يتقن اليهود أساليب الغدر والخداع والمكر أكثر من غيرهم وذلك بفعل الانحراف العقدي الذي ساروا عليه واختاروه نهجا بعد الهداية والإيمان، تآمروا على صلب المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام- ودبروا مكيدتهم ضده، فنجاه الله وأبطل مكرهم ” وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ” وفي سيرتهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان الغدر والخداع والمكر هو ذلك الأسلوب لا سواه.
أذاقوا الشعوب الأوروبية الويلات بسبب الجشع والطمع وحب المال وعبادته دون الله، سنّوا الربا واستولوا على الثروات وفرضوا ما يشاؤون من خلال الأباطرة والملوك والأمراء، حتى تحركت الشعوب ضدهم وفتكوا بهم، وكانت الحضارة الإسلامية هي الملاذ الآمن بأرجائها الواسعة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.
الخطيئة والقتل على أيدي الشعوب الأوروبية والتكفير والإنصاف على أرض الأمة الإسلامية، أخذوا فلسطين واستقدموا العصابات الإجرامية الصهيونية والمسيحية وأباحوا لهم ارتكاب كل أشكال الإجرام من قتل وسحل، حتى أن الجيش البريطاني أثناء الانتداب كانت يتعاون مع العصابات الصهيونية في قتل المتظاهرين ضد استقدام اليهود وتوطينهم فيها، ويعمد إلى الجرحى ويسلمهم إلى العصابات لتقتلهم أمام أهالي البلدات الفلسطينية، ومن لم يشاهد فإنهم يسحبون جثثهم إلى بقية القرى الأخرى ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه مواجهة اليهود.
قاموا بتصفية رجال المقاومة والوجهاء وكانت أساليب الاغتيال والغدر هي الأساس وخلال سنوات الاحتلال الماضية وهم يعتمدون على تلك الأساليب الإجرامية في استهداف أبطال المقاومة الفلسطينية مستعينين بالعملاء والخونة الذين تمت زراعتهم في أوساط الجيوش العربية وغيرهم بالإضافة إلى من يتم تجنيدهم وهكذا نشروا الرعب والخوف في العالم بقدرتهم ونجاح خططهم، مع أن تلك العمليات الإجرامية هي حصيلة تنسيق جهود المخابرات الغربية، أوروبية وأمريكية وغيرها، وأيضا المخابرات المتعاملة مع الصهيونية العالمية، حتى أنها تستطيع اختطاف وقتل أحد زعماء النازية الذي فر إلى الأرجنتين وغيَّر هويته، لكن المخابرات الصهيونية كشفته واقتادته إلى الأراضي المحتلة وحاكمته وأعدمته، ومثل ذلك أحد علماء الذرة اليهود الذي فضح البرنامج النووي وطلب اللجوء السياسي إلى بلد أوروبي، لكنها ذهبت إليه وأعادته وحاكمته في الأراضي المحتلة.
سلسلة من الإجرام المستمر ضد قيادات الفصائل الفلسطينية في الداخل والخارج، من بيروت ودمشق والأردن وتونس والإمارات ومصر وغيرها من الأقطار العربية والاغتيالات تتوالى، وأيضا في أراضي الدول الأخرى بلجيكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول وعمليات الاغتيال للعلماء والزعماء وقيادات الفصائل الفلسطينية وكلها لم تفشل إلا في النادر منها ويتم تلافيها بأسرع وقت، لم تصل ردود الدول إلى درجة أكثر من الإدانة والشجب والاستنكار في أقوى ردود الأفعال.
تم تدمير المفاعل النووي العراقي وتعقب العلماء إلى مختلف دول العالم واغتيالهم وتمت تصفية علماء الذرة العرب، واغتيالهم، أما البرنامج النووي المصري فتم إيقاف العمل به بموجب تفاهمات السلام مع اليهود، وأما ليبيا فقد سلمت مواده إلى الأمم المتحدة رغم سلميته ووداعته، ودخلت إيران في مفاوضات دولية (1+6) من أجل برنامجها السلمي، ومع ذلك فالاغتيالات وصلت إلى رئيس هيئة الطاقة الذرية بعد أن تمت تصفية بعض العلماء داخل إيران وخارجها، ووصل الأمر إلى قصف مصنع الأدوية في السودان للاشتباه به كمركز أو مفاعل نووي.
