الانتماء والولاء للوطن القائم على العقيدة والدين يحمي الأوطان من الانهيار والارتهان للأعداء، وقد أكد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هذا المعنى حينما أخرجته عشيرته من البلد الحرام وانحاز إلى المدينة المنورة حيث جعل الارتباط الديني هو الانتماء والولاء لا غير ذلك من الولاءات القائمة على سبب أو نسب أو قوم أو عشيرة أو تراب أو جهة.
كانت تلك الأسس الوطنية العظيمة هي الركائز الأساسية التي حطّمت كل المؤامرات، يسير الإنسان من مشارق الأرض إلى مغاربها ومن شمالها إلى جنوبها لا يحمل أي وثيقة أو هوية، جواز مروره لغته ودينه وأمانه وذلك مصداق حديث الرسول الأعظم صل الله عليه وآله وسلم ((والله ليتمّن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء وحضرموت ما يخاف إلا الله تعالى والذئب على غنمه ولكنكم تعجلون)).
عمل الطغيان والاستعباد والاستعمار على خلخلة البنية الاجتماعية بكل الأمراض الجاهلية وبعضها ألبسها مسوح الدين بمساعدة من استأجرهم لخدمة أجنداته.
اعتمد الاستعمار الحديث على تفتيت الترابط الاجتماعي بين مكونات المجتمعات الإسلامية وتولية من يدينون له بالولاء وفرض الطغيان والفساد على مجمل الأنظمة ووصلت سيطرته كل مجالات الحياة.
نسرد هنا بعضا من تصريحات رجال المقاومة وبعضا من تصريحات صهاينة العرب، وتصريحات رجال المقاومة لبيان الارتباط الحقيقي وأثره في التضحية والارتباط الزائف وأثره كذلك.
الشهيد القائد السيد حسن نصر الله قال: سنظل ندعم غزة حتى لو استشهدنا جميعا ولقي الله موفيا بوعده ناصع الجبين مع المؤمنين والشهداء والصالحين وأخبر رجال المقاومة (سيتعلمون من سيد الشهداء كيف يجود القائد بكل ما عنده بنفسه وعرضه وماله وأصحابه وولده عندما تصبح القضية قضية دين وأمة وقضية شعب وقضية كرامة) كل تلك التضحيات تهون من اجل حفظ الدين وكرامة الأمة، لم يتراجع ولم يتوان ولم يبدل وعلّم الناس درسا عمليا كان فيه هو الشهيد.
ارتباط ومثال حقيقي على التضحية والفداء من أجل الأمة والوطن والكرامة والدين والعزة لأنه يعي ويدرك معنى الحفاظ على تلك المبادئ والقيم والمُثل.
وبخلاف ذلك سنجد تصريح أحد أهم سفراء المملكة وهو السفير السعودي في بريطانيا التي يدين لها بالوجود والتوسع والانتصار والسيطرة على البلد الحرام مهبط الوحي والرسالة الخاتمة واسمه خالد بن بندر بن سلطان يصرح قائلا:- لا علاقة لعائلة آل سعود بالدين نحن مجرد قبيلة فازت في الحرب –والمعروف لدى الجميع كيف وجدت الدولة السعودية وكيف بسطوا نفوذهم من خلال الدعم البريطاني والغربي عموما فقد أبادوا القبائل المعارضة لهم واستولوا على إمارات نجد والحجاز وأبادوا كل المعارضين لهم بدعم غربي.
ويضيف: حكومة السعودية لم تدع وجود قيادة دينية مطلقا ولا علاقة لنا بالدين نحن مجرد قبيلة فازت في الحرب -.
هذا التصريح معناه تنصل السعودية عن تدخلاتها في كل النزاعات والحروب التي مولتها تحت ستار وعباءة حماية الدين باعتبار أنها دولة التوحيد، وعلى أساس ذلك تم ارتكاب المجازر ضد القبائل العربية المناهضة لحكمهم لأنها تمارس الشرك والعياذ بالله ومن ذلك سفك دماء الحجاج اليمنيين لأنهم حسب زعمهم مشركون.
السعودية بذلت الأموال الطائلة لنشر مذهبها السياسي ووظفت كثير من رجال المخابرات الصهاينة على انهم رجال دين، منهم (لورانس العرب) و(جون فلبي) الذي كان يؤم المسلمين في المسجد الحرام قبل أن يعلن إسلامه ويغير اسمه إلى (عبد الله) وهو ما أدى إلى إدخال مفاهيم كنسية إلى دين الإسلام، منها تقديس الحاكم والأمير والملك وإعطائه مرتبة القداسة فلا ينازع ولا ينكر عليه ولا يعارض حتى لو أعلن الكفر صراحة ومجاهرة.
هذا التصريح معناه ببساطة إخلاء مسؤولية المملكة السعودية عن تدخلاتها بدعوى أنها تمثل أهل السنة والجماعة التي سهلت التوسع والاستيلاء على حساب القبائل العربية ليتضح الأمر أن ما قيل أنها دعوة التوحيد لا تمت للدين والإسلام بصلة وهوما يؤكده قوله (ليس لنا دور نلعبه في تطوير الدين لكن بالتأكيد نحن نؤثر على علماء الدين )، السعودية كدولة توسعية استغلت الدعم الغربي عموما وساهمت في توظيف كل إمكانياتها لخدمة مشاريع الغرب وكل دول الخليج ساهمت بإرسال الدعم إلى أفغانستان لمواجهة ما اسمته الإلحاد السوفيتي وتدخلت في الحرب الأهلية اللبنانية على أنها تحمي السُنة ليتضح الأمر انه كان مخططا لإمضاء الطائفية ولتكريس الاختلاف هناك على أساس مذهبي وطائفي لتأمين حدود الكيان المحتل .
