الثورة نت../
نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات في فلسطين والمستجدات الإقليمية .. يوم الخميس 16 شوال 1445هـ المواقف 25 أبريل 2024م:
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
لمئتي يوم ويومين، وللأسبوع التاسع والعشرين، ولأكثر من نصف العام، بعد أن تجاوزنا نصف الشهر السابع، والعدو الإسرائيلي يستمر في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ويواصل كل أنواع الجرائم في استهدافه للشعب الفلسطيني، من قتلٍ بالإبادة الجماعية، وأيضاً من اختطاف، ومن تدمير شامل، وكل وسائل الجرائم، حيث بلغ عدد الشهداء، والمفقودين، والجرحى، والأسرى في القطاع وفي الضفة أيضاً قرابة: (مائةٍ وثلاثين آلفاً وأربعمائة وأربعين) من أبناء الشعب الفلسطيني، وبلغت المجازر في القطاع ما يزيد على (ثلاثة آلاف وسبعين مجزرة)، والنسبة للشهداء والجرحى في القطاع قرابة 6% من مجتمع القطاع، وهي نسبة عالية جداً، قد تكون من أعلى النسب في هذا العصر، فيما يحصل من قتل وإبادة، ومعظم الشهداء من الأطفال والنساء.
والعدوان الهمجي الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في القطاع، هو عدوان استهدف مجتمع القطاع بشكلٍ عام، ومنذ اللحظة الأولى استهدف مساكن الأهالي، استهدف الأحياء السكنية، استهدف المنازل، استهدف كل المنشآت الخدمية، فهو عدوانٌ شامل، والاستهداف للمدنيين، الاستهداف للمجتمع بشكلٍ عام هو سلوكٌ متعمدٌ للعدوان الإسرائيلي منذ اللحظة الأولى، والعدو الإسرائيلي استهدف الشعب الفلسطيني بالإبادة الجماعية بكل وسائل الإبادة: بالقتل بكل الأساليب، وبكل الأسلحة، وبكل الوسائل التي يمتلكها، وأيضاً يستخدم بقية الأساليب التي هي غير وسيلة القتل المباشر، كالتجويع، والأوبئة، وغير ذلك.
جرائم الاستهداف الشامل للشعب الفلسطيني من قِبَل العدو الإسرائيلي تتجلى بشكلٍ يومي فيما يمارسه، وفيما يفعله، ومنها من ضمن الجرائم التي في هذا الأسبوع، في الساعات الأولى من فجر يوم السبت الماضي: ارتكب العدو الإسرائيلي مجزرتين داميتين عندما شن غارات على منزلين في رفح، أسفرت عن (أربعةٍ وعشرين شهيداً)، بينهم (ستة عشر طفلاً، وست نساء)، فنلحظ كم نسبة الأطفال ونسبة النساء ضمن هذا العدد من الشهداء: (أربعة وعشرين شهيداً)، بينهم (ستة عشر طفلاً، وست نساء)، كما استهدف العدو الإسرائيلي مناطق غدة وسط قطاع غزة بغارات إجرامية مكثفة.
والعدو الإسرائيلي في كل يوم من هذه الأيام التي قد مضت يتفنن في وسائله وأساليبه لقتل الأهالي في قطاع غزة، فمثلاً: في هذا الأسبوع استخدم جنود العدو طرقاً وتقنيات جديدة، حيث أطلق العدو مسيَّرات خلال العديد من عملياته الإجرامية في عدة مناطق بالقطاع يفتح في تلك المسيَّرات (الطائرات المسيَّرة) تسجيلات صوتية، مثل: [الحقونا، أسعفونا]، نداءات استغاثة، ممزوجة بصراخ أطفال ونساء؛ والهدف من ذلك: الاستدراج للأهالي للذهاب إلى مناطق معينة، قد حضَّر العدو فيها لارتكاب جرائم إبادة جماعية، العدو يسعى إلى الاستهداف حتى بمثل هذه الأساليب، في محاولةٍ منه لاستغلال أي تجمُّع للأهالي؛ من أجل إبادتهم بشكلٍ جماعي وقتلهم.
