الثورة نت../
عاش اليمن تجربة مريرة من الصراع السياسي منذ سنوات عديدة، وظل الخائن علي عبد الله صالح متربعاً على عرش السلطة، مهيمناً على كل مفاصل الحياة السياسية في البلد.
وخلال تلك الفترة وجدت الإدارة الأمريكية الكثير من الفرص لاختراق الواقع السياسي في اليمن، مستخدمة كل الإمكانات لتحويل اليمن إلى منطقة تابعة للأمريكيين، ومنتهكة لسيادته.
وتظهر اعترافات شبكة التجسس الأمريكي الإسرائيلية جانباً من هذا الاستهداف الأمريكي لليمن في الواقع السياسي، وهنا سنركز على ما تم من استهداف في المرحلة التي سبقت ثورة فبراير 2011.
-السيطرة على اللجنة العليا للانتخابات
يقول الجاسوس شايف الهمداني: “من البداية عمل قطاع الديمقراطية على تحديد الرئيس الذي يتولى إدارة اليمن، وذلك من خلال دعم الانتخابات الرئاسية، والسيطرة على اللجنة العليا للانتخابات.”
وفيما يتعلق ببرنامج الانتخابات – يقول الجاسوس عبد المعين عزان- الذي كان يعمل في المعهد الديمقراطي الأمريكي إن البرنامج كان يديره خبير يمني يدعى مراد ظافر، وكان في الظاهر على أساس أن البرنامج يقدم الدعم الفني للأحزاب السياسية، فيما يتعلق بالانتخابات، وكيف تشارك في الانتخابات، وتستهدف الناخبين وغيرها، وكان أيضاً على أساس أنه يقدم الدعم الفني للجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، مشيراً إلى أن برنامج الانتخابات لا يختلف عن غيره من البرامج، وكان له دور مخابراتي، ودور خفي ، حيث كان من أبرز هذا الدور المخابراتي استقطاب القيادات الحزبية التي كانت مهتمة بموضوع الانتخابات، والأهم من ذلك أن السفارة والمخابرات الأمريكية كانت تسعى من خلال البرنامج للحصول على السجل الانتخابي حق المواطنين اليمنيين، تحت مبرر أتمتة السجل، الذي كان ورقياً، ولذا كانوا يسعون للحصول على نسخة من السجل الانتخابي للمواطنين اليمنيين.
بدوره يقول الجاسوس شايف الهمداني إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عملت في اليمن مع بقية المكاتب والملحقيات في السفارة الأمريكية مع اللجنة العليا للانتخابات أيام الانتخابات الرئاسية بين علي عبد الله صالح وفيصل بن شملان، لافتاً إلى أنه كان من ضمن الفريق المكون من مختلف أقسام السفارة الأمريكية، وكان السيد براد هانسن هو مدير الفريق، حيث كلفه بمتابعة اللجنة العليا للانتخابات لمعرفة أن الأمور في عملية الانتخابات تسير وفق ما تريده أمريكا والاطلاع على سير الأعمال والترتيبات التي تقوم بها اللجنة العليا للانتخابات والنزول الميداني إلى أبرز الدوائر والمراكز الانتخابية من حيث عدد الناخبين، مع التركيز على الدوائر الانتخابية التي يوجد فيها الثقل الجماهيري الذي سيحدد من سيفوز بالانتخابات، كون براد هانسن من طرف السفارة الأمريكية، ويقدم المساعدات للجنة العليا للانتخابات في هذه المهمة، التي كانت إرادة براد هانسن ترجح فوز علي عبد الله صالح بالانتخابات حينها.
-برنامج الأحزاب واستقطاب قيادات الأحزاب
وفي سياق هذه الاعترافات يقول الجاسوس عبد المعين عزان :”عملت بشكل غير مباشر لصالح المخابرات الأمريكية وذلك عبر المدعو مراد ظافر الذي كان وقتها مدير البرامج، والذي كان أيضاً يلعب دوراً في تهيئة الموظفين اليمنيين، وتجهيزهم للعمل لاحقاً لصالح المخابرات الأمريكية، وكان يستضيفني في البيت عنده في جلسات القات، وكان يعطيني التعليمات عن كيفية الاستقطاب، وعن كيفية الحصول على المعلومات، وعن كيفية إقامة علاقات، وحتى هو شخصياً فتح لي علاقات مع جهات، ومع أشخاص مختلفين”.