القانون الدولي يجرم عمليات الاغتيال والأمم المتحدة تدين ومجلس الأمن يفرض العقوبات على كل دولة تمارس جرائم الاغتيال، لكن ذلك إذا كان المتهم غير اليهود، ودولة الكيان الصهيوني المحتل، فمثلا تم اتهام ليبيا بما تسمى (حادثة لوكربي) “تفجير طائرة بان أمريكان” فوق مدينة لوكربي، واتهم شخصان ينتميان لليبيا، ورغم عدم ثبوت التهمة، لكن تم فرض الحصار والحظر الجوي على ليبيا، وتحميلها المليارات تعويضا للضحايا والمتضررين، بينما لا تنكر إسرائيل جرائم الاغتيال والقتل خارج إطار القانون ومع ذلك لم تتم معاقبتها حتى الآن، وأيضا شركائها من دول الحلف الصليبي الصهيوني الجديد بقيادة أمريكا، راعية النظام وشرطي البلطجة والإجرام التي قامت بإسقاط طائرة مدنية إيرانية فوق مياه الخليج بدعوى الاشتباه، ولم يدنها أحد، ولم يفرض عليها العقوبات.
تنوعت أساليب ووسائل الاغتيالات من عبوات ناسفة وألغام مزروعة، وفرق اغتيال وطائرات وغيرها من الوسائل الحديثة مثل استخدام الطائرات المسيَّرة، الموجهة عن بعد، ولم تقتصر الأهداف على القيادات العسكرية ميدانية وغير ميدانية، بل إنها شملت العلماء في كل المجالات، وكل من لهم حضور اجتماعي أو تأثير في الأوساط الاجتماعية، حيث تم اغتيال قائمة كبيرة من علماء الذرة العرب نذكر منهم (يحيى المشد العالم المصري وسميرة موسى ونبيل القليني وحسن رمال وأيضا د. سامية ميمني سعودية الجنسية وغيرهم كثير)، بدأت بتصفية القيادات البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي والحركة الشعبية وغيرها من الفصائل المقاومة، وحينما تم عقد مفاوضات سلام مع المنظمة اتجهت للاستعانة بها في تصفية القيادات في الفصائل الأخرى، وحتى لم يشفع لها -أي فتح- الاتفاق مع الصهاينة، فقد استهدفت كل من لا ترغب به إما سجنا أو اغتيالا.
هذا في جانب الاغتيالات والتصفية الجسدية، وهناك الاغتيالات الناعمة باستخدام الفضائح الجنسية، وبحسب اعترافات وزيرة الخارجية الإسرائيلية (تسيفي لفني) أنها صورت زعماء وسياسيين عربا على سرير نومها خدمة لدولة إسرائيل الكبرى، وهو ما يؤكده الكاتب الأمريكي وعضو الكونجرس الأمريكي- بول فندلي- في كتابه “من يجرؤ على الكلام”، حيث تم القضاء على الأصوات المعارضة لإسرائيل من خلال استخدام الفضائح المالية والجنسية وأساليب الترغيب والترهيب، مما جعل أمريكا تحت سيطرة اللوبي اليهودي، وهو ما يؤكده تصريح رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو – إننا نستطيع أن نجبر أمريكا ولا تستطيع إجبارنا على شيء من خلال سيطرتنا على الكونجرس ومجلسي الشيوخ والبرلمان.
وهي ذاتها الأساليب الإجرامية التي تمارسها أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا وغيرها من أجهزة الاستخبارات لدول الحلف الصليبي الصهيوني، وما يميز الصهاينة انهم يستخدمون الجميع ويغتالون من يقف في طريق مشاريعهم الإجرامية، حتى أن إسرائيل تستطيع أن تمنع أكاديميا مرموقا من التشكيك في المحرقة (روجيه جارودي) أو تفصله من عمله الصحفي (بريطانيا) أو تغتاله بالرصاص، كما فعلت مع المفكر الفلسطيني (غسان كنفاني).
Prev Post
Next Post