أيضاً من الحالات التي هي تجليات واضحة لهذه الحقيقة: عندما سعى إلى تحويل المستشفيات إلى مقابر جماعية، ويمارس فيها جرائم الإعدام بدمٍ بارد للكادر الصحي (للدكاترة والأطباء والإداريين)، يستهدفهم بشكلٍ شامل يبيدهم، ويعمل على إبادتهم، ويقتل المرضى أيضاً، المرضى من مختلف الأعمار، الذين يتواجدون في المستشفيات كذلك بدمٍ بارد، يقوم بإعدامهم بشكلٍ جماعي، واتضحت المقابر الجماعية على مستوى واسع أيضاً، فمثلاً: في مستشفى الشفاء، اكتشاف مقبرتين جماعيتين كبيرتين، أحداها أمام قسم الطوارئ، والأخرى أمام قسم الكلى، لاحظوا مستوى الإجرام الفظيع الذي يمارسه العدو الإسرائيلي! هذه العناوين لم نسمع عنها فيما هناك من أحداث في أي قطرٍ من أقطار العالم، في أي بلدٍ من البلدان، العدو الإسرائيلي يتفنن في ارتكاب الجرائم بشكل غريب، وبتوحش رهيب لا مثيل له، أمام هذه العناوين مستشفى الشفاء، قسم الطوارئ، ومقبرة جماعية أمام قسم الطوارئ، مقبرة أخرى جماعية أمام قسم الكلى، اكتشاف مقابر جماعية تضم عدداً كبيراً من الشهداء داخل مجمع ناصر الطبي في خان يونس، حيث تحدثت الحصيلة عن أكثر من (ثلاثمائة وعشرة جثمان) حتى الآن، ما تم اكتشافه في البداية، الله أعلم كم المتبقي، بينها من قامت قوات العدو بالتمثيل بها- بين الجثامين نفسها- بالتمثيل بها، وسرقة أعضائها، وهذه الممارسات تكررت كثيراً في العدوان على قطاع غزة، أثناء الاقتحام للمستشفيات، والقتل للأطباء، والممرضين، والمرضى، والكادر الطبي، مباشرة التمثيل بالجثامين، وسرقة أعضائها، هذا على مستوى جرائم القتل، والمجازر التي هي مستمرة كل هذه المدة الطويلة، لأكثر من نصف عام، لمائتي يوم ويومين، كل يومٍ منها هو مأساة كبيرة للشعب الفلسطيني، يشهد على حجم المظلومية التي لا مثيل لها للشعب الفلسطيني، ويشهد على مدى الإجرام والوحشية للعدو الإسرائيلي.
على مستوى الحصار والمجاعة، كذلك يستمر العدو الإسرائيلي في مسعاه لإبادة الشعب الفلسطيني، لإبادة مئات الآلاف بالتجويع، وهو يستمر في أسلوب التجويع بشكلٍ كبير، وفي الإحصائيات أن مستشفى كمال عدوان شمالي غزة يستقبل حوالي خمسين طفلاً يومياً؛ بسبب الجفاف ونقص الغذاء.
كذلك في الضفة الغربية، هناك اعتداءات يومية من قبل العدو الإسرائيلي، واقتحامات للمدن، حصار وعزل لبعض الأحياء، والاقتحام لها، وتنفيذ عمليات إجرام متنوعة، بالقتل، والاختطاف، وتدمير المنازل؛ أمَّا في بعض المناطق من الضفة الغربية فهناك اعتداءات مكثفة لتهجير الأهالي وإحراق منازلهم، وأيضاً للاستيلاء على أراضيهم وبشكلٍ غير مسبوق في الضفة الغربية، وحسب الإحصائيات والتقارير من الضفة الغربية: أن عمليات السطو والاستيلاء والاغتصاب للأراضي هي غير مسبوقة في الضفة فيما يفعله العدو هناك، على مدى ثلاثين عاماً.
