الصرخة ليست مجرد شعار سياسي أو ديني ولكنها منهج حياة للدنيا والآخرة إن صدقت النوايا لوجه الله تعالى، وشخصيا كنت كغيري ممن نمتعض من أولئك الذين يرددون الصرخة في أول عهدنا بها على اعتبار انها شعار ديني والدين ليس بحاجة لمن يزايد عليه ويضعه في قالب سياسي والعكس، ولم ندرك أبعاد ذلك الشعار على أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والملحدين إلا بعد حين، وقد استطاع المرجفون في غفلة من العقل استطاعوا وهم يضمرون شرا لأصحاب الشعار وأنصاره ويكيلون لهم كماً من التهم والأباطيل عقائديا وفكريا ووطنيا أن يسوقوا بضاعتهم الفاسدة في منابرهم الظلامية واجتماعاتهم، مستخدين كل وسائل الإعلام التقليدية والحديثة بأن الحوثيين شر مستطير، وفي مجالس الغيبة والنميمة وضعوا الخطط والبرامج للتحريض، وجندوا لذلك أباليس الأنس من معدومي الضمير والوطنية، وربما استطاعوا أن يغرروا على البسطاء وغير البسطاء من الناس في بداية الأمر حتى وصل بهم الظلال والتضليل ونشر شائعات الدجل والتغرير القول أن الحوثي والأمريكان والصهاينة منسجمين ومتفاهمين لكل ما حدث ويحدث لليمنيين من حرب وحصار وجوع وفقر وافتقار متعمد، حتى جاءت أحداث غزة ووقوف انصار الله بشموخ وشجاعة غير مألوفة للقادة العرب والمسلمين ضد الصهاينة والأمريكان والإنجليز نصرة لأهل غزة وللأقصى، فضرب إسرائيل في عقر دارها، وضرب سفن الأمريكان والإنجليز سفنهم ومدمراتهم العسكرية والتجارية وكسر شموخ وهيبة الأمريكان والصهاينة والإنجليز تحت إرادة اليمنيين، وكان ذلك الموقف بمثابة حرب صريحة ضد من يحارب أهل غزة ويساند العدو الصهيوني المحتل سواء بالموقف أو المال أو السلاح، أمريكيين كانوا أو من الغرب أجمعين لا فرق، وهذا الموقف المتميز والفريد سلب الألباب للعدو قبل الصديق وفضح أولئك المرجفين في الداخل وعراهم على الملاء، ليتضح للعالمين ان ذلك الشعار يحمل بحق عداوة لأعداء الدين المشركين كانوا من الصهاينة أو الأمريكيين، وأن من يناصبون العداء للحوثيين هم ممن تضررت مصالحهم وتصدعت أيدولوجياتهم وتكسرت في صخرة الصرخة، أما الصرخة فقد أضحت اليوم رمزاً للبراءة من أعداء الله لكل العرب والمسلمين وليس فقط شعار للحوثيين، فالولاء والبراء جزء أصيل من الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء به سيد الخلق أجمعين وأمام المرسلين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، وهناك من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة ما يؤكد ذلك، وليس كما روج البعض بأنها بدعة وضلالة، فالولاء والبراء مصطلحان دينيان يشيران إلى التزام المسلمين بالإيمان والتعلق به والتحلي بأخلاقه، ويشيران أيضًا إلى إبعاد المسلمين عن الشرك والكفر والمعصية، أما الوفاء فهو مصطلح يشير إلى الإخلاص والصدق والإيمان بالعهد والوفاء بالعهد والوعد، ويعتبر الوفاء من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، ويعتبر جزءًا من الولاء والبراء، فالإنسان الوفي هو الذي يحافظ على الوعود والعهود التي يقطعها، ويظل مخلصًا لدينه ولمبادئه وقيمه، وهذا ما ينبغي أن يتحلى به المسلم في حياته اليومية، كما أن الولاء والبراء في الإسلام يعد من أصول العقيدة الإسلامية فيجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالى أهلها ويعادى أعداءها، فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويواليهم، ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم، وذلك من ملة إبراهيم والذين معه، الذين أمرنا بالاقتداء بهم، قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة آية 4، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ۘ بعضهم أولياء بعض ۚومن يتولهم منكم فإنه منهم ۗ إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) المائدة آية 51، ويقول رسولنا الكريم محمد صل الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ) . حديث حسن.