في 14 فبراير 1945م التقي الرئيس الأمريكي روزفلت بالملك عبدالعزيز آل سعود أمام شواطئ مدينة الإسكندرية المصرية وأبرموا اتفاقا أطلقوا عليه اتفاق (كوينسي) الذي تم التوصل إليه على متن الطراد (يو اس اس كوينسي) بين الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت العائد من مؤتمر يالطا السوفيتية التي التقى فيها المنتصرون الثلاثة، ستالين، روزفلت، تشرشل، وفي يالطا -التي هي اليوم جزء من أوكرانيا – اتفق الثلاثة المنتصرون على تقسيم ألمانيا وتقسيم مناطق النفوذ وإقامة الدولة اليهودية في فلسطين ويقال إن أهم ما حمله اتفاق كوينسي بين أمريكا وآل سعود هو (توفير الولايات المتحدة الحماية اللا مشروطة لعائلة آل سعود الحاكمة، مقابل ضمان السعودية لإمدادات الطاقة التي تستحقها الولايات المتحدة) وهذا هو الاتفاق المعلن الذي تم تسويقه عن هذا اللقاء الذي تدفع الأمة العربية ثمنه لليوم وفي المقدمة الشعب العربي في فلسطين، لكن الحقيقة ليست كما قيلت وتم تسويقها.
بل إن روزفلت وخلال اللقاء قال لعبد العزيز (نحن المنتصرون في الحرب، الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وبريطانيا نرى أن (اليهود) تعرضوا لظلم كبير وليس لهم مكان ليذهبوا إليه لذلك قررنا نحن أنه ستقوم (دولة إسرائيلية على أرض فلسطين) وأضاف روزفلت مخاطبا عبدالعزيز آل سعود بقوله (إسرائيل سوف تكون جزءاً من النظام الحر الذي قضى على المجرمين وكل من يعارض ذلك هو معاد للسامية ومعاد للحرية وللإنسانية) وواصل حديثه الموجه لابن سعود (أنت ليس فقط سوف توافق على قيام دولة إسرائيل، أنت سوف تتعاون معنا بهذا الخصوص ولن تقوم بأي فعل أو شيء يهدد أمن إسرائيل والثمن هو بقاؤك حاكما للجزيرة العربية، ونحن من سيحميك)..!
حاول عبدالعزيز أن يأخذ ويعطي مع روزفلت لكن الأخير لم يترك له أي مجال وهدده بطريقة دبلوماسية إن لم يتعاون معهم وإلا فستعود الجزيرة العربية إلى ثلاث دول كما كانت قبل (سايكس- بيكو)، فوافق عبدالعزيز على مطالب روزفلت، وعلى هذا تم إبرام الاتفاق، الذي جاء مجسدا لتعهد عبد الرحمن بن فضل آل سعود الذي قدم لبريطانيا تعهدا مكتوبا تنازل فيه عن فلسطين وأعطى بريطانيا الحرية الكاملة في التصرف بها وتسليمها ( للأخوة اليهود) أو لمن تراه، متعهدا أن لا يخرج عن طاعة بريطانيا حتى قيام الساعة..!
وهكذا ارتبط بقاء نظام آل سعود ودولته ببقاء الكيان الصهيوني وأن زوال هذا الكيان يعني زوال دولة آل سعود، ولم يكن عبدالعزبز غبيا بل كان داهية فاستنجد بالملك فاروق ملك مصر وبشاه إيران اللذين شاركاه بالاتفاق مع (تشرشل) والأمريكان على تأسيس دولة باكستان وفصلها عن الهند من خلال استقطاب محمد علي جناح ورموز باكستانية أخرى كانت منخرطة في مفاصل الثورة الهندية التي قادها غاندي ونهرو وتحت ذريعة إقامة دولة إسلامية في باكستان والهدف جعلها حامية خلفية للنظام السعودي في مواجهات أي صراع جيوسياسي مستقبلي وباركت لندن وواشنطن هذا الفعل خوفا من تشكل قوة قارية فعالة في شبه القارة الهندية..!
وتزامنا مع قيام الكيان الصهيوني اندلعت الحرب الباكستانية _الهندية بعد أن أعلن محمد علي جناح الانفصال عن الهند والثورة الهندية وكان هذا الانفصال يقف خلفه عبدالعزبز بن سعود والملك فاروق وبريطانيا بموافقة واشنطن..!
ارتبط النظام السعودي بأمريكا بعد لقاء الملك المؤسس مع روزفلت عام 1945م متخليا عن الرعاية المباشرة من بريطانيا التي حلت كمستشارة وجزءاً من منظومة الحماية لنظام آل سعود الذي تبنى سياسة رافضة للحرب مع الكيان الصهيوني وحين أحرج عام 1948م حين تفجرت الحرب العربية -الصهيونية شارك النظام السعودي وعلى استحياء بـ 600 جندي لم يطلقوا رصاصة واحدة بل ظلوا في مؤخرة الجيوش العربية يقدمون خدمات لوجستية.
Next Post