واشنطن.. تأييد بلا حدود للجرائم ضد الإنسانية

طاهر محمد الجنيد

 

 

للمرة الرابعة وفي غضون سنة واحدة لا أكثر تستخدم أمريكا حق النقض “الفيتو” لصالح استمرار جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها عصاباتها الإجرامية المحتلة لأرض غزة وفلسطين، مما جعلها تتوسع في شن الحروب على لبنان وسوريا وإيران والعدوان على اليمن، مبرر أمريكا في استخدام “الفيتو” انه يتضمن وقف إطلاق النار غير المشروط وهي تريده مشروطا بإطلاق سراح من تسميهم رهائن، لأنهم يتمتعون بالجنسية الأمريكية والإسرائيلية وليسوا عربا أو مسلمين من المسموح بإبادتهم وسفك دمائهم .
القرار صيغ بلغة قانونية تناسب الإجرام رغم صدور قرار محكمة الجنايات باعتقال “نتن ياهو” ووزير دفاعه المقال لارتكابهما جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ولذلك فهو يقول بوقف إطلاق النار وصفا لحرب إجرامية استخدمت فيه العصابات الصهيونية ما يعادل خمس قنابل نووية على مساحة بسيطة من الأرض محاصرة من جميع الاتجاهات وكان من المفترض أن يتم ربط ذلك بإطلاق سراح الأسرى الذين يعتبرهم الإجرام الصليبي الصهيوني رهائن .
ساسة الغرب عموما والحلف الصهيوني الصليبي ليس لهم قيم أو مبادئ أو يحتكمون إلى مرجعية دينية أو أخلاقية واضحة ومعلومة، لكن يعتمدون المصلحة وفق نظريتهم الأساسية “لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة بل مصلحة دائمة” والنظرية الأخرى “الغاية تبرر الوسيلة” ونادرا ما يتحدثون من منطلقات ومبادئ الأخلاق والقيم خاصة إذا كانوا يريدون خداع الشعوب التي تؤمن بالقيم والأخلاق مثل الشعوب العربية والإسلامية.
الحركات الجهادية حماس والجهاد وافقت على إجراء تبادل للأسرى بوساطة قطرية وتم إعداد بنود الاتفاق بعد ستة أيام من طوفان الأقصى، لكن الموافقة ستوقف الإجرام الذي يريدون استمراره لتحقيق جميع أهدافهم المبيتة والمعلنة والتي سينفذونها ولو لم يكن هناك طوفان الأقصى، لأنهم يريدون تهجير سكان غزة وإبادة أكبر قدر ممكن من النساء والأطفال والشيوخ، فقد عرضت قطر صفقة التبادل على وزير خارجية أمريكا بلينكن الذي اتصل بالرئيس بايدن وجاك سوليفان، ليخبره بالعرض الذي أعدته قطر ووافقت عليه حماس وأنها مستعده للإفراج عن جميع (الرهائن)لكن “نتن ياهو” وبايدن والمتحالفين معهم من صهاينة العرب والغر يريدون إبادة الحركات الجهادية كما فعلوا سابقا حينما اغتالوا قادة العمل الفدائي من منظمة التحرير وغيرها من حركات المقاومة .
الدماء التي أزهقت من النساء والأطفال حتى الآن ليست كافية لإشباع شهوات الإجرام للحلف الصهيوني الصليبي ولذلك فمازالت أمريكا لا تريد عمليات التبادل والمقايضة، كما حدث أول الحرب لأن الهدف من ذلك كان استكشاف أماكن وجودهم وممارسة الحركات الاستعراضية لليهود وأمريكا حينما يذهبون لتحرير أسراهم إذا وقعوا، ومن هنا جاء استخدام الفيتو لأنه لم يتضمن اطلاق سراح الأسرى مقابل وقف الحرب فقط.
عندما سئل عنترة عن شجاعته وإقدامه قال: إنني أضرب الجبان ضربة يطير لها قلب الشجاع، والمسلمون والعرب ليسوا جبناء، لكن الجبناء خلت لهم الساحة فكيف لا يستأسدون وهم يرون حكاما أذلاء صاغرين يعملون لخدمتهم وتحت توجيهاتهم ويلبون مطالبهم مهما كانت.
القرار الذي لم ترض به أمريكا يتحدث عن وقف إطلاق النار لا عن حرب إجرامية تقصف البشر بمئات الأطنان من القنابل المحرّمة دوليا على أبرياء وعزّل من النساء والشيوخ والأطفال، وعلق على شرط إطلاق سراح الأسرى الذين يقولون عنهم رهائن ويريدون أن يكون القرار ضامنا لهم أنهم معتدى عليهم، فيطلبون إطلاقهم بموجب وقف الإجرام، أما الشعب الفلسطيني المأسور والمحاصر بين المستوطنات والجدار العازل، فلا مكان لهم خاصة أهل غزة التي يحاصرها صهاينة العرب والخونة والعملاء وصهاينة الغرب من كل الاتجاهات ولم يبق سوى البحر ولذلك لا بد من إبادتهم حتى يرحلوا أو يسلّموا بالبقاء أذلاء تحت رحمة جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية.