ويضيف: “برنامج الأحزاب الذي كانت تديره سيدة صربية خبيرة دولية تدعى “ساشا بسفيتش” وكان معها مساعدين يمنيين، وعمل البرنامج في ظاهر الأمر على أنه يقدم الدعم للأحزاب السياسية والقيادات السياسية اليمنية، بينما في الحقيقة عمل على استقطاب القيادات الحزبية والقيادات السياسية اليمنية وتجنيدها لصالح المخابرات الأمريكية، وعمل أيضاً على إقناع الأحزاب السياسية على أن السفارة الأمريكية هي الراعي للعملية السياسية في اليمن والمحكم للخلاف، والصراع السياسي بين الأطراف المختلفة في اليمن.
وفي هذا الإطار يقول الجاسوس شايف الهمداني أن المخابرات الأمريكية كانت تقدم دعماً لأشخاص معينين في أحزاب سياسية معينة، وذلك لتقوية أحزابهم، وكان الكل يسعى لإرضاء أمريكا، فيما يتعلق ببناء العلاقة معها بأي حالة من الأحوال، فقد كانت كل الأحزاب والشخصيات تسعى إلى رضاها، مثلاً في الأحزاب السياسية الدكتور ياسين سعيد، الذي كان من أقرب الأصدقاء للسفارة الأمريكية، ومن الحزب الناصري عبد الملك المخلافي كان من أصدقاء السفارة الأمريكية ومن الأشخاص الذين كانوا يترددون على السفارة..أيضاً في حزب التجمع اليمني للإصلاح كان هناك عبد الوهاب الآنسي وغيره ممن كنا نلتقيهم في الحفلات”.
ويواصل الجاسوس الهمداني قائلاً: ” كانت هناك علاقة حميمة تربط الفريق علي محسن الأحمر بالسفارة الأمريكية خاصة بالسفير فيرستاين الذي كان يتردد عليه كثيراً، وكان بينهم زيارات مشتركة كثيرة.. أيضاً كان من أهم الأهداف التي تقوم بها السفارة والوكالة بشكل عام مثل ما ذكرنا أنه كان هناك دور تكاملي بين مختلف وكالات السفارة فيما يتعلق بجانب الديمقراطية والحكم الرشيد حتى يتم الوصول إلى قرارات مشتركة تقدم الدعم أو تقدم الفائدة الاستخباراتية على كل شيء، وذلك من خلال استقطاب هذه الشخصيات للعمل على إيجاد حالة قلاقل بين الأحزاب السياسية” منوهاً إلى أن الإصلاح لا يطيق المؤتمر الشعبي العام، والإصلاح لا يطيق الاشتراكي لأسباب عقائدية، وكانت في البداية كل الأحزاب تدخل في حالة صراعات بإيعاز من أمريكا حتى يبقى الوضع السياسي مهلهلاً.
الجاسوس عبد المعين عزان يواصل سردية اعترافاته فيما يتعلق ببرنامج الأحزاب، وتطوير الأحزاب، مؤكداً أن من ضمن المهام هي كيف تكون الأحزاب قادرة على أن تشارك في الانتخابات وتساهم وتستقطب الناخبين وغيرها وهو عمل أيضاً في ظاهره أمر جيد، ولكن من خلاله تم استقطاب النخب السياسية الكبيرة وبالذات النخب التي كانت ترفض التعامل مع الأمريكيين، موضحاً أن المعهد الديمقراطي لعب دوراً في استقطاب الكثير من تلك القيادات كي تعمل على دعم الأجندة الأمريكية”.
-برنامج البرلمان واستقطاب البرلمانيين
ويضيف الجاسوس عزان :”بالنسبة لعملي فقد كان في المعهد، لاسيما برنامج البرلمان، حيث كنت مساعداً لرئيس البرنامج الذي كان من جنسية كندية، أو مدير البرنامج بالأحرى كان وقتها من الجنسية الكندية، حيث عملت على أساس أنه كان أولاً كان في متابعة لجلسات مجلس النواب بشكل يومي وما هي الجلسات، وكنت أعمل عليها ملخصات سواءً من الأخبار ولاحقاً من خلال صحفيين كانوا يعملون داخل، وحتى من نواب كنت أتصل بالنواب نيابةً عن الشخص الكندي هذا المدير الكندي أتواصل معهم وأكون على اتصال أبلغهم إذا هو بحاجة يريد منهم معلومات في مجال معين أو في شيء معين”.
