“إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَـمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِـمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِـمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”.
تتجسد هذه الآية الشريفة في واقع الأمة اليوم، وبأبهى حُلة، وأجمل طلة، فها هو باب العزة والتمكين ينفتح على مصراعيه أمام محور المقاومة، ومصدر التنكيل بالمجرمين، لا يضره من خذله من عربان النفاق، وشذاذ الآفاق، وها هو ثلاثي الشر أمريكا وبريطانيا وربيبتهما المدللة إسرائيل يئن في كل موضع من جسده المتهالك المتعفن، بدءاً بالأزمات التي تعصف بهم من كل جانب، مروراً بالهزائم المنكرة التي يتجرعونها أينما أتجهوا، وحيثما حلّوا وارتحلوا، تلك هي جزء من العواقب الوخيمة، والتي يعترف بها كيان العدو نفسه، ولاسيما أن ملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الباسلة لا يزيد الأمر إلاّ سوءاً، وتعقيداً للقضية، وسخطاً ينمو ويتزايد ويتجذر مع مرور الأيام، وهاهم الأعداء يتلقون الضربة تلو الضربة لتكون الضربة القاضية في الأيام القليلة القادمة بحول الله وقوته سبحانه وتعالى، هو الذي أمد جنده بالصبر، وفتح لهم أسباب النصر، ومنّ عليهم بما يعجزون عن إحصائه من عظيم النعم، وجميل المواهب، فله الحمد أولاً وآخر، ظاهراً وباطناً..
وإذ نحن في بداية العام الهجري الجديد، وشهر الله محرم الحرام يطل علينا، بما فيه من ذكريات عزيزة، تُكتب بماء الذهب، رغم ما تحمل في طياتها من أحزان ومواجع، ومآسٍ وفواجع، فكأننا بسيد شباب أهل الجنة وحوله أهله ومحبوه، وقد قدّم حياته قرباناً في سبيل الله تعالى، وضحى بنفسه وأهل بيته تقرباً وزلفى، وتذكرة وذكرى، لعل وعسى أن تصحو هذه الأمة المغلوبة على أمرها، وتنفض عنها ثياب الذل الذي ألبسها به إبن آكلة الأكباد، ومن بعده ابنه السكير العربيد، الذي لا يفرق بين الحلال والحرام، ولا يعرف شيئاً من المنكر إلاّ واقترفه، ولا لذة محرمة إلاّ وأسرف فيها، ولا دماء معصومة إلاّ وأوغل في شربها، لا على ضمأ به، ولا على حاجة إليها، ولكن تطاولاً واستكباراً، وعتواّ وضلالاً، ولو لم يكن له إلاّ هذه الجريمة النكراء في حق أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الوحي، لكان كافياً لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..
ولنا أن نتساءل ماذا بعد؟ وهل تم لطاغوت عصره، وفرعون زمانه ” يزيد” ما أراد بعد أن شفى نفسه، وبرد غليل قلبه، بقتله السبط الطاهر سيد شباب أهل الجنة؟
إن التاريخ يقول كلمته، ويحكم جملته، وفي أخباره الموعظة البالغة، والهداية الشافية، فهذا السكير العربيد قد نال جزاءه، وأخذ عقابه بأسرع مما كان متوقعاً، فقد بتر الله عمره، واجتث أصله وفرعه، وأزال ملكه، وملك أبيه وجده، فتحول الملك العضوض من بني سفيان إلى بني مروان، في غمضة عين ولمحة بصر، وكانت مدة ملك طاغية العصر ثلاث سنوات لا غير، وهلك بعدها في من هلك، من أساطين الكفر، وعتاولة الإجرام، ليروح إلى مزبلة التاريخ، تلعنه الأجيال، وتدوس عليه الأقيال، وهو المصير نفسه الذي سيلاقيه النتن ياهو، وبايدن، تلك هي سنة الله التي قد خلت، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا.
والعاقبة للمتقين