الهدف واضح وأقوالهم تؤكدها أفعالهم وبحسب ما كشفه الصحفي الأمريكي بوب ودورد في كتابه “الحرب” انه حينما سأل بايدن “نتن ياهو” :كيف ستطارد حماس وماذا تعني بالقضاء عليها؟ هل ستطارد قيادتها أم ستحاول القضاء على كل مقاتلي حماس؟ أجابه :نريد القضاء عليهم جميعا ؟ والخطة القضاء عليهم جميعا؟ وهي ذاتها تصريحات حكومة الاحتلال من الرئيس حتى أقل عضو في الحكومة أنه ستتم إبادة الجميع فليس هناك مدنيون في غزة.
مطالب أمريكا هي ذاتها أفعال الكيان الصهيوني وهي ذاتها مطالب صهاينة العرب الداعمين للإجرام، ولذلك قدمت كل أشكال الدعم سياسياً فقد حشدت تأييد زعماء العرب وملوكها وأرسلت الأسلحة المحرمة دوليا وحاملات الطائرات والجنود وشاركت في كل العمليات الإرهابية لاغتيال قيادات محور المقاومة وحتى الدعوة لعقد قمة إسلامية عربية طارئة تمت بموافقتها ومع ذلك فأكثر ما اتخذته توسيع اللجنة الوزارية لزيارة عواصم العالم وشرح الموقف من الإجرام على أرض غزة ولبنان فهل تستطيع اللجنة المشكلة أن تعمل بعضا مما عمله وزير الخارجية الأمريكي لحشد التأييد لاستمرار جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها العصابات الصهيونية في غزة ولبنان.
لقد ذهبت القمة لبذل جهود غير مشكورة عليها حينما تجاهلت القيام بخطوات عملية لمساندة الأشقاء على مواجهة الإجرام الذي يتعرضون له واكتفت بالدعوة للآخرين إلى القيام بالواجب الملقى عليها بدلا عن القرار الذي أعدمته أمريكا باستخدام “الفيتو” والمطالبة بوقف فوري غير مشروط ودائم لإطلاق النار تحترمه جميع الأطراف، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، ومن المعلوم أن العصابات الصهيونية منذ احتلالها أرض فلسطين لم تحترم قرارا واحدا صادر عن مجلس الأمن أو غيره حتى قرار التقسيم الذي أعطاها شرعية الوجود على خلاف كل الأنظمة .
وأما الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن فهم لا يعتبرون الفلسطينيين بشرا، لهم حقوق بموجب القوانين الإنسانية والدولية، صحيح أن العصابات الصهيونية هي التي تتحرك في المشاهد الإجرامية على أرض فلسطين ولبنان وهي الفزاعة التي ترعب وترهب، لكن هناك جنوداً يقاتلون معهم من أكثر من سبعين دولة ولكن العالم بات يعي ويدرك مظلومية الشعبين الفلسطيني واللبناني والعالم العربي والإسلامي .
لقد تغلب الفيتو الأمريكي على إجماع العشرة الأعضاء لمجلس الأمن، بما فيهم من يمتلكون حق النقض لأنه “القرار” لم ينحز بوضوح لمطالب الحلف الصليبي الصهيوني وهناك رغبة جامحة لسفك مزيد من دماء الأبرياء فلا يكفي استشهاد أكثر من مائة وخمسين ألفاً بين قتيل وجريح ولا يكفي تشريد أكثر من مليونين ونصف المليون من منازلهم بعد تدميرها وأكثر من سبعين في المائة نساء وأطفال وشيوخ، بل إنهم يريدون إدانة حماس وطوفان الأقصى، أما إبادة الأشقاء تحت مسمى الرصاص المصبوب عام 2008م بسبب انتهاك اليهود الصهاينة للهدنة؛ أو الحرب الإجرامية بمسمى عامود السحاب 2012م بعد اغتيال قائد كتائب القسام احمد الجعبر، أو حرب الجرف الصامد2014م عندما تنصل اليهود عن اتفاق تبادل الأسرى الدفعة الرابعة وإعادة اعتقال من تم تحريرهم؛ أو حتى قتل المتظاهرين السلميين في مسيرة العودة وهم لم يجتازوا الخط الفاصل؛ أو إدانة الصهاينة “بعد جرائمهم في عملية ما سمي “حارس الأسوار” عام 2021م التي افتعلها نتن ياهو” للالتفاف على مساءلته عن جرائم الفساد التي فاحت، وكذا إدانة اليهود في حربهم الإجرامية العام2022م من أجل تعزيز فرصة نجاحة في الانتخابات التي أسموها الفجر الصادق.
سلسلة من الإجرام الصهيوني الصليبي التي لا يراد لها أن تنتهي بسبب الاستحواذ علي القوة والمال والدعم اللا محدود من صهاينة العرب والغرب في مواجهة صاحب الأرض الذي لا يمتلك القوة المادية ويتكالب عليه الجميع في عالم لا يحترم غير القوة ولا يحتكم لغيرها، ويضاف إلى ذلك تخاذل وانهزام الزعماء والحكام العرب والخيانة والعمالة لبعضهم، بل وصل الحال بهم إلى دعم وإسناد الإجرام الصهيوني علنا والمساعدة في القضاء على كل الحركات الجهادية ووصفها بالإرهاب إرضاء وعونا للحلف الصهيوني الصليبي، بالرغم من أن الرأي العام العالمي أصبح مؤيدا لمظلومية الشعوب العربية، مما أدى لتغير وجهات نظر الأنظمة الداعمة للإجرام الصهيوني، لكن صهاينة العرب ما زادهم سفك دماء المظلومين على أرض غزة ولبنان إلا عتوا ونفورا ومسارعة في تقديم قرابين الولاء للمجرمين شرقا وغربا .

قد يعجبك ايضا