معروف أن المقاومة وبموجب القانون الدولي حق مشروع لأي شعب تحت الاحتلال، وأن في فلسطين عدواً محتلاً أرضاً غير أرضه ولا يحق له التواجد فيها.
معركة طوفان الأقصى أسقطت الأقنعة عن الوجوه لتظهر الوجوه الحقيقية على مستوى الداخل الفلسطيني وعلى المستوى العربي والإسلامي والدولي، حيث ظهر التآمر واضحا والمؤامرة أكثر وضوحا، وأخطر ما فيها موقف (السلطة) ورئيسها (عباس) وترويكا التكنوقراط في مفاصلها الموزعين ولاءاتهم للأنظمة الإقليمية والدولية، هذه الترويكا التي تتشكل من (عباس وبطانته) ومن (حسن الشيخ وجماعته) ومن (دحلان وعصابته)، والمؤسف أن هذه الأطراف (الثلاثة) كانت وراء اعتقال المناضل مروان البرغوثي، ووراء اغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وهذا ليس كلاماً جزافياً بل حقائق موثقة يدركها كل متابع للشأن العربي الفلسطيني..
مروان البرغوثي كان هو المرشح بعد الرئيس الشهيد ياسر عرفات لقيادات (حركة فتح، وكتائب شهداء الأقصى)، وكان يحظى بدعم وثقة مطلقة من الرئيس عرفات وهذا الأمر لم يكن يقابل بارتياح من قبل الثلاثي التآمري عباس -دحلان -الشيخ، وفيما كان البرغوثي متواجداً في مكان ماء بعيدا عن أعين الأجهزة الصهيونية التي كانت قد سخرت كل أجهزتها لمطاردته وتصفيته أو اعتقاله، وفعلا تم الوصول اليه بوشاية من (دحلان) بعلم وتواطؤ من قبل (عباس والشيخ)، وبعد اعتقال مروان البرغوثي، بدأت مؤامرات التخلص من الرئيس عرفات من قبل أمريكا وإسرائيل وأنظمة مصر والأردن والسعودية وبطلب من أمريكا ومتابعة من قبلها، وشارك في اغتيال عرفات كل من (عباس ودحلان) وأثناء الحصار الذي فرضة الإرهابي (شارون) على الرئيس عرفات والمقاطعة في رام الله، تلقى الرئيس عرفات رسالة عبر الفاكس تطلب منه الاستسلام وتسليم نفسه وهو بوجوههم فسخر عرفات من الأمر، لكن خطة التخلص منه بدأت بعد هذه الرسالة بواسطة مادة (سمية) مشابهة للمادة السمية التي حقن بها خالد مشعل في الأردن من قبل (جواسيس الموساد الصهيوني)، وكان خالد مشعل سيلاقي ربه لولاء تدخل الملك الأردني حسين لدى (شارون) وبعد إبلاغه الأمريكان بخطورة الأمر، كان الأردن يخشى من تكرار أزمة أيلول الأسود وتحويل الأردن إلى ساحة لتصفية الحسابات بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني المتواجد داخل الأردن، إضافة إلى رغبة الأردن في كسب ثقة المقاومة وخاصة (حركة حماس)، فكانت محاولة اغتيال مشعل هي الفرصة التي ولج منها الأردن باتجاه حركة حماس.. بعد رحيل الرئيس ياسر عرفات تفجر الصراع بين أطراف التآمر الثلاثي (عباس – دحلان – الشيخ)، كان الشيخ هو الطرف الأضعف بين ( عباس ودحلان)، فالأول مدعوم عربيا وأمريكيا والثاني مدعوم من قبل الإمارات والكيان الصهيوني، فاضطر الشيخ إلى التحالف مع عباس ضد دحلان على أساس أن ينحصر الصراع داخل حركة فتح بين عباس ودحلان، إلا أن ثمة أموراً تلاحقت داخل الساحة الفلسطينية أبرزها تنامي قدرات المقاومة في القطاع وانحياز كتائب شهداء الأقصى للعمل المقاوم، مع أن هذه الكتائب تنتمي لحركة فتح وتدين للقائد مروان البرغوثي، اعتمد بالمقابل عباس وسلطته والشيخ على التنسيق الأمني مع العدو وتم تدريب أكثر من 60 ألفاً من أفراد الشرطة على أيدي مدربين أمريكيين وصهاينة وأردنيين، كما تم تزويد هذه الأجهزة بخبراء أمريكيين وحرصت واشنطن على ترسيخ هذه العلاقة بين السلطة وأجهزتها وبين الكيان الصهيوني وأجهزته..!
كما عملت واشنطن وبعض العواصم العربية والغربية على الضغط بالدعم والمساعدات والرواتب التي تمنح للسلطة، هذا الخلاف داخل السلطة وحركة فتح كان وراء ما حدث في غزة عام 2007م وأدى إلى سيطرة حركة المقاومة حماس على القطاع وبدأت تؤهل قدراتها بمعزل عن أجهزة السلطة التي كانت تعمل ولاتزال بمثابة عيون للكيان الصهيوني وأجهزته، ومن المهم هنا التفريق بين (السلطة) وحركة فتح، إذ أن غالبية رموز السلطة لا ينتمون لحركة فتح، بل لتيار تكنوقراطي، تأهل خارجيا، غالبيتهم شغلوا وظائف دولية، ومن ينتمي لحركة فتح لم يكن من أبناء الداخل، بل من أبناء فلسطينيي الخارج.
طوفان الأقصى التي تفجرت مؤخرا أعادت هذا الانقسام للواجهة رغم لقاءات تمت في الجزائر وموسكو وبكين والتي كانت تصطدم دائما بطلب السلطة تغليب الحوار مع العدو على المقاومة، بل وذهبت السلطة إلى حد إدانة المقاومة سرا وبعضها علنيا أمام المحافل الإقليمية والدولية وظلت السلطة ملتزمة بتوجيهات أمريكا، وزاد الانقسام الفلسطيني تعمقا حين تمسكت السلطة وأجهزتها بالتنسيق الأمني مع العدو حتى في ظل حرب الإبادة التي يشنها على القطاع ونقلها مؤخرا إلى الضفة، ومع ذلك ظلت السلطة متمسكة بالتنسيق الأمني مع العدو، لدرجة أنها حركت أجهزتها في الضفة لمطاردة واعتقال المقاومين أو التبليغ عن وجودهم لأجهزة العدو..
هذه الظاهرة عمقت الخلاف داخل مفاصل السلطة المخترقة من قبل الصهاينة والأمريكان والغرب والعرب، وأيضا تعمق الخلاف داخل حركة فتح ومجلسها الثوري، ومع تطور أداء المقاومة وصمودها وإصرارها في صفقات التبادل على خروج المناضل مروان البرغوثي الذي لا يريد عباس خروجه ولا الشيخ ولا دحلان ولا بعض الأنظمة العربية المرتبطة بالملف الفلسطيني مثل مصر والأردن، أضف إلى ذلك أن مروان البرغوثي غير مرغوب به أو بأي دور يؤديه من قبل الصهاينة والأمريكان، الأمر الذي أوصل مسارات الوحدة الوطنية إلى مأزق، ناهيكم عن أن انتصار المقاومة في القطاع ضاعف من هذا المأزق وأربك كل الأطراف، بما فيها السلطة التي لم يتردد أبواقها عن اعتبار المقاومة بمثابة أذرع لإيران وأنهم- أي السلطة وحلفاؤها- لن يسمحوا لإيران بالتحكم بالقضية الفلسطينية عن طريق حماس والجهاد..!
Next Post