كانت الولايات المتحدة لعقود من الزمن رمزا للهيمنة البحرية العالمية، تجوب أساطيلها المحيطات بلا منازع، من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، وتهيمن على الممرات البحرية الاستراتيجية.
كانت سفنها الحربية تفرض النظام الأمريكي في البحار، مما رسخ مكانتها كقوة لا تُقهر
لكن هذه الهيمنة بدأت تتلاشى بشكل ملحوظ، حيث تواجه الولايات المتحدة اليوم تحديات جسيمة في مناطق كانت تسيطر عليها تتحكم بها في السابق، ما حدث مؤخرا يُعد نقطة تحول في مسار القوة البحرية الأمريكية، ويعكس تراجعا غير مسبوق في قدرتها على فرض إرادتها وحماية مصالحها وحلفائها.
هذا التراجع بدأ عندما قررت واشنطن التدخل لحماية السفن الإسرائيلية التي تعبر البحرين الأحمر والعربي، وذلك بعد أن أعلن الجيش اليمني استعداده لاستهداف أي سفينة إسرائيلية أو تتعامل مع إسرائيل، كجزء من رده على العدوان الإسرائيلي على غزة
في هذه اللحظة الحاسمة، اختبرت الولايات المتحدة قدرتها على الحفاظ على هيمنتها البحرية وحماية حليفتها إسرائيل، لكن المفاجأة كانت في فشلها الذريع في تحقيق هذه الأهداف.
لم يقتصر الأمر على عدم قدرتها على حماية السفن الإسرائيلية، بل امتد ليشمل عجزها عن حماية حتى سفنها التجارية والحربية.
الهجمات التي شنها الجيش اليمني، مستخدما أساليب وتقنيات حديثة، ألحقت خسائر كبيرة بالقوات الأمريكية وأثبتت أن تلك القوة التي كانت تعتبر في السابق لا تُقهر، أصبحت اليوم عرضة للهزيمة في واحدة من أهم الممرات البحرية في العالم.
هذا الفشل الأمريكي في حماية السفن الإسرائيلية وحماية نفسها، لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل هو مؤشر على تغير جذري في ميزان القوى الإقليمية والدولية.
واشنطن التي كانت تفرض سيطرتها على البحار تجد نفسها الآن عاجزة عن مواجهة التحديات الجديدة التي فرضها خصومها.
فقدان السيطرة على هذه الممرات البحرية يعني أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على فرض إرادتها بشكل مطلق كما كانت في الماضي.
بل أصبحت قوة أخرى تناضل للحفاظ على ما تبقى من نفوذها في مناطق كانت تعتبرها جزءا من نطاق سيطرتها الحصرية.
كما ان الفشل في حماية السفن الإسرائيلية، في ظل تهديدات واضحة ومباشرة، كشف هشاشة هذه الهيمنة وأضعف الثقة في القدرات الأمريكية لدى حلفائها.
البحران الأحمر والعربي، اللذان يعتبران من أهم الممرات المائية في العالم، هما اليوم في قبضة يمنية هذه السيطرة اليمنية لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة استراتيجية واضحة من قبل الجيش اليمني لفرض واقع جديد في المنطقة، حيث لم تعد الولايات المتحدة وحلفاؤها يتمتعون بالحرية المطلقة في هذه الممرات.
بدلا من ذلك، أصبح عليهم أن يحسبوا حسابا لكل خطوة يخطونها في هذه المياه، التي أصبحت تحت رقابة مشددة من قِبل الجيش اليمني.
وأخيرا، لم تعد الهيمنة تعتمد على حجم الأسطول أو عدد السفن الحربية، بل أصبحت تعتمد على القدرة على تغيير قواعد اللعبة.
وفي هذا السياق، أصبح البحر اليوم يمنيا بامتياز، حيث فرض الجيش اليمني إرادته على هذه الممرات المائية، متحديا الهيمنة الأمريكية، ومثبتا السيادة المطلقة على مياهه الإقليمية.