أمريكا.. استراتيجية التضليل والكذب الوقح…!

طه العامري

 

 

من يتابع تداعيات معركة (طوفان الأقصى) والدور الأمريكي تحديدا سيجد نفسه أمام مسرحية أمريكية ساخرة تتماهى مع مسرحية الفنان عادل إمام (شاهد ما شافش حاجة) أمريكا بدورها تلعب دورا مشابها ولكن ليس لأنها ما (شافتش حاجة)، بل لأنها تعرف كل حاجة وتشاهد كل جرائم حليفها الصهيوني وتشاركه جرائمه وتدعمه بكل أدوات القتل والإجرام وتمنحه كل الدعم والإسناد وتشاركه في كل ما يقوم به بحق الشعب العربي الفلسطيني، ثم تكذب و( بوقاحة) حين تقدم نفسها وسيطا وراعياً للمفاوضات، ودون خجل من نفسها أو خشية على مكانتها ودورها الجيوسياسي وعلى نفوذها، تقف من هذه الحرب العدوانية موقف الشريك والداعم والمساند لمن يرتكبها، ثم تمارس كل أشكال نفوذها للضغط على دول المنطقة وتطالبها بعدم توسيع الصراع وعدم توسيع الصراع بنظر واشنطن هو عدم تقديم أي شكل من أشكال الدعم للشعب العربي الفلسطيني الذي يذبح منذ أحد عشر شهرا برعاية أمريكية -غربية..
أمريكا التي تسوق الأكاذيب عبر وسائل الإعلام الدولية ويطلق قادتها التصريحات الحافلة بالمبادرات والحلول عن وقف إطلاق النار الذي يحدث فقط عبر وسائل الإعلام، فيما الجرائم الصهيونية تتواصل ومعها يتواصل خداع وأكاذيب أمريكا الدولة العظمى والأكبر في العالم التي للأسف تجردت من كل قيمها وعظمتها وأخلاقياتها ولم تحترم أو تكترث لصورة وموقف حلفائها في المنطقة الذين يتلقون إهانتها مع كل تصريح يصدر عن الصهيوني (بايدن) أو وزير خارجيته الصهيوني (بلينكن) أو ابواق البيت (الأسود) الذين فاقوا (مسيلمة الكذاب) في سرد أكاذيبهم وأكاذيب دولتهم التي سقطت حتى عن عيون بعض مواطنيها..!
أمريكا وبعد أن تجاوزت جرائم حليفها الصهيوني نطاق الجغرافية العربية الفلسطينية ليتمادى بغطرسته تجاه اليمن، وسوريا، ولبنان، وإيران، وإقدامه على انتهاك سيادة دول ذات سيادة وقيامه بارتكاب جرائم فيها، وحين قررت هذه الدول الرد على العدوان الصهيوني، خرج (بايدن) بأكاذيب ومزاعم باطلة، متحدثا عن مبادرة ومفاوضات وعن ضرورة وأهمية وقف إطلاق النار وفورا في القطاع وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات.. وكان لقاء (الدوحة) الفاشل الذي هدفت أمريكا من ورائه ومن وراء اطلاق مبادراتها إلى تعطيل أي رد قادم من محور المقاومة الذي جوبه بتحركات أمريكية عسكرية وسياسية ودبلوماسية وجملة تصريحات إعلامية كاذبة أطلقها قادة أمريكا وصدقها البعض من الذين لايزالون ينظرون إلى أمريكا كدولة عظمى مع أنها لم تعد كذلك..!
ففي (الدوحة) حاولت أمريكا تمرير رؤية نتنياهو وتحقيق هدفه الذي فشل في تحقيقه عسكريا من خلال الميدان… وفي( الدوحة) تخلت أمريكا عن مبادرة رئيسها العجوز التي أطلقها سابقا ووافقت عليها المقاومة ورفضها الصهيوني نتنياهو وبشهادة الصهاينة أنفسهم وفشلت أمريكا في إقناع نتنياهو بقبول مبادرة رئيسها، لتحاول في خطوة التفافية تقديم مبادرة أخرى تلبي رغبات الصهاينة، فبدت أمريكا في المفاوضات وكأنها تفاوض نتنياهو وتلبي رغباته، ضاربة عرض الحائط ما سبق وأن قدمته أمريكا ووافقت عليه المقاومة ورفضه نتنياهو، ليأتي لقاء الدوحة الفاشل لتخرج أمريكا تتحدث وعلى لسان رئيسها كذباً بأن اللقاء ناجح والمفاوضات تتقدم وان (ثلاثة أيام) فقط كافية لبدء تطبيق وقف إطلاق النار وبدء عملية التبادل وإدخال المساعدات..!
والمؤسف أن الكذب الأمريكي الوقح يتواصل ويأتي وزير خارجية أمريكا للمرة السابعة للمنطقة ليعطي الصهاينة ضوءاً أخضر جديداً لمزيد من ارتكاب الجرائم ويؤكد دعم أمريكا لأمن الكيان ومواجهة أي هجوم قد يتعرض له الكيان من محور المقاومة، مجدداً التزام أمريكا بحمايته ومؤكداً أن قوات بلاده جاهزة في المنطقة للتصدي لأي هجوم يأتي ضد الكيان الصهيوني، في ذات الوقت الذي تجدد فيه أمريكا مطالبتها بعدم توسيع نطاق المواجهة العسكرية في المنطقة..!
أي انحطاط هذا؟ وأي ابتزاز استعماري صهيوني حقير؟ وأين موقف الوسطاء العرب الذين يتابعون تصريحات الأمريكان والصهاينة الكاذبة، دون أن يجرؤ أحدهم على أن يرد ويوضح حقيقة ما يجري!
وسطاء يبتهجون بإشادة أمريكا بمواقفهم وبإشادة قادة العالم الاستعماري الذين يشيدون بمواقف الوسطاء العرب، في تدليل وتأكيد على أن مواقف الوسطاء هي مواقف خيانة وتآمر ضد المقاومة والشعب العربي في فلسطين، فيما أمريكا التي منحت الصهاينة كل أدوات القتل والإجرام لمواصلة حرب الإبادة بحق أبناء فلسطين، تمنحهم عبر المفاوضات المزيد من الوقت والفرص لمزيد من الإبادة والقتل والإجرام وارتكاب المزيد من المجازر، علهم يحققون انتصارا يذكر على المقاومة وإن بقتل المزيد من قادة المقاومة!
وهذا خيار لا يقتصر على الصهاينة والأمريكان، بل هو خيار بعض العرب ومنهم بعض الوسطاء الذين يحلمون بتصفية قادة المقاومة ربما أكثر من الصهاينة..!
إن ما يجري في فلسطين عار بحق العرب والمسلمين، وهذا لا جدال فيه، لكن العار الأكثر قتامة هو الذي يلطخ وجوه الوسطاء أو بعضهم إن صح التعبير وتحديدا النظام المصري، الذي أصبح أسوأ من النظام الأردني في خيانته وارتهانه للصهاينة والأمريكان.

قد يعجبك ايضا