ويزيد: ” أثناء عملي في المعهد الديمقراطي وتحديداً في برنامج البرلمان كان مراد ظافر، وخبير لبناني يدعى علي شاهين كان قد حضر لليمن كانوا يدرسون بدرجة أساسية ظهور الحركة الناشئة وقتها حركة “أنصار الله” وتحركاتها، وحجمها، ونشاطها وغيرها، مهتمين بها كثيراً، وأنا ساعدت أيضاً في الدراسات التي كانوا يعدونها والتقارير التي كانوا يعدونها عن حركة أنصار الله في ذلك الوقت.
ويضيف : “فيما يتعلق بعملي في برنامج البرلمان في المعهد الديمقراطي عملت لفترة أولاً تحت إشراف هذا السيد اللي كان اسمه كارلو بيندا، لاحقاً كارلو راح وتم ترقيتي أنا كمسؤول على برنامج البرلمان، واستمريت في إدارة برنامج البرلمان تقريباً لنهاية نصف العام 2009.
وكان برنامج البرلمان استقطب مجموعة من البرلمانيين عن طريق شخص كان يعمل كنائب لمدير البرنامج لفترة هو كان برلمانياً سابق يدعى سعد الدين بن طالب، وكان عضو برلمان لفترة قبل أن ينضم للمعهد، وأثناء عمله وهو من العاملين وهو من رجال المخابرات الأمريكية المركزية وعمل هذا الشخص على استقطاب مجموعة من النواب أثناء عمله وعمل صداقات وأقام صداقات شخصية وعلاقات شخصية”، موضحاً أنه حتى بعد أن انضم للمعهد الديمقراطي كان يستضيف البرلمانين هؤلاء في بيته، واستغل الصراع بين السلطة والمعارضة في ترويج أن أمريكا تساعدهم في الوصول إلى السلطة، مؤكداً أنه استطاع أن يجند مجموعة من البرلمانين من خلال الدعوات في البيت، ومن خلال الورش والندوات التي كانت تعقد داخل أروقة المعهد الديمقراطي.
ويقول الجاسوس عزان :” من الأعمال المخابراتية التي قمت بها استقطاب البرلماني عبد المعز دبوان، والذي من خلاله حصلت على معلومات كثيرة وعلى مواقع كثيرة استخدمت بعضها فيما يتعلق بالجانب النفطي في اليمن، والعمل للشركات النفطية والاستكشافات النفطية وغيرها، كما حصلت على معلومات كثيرة من هذا الجانب بحكم علاقاته أيضاً هو كنائب كان يستطيع الحصول على هذه المعلومات من زملائه وغيرها وكنت أرفعها لمسؤولة مكتب اليمن داخل إدارة المعهد الديمقراطي في واشنطن و اسمها لي كاثرين مايلز التي لاحقاً لما أصبحت أنا مشرف على البرنامج ومسؤول على البرنامج كنت أتعامل معها بشكل مباشر وأكتب لها تقارير وأرفع لها تقارير عن البرلمان اليمني وعلى الوضع في البرلمان اليمني وبعض التقارير وخصوصاً فيما يتعلق بالجوانب النفطية وخصوصاً فيما يتعلق بجوانب الاستكشاف والتنقيب وغيرها بشكل مباشر إلى عندها.
أما الجاسوس عبد القادر السقاف فيقول إن الدور السلبي للسفارة الأمريكية فيما يتعلق بالبرلمان اليمني، ومثلاً في تكثيف اللقاءات مع أعضاء البرلمان الذين هم فاعلين وإقامة علاقات واسعة لكي يتم التعارف بينهم بشكل أوثق و يتبادلون الآراء ويقدمون لهم أيضاً بعض الأساليب، منوهاً إلى أنهم بهدف كسبهم كانوا يرسلونهم إلى أمريكا للمشاركة في دورات، و فيما يتعلق بمجلس النواب، كانت تتم دورات زيارات إلى مجلس النواب الأمريكي عبر برنامج الزائر الدولي، ويتم بعد ذلك توثيق العلاقة واللقاءات والربط.