كذلك فيما يتعلق بالقدس، هناك انتهاكات مستمرة، واقتحامات في المسجد الأقصى، وتكثفت في هذه الأسابيع الأخيرة مع المناسبات التي عادةً ما يحاول، مناسبات العدو الصهيوني، التي يحاول أن يستغلها لاقتحام المسجد الأقصى، وأن يجعل منها مناسبات للاقتحام للمسجد الأقصى وتدنيسه، والاعتداء على المصلين، وعلى المرابطين في المسجد الأقصى، إضافة كذلك إلى إغلاق الحرم الإبراهيمي في الضفة الغربية وتكرر هذا.
ما يقوم به العدو الإسرائيلي من إجرامٍ فظيع لا مثيل له، وعدوانٍ شامل يستهدف الشعب الفلسطيني في كل شيء: من قتل، ومن تعذيبٍ في السجون، اختطافٍ للناس، وكذلك بقية الاعتداءات: من تدميرٍ المنازل، من انتهاكٍ شاملٍ لكل العناوين والأعراف التي يتحدث عنها العالم، هو بمشاركة أمريكية، الأمريكي هو شريكٌ بالفعل للعدو الإسرائيلي في كل جرائمه الفظيعة ضد الشعب الفلسطيني، مشتركٌ في الحصار والتجويع، مشتركٌ في القتل والتدمير، في جرائم الإبادة الجماعية، مشتركٌ في كل الجرائم، بما فيها التعذيب للمختطفين والأسرى، وكل ما يفعله العدو الإسرائيلي هو يفعله بدعمٍ تام وشامل من الأمريكي.
والأمريكي قدَّم في هذه الأيام دعماً إضافياً أعلن عنه، بأكثر من (ستةٍ وعشرين مليار دولار)، فنجد حجم الدعم الأمريكي للعدو الإسرائيلي، هو دعمٌ له في تلك الجرائم نفسها، دعمٌ له ليواصل القتل، يمده بكل الإمكانات لفعل ذلك، دعمٌ له لمواصلة التجريف والتدمير الشامل، دعمٌ له ليمارس التعذيب والإجرام، فهو اشتراكٌ بالفعل.
والأمريكي أيضاً مع الدعم الهائل الذي يُقدِّمه من السلاح والمال وغير ذلك، هو يواصل التحرُّك الواسع في كل مسارات تحركه، التي انطلق فيها، وتحرَّك فيها منذ بداية العدوان الإسرائيلي، الهمجي الوحشي الإجرامي على قطاع غزة، في المنطقة بشكلٍ عام، في الأمم المتحدة، في مجلس الأمن، يعترض أي قرار أو موقف يدعم الشعب الفلسطيني ولو في جزءٍ من حقوقه، يأتي الأمريكي ليعترض، ويقدِّم دائماً الدعم السياسي، الدعم على كل المستويات للعدو الإسرائيلي، يتحرك على أساس أن المعركة معركته هو، ويفعل ذلك، حجم التدخل الأمريكي والاشتراك الأمريكي في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والاستهداف للشعب الفلسطيني بشكلٍ كامل، في القدس، والضفة، وفي القطاع، وفي كل أنحاء فلسطين، الدور الأمريكي كما لو أن المعركة معركته هو؛ ولذلك استمر في الأمم المتحدة، في مجلس الأمن، مع الدول العربية، التي يحاول دفع البعض منها إلى التعاون الفعلي مع العدو الإسرائيلي، إمَّا سراً، وإمَّا علناً وجهراً، يحاول أن يدفعها لخطوات، ولو كانت خطوات مكشوفة؛ من أجل مصلحة العدو الإسرائيلي، وفيما يخدم استمرارية العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
من ذلك أيضاً، مما استجد، ومما هو مفضوح ومكشوف: محاولته الضغط على الأشقاء في قطر، في محاولة دفعهم في وساطتهم لتبني الرؤية الأمريكية الإسرائيلية، وللضغط على حركة حماس، وحاول أن يتحرَّك للضغط عليهم سياسياً، وإعلامياً.
