دعم القدرات النوعية لمواجهة التحديات ومواكبة العصر

طاهر محمد الجنيد

 

تشكل القدرات النوعية من الأسلحة والجيوش المدربة في العصر الحاضر أهمية كبرى، للآثار المترتبة عليها، فبإمكان سلاح متطور كالمسيَّرات والصواريخ البرمائيات من المسيَّرات أن تحدث تفوقا نوعيا بدلا من الاعتماد على الجيوش والأسلحة التقليدية التي يتم تدميرها بسهولة وتحتاج إلى أعداد كبيرة من القدرات البشرية، وليس معنى ذلك التخلي عن الاهتمام ببقية الفروع الأخرى من العتاد والقدرات، بل يجب السعي دائما للحصول على أفضل أنواع الأسلحة وأفضل الوسائل وأجودها في تحطيم قدرات العدو.
خلال السنوات الماضية عانى شعبنا اليمني من تفوق القدرات الجوية لدى دول العدوان التي شنت الحرب بناء على معطيات الكم الموجود لديها من الأسلحة المكدسة، لا لتحرير الأرض المحتلة (فلسطين) من الاحتلال الصهيوني، بل لحماية العروش والعدوان على الأشقاء والجيران، ثم أنه قبل العدوان تم تدمير الأسلحة الفعالة لدى الجيش اليمني، من منظومات الدفاع الجوي، والطيران وتم اغتيال القادة والضباط، وتشتيت الكفاءات القتالية من خلال ما سميت بإعادة الهيكلة، ولما أيقن المعتدون أنهم نفذوا خططهم في تدمير الجيش، تم الانتقال إلى الخطة الأخرى المتمثلة بتحطيم وتدمير السلم الاجتماعي بين أطياف العمل السياسي والحزبي حتى يكون هناك مبرر للحصول على التأييد، أما من يعارض فسيتم القضاء عليه وانهاء تأثيره على الساحتين الوطنية والسياسية.
فخلال تلك السنوات دمر الطيران الحربي المعادي كل البنى التحتية ولم يفرق بين الأهداف العسكرية وغيرها من الأعيان المدنية، ولكن دخول الطيران المسيَّر والصواريخ بعيدة المدى، شكل قوة ردع وإسناد للجيش اليمني واللجان الشعبية وتحت الضربات النوعية والأهداف الاستراتيجية رضخ المعتدون وجنحوا للهدنة والتفاوض.
رأينا كيف يحاول الأمريكان والصهاينة وغيرهم تدمير الأهداف المدنية من عمليات اغتيال وتدمير باستخدام المسيَّرات والصواريخ في أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين، وأيضا من خلال دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا من خلال الأسلحة النوعية والمتطورة، من أجل إحداث توازن والقضاء على التفوق العددي والنوعي للأسلحة الروسية.
وإذا كان العدوان الأمريكي- الصهيوني- السعودي- الإماراتي على بلادنا يستغل كل ما يمكن أن يدمر بلادنا خدمة لذلك التحالف القذر الذي يعيث فسادا وإجراما يندى له جبين الإنسانية على أرض غزة وفلسطين، فإن اليمن وجهت اهتمامها بالقدرات النوعية لصالح حماية اليمن من المعتدين والمحتلين، وفي نصرة قضايا الأمة وأهمها مظلومية الشعب الفلسطيني الذي يواجه الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
حلقت المسيَّرات اليمنية والصواريخ متعددة الأحجام والقدرات في أجواء المملكة السعودية وضربت بعض الأهداف الحساسة والاستراتيجية ولازال هناك بنك من الأهداف التي يمكن أن تطالها، ومثل ذلك الإمارات العربية التي ما تزال متطاولة أياديها في ممارسة الغواية والأذية، ولم تنل حظها من المسيَّرات والصواريخ اليمنية، ووصلت القدرات النوعية اليمنية إلى العمق في استهداف الأراضي المحتلة، وهي بداية مبشرة بالكثير إسنادا لمظلومية الأشقاء في أرض فلسطين، مما أربك حسابات الصهاينة والمتصهينين من العرب حكاما وأمراء خونة وعملاء، وكان الفعل في جانب استهداف الامداد البحري موفقا، حتى أن الداعم الأساسي للصهاينة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من دول الحلف شكلت تحالفا لاستهداف اليمن وشن الحرب والهجوم عليه لمنعه من القيام بمهامه في ضرب السفن المتجهة إلى الكيان الغاصب والمجرم.
