك التكفيري إنجازا لطوفان الأقصى.
هذا التحول سيحدث هنا ومن صنفوا بالأمس صنعاء كبطل إلى جانب غزة سيتهمونه غدا بالعمالة لإيران وإقفال البحار خدمة لطهران وهكذا سيقولون فلا تستغربوا فنحن في زمن كشف الحقائق ولاتزال المعركة في بداياتها وإسقاط الأقنعة رغما عن مرتديها، فلن تتحرر فلسطين حتى تسقط كل الأقنعة .
وبالنظر إلى التحركات العدائية الأمريكية لتوحيد جبهة المرتزقة في اليمن تحت كيانات مستحدثة تجمع المتناقضات على غرار ما فعل في سوريا، ضد انصار الله المساندين للمستضعفين بغزة، لن يكون مستبعدا أن يتقدم الإصلاح هذا التحرك، وتتوجه رصاصات الإخوان إلى ظهر صنعاء، مع فارق أن صنعاء لم تنم عن عدوها ولم تحول بوصلتها، وذلك محسوب لها وغدا حين تتلاطم الفتن باشعال أمريكا وإسرائيل الفتن مجددا، فتن تتلطى بعناوين إسلامية وتحررية، تبقى صنعاء منفذ المستبصرين إلى الحق وتبقى فلسطين قبلة الثابتين على هذا الحق، ولذا ركز خطاب السيد على الوعي، ولنا حديث مقبل كيف خطت صنعاء وسبقت أعداءها بخطوات على إمكانية نجاح النموذج السوري الجديد في اليمن.
لقد دخلت معركة طوفان الأقصى مرحلة حاسمة ومفصلية تتطلب الوعي الكبير والبصيرة لتبقى وجهة البندقية ثابتة ولا تنحرف عن فلسطين نحو عناوين يزينها الأمريكيون والصهيونية لخداع قاصري الوعي ومن لايزال في قلبه مرض.

قد يعجبك ايضا