الثورة / متابعات
الرصيف البحري العائم، الذي أزعمت الولايات المتحدة الأمريكية أمرها على إقامته قبالة شواطئ غزة، أثار جدلا لم يثره أي موضوع آخر خلال كل هذه الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان الصهيوني في غزة., فمنذ أن أعلن الرئيس الأمريكي في خطاب “حالة الاتحاد” في 7 مارس المنصرم أوامره للجيش الأمريكي بالبدء في إنشاء رصيف بحري مؤقت قبالة شواطئ غزة للمساعدة في إيصال كميات مساعدات كبيرة إلى القطاع؛ بدأت موجة من التحليلات والشكوك والتكهنات والانتقادات تتصاعد حوله خصوصا في ظل الترحيب الصهيوني به.
وأبدت شخصيات فلسطينية شكوكا إزاء وجود أهداف أخرى للرصيف العائم الذي بدأ الأمريكيون تشييده قبل ما يقرب من شهرين، خصوصاً مع بدء تدفق المساعدات عبره قبالة ساحل قطاع غزة.
لا ريب أن هذه الموجة لها ما يبررها فهي مبنية على جملة من الحقائق على الأرض التي تجعل فكرة إنشاء رصيف عائم وكأنها فكرة “خبثية”، وإلى ذلك فما يعزز كل الشكوك المثار حول هذا المشروع هو حجم الغموض الذي يكتنفه.
إذ أن الإدارة الأمريكية تعمدت أن لا تنشر تفاصيل وافية حوله تحت ذريعة الاعتبارات الأمنية، ومن أهم التفاصيل التي أخفتها الإدارة الأمريكية هي الموقع الجغرافي التي سيحتله هذا الرصيف العائم سواء في جزئه المنشور في المياه أو في الجزء المتصل بشواطئ غزة. وكذلك تعمدت الإدارة الأمريكية إخفاء التفاصيل فيما يتعلق بمن سيشرف على هذا الرصيف داخل قطاع غزة سواء من ناحية تأمينه أو من ناحية توزيع المساعدات داخل قطاع غزة.
ميناء غزة العائم
ميناء غزة العائم يتكون من منصة في عرض البحر مخصصة لاستقبال السفن الكبيرة ورصيف مثبت على الشاطئ، جرى تنفيذه بموجب قرار من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن، وبلغت تكلفته نحو 320 مليون دولار.
بدأ تشغيل الميناء رسميا يوم الجمعة 17 مايو 2024، بعد نحو شهرين من انطلاق عملية البناء التي تولاها الجيش الأمريكي. ويهدف إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة تحت رقابة إسرائيل.
لكن تزامنه مع تقديم الأسلحة والذخائر للجيش الصهيوني الذي يشن حربا على القطاع، أثار تساؤلات عما إذا كان للولايات المتحدة أهداف أخرى غير معلنة لإقامته، خصوصا في ظل الترحيب الإسرائيلي.
تهجير مستقبلي وسيطرة على الغاز
بدوره، أكد المحلل السياسي عاهد فروانة، أنه لا يساور أي فلسطيني أي شك في أن إسرائيل تبحث عن وسيلة يمكن من خلالها تنفيذ هدفها “الحقيقي والاستراتيجي” من وراء الحرب، وهو تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة.
وبينما يوضح فروانة أن اللجوء إلى ممر بحري يكون عادة في ظل استحالة استخدام الممرات البرية، لكن في حالة قطاع غزة “هناك معابر ميسرة وسهلة وتحتاج فقط لقرار إسرائيلي لإعادة عملها”، قائلاً إن ذلك يؤكد أن هذه الخطوة التي كلفت الإدارة الأمريكية 320 مليون دولار لا يمكن أن تقتصر على الأهداف الإنسانية فحسب.
وأشار إلى أن الشكوك تمتد إلى السيطرة على مصادر الغاز في البحر المتوسط، فضلاً عن تعزيز محاولات إسرائيل نفض يدها من المسؤولية المدنية تجاه الفلسطينيين في القطاع لتبقي سيطرتها العسكرية والأمنية دون أي تكاليف.
وقال فروانة: “يصر الاحتلال على إخلاء مسؤوليته المدنية وإبقاء مسؤوليته العسكرية، وبالتالي هو يتجه لعدم تشغيل معابره مع غزة بانتظام واللجوء إلى جهات دولية وممر بحري ليكون العالم هو المسؤول عن توفير متطلبات حياة الغزيين وليس إسرائيل”.
وأضاف: “لا ننسى الأهداف الخاصة بفصل غزة عن الكيان الفلسطيني بالضفة الغربية، وهو هدف أساسي لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإفشال أي مشروع سياسي لإقامة دولة فلسطينية، عبر إبعاد أي وجود فلسطيني رسمي بالقطاع وتحميل مسؤوليته لإدارة دولية”.
واعتبر فروانة أن موقع الرصيف البحري قبالة القاعدة العسكرية التي يقيمها الجيش الإسرائيلي ويوسعها بشكل مستمر لعزل شمال القطاع عن جنوبه، يعكس إمكانية إطالة أمد الحرب وتعزيز وجود إسرائيل العسكري في غزة.
من جانبه، يعتبر المواطن مسعد شملخ النازح من ذات المنطقة التي أقيم فيها الرصيف البحري بمدينة غزة إلى مخيم النصيرات في وسط القطاع، أن أهالي غزة بحاجة ماسة إلى كل مساعدة يمكن تصلهم خلال هذه المرحلة من أي جهة وبأي وسيلة برية أو بحرية أو جوية مع استمرار الحرب الإسرائيلية الشعواء التي أودت بحياة ما يزيد على 35 ألف فلسطيني.
وبينما يرى شملخ، أن المساعدات التي بدأت في الوصول الخميس، عبر الرصيف البحري يمكن أن تخفف قليلاً من حاجات النازحين التي تزايدت بعد إغلاق إسرائيل معبريْ رفح وكرم أبو سالم، بسبب العمليات العسكرية في رفح قبل أكثر من 10 أيام، فإنه يعتقد أيضاً أن ما يأتي من أمريكا وحليفتها إسرائيل “يجب أن يكون محل شك وتوجس”