نعمة الأمطار ونقمة الحماقة!

حمدي دوبلة

 

 

-هناك من البشر، من يصر بشكل غريب، على جعل نعمة المطر، نقمة ومحطة أحزان ومآس وأوجاع، وذكرى أليمة، له ولأسرته ولمجتمعه.
-وثّق، وبث الناشطون، على مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد مفزعة، لأشخاص يقودون سياراتهم، على الطرقات، وفي مجاري الفيضانات والسيول، وإذا بهم يتجاهلون، صيحات ونداءات وتحذيرات الآخرين، ويُقحمون أنفسهم ومركباتهم، وسط السيول الجارفة، والأدهى من ذلك، أن البعض من هؤلاء الحمقى، يخوضون هذه المغامرة الاستعراضية والعبثية، ليس بمفردهم، ولكن برفقة أبنائهم، من الأطفال والنساء، لتكون النتائج كارثية، ومأساوية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
-الأمطار، هي من أعظم نعم الله على العباد، وبها يستبشر الناس، وتثمر الأرض، وينمو الزرع والنبات، وبها تكثر الخيرات والنعم، وبالمطر يحلو الطقس والمناخ، وتتحسن النفسيات، وتنشرح الصدور وتتعاظم الآمال، لدى المزارعين، وتتوالد أفكار الأدباء والعلماء والمبدعين. لكن هذه النعمة الربانية، التي تعد أساس الحياة، حين تُقابل بالجحود والنكران، والعبث واللا مبالاة، تتحول إلى عذاب، ونعلم جميعا، كيف كانت هذه النعمة وسيلة هلاك، لأقوام كفروا بالله، على غرار قوم نوح، كما أخبرنا بذلك، الله عز وجل في القرآن الكريم.
-تشهد بلادنا هذه الأيام، هطول أمطار غزيرة، يؤكد الكثيرون، أنها الأكثر غزارة منذ عقود، وقد عمت كل أرجاء الوطن، وسالت و ما تزال على إثرها السيول، وتحولت إلى فيضانات جارفة، في كثير من المحافظات، مخلفة أضراراً وخسائر كبيرة، في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وكان بالإمكان أن تتقلص الخسائر إلى أدنى مستوياتها، خصوصاً في أعداد الضحايا، من القتلى والمصابين والمفقودين، إذا تحلّى الناس باليقظة والحذر، وأخذوا تحذيرات الجهات المختصة، على محمل الجد، وأبدوا التزاما دقيقا، بما يصدر عن مركز الأرصاد الجوية، ومصلحة الدفاع المدني. وإذا ما تعاملوا بعقل ومنطق مع هذه النعمة الربانية.
– ما فتئ مركز الأرصاد الجوية، يُطلق التحذيرات تلو التحذيرات، على مدار الساعة، بخطورة التواجد في بطون الأودية، ومن العبور في ممرات السيول، أثناء جريانها، وتجنب السفر أثناء المطر، في الطرق الجبلية، المعرضة لخطر الانهيارات الصخرية، وانزلاقات التربة، وما برح يفصح عن الطرق الصحيحة لتجنب الإصابة بالصواعق الرعدية، حيث ينصح الخبراء والعارفون، بضرورة إغلاق النوافذ، وتجنب استخدام الأجهزة الكهربائية السلكية، والهواتف المحمولة، وكذلك تجنب الاستحمام، أو حتى غسل اليدين، أثناء العواصف الرعدية، والابتعاد عن الشرفات، والمرائب، والنوافذ، والأبواب المؤدية إلى الخارج.
– يشدّد مركز الأرصاد، على المواطنين، أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، من مخاطر التواجد والمجازفة في عبور الأودية، وممرات السيول، ومن العواصف الرعدية والرياح الهابطة الشديدة السرعة وتساقط حبات البرد، ومن التدني في مدى الرؤية الافقية وتشكل السحب المنخفضة والضباب، ومن مخاطر انهيار المنازل والحصون الطينية الشعبية، ومن الانهيارات الصخرية وانزلاقات التربة، سيما في المنحدرات والطرقات الجبلية، نتيجة استمرار هطول الأمطار، ناهيك عن التحذير من اضطراب البحر وارتفاع الموج، وغيرها من النصائح والتنبيهات المهمة، ومع ذلك يستمر النزيف المفزع، في الخسائر التي يمكن تقليل كلفتها، والحد منها بقليل من الالتزام والاهتمام والجدية.
-هذه الإجراءات والتدابير، ليست عبثية، وليست للاستهلاك الإعلامي، وإنما تبقى ذات أهمية كبرى، لحماية الأرواح والممتلكات، والتقليل من الخسائر والأضرار قدر المستطاع، نسأل الله العلي القدير، أن يتم نعمه على وطننا الحبيب، ويجنب شعبه المحن والكوارث، ما ظهر منها وما بطن.

قد يعجبك ايضا