ويشير إلى أن السفارة الأمريكية أثناء تنفيذ الأنشطة السنوية كانت حريصة على دعوة البرلمانيين، ويتم من خلالها عقد اللقاءات المكثفة والتواصل والربط، والتنسيق مع هؤلاء بما يتم تناوله في البرلمان، وتمرير ما يطلبه الأمريكيون، فيما يتعلق إذا كان هناك قروض، أو شراء أسلحة، أو اتفاقيات، بخصوص ما يتعلق بمجال الأمن و مكافحة الإرهاب، وفي المجالات الاقتصادية، وغيرها، بمعنى يمررون المشاريع التي هي لصالح الأمريكيين، ويتم عرقلة واعتراض المشاريع الأخرى التي ليست لصالح الجانب الأمريكي.
ويبين أن من أبرز البرلمانيين الذين كانت لهم علاقة قوية وتواصل مع السفارة الأمريكية سلطان البركاني، وصخر الوجيه، ومحمد علي الشدادي، لافتاً إلى أن اللقاءات كانت تتم في منزل محمد علي الشدادي.
وأوضح أن من ضمن اللقاءات التي تمت مع المسؤولة السياسية في السفارة الأمريكية لقاء محمد الحزمي وهاشم الأحمر وعثمان مجلي الذي كان يحضر اللقاء في السفارة مع السفير مباشرة عن طريق مراسيم السفارة. ومن الأعضاء الآخرين الذين كانت لهم لقاءات مع السفارة شوقي القاضي الذي كان عنده منظمة لتدريب خطباء المساجد حسب ما يقولون، وكان علاقته مع الملحقية الإعلامية في قسم مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (ميبي ) بهدف القيام بدورات تدريبية للخطباء، حيث كانت تعطى له مثلاً نوع من المنحة المالية لتسيير هذه المنظما،ت فكان هذا مع الملحقية الثقافية والإعلامية في ذلك القسم يتواصل وموجود.
ويواصل الجاسوس السقاف في سياق اعترافاته: ” رئيس كتلة برلمان الإصلاح زيد الشامي ونائبه عبدالرزاق الهجري، كانت لهم لقاءات مع الملحق السياسي، و لقاءات مع مكتب في مقر الإصلاح حول أمور البرلمان يعني وأمور الحزب”.
-استقطاب المعارضة
ويوضح الجاسوس شايف الهمداني كيف كانت المخابرات الأمريكية تعمل على استقطاب المعارضة اليمنية، مشيراً إلى أنه كانت توجه إليهم دعوات لحضور حفلات السفارة المختلفة، حيث كانت تأتي معظم الشخصيات السياسية إلى تلك المناسبات.
ويضيف: “كان أيضاً يتم إرسال هذه الشخصيات في برامج تتعلق بتبادل الزيارات مع الولايات المتحدة الأمريكية، و كان يأتي إلى هذه الزيارات، ويقوم بهذه الزيارات عدة شخصيات لها وزنها السياسي، ولها وزنها الاقتصادي، ولها وزنها الاجتماعي من مختلف شرائح المجتمع في اليمن، فمثلاً في جانب القضاء كان هناك شخصيات منيت من مستوى قاض في استئناف، حتى وصل إلى مستوى قاضي في المحكمة العليا، حيث كانوا ضمن الأشخاص الذين شاركوا في برنامج الزائر الدولي.”
ويواصل : “أيضاً كان هؤلاء الأشخاص على صلة وثيقة بالملحقية الثقافية الأمريكية والسفارة الأمريكية بشكل عام، وكانوا مصدر بيانات ومصدر معلومات خاصة فيما يتعلق بجانب القضاء وسن القوانين، حيث يكون لهم معرفة مسبقة وأيضاً يكون لهم تأثير عليها.
وفيما يتعلق بموضوع الجانب السياسي كان يتم استقطاب عدد من الشخصيات السياسية، من خلال العمل عن قرب مع النخب السياسية، وذلك من خلال عملية الاستقطاب وإشراكهم فيما يتعلق ببرامج التبادل، وتبادل الزيارات مع الولايات المتحدة الأمريكية كأحد الوسائل، فكانت هذه أحد وسائل بناء العلاقات وبناء الشخص ليكون مصدر معلومات ومصدر بيانات وعين لأمريكا سواءً كان على المستوى الحكومي أو على مستوى المعارضة أو على مستوى المجتمع المدني واسم منظمات المجتمع المدني والحقوقي في الصحافة في القانون، و في الجانب الأكاديمي، و في الجامعات وغيرها، فقد كان يتم الاستثمار في هذا الجانب كثيراً.