“مصائب قوم عند قوم فوائد”، هذا المثل الشعبي يصف ببلاغة الوضع الراهن على الساحة الدولية.
بينما تدعم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون أوكرانيا بمختلف أنواع الأسلحة والتقنيات المتطورة، تواجه روسيا ضغوطًا شديدة، ومع ذلك، فإن هذه الأزمة تتيح لروسيا وحلفائها من الصين وكوريا الشمالية فرصة ذهبية لتزويد محور المقاومة بكل ما يحتاجونه من أسلحة وتقنيات.
في ظل هذه الأوضاع، تتشكل غرف عمليات مشتركة بين دول محور المقاومة في غزة، حيث يساهم كل طرف في دعم الآخر بوسائل مختلفة. حزب الله، على سبيل المثال، يضغط على إسرائيل عبر قصف المناطق الحدودية وأنظمة الرادار، وكذا في العراق يضغط من جانبه بقصف المدن الإسرائيلية، وبالاشتراك مع القوات اليمنية. وفي اليمن، تقدم القوات اليمنية الدعم منذ اليوم الثاني للحرب على غزة، من خلال استهداف المدن الإسرائيلية الكبرى أم الرشراش (إيلات) ويافا (تل أبيب).
ولا يقتصر الدعم اليمني على الضربات الجوية فقط، بل يمتد ليشمل البحر الأحمر والبحر العربي والمحيطات المجاورة، حيث تقوم القوات اليمنية، بعمليات بحرية جريئة، تمنع السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية من الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية، وغيرها من السفن التي تحاول مد يد العون للصهاينة، دعمًا وإسنادا للشعب الفلسطيني المظلوم.
وتزايدت حدة التوترات بعد قصف إسرائيل للضاحية الجنوبية في بيروت واغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في قلب طهران، هذه الأعمال، التي تُعد انتهاكًا للسيادة والقوانين الدولية، دفعت محور المقاومة إلى استعداد رادع وقوي.
في هذه الأثناء، تجد روسيا الفرصة سانحة لزيادة دعمها لمحور المقاومة، ربما بإرسال مزيد من الأسلحة والتقنيات المتطورة، هذا الدعم يمكن أن يكون بمثابة إرسال رسالة واضحة بأن روسيا وحلفاءها لن يتخلوا عن شركائهم، وأن النظام العالمي أحادي القطب قد انتهى، ليحل محله نظام توازن قوى جديد.
هذه التحالفات العسكرية لا تقتصر فقط على توفير الأسلحة، بل تمتد لتشمل التدريب المشترك وتبادل الخبرات التقنية والاستخباراتية، هذا النوع من التعاون يعزز من قدرة محور المقاومة على مواجهة التحديات المتزايدة من قِبَل القوى الغربية.
على الجانب الاقتصادي، يمكن لهذه التحالفات أن تُثمر عن تبادلات تجارية وتقنية تزيد من قوة الاقتصاديات المتحالفة، وتوفير تقنيات جديدة وتبادل الخبرات يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي، مما يزيد من استقلالية هذه الدول ويقلل من تأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وبكل هذه التطورات، يبدو أن العالم ينتقل إلى مرحلة جديدة من الصراع الدولي، حيث لم تعد القوى التقليدية تتمتع بالهيمنة المطلقة، فبالدعم المتبادل والتعاون المستمر بين روسيا ومحور المقاومة يضع أسسًا لنظام دولي أكثر توازنًا وتعقيدًا، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي العالمي.
في الختام، في خضم هذه التحالفات والتوترات المتزايدة، يبقى الأمل في أن يؤدي هذا التوازن الجديد إلى استقرار أكبر وتفاهمات مستقبلية تُفضي إلى تحقيق السلام والعدالة لجميع الشعوب المعنية. لكن في الوقت الحالي، يبدو أن الصراع سيستمر، ومعه ستتواصل التحالفات والدعم المتبادل بين الدول المتضررة من السياسات الأمريكية وحلفائها.