وما بين التشدد المذهبي وتسفيه المذاهب الأخرى واحتكار الحقيقة أولاً والمضي في الانسلاخ من الدين ونشر ثقافة الانحلال واستبدال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهيئة الترفيه، يطمح آل سعود إلى زعزعة عقيدة الإسلام والدين من النفوس وفي الأرض الحرام وبيت الله الحرام، ها هي تعمد إلى فتح السجون لكل العلماء المعارضين لسياستها الطبيعية مع اليهود والنصارى وتغيير المناهج وتحريف آيات القرآن الكريم وتولية المنافقين والمتصهينين مراكز القيادة والسلطة للسير في الطريق الذي يريده الحلف الصهيوني الصليبي.
لم يعد الأمر سرا كما كان في السابق بل أصبح واقعا معاشا بفعل السيطرة التامة لأولاد سعود وآل زايد فتم فرض الشرك والانسلاخ ونصبت الأصنام وفرضت عبادتها وقننت شعائر الإلحاد برعاية الحكومات دجنت الشعوب وسحقت تحت طغيان الإجرام والاستكبار بموجب صكوك الملوك والأمراء وجلبت أدوات الإجرام إلى البلدان العربية، وبمباركة وتأييد وفتاوى مشائخ الدجل والفساد وجدنا عارية ترقص على مجسمات الكعبة وداعرة تتغنى بسب الله وهي خطوات مترابطة بدأت كموجات الحادية رفضتها الشعوب العربية والإسلامية ثم انتقلت إلى الغرب ثم عادت إلى العالم العربي والإسلامي.
كانت السعودية تدعي أنها تتبع مذهب الإمام محمد بن عبد الوهاب كدين لها على اعتبار أنها قامت على التوحيد، لكنها اليوم تتبع دين محمد بن سلمان وحسب رأي الشيخ المنحرف عن اتباع منهج الرسول الأعظم إلى اتباع مذهب بن سلمان -عائض القرني-فقد اعتبره الدين الوسطي الذي يبيح القمار والرباء والحفلات الماجنة في مسارح وكباريهات الرياض، وبحسب تصريحات راعي المهرجانات تركي آل الشيخ –يدعو شباب وشابات المملكة لتقديم افضل ما لديهم من مواهب في هذه المواسم بينما يبيد الإجرام الصهيوني الصليبي الأشقاء على أرض غزة وفلسطين .
الاحتفالات التي ترعاها السعودية تتزامن مع كل المجازر الإجرامية في حق الأشقاء في غزه ولبنان وغيرها من الأماكن وتدل على تمكن حب اليهود والنصارى وتغلغل الولاء لهم لدى الزعماء العرب -ملوكا ورؤساء وأمراء- وعلى رأس هؤلاء قيادات السعودية والإمارات ومصر وغيرها، وسواء كان ذلك عن رغبة أو رهبة أو خيانة أو عمالة فهنا أمامنا نموذجان الأول مرتبط بدينه وعقيدته ووطنه وكرامته يقدم دمه وماله وأهله لم يرضخ أو يستسلم فداء لما يؤمن به والثاني لم يحتفظ بأدنى شيء من الكرامة والعزة وفرط بالدين والوطن، ومع ذلك يستكثرون على الأول أن يقدم التضحيات للمحافظة على تلك المبادئ والقيم ولذلك يعينون المجرمين من اجل القضاء عليه حتى يكونوا سواء في الذلة والمهانة.
من حسنات القمة العربية الأخيرة أن يقف وزير الخارجية الإندونيسي ليقدم للمجتمعين درسا في السياسة والواجب الأخلاقي لنصرة المستضعفين ومواجهة الإجرام الصهيوني الصليبي فقد اقترح عليهم جهاد الضعفاء لكنهم أبوا إلا أن يكونوا حيث يستحقون في دائرة الخزي والعار الدائم، فقد اقترح عليهم ما يلي: تعبئة الشعوب العربية والإسلامية لدعم المستضعفين على ارض غزة ولبنان بكل أشكال الدعم من اجل الاستقلال ؛واعتبار كل أشكال المقاومة من كل الفصائل الفلسطينية حقا مشروعا أزليا لا كما صنفته الأنظمة العميلة والمطبعة إرهابا؛ وممارسة كل أشكال الضغط على المنظمات الدولية لعزل إسرائيل وإلغاء عضويتها من كل الهيئات الدولية؛ ورفع الدعاوى لمحاسبتها على كل الجرائم ومنها جرائم الإبادة وجرائم الحرب؛ وقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية معها وكل الشركات الصهيونية العالمية المتصلة بها ؛ وإنهاء كل المشاريع الإسرائيلية الجارية داخل الدول الأعضاء ؛ورفض كل محاولات التطبيع وإعادة النظر في العلاقات الدبلوماسية تماشيا مع مبادرة السلام العربية .