في خطوة إجرامية يحسبها الآخرون غير متوقعة، ومتوقعة لدى قيادة الثورة والمسيرة القرآنية، ولذلك صدرت التحذيرات المتكررة إلى الحلف الصهيوني والصليبي بأن يكفوا عدوانهم ومؤامراتهم على بلادنا، وهو إجرام لم يتوقف عن استهداف اليمن بكل أساليبه ووسائله ابتداء من تدمير الثقافة الوطنية، ومسخ الهوية الإيمانية، وتدمير الاقتصاد والصناعة والأخلاق والمبادئ والقيم.
لقد وصل الأمر إلى مستوى من الخزي والعار، فقرارات اليمن كان يعتمدها السفير الأمريكي وكان هو الحاكم “الآمر الناهي” الذي يتدخل في كل شؤون اليمن صغيرها وكبيرها، مسيَّرات بلاده تجوب سماء اليمن وتقتل من تريد تحت مبرر مكافحة الإرهاب، والخبراء الأمريكان يجمعون الأسلحة من مختلف انحاء البلاد ويدمرونها، والجيش اليمني يتم تدميره تحت مبرر إعادة الهيكلة، ولما غادر السفير الأمريكي، ومعه سفراء المدد والسند، أوكل للعملاء والمرتزقة تدمير اليمن من خلال الحرب العدوانية على اليمن طوال السنوات العشر الماضية، أمريكا تخطط وهم ينفذون وتأمرهم فيطيعون، ولما بادرت اليمن باستهداف مصالحهم أوقفوا الحرب العدوانية التي استهلوها على بلادنا.
أمريكا ليست إمبراطورية الشر والطغيان فحسب، بل إنها الذراع المتحرك لتنفيذ سياسة الحلف الصهيوني الصليبي الذي غزا العراق ودمره، وغزا أفغانستان وحطمها، وهو حاضر في كل الجرائم التي تحدث والمذابح التي ترتكب حول العالم.
الأسلحة والقنابل والصواريخ هي ذاتها، لكن المختلف هو من يستخدمها، فمرة تستخدمها السعودية والإمارات تحت مسمى “العاصفة” وتارة بريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وغيرها لتحرير العراق، وتارة الكيان الصهيوني للعدوان على سوريا ولبنان، أو إيران أو العراق، وهي أسلحة تصنعها أمريكا وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني وبقية أعضاء الحلف المذكور، وبينما تؤكد الأنباء وتنشر وسائل إعلام الصهاينة أن التدريبات المشتركة لجنودها بمشاركة جنود الإمارات والسعودية وأن هناك تنسيقا كاملا في العدوان على غزة، ويصل الأمر إلى أن يجتمع رؤساء وقادة جيوش (السعودية والإمارات والبحرين ومصر والصهاينة وأمريكا في المنامة) لمناقشة الرد على اليمن، ومحور المقاومة، ها هم الصهاينة اليوم يضيفون إلى إجرامهم وعدوانهم التطاول على اليمن من أجل منعه عن قيام بواجبه الديني والقومي في مساندة ودعم المستضعفين من الأشقاء على أرض غزة وفلسطين.
وإذا كان بالأمس يخفي مشاركته في العدوان على اليمن ويكتفي بالمشاركة تحت مظلة التحالف السعودي- الإماراتي والأمريكي- البريطاني، فإنه اليوم يكشف حقيقة نواياه وإجرامه وهي جرأة غير معتادة، لأن اليهود لا يقاتلون بشكل مباشر على الإطلاق قال الله تعالى وهو أصدق القائلين “لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ” الحشر الآية (14).