إن احتكار الأسلحة والتحكم في توزيعها، لم يعد مجديا في ظل المناخ العالمي الحالي ولا يترك أثره إلا لمن رضي التبعية والعمالة، كما هو شأن الأنظمة التي باعت ثروات بلدانها ورهنتها لدى المجرمين الطامعين في السيطرة على الموارد وكل مصادر الطاقة والقوة، أما من يملك قراره فبإمكانه الاستفادة من ثورة المعلومات والتكنولوجيا في تصنيع ما يحقق له التفوق من خلال امتلاك الأسلحة النوعية والقدرات الذاتية هي التي تحول المستحيل إلى ممكن إذا توفرت النوايا والإرادة والعزيمة.
الأسلحة النوعية من المسيَّرات والصواريخ بعيدة المدى تحتاج إلى دعم سخي أكثر من ذي قبل لخطورة المراحل القادمة في الجو والبر والبحر، فقد كان التحدي بالأمس هو مواجهة الصهاينة العرب وقد داست أقدامهم أرضنا ومازالوا يعربدون فيها وهو ما يستوجب إكرامهم حتى يتعلموا دروس التاريخ القريب والبعيد، أما اليوم وقد انضم اليهم الحلف الصليبي والصهاينة، فإن الأمر يحتاج إلى إمكانيات أكبر لإنجاز أسلحة تضرب في عمق الأراضي المحتلة، وتضرب في البحر لإكمال المهمة وحماية الشواطئ من المحتلين والمجرمين، وأيضا تأمين الجو من الهجمات التي استباحها المجرمون من صهاينة العرب والحلف الصليبي الجديد واليهود.
لقد حاول حلف العدوان استغلال تفوقه في الجو لضرب القدرات النوعية فاستهدف بعض المعسكرات وضرب هنا وهناك، لكنه لم يجد شيئا واستمرت الضربات اليمنية تحقق أهدافها، مما جعله يستعين بالعملاء والخونة الذين جندهم لمساعدته في استهداف المسيَّرات والصواريخ وبدأ من المحافظات الساحلية، لكن يقظة ومكر الله بهم كان لهم بالمرصاد، ولن يستسلم العدو طالما أن هناك من يستميله بالاغراء والمال والسلطة والجاه، لكن إيمان أهل اليمن بالله ومناصرتهم للقضايا العادلة هو المعادلة المستحيلة التي تتحطم عليها أوهام المجرمين والقتلة ولو كان الأمر سعيا وراء تحقيق مصلحة أو ابتغاء مكسب مادي لكان قد حسم لصالح الأعداء نظرا لما يمتلكونه من إمكانيات هائلة وعظيمة جعلتهم ينساقون وراء طغيانهم وكبرهم.
دفعت غزة بالأمس الثمن جراء الخيانة والعمالة وتحالف المجرمين وتكالبهم عليها واليوم الدور على رفح وفي كلتا الحالين تؤكد القدرات النوعية اليمنية أن معركتها مستمرة مع العدو الصهيوني والمتحالفين معه وستمارس كل أنواع الدعم لحماية المظلومية سواء باستهداف سفن الإمداد والتموين في البحر، لكن هذه المرة بمدى أوسع وبقدرات تحقق النجاح التام، ولن يقصر محور المقاومة في الدعم والاسناد سواء من حزب الله في لبنان أو سوريا أو العراق أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولن يكون هناك تراجع طالما أن هناك عدواناً مجرماً يستبيح كل القيم والمبادئ والأخلاق ولا يرقب في المستضعفين إلَّاَ ولا ذمة، حتى أنه بلغ التبجح بممثل الكيان الصهيوني إتلاف ميثاق الأمم المتحدة التي أعطته شرعية وجوده على أرض فلسطين من خلال قرار التقسيم، لأنها أعادت الاعتراف بأحقية الفلسطينيين أن تكون لهم دولة مستقلة وأن يعيشوا بحرية وكرامة على أرضهم وبلادهم.

قد يعجبك ايضا