“لقاء الاربعاء”

مصطفى عامر

 

 

قامت أمريكا- بعد السابع من أكتوبر- بإلقاء حبالها وعصيّها، فهل كان موقف اليمن- حتى الآن- يلقف ما يأفكون؟
أم أنني أتوهّم؟!
هل ابتلعتنا أمريكا،
أم سقطت من عيون النّاس مهابتها؟
هل صنّفتنا إرهابيين أم لا؟
لا أتابع آخر الأخبار بهذا الشأن؟!
إن صنّفت، فهل أهلكنا تصنيفها كعادٍ وثمود؟
هل غادر البحر الأحمر مواضعه؟ أم غادر عطّان مواقعه؟
هل تم إفناؤنا، مثلًا؟
هل أرسلت إلينا طيرًا أبابيل، فانتقت الإرهابيين منا، وقصفتهم- فردًا فردًا- بحجارةٍ من سجيل؟
هل أمسكت السّماء عن إرسال المطر؟ أم أرسلنا تصنيفها إلى سقر؟
هل تقدّم القمر عن موضعه قليلًا بعد تصنيفها، أم تأخّر؟
هل نسفت صنعاء نسفا وعصفت- من ثمّ- بسكانها عصفا؟
هل قامت بإرسال صعدة إلى المنفى، مثلًا، وأحالت عمران قاعًا صفصفا، وهل ماتت ذمار خوفا؟ ونقيل يسلح.. هل اختفى؟
وإبّ الخضراء.. هل أصبحت بعد تصنيفاتها إب العجفاء؟
والحديدة.. هل تم إلباسها طاقيّة الإخفاء؟
ماذا قلت؟
هل تراجعت عن التصنيف؟
وما الذي حدث لنا بعد تراجعها؟
هل أرسلت السماء تحيّاتها وانهمرت؟ أم حجت الجبال إلى البيت الأبيض- شكرًا- واعتمرت؟ هل انبجست أرضنا بعد تراجعها عن تصنيفاتها أنهارا؟ أم عاد نهارنا ليلًا- مثلًا- وليلنا نهارا؟
هل توسّعت الخريطة أم تمدّدت البسيطة؟ هل انشقّ القمر ابتهاجًا- مثلًا- أم هنأتنا نجوم السماء أفواجا؟
هل “ابترعت” الكواكب بهذا الغفران؟!
أم تغيّر- بهذا الحدث الكبير- تاريخ العمران؟
ما الذي حدث- بصدق- بعد تراجع أمريكا؟
ما هو الفرق بين جحيم بايدن ونعيمه؟
ما هو الفرق بين وعده ووعيده؟
ما هو الفارق بين إغراءاته وتهديداته؟
وإذا لم يكن الخبر فارقًا؟ فلماذا الاهتمام؟
إذا كان الفارق معدومًا فلماذا تخاف من أمريكا هذه إذن؟
ما دام زائدك بعد تهديداتها ما زال زائدك،
وناقصك بعد إغراءاتها ما انفكّ ناقصك، فلماذا ترتعد منها- أيّها البليد- فرائصك؟
ما الذي يدفعك للرضا بالعار بحثًا عن رضاها؟
بايدن أم الله من سوّاها؟
ومن الذي “أخرج منها ماءها ومرعاها”؟
هل بايدن من “أغطش ليلها”؟! أهو من “أخرج ضحاها”؟
لماذا تعبد بايدن، إذن؟ لماذا تهتم بتصنيفاته؟
هل ضرّ اليمن موقفها؟ وهل كان قعودها سينفعها؟
وأنت: هل نفعك قعودك أم ضرّك؟
وإن كان قعودك- يا أحمق من فيها- ضرّك؟
فمّا غرّك؟ ‏وهل كانت أمريكا ربّنا الأعلى؟
هل كانت للتصنيف أهلا؟
هل كانت الشّمس أمريكا وكان الخلق ظلّا؟
يدورون كيفما دارت ويسيرون خلفها كيفما سارت؟ يطوفون حولها ويفترضون أنّ القوّة قوتها ويعتقدون أن الحول حولها؟!
لا لوم على أمريكا إذن، وإنّما على عيوننا!
وما دامت المقدمات خاطئةٌ فكيف نلوم النتيجة؟ لا عيب على المرئيّ إذا اختلّ إبصار الرّائي!
أمريكا ليست محور الكون، ليست خالقه، ليست مُنشِئة الإنسان وليست رازقه، زائلةٌ هي فكيف نعلّق أبصارنا بزائل؟ هالكةٌ هي فكيف نربط مصائرنا بهالك؟
ليس على بنت الزّيغ لومٌ وإنّما على عُبّادها الزّائغين، يؤلهونها خُشّعًا أبصارهم تبّت أبصارهم!
ويتوافدون على أبوابها راكعين!
وهل كانت أمريكا ربُّ العالمين؟
هل كان البيت الأبيض سماءنا؟ والمراسلون على عتباته يسترقون السّمع ويبثّون على القنوات مصائرنا؟
تدورُ أخبارنا حيثما تدورُ، عمياء مثل ثعابين الماء ومثل جِمال المَسنَى لا ترى! ولا تسمع مثل سكان القبور؟!
ليس العيب في أمريكا لو تعلمون، وإنّما في اهتمامنا،
ليس اللوم عليها، وإنّما على إعلامنا!
أمّا أمريكا- وإن غضبت- فلن تمور السّماء مورا، إن أدخلتنا في قائمة الإرهاب فلن تسير الجبال سيرا، وإنّ أخرجتنا من القائمة فلن تأتينا جِنان الله راغمة!
ليست قوّتها وإنّما ضعفنا!
عملقها في أبصارنا خوفنا فتاهت بصائرنا، وألبسناها ثوب الألوهيّة- أستغفر الله- فتصوّرنا أنّها من تُقرّر مصائرنا!
ما الذي تملكه أمريكا ولا نملكه؟
من هي حتّى تُصنّف؟ ومن نحن حتى نهتم بتصنيفاتها؟
هل تملك مفاتيح السّماء حتى نخافها؟
هل خلقنا الله نعاجًا- مثلًا- وكانت من اشترى؟ تقص صوفنا وتصنّفنا فيما بعد: نعجةٌ بيضاء ونعجةٌ سوداء؟
نعجةٌ للذبح- يا أمة الإسلام- وأخرى للبن؟!
صدقًا! أريد أن أفهم؟
ما هي أمريكا هذه التي تخافونها ولا تخافون الله؟ تُحيّركم تصنيفاتها ولا يُحيّركم أن نصبتموها للناس آلهة؟!
والله! لو رفعت على أمريكا قدمي لأدوسها، ثم قالت قدمي: لا!
لقطعت قدمي.
إنّ قدمًا تخاف أمريكا لحِملٌ زائد، وعذابٌ منتظر!
ولا حاجة لي بقدمٍ تسوقني إلى النّار!
أمّا من خاف الله فلن يزيغ بصره،
وأمّا من خاف أمريكا فلن يرى عليها هُدى.
فلا تلوموا أمريكا- يا أمة المليارين- إذن! ولوموا أبصاركم.
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.
يبقى لنا حديث.

قد يعجبك ايضا