معركة ذات “البياجر»

حمدي دوبلة

 

 

-قلنا مرارا، ومنذ مرحلة مبكرة، من عمر العدوان على اليمن قبل عشر سنوات- ونعيد القول، مع اتساع رقعة العدوان إلى أكثر من ساحة عربية وإسلامية- أن العدو مدعوما بقوى الشر والإرهاب في العالم، يمتلك إمكانيات مادية ضخمة، وقد بسط سيطرة شبه كاملة، على عمالقة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في عالم اليوم، ويستطيع تقييد إعلامنا متى شاء، عبر الأقمار الاصطناعية أو التحكم بصحفنا و مواقعنا الإلكترونية وحتى منصات التواصل الاجتماعي، وقد عانا إعلامنا الوطني، في مراحل كثيرة من هذه المواجهة، من تبعات خضوع تكنولوجيا الاتصال لدول الغرب المتماهي والمتواطئ مع الأعداء، واليوم نرى كيف تحولت هذه التقنية التي نشتريها بأموالنا، إلى سلاح قاتل يباغت الناس الآمنين في بيوتهم ومقار أعمالهم، وعلى الطرقات والأسواق والمدارس والمستشفيات، وفي كل مرافق الحياة العامة في مجتمعاتنا.
-العملية الإسرائيلية الإرهابية، في بيروت، بتفجير” البياجر” ومعدات اتصال لاسلكي عن بعد وما تلاها من عدوان همجي على المناطق السكنية بالضاحية الجنوبية، بقدر ما كشفت عن ضعف وانهزام ووحشية وارتباك العدو وعجزه، عن تحقيق أي من أهدافه المعلنة في المواجهة المباشرة مع مجاهدي المقاومة، في كل ساحات المعركة، فإنها في الوقت ذاته تؤكد مجددا أهمية النهوض العلمي والتقني وخصوصا في صناعة المنتجات الإلكترونية والرقمية، التي بدونها ستبقى دولنا رهينة للعدو وسيظل أمنها وقرارها وسيادتها وحتى سلاحها في أيدي من لا يرقب في مؤمن إلّاً ولا ذمة.
– علينا الاعتراف، أن العدو سجل انتصارا تقنيا واستخباراتيا لكن عزاءنا، أنه وقتي ولا ينفي أبدا حقيقة هزيمته، على المدى الاستراتيجي، وهو يتلقى الصفعات الموجعة من مجاهدي المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، ويغرق أكثر في مستنقع العجز والفشل، في إنجاز أي من أهدافه المعلنة في كافة المحاور، في المقابل استطاعت المقاومة في لبنان استيعاب الصدمة، كما أظهرت الحادثة مدى تماسك وتعاضد المجتمع اللبناني وانحيازه لمقاومته الباسلة.
– لقد بدا لوهلة أن الكيان حقق اختراقا مهما، ونصرا مشهودا على حزب الله، من خلال تقنية “ البياجر”، وقد بطش بكثير من الأطفال والنساء والأبرياء، في الساحة اللبنانية لكنه نسي ولعله تناسى، أن مثل هذه الأعمال غير الأخلاقية والمنافية لقواعد الحروب والمواجهات، إنما تثبت من جديد أنه ليس سوى كيان مارق، قام على الدم، وسلب حقوق الأخرين، وأنه لا يعيش ولا يتنفس إلا على أشلاء ودماء الأبرياء، وأن زواله المحتوم مسألة وقت لا أكثر.
-معلوم للجميع، أن الإرهابي بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الكيان، يسعى من وراء كل ألاعيبه ومراوغاته وعملياته الإجرامية التي ازدادت حدة في لبنان، خلال الساعات الماضية باستهداف قيادات المقاومة على نطاق واسع، يرمي إلى إطالة عمره السياسي والهروب إلى الأمام، هو يرى في “معركة البياجر” طريقة مبتكرة، ومناسبة لإشعال المنطقة، ونسف كل جهود خفض التصعيد، وإبرام صفقة لتبادل الأسرى مع حماس، وقد استطاع- كما توضح المؤشرات- تحقيق شيء من مصالحه الشخصية تلك، وتمكن من الحفاظ على حكومته المتطرفة من الانهيار إلى حين، غير أن كل ذلك، كان وسيكون على حساب أمن واستقرار قطعان المستوطنين، الذين أصبحوا يترقبون الموت من كل مكان، ويحسبون كل صيحة عليهم، ولا يعلمون من أي مكان سيُقذَفون، في انتظار الزوال المحتوم لكيانهم اللقيط!.

قد يعجبك ايضا