الثورة / وكالات
ليس مبالغة عندما نقول إنّ المجاعة عادت لتطل برأسها من جديد في مناطق شمال قطاع غزة، فبعد وقت قصير سمح فيه الاحتلال بإدخال المواد الغذائية والفواكه والخضروات، عاد ليشدّد الخناق على مدينة غزة وشمالها منذ بدء العملية العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ففي 7 مايو، سيطرت الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، وهو ما أدّى إلى توقّف دخول المساعدات إلى القطاع، وتوقّف سفر الجرحى والمرضى إلى الخارج لتلقي العلاج.
ويعاني سكان شمال قطاع غزة، البالغ عددهم نحو 700 ألف نسمة، من نقص حاد في المواد الغذائية والخضروات، نتيجة استمرار إغلاق الاحتلال للمعابر الحدودية وعدم دخول الشاحنات إلى الشمال، الأمر الذي يعيد “شبح المجاعة” إلى الواجهة من جديد، وفقاً لمسؤولين محليين ومنظمات دولية.
والمتجول فيما يطلق عليها “الأسواق” في شمال قطاع غزة وهي أبعد ما تكون عن ذلك، لا يجد فيها شيئا ًيمكن أن يقتات عليه الناس، الذين باتوا لا يجدون ما “يغمسون” فيه خبزهم الذي لم يبق عندهم سواه فلا فواكه ولا خضروات، ولا لحوم ولا مجمدات، ولا معلبات ولا حتى بقوليات، وعادت مظاهر سوء التغذية تسود شوارع شمال غزة بشكل واضح وجليّ.
يقول الصحفي محمود العامودي إنّ شمال غزة لم يدخله أي نوع من المواد الغذائية منذ فترة طويلة، وخاصة الخضار واللحوم والفواكه، مؤكداً أنّ أهل شمال غزة صابرون محتسبون، وراضون بقضاء الله، والمتجول في أسواق غزة والشمال، يقف حائراً حول ما يمكنه أن يصنع إزاء الحالة الصعبة التي تعيشها الأسواق، فالبسطات فارغة، وغالبية المحال مغلقة، والكل يبحث عما يسدّ به رمق عائلته التي تنتظر عودته على أحرّ من الجمر.
وعانى أهالي محافظتي غزة والشمال، خلال الشهور الماضية، من مجاعة حقيقية في ظل منع الاحتلال إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، وهو ما تسبب في وفاة عدد من الأطفال وكبار السن.
ويوم الأربعاء الماضي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إنّ دخول المساعدات إلى قطاع غزة انخفض بنسبة 67% منذ إغلاق الاحتلال معبر رفح في السابع من مايو .
وفي ذات اليوم، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” أنها ستزيل مؤقتاً الرصيف البحري الذي أنشأته قواتها حديثاً قبالة ساحل غزة لإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع؛ بهدف إصلاحه، بعد انفصال أحد أجزاء هيكله جراء تعرضه لأمواج هائجة.
وقبل نحو أسبوع، حذّر مسؤولو إغاثة وخبراء صحة، من “مجاعة في قطاع غزة خلال مايو ، ما لم ترفع إسرائيل القيود عن المساعدات، ويتوقف القتال، وتعود الخدمات الحيوية”، وفق ما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
وحسب الصحيفة ذاتها، قال المسؤولون إنّ “المجاعة في غزة متوقعة ما لم تعد الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية والمياه النظيفة التي يجب أن تكون موجودة لدرء سوء التغذية”.
وأوضحوا أنّ “الجوع يتفاقم في غزة مع تواصل الهجوم الإسرائيلي على رفح”، المدينة الواقعة أقصى جنوب القطاع.
وقال جانتي سويريبتو- الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة “أنقذوا الأطفال” الأمريكية: “لم نشهد شيئاً كهذا (الوضع في القطاع) من قبل في أي مكان في العالم”، حسب الصحيفة.
من جهته حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، من عودة المجاعة لمدينة غزة وشمالي القطاع نتيجة إغلاق الاحتلال للمعابر، ومنعه دخول المساعدات الإنسانية.
وقال المكتب الإعلامي في بيان: “تتعمّق الأزمة الإنسانية داخل قطاع غزة، مع استمرار احتلال معبر رفح وإغلاقه أمام دخول شاحنات المساعدات، وإعاقة دخولها من معبر كرم أبو سالم، حيث تُطبِق إسرائيل بذلك حصارها على قطاع غزة بالكامل”.
وأضاف: “بذلك يعود شبح المجاعة ليتهدد من جديد محافظتي غزة والشمال، وتتفاقم أزمة الأمن الغذائي في محافظات الوسط والجنوب، خاصة مع نزوح عشرات آلاف المواطنين من مدينة رفح جراء عملية الاجتياح التي يقوم بها جيش الاحتلال”.
وتابع الإعلامي الحكومي: “نؤكد ضعف جهود إغاثة شعبنا وبقاءها دون الحد الأدنى المطلوب أمام الكارثة الإنسانية التي تعصف به”.
وذكر أن “ما دخل من شاحنات عبر الرصيف البحري الأمريكي منذ بداية عمله، لم يتجاوز 100 شاحنة”.
فيما “دخل محافظتي غزة والشمال الأسبوع الماضي من نقطة أنشأها جيش الاحتلال غرب بيت لاهيا 214 شاحنة، منها 109 محملة بالطحين للمخابز والمواطنين، و6 شاحنات أدوية فقط”، وفق المكتب الإعلامي الحكومي.
وطالب المكتب بانسحاب قوات الاحتلال من معبر رفح، مشيراً إلى أن المعابر البرية “هي الأكثر جدوى وفاعلية لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، والحد من أزمة الأمن الغذائي ومنع المجاعة التي تهدد كافة مناطق القطاع”