فلسطين ضمير الأمة العربية والإسلامية، وهي قضية العرب والمسلمين المصيرية، والقدس عاصمة فلسطين الأبدية، فلسطين البلد الثاني لكل العرب والمسلمين على امتداد المعمورة، وكيان العدو الصهيوني هو المحتل الغاصب والسرطان الخبيث الذي ينهش في جسد العروبة منذ العام 1948م، وحتى اليوم، على هذه الثوابت نشأنا وتربينا منذ نعومة أظفارنا، لا صوت يعلو فوق صوت فلسطين، ولا مظلومية تفوق مظلومية شعبها، ولا عدالة ومشروعية كعدالة ومشروعية قضيتها، كلنا مع فلسطين في تحرير أرضها، وعودة لاجئيها، وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، هذه ثوابت كل عربي حر شريف غيور، ومن شذ عن هذه الثوابت والمسلمات شذ في النار.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تؤثر أو تشوش المواقف المخزية والمذلة والمهينة لأنظمة التطبيع واليهودة والتصهين على هذه الثوابت والمواقف العربية الأصيلة، فأنظمة التطبيع لا تمثل سوى نفسها وهي تغرق في وحل التطبيع والعمالة والخيانة للقضية الفلسطينية، أما شعوبها المغلوبة على أمرها فمواقفها ثابتة ثبوت الجبال الرواسي، ولا يمكن أن تبيع وتشتري بفلسطين ومقاومتها وقضيتها على الإطلاق، ولولا السياسة القمعية التي تدير بها هذه الأنظمة شؤون الحكم في تلكم الدول والتي تحول دون حرية الرأي والتعبير وحق التظاهر، لشاهدنا المسيرات الحاشدة وهي تجوب شوارع الرياض وجدة والمدينة المنورة والسعودية، ودبي وأبو ظبي الإماراتية، والمنامة البحرينية، والقاهرة والإسكندرية المصرية وبقية الدول المطبعة والمتحالفة مع كيان العدو الصهيوني، والتي تتفاخر وتتباهى بالتطبيع مع هذه الغدة السرطانية، وتجاهر بعدائيتها للمقاومة الفلسطينية ودول محور المقاومة لمجرد قيامهم بالرد على العدوان والحصار الصهيوني على إخواننا في قطاع غزة.
من المخزي والمؤسف جدا أن تتسابق الدول الأوروبية والأمريكية والأفريقية على قطع علاقاتها مع كيان العدو الصهيوني وطرد سفراء هذا الكيان الإجرامي، ويتسابق البعض الآخر على رفع الدعاوى القضائية ضد هذا الكيان الإجرامي، كردة فعل على الإجرام والتوحش الصهيوني في حق نساء وأطفال غزة، في الوقت الذي يتسابق البعران العرب على التطبيع مع هذا الكيان، والاندماج والتحالف معه، والدخول في علاقات حميمية معه، والتباهي بذلك، متجاهلين ما يرتكبه هذا الكيان الإجرامي بحق إخواننا في قطاع غزة، بل ووصلت بهم الجرأة والوقاحة وقلة الحياء للحد الذي يشاركون فيه بفرض الحصار على إخواننا في غزة، والمشاركة في قصف قطاع غزة بطائراتهم، والمشاركة في التصدي للصواريخ والمسيرات التي تمر فوق أراضيهم في طريقها للأراضي الفلسطينية المحتلة، علاوة على الدعم والإسناد المالي واللوجستي الذي يقدمه العربان العملاء من أجل الحفاظ على عروشهم وديمومتهم عليها .
شتان بين المواقف الغربية الحرة المتضامنة مع غزة وأهلها، وبين مواقف الخزي والذل والعار التي تبديها أنظمة البترودولار ومن دار في فلكها من العملاء والخونة العرب، شتان بين مواقف السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن والمغرب وبين الموقف الجنوب أفريقي، لا وجه للمقارنة على الإطلاق، بين مواقف العزة والكرامة، ومواقف الذلة والمهانة، المواقف العربية تجاه فلسطين في غالبيتها مجلبة للعار، ولولا توفيق الله لدول محور المقاومة لكان الوضع في غزة أكثر كارثية مما هو عليه اليوم، لذا تظل غزة هي معيار الغربلة والتقييم للمواقف، ولا مجال للتدليس والتلبيس وتصوير الأوضاع بخلاف ما هي عليه في الواقع، لقد سقطت الأقنعة، وبان المستور، وتجلت الحقيقة بكل وضوح، ولم يعد بالإمكان بعد اليوم في زمن التطبيع والتصهين، الكذب على فلسطين والمزايدة عليها و باسمها.