بإعلان تشكيلة حكومة التغيير والبناء، تكون مهمة حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور قد انتهت، بعد سنوات من العمل في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، ظروف جعلت مهمة الحكومة صعبة للغاية في ظل العدوان والحصار وتداعياتهما، ورغم ذلك إلا أنني كمتابع للأداء الحكومي في ظل المعطيات والإمكانيات التي كانت متاحة لها ؛ أستطيع القول إن حكومة الإنقاذ تمكنت من تحقيق بعض التحولات في كثير من المجالات وفي مقدمتها الجانب العسكري والأمني والإنجازات الملحوظة التي تحققت خير شاهد على ذلك، سواء ما يتعلق بالتطور النوعي في جانب التصنيع الحربي، وتعزيز الصمود في مختلف ميادين البطولة والشرف، وتحديث وتطوير وتأهيل المنظومة الأمنية والذي أسهم في تحقيق حالة من الأمن والاستقرار في عموم أرجاء المحافظات اليمنية الحرة .
وكذلك ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والحفاظ على قيمة العملة الوطنية في ظل المؤامرة الكبرى التي تعرضت وما تزال لها، والحفاظ على الاستقرار التمويني والسلعي بخلاف ما عليه الحال في المحافظات اليمنية المحتلة، أضف إلى ذلك ما تم إنجازه من مشاريع خدمية وتنموية في مختلف القطاعات الخدمية، والتي تمثل شاهد عيان على جهود حكومية بذلت في سبيل تحقيقها، وهو الأمر الذي يدفعنا لتقديم الشكر والتقدير لرئيس وأعضاء حكومة الإنقاذ على كل ما بذلوه، وما لقاء السيد القائد يحفظه الله بهم إلا خير شاهد على تقدير القيادة لهم ولكل الجهود المشكورة التي قاموا بها، مع التأكيد على أن التغيير سنة من سنن الله في الأرض .
حالة ارتياح شعبية غير مسبوقة أعقبت الإعلان عن تشكيل حكومة التغيير والبناء برئاسة الأستاذ أحمد غالب الرهوي، للمرة الأولى في تاريخ اليمن الحديث يتم تشكيل حكومة وطنية من 19وزيرا وثلاثة نواب لرئيس الوزراء، بعد أن تعودنا على قائمة طويلة عريضة من الوزراء والوزارات والتي كانت تستحدث لإرضاء بعض المكونات الحزبية وبعض الشخصيات النافذة لتحقيق مبدأ المحاصصة والتقاسم الذي كان سائدا، علاوة على الهيئات والمؤسسات والصناديق التي تتبع تلكم الوزارات، والتي تشكل أعباء مرهقة للدولة تستنزف الكثير من موازنتها المالية تحت بند النفقات والاعتمادات المختلفة .
اليوم لدينا حكومة من 19وزيرا بعد دمج العديد من الوزارات وفق رؤية عملية دقيقة، تمت خلالها إعادة هيكلة الوزارات والحد من تضخم المسميات والكيانات من أجل ضمان تحقيق الأهداف المتوخاة والوصول للنتائج المرجوة، حكومة وطنية جديدة، غالبيتها من الشباب، تمثل في مضمونها خيار القيادة الثورية والسياسية للمرحلة الراهنة، يعول عليها بعد الله عز وجل في تحقيق الأهداف والمهام المنشودة منها، والقيام بالمسؤوليات المنوطة بها، والتي تركز في المقام الأول على مسارين رئيسين : مسار التغيير، ومسار البناء .
التغيير نحو الأفضل في جانب الكادر الوظيفي المعني بأداء المهام والمسؤوليات، والتغيير في طبيعة الأداء وحجم الإنجاز والتحولات، والتغيير في الطرق والأساليب المتبعة لما من شأنه الحد من الروتين الممل، والعمل على السرعة في إنجاز المعاملات دونما مماطلة أو تسويف، والتغيير في طريقة التعاطي مع الأوضاع العامة للمواطنين من واقع الميدان والتفاعل الإيجابي معها، والعمل على تصحيح الأخطاء، ومعالجة أوجه القصور والإهمال أولا بأول، بروح المسؤولية والواجب الإيماني والوطني والوظيفي والأخلاقي، بعيدا عن الاتكالية واللامبالاة، واستشعار الرقابة الإلهية من قبل أعضاء الحكومة لضمان التوفيق والنجاح في المهام الموكلة إليهم .
والمسار الثاني، وهو البناء والذي يتطلب شحذ الهمم وتكاتف الجهود والعمل بروح الفريق الواحد، والاستفادة من الإمكانيات المتاحة، لبناء الإنسان وتأهيله والاستفادة من قدراته في مختلف المجالات ليصبح عنصرا فاعلا في أوساط المجتمع، وبناء الوطن في مختلف القطاعات والمجالات على ضوء ما ورد من محاور ومنطلقات وركائز أساسية في مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة، بطرق وأساليب حديثة ومتطورة يراعى عند تنفيذها الدقة والتقنية والالتزام بالمواصفات والمقاييس لضمان ديمومتها أطول فترة ممكنة، والابتعاد عن أساليب البناء العشوائية التي تعتمد على أسلوب الترقيع والعمل ( السفري ) الذي يفتقر للمواصفات والمقاييس ويعد ضربا من ضروب الفساد والعبث والإهدار للمال العام .
ونحن هنا ندرك أن طريق حكومة التغيير والبناء لن تكون مفروشة بالورود، وستواجه الكثير من الصعوبات والتحديات والعقبات، ونعي جيدا أنها لا تملك عصا سحرية، ولا مصباح علاء الدين، لذا فهي مطالبة بالعمل وفق ما هو متاح وممكن لديها، مع ضرورة مراعاة الأولويات، واستغلال دعم قائد الثورة ووقوفه إلى جانبها في تحقيق نقلة نوعية في مساري التغيير والبناء.