إجرام الجيش الصهيوني في غزة

طاهر محمد الجنيد

 

أتاح الصمت الدولي والعربي والإسلامي للكيان الصهيوني الاستمرار في جرائم ارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية على الأشقاء في أرض غزة وفلسطين عامة، وحتى الإدانات الصادرة من دول العالم المختلفة لن توقفه عن إجرامه أو تحد من همجيته ولن تمنعه من استخدام أحدث الأسلحة المحرمة دوليا ليضرب بها النساء والأطفال والعزل هناك، حتى أنه يعمد إلى الإعلان عن المناطق الآمنة، فإذا فر الضحايا إليها سارع إلى الفتك بهم، سواء كانت تلك المناطق تحت إشراف الأمم المتحدة ورعايتها أم مناطق لا توجد بها مواجهات عسكرية مع رجال المقاومة، وهو ما يؤكد حقيقة اتجاه الصهاينة نحو الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة عن علم وإدراك.. ويوضح الصحفي الإسرائيلي “تسفي يحزكيلي” في تصريحه للقناة الـ(13) العبرية ما سبق بقوله “يجب أن نقضي على كل شخص له علاقة بحماس، هذه هي الخطة، سنقتل العائلات المؤيدة التي تبلغ أعدادها مئات الآلاف في غزة، هذا ما يجب فعله أولا وبعدها سنرى ماذا سيحدث” وهو بهذا يؤيد ويدعو لإبادة غزة، لأن حماس في غزة، وهي ذاتها التوجهات التي أصدرها الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء ووزير الدفاع وغيرهم الكثير من ساسة إسرائيل كبن غفير، وغيره الكثير.
الكيان الصهيوني وحتى لا ترتفع الأصوات المعارضة من الداخل لإطالة أمد الحرب يعمل على إخفاء أعداد القتلى من جنوده على أيدي المقاومة، هذا من جهة ويستعين بالمرتزقة والعملاء الذين يقاتلون في صفوف قواته من مختلف دول العالم والذين يتم اختيارهم بعناية من خلال الجمعيات الصهيونية العاملة في مختلف دول العالم، بحيث يتم اختيار الذين لا عائلات لهم وبالتالي لا يجب إبلاغ أهلهم إن ماتوا أو أسروا أو حتى قتلتهم نيران اليهود.. شبكة أوربا (1) في إحصائية لها كشفت أن هناك ما يزيد عن (4185) من مختلف الجنسيات يقاتلون في صفوف الصهاينة تتصدر أمريكا العدد وبعدها فرنسا وإسبانيا وأوكرانيا.
وأما عن الدافع لهم، فصحيفة (لوموند) الإسبانية أشارت إلى الإغراءات المالية وأنه يمنح لكل جندي مرتزق منهم ما لا يقل عن (3.900) دولار في الأسبوع الواحد، وما كشفته شبكة أوربا يتوافق مع تقارير الكنيست الإسرائيلي بأن المقاتلين الوحيدين المساندين للجيش الصهيوني (5.500) جندي، (800) منهم بدون عائلات، 20 % منهم من الجنسية اليهودية.
وليست أمريكا وحدها التي ترسل المرتزقة والمارينز لمساعدة الصهاينة في العدوان على غزة، بل هناك مرتزقة مما يزيد على أربعين جنسية يقاتلون ضد غزة، من فرنسا وبريطانيا وأوكرانيا وكندا والنمسا ورومانيا والهند وروسيا والصين والبرتغال وإيطاليا وأستراليا وغيرها، وحتى المقاتلين من الجيش الصهيوني لا يتم الإعلان والإفصاح عن حقيقة أعداد القتلى منهم باستثناء الذين يرتبطون بعائلاتهم ويتم إشعارها إذا قتلوا.
وبينما تعتمد فصائل المقاومة الشفافية المطلقة في الإعلان عن أعداد الشهداء، سواء من المدنيين (الأطفال والنساء والعزل) وبيان أسباب الشهادة، بسبب القصف أم بسبب الجوع والحصار، أم بسبب انعدام الخدمات الصحية والعلاجية، نجد على العكس من ذلك الجيش الذي لا يقهر، يعتمد استراتيجية التضليل والكذب في الاعتراف بعدد القتلى من جنوده والقتلة المستأجرين لمعاونته الذين أوهمهم أن غزة مكان لربح الأموال لا خسارة الأرواح، مما أغراهم للمجيء والقتال هناك.