فالجرأة والإقدام على ارتكاب حماقة العدوان على بلادنا هما ثمرة تنسيق جهود الامداد والتموين من العملاء والخونة، وصهاينة العرب، بفتح الأجواء وأيضا بالدعم والإمداد من الراعي الأساسي أمريكا وبريطانيا وألمانيا وغيرها، وقد سبقها ومهد لها الحلف الصليبي بشن الكثير من الضربات الجوية على صنعاء والحديدة وتعز وغيرها من محافظات الجمهورية اليمنية من أجل القضاء على الطيران المسيَّر والصواريخ الباليستية التي ترسلها اليمن إلى الأراضي المحتلة لرد عدوان الجيش الإجرامي الذي يحاول إبادة الأشقاء على أرض غزة، والذي يعمل على قتلهم بكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، والعالم يقف متفرجا صامتا لا يحرك ساكنا، وسط مباركة من دول الإجرام والاستعمار القديم والحديث وتواطؤ وإسناد أنظمة العمالة والخيانة والتطبيع.
قبل سنوات مضت قدمت السعودية مبادرتها للسلام مع الكيان الصهيوني، ومن جملة ذلك إنهاء الاحتلال للأراضي العربية عقب عدوان 1967م وسرت مقولة الأرض مقابل السلام، فلهم الأرض مقابل أن لا يبادروا بالعدوان، وجاءت المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وتحولت أسس المفاوضات إلى السلام مقابل السلام، أما الأرض فلا وهي أساليب يهودية معلومة منذ الأزل بالكذب والتحريف والإفساد في الأرض وإيقاد الحروب وتدمير الأخلاق.
وبسبب التفاهمات الصهيونية- السعودية تم تغيير المناهج والسماح لليهود وسجن كل من يتحدث عنهم، وتقنين الفساد، مع الاعتراف الرسمي، لم يحدث حتى اللحظة حسبما أكد بايدن أن السعودية طلبت ضمانات أمريكية بحمايتها من جيرانها (اليمن) إن هي اعترفت بإسرائيل وهو ما يشبه الزواج الكاثوليكي، الذي ينجب الأطفال بدون عقد أو شبه عقد في بلد كان النظر إلى المرأة فيه شبهة، والخلوة معها تستوجب الحد، لكن الآن أصبح الاختلاء واجباً والاختلاط سنة.
الكيان الصهيوني استفاد من علاقاته مع الأنظمة المطبعة وشن عدوانه على اليمن لكنهم ينكرون العدوان، ويمدونه بالمؤن، ويجرمون من يدافع عن المعتدى عليهم من الأشقاء على أرض غزة وفلسطين، وهذا العدوان الإجرامي لن يثني عزائم أبناء اليمن عن الاستمرار في الدعم والإسناد للمظلومية، بل سيزيد من وتيرة المواجهة والاستهداف للمنشآت الحيوية والاستراتيجية لكيان العدو.
سقط الشهداء في البحر دفاعا وإسنادا لمظلومية غزة، وسقطوا في الحديدة وفي كل محافظات الجمهورية دفاعا عن الاستقلال وضد الخيانة والعمالة والتطبيع، وسيكون الرد على هذه الجريمة النكراء على قدر من التحدي والاقتدار حتى يتم إيقاف العدوان والسماح بدخول إمدادات الغذاء والدواء إلى المحاصرين في غزة الذين يشن عليهم الكيان الصهيوني حرب إبادة وحربا ضد الإنسانية لا هوادة فيها.
وإذا كان الكيان الصهيوني المحتل يريد أن يثبت من جريمته بأنه مازال قادرا على التحرك إلى مسافات بعيدة، فذلك لن يطيل في بقائه واستمراره، وسيكون المآل هو السقوط المدوي والهزيمة النكراء لأن القوة المجرمة مهما امتلكت من الإمكانيات المادية، واستخدمتها لحماية جبروتها وبطشها، فلا تساوي شيئا في مقابل قوة الله وتأييده للمؤمنين الصادقين، وإذا كان الإجرام والإفساد يقدم قرابينه للشيطان فإن المؤمنين يقدمون دماءهم رخيصة من أجل رضوان الله ونيل الشهادة، وإزالة المنكر والظلم والإجرام، والتدافع سنة من سنن الله في الأرض يبتلي المؤمنين ويمحق الكافرين ويميز الله به أيضا الخبيث من الطيب، والحق من الجور، والإيمان من النفاق قال تعالى “أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”. التوبة (16).