إن الصهاينة يدركون جيدا دلالات إعلان الأرقام الصحيحة وأثرها على الرأي العام الدولي والمحلي، وخاصة من الجنود الصهاينة الذين يعدونهم حماة الصهيونية العالمية التي تتحكم في العالم، وتحكم ولديها السيطرة والنفوذ.. المحلل العسكري والاستراتيجي اللواء فايز الدويري- وفقا لخبرته ومعارفه العسكرية- يوضح أن متوسط أعداد القتلى من الجنود الصهاينة والمرتزقة يصل إلى أكثر من عشرة آلاف جندي بخلاف الجرحى والأسرى والمفقودين، وذلك بناء على المعطيات الواقعية، وهو متوسط حسابي قابل للزيادة، خاصة أن تلك الإحصائية وفقا لعدد الآليات التي تم استهدافها بخلاف عمليات القنص والالغام الأرضية والعبوات الناسفة.
الصحفي الإسرائيلي (جيري بوركام) نشر إحصائية لعدد قتلى الجيش الصهيوني ومن يساعدونه وذلك في اليوم الـ(83) من العدوان على غزة، وجد بعدها مقتولا في مدينة عكا الساحلية في فلسطين المحتلة، والإحصائية كانت على النحو الآتي (825) آلية، عدد القتلى من الجنود الصهاينة (8435) ومن الجنسية الفرنسية (902) والإسرائيلية (1385) ومن بريطانيا (79) وإيطاليا (48) و(62) من الهند وروسيا وبولندا، أما اليوم وقد تجاوزت أيام العدوان شهرها العاشر، فإن الإحصائيات بلا شك ستكون كبيرة، لكن الصهاينة وجدوها فرصة سانحة لتحقيق أهدافهم في إبادة غزة وتهجير أهلها بسبب الدعم اللا محدود من الحلف الصهيوني الصليبي الجديد، ومن الأنظمة العميلة والمطبعة والخائنة وبشكل غير مسبوق، ولذلك فإنهم يعملون على الاستغلال الأمثل لهذه الفرصة، فلا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا محكمة الجنايات الدولية يمكنها أن تردع مثل هذا العدوان والإجرام، وأما الشعوب فستتم مصادرة إرادتها من قبل الحكومات التي تدين بالولاء للصهاينة.
إن هذه الجرائم التي ترتكب في حق الأشقاء في فلسطين وغزة، سيطال إثمها وذنبها كل من شارك فيها بقول أو عمل أو حتى بالسكوت وعدم الانكار من الأنظمة والحكومات والمسؤولين وحتى المسلم الذي يرى تلك المجازر والمذابح في حق الأبرياء والمستضعفين وذلك مصداقاً لحديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم “سيكون بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون، ويفعلون ما يؤمرون، وسيكون بعدي خلفاء يعملون بما لا يعملون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن أنكر عليهم برئ، ومن أمسك بيده سلم، ولكن من رضي وتابع” وهو حديث صحيح.. وفي روايات أخرى أنه قيل “يا رسول الله أفلا نقتلهم- أو نقاتلهم-، قال: لا ما صلوا”.
إن الجريمة التي نشاهدها اليوم ويشاهدها العالم أجمع توجب علينا جميعا العمل على إغاثة الأشقاء في أرض غزة، والجهاد معهم لدفع الإجرام والظلم عنهم، وليس التخاذل والصمت إزاءها، فما بالك إذا تطور الأمر إلى مساعدة القتلة والمجرمين ونجدتهم بالمؤن والمال والسلاح لإتمام إجرامهم في حق أبناء شعب فلسطين الذين اغتصبت ديارهم وأخرجوا منها بغير حق وسُلّط عليهم أحفاد القردة والخنازير.

قد يعجبك ايضا