أيضاً مما برز من الدور الأمريكي السلبي: ليس فقط ما يفعله الأمريكي لدعم العدو الإسرائيلي، والاشتراك معه بشكلٍ مباشر في العدوان على الشعب الفلسطيني في فلسطين، على الأرض الفلسطينية، أو في العالم العربي، في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، أو على المستوى الخارجي، بل في الداخل الأمريكي، بلغ التدخل الأمريكي، والرعونة، والتوحش، والاجرام، والاشتراك الأعمى مع العدو الإسرائيلي، إلى الاستهداف لأي نشاطٍ في داخل أمريكا نفسها، نشاط سلمي، يستند إلى القانون الأمريكي، ويستند إلى الحقوق، التي هي معترفٌ بها في الدستور الأمريكي، والقانون الأمريكي، عندما يتحرك البعض من أبناء الشعب الأمريكي للاعتراض على جرائم الإبادة الجماعية، والمطالبة بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، والاحتجاج ضد التجويع للشعب الفلسطيني، يقوم الأمريكي بالتعامل على مستوى مؤسساته الرسمية هناك في أمريكا، بالتعامل بقسوة كاملة، وبدون أي احترام، لا لقوانينه، ولا لدستوره، ولا لأي عناوين يرفعها ويتباها بها، كعنوان الديمقراطية، وحُريَّة الرأي، وحُريَّة التعبير، فبمجرد المطالبة بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لا يطيق أبداً أن يصغي لمثل هذه المطالبة، لمثل هذه الأصوات، بل يسعى لمنعها، يسعى لألَّا يكون هناك من يتكلم، من يحتج، من يعترض، من يطالب، لا يريد أبداً حتى إلى هذا المستوى، إلى هذا المستوى.
وأمام المظاهرات، والاحتجاجات، والاعتصامات، التي أتت مؤخراً في الجامعات الأمريكية، في بعضٍ من الجامعات الأمريكية البارزة، تجلَّت هذه الحقيقة: مدى الدور الأمريكي، الذي لا يراعي أي اعتبارات على الإطلاق، ومع أي أحد، لم يصغي لكل الاحتجاجات التي خرجت في مختلف أنحاء العالم، في كثيرٍ من الدول في العالم، في مختلف القارات، الأصوات التي نادت بوقف جرائم الإبادة الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني في غزة، العدد الكبير للدول التي صوتت في الأمم المتحدة، لصالح وقف جرائم الإبادة الجماعية، والتجويع للشعب الفلسطيني في غزة، الأمريكي حتى في داخل أمريكا هو يتعامل مع الجامعات، التي لها- حسب ما يفترض بهم- في أعرافهم، في قوانينهم، في عناوينهم التي يقدِّمونها على أنها عناوين حضارية، الجامعات لم يحترمها الأمريكي، لم تحترمها السلطات الأمريكية، وكان التعامل مع المظاهرات والاحتجاجات في الجامعات الأمريكية تعاملاً سيئاً، يتجاوز كل شيء، ولا يعطي أي اعتبار لأي شيء، أولاً: بالإرهاب، والتهديد، والتحذير، والحملات الإعلامية، وخرج الرئيس الأمريكي بنفسه، وخرج رئيس الكونغرس الأمريكي بنفسه، وخرج مسؤولون أمريكيون، ليعبِّروا بعبارات سخيفة، وعبارات فيها تهديد، فيها إرهاب، فيها تشنيع، فيها انتقاد، فيها تهديد لتلك الجامعات، وللمحتجين فيها، إلى درجة التهديد لبعض مسؤولي ورؤساء تلك الجامعات بالإقالة، والطرد من مناصبهم، إن لم تتوقف تلك الاحتجاجات.
ثم لم يكتفوا بذلك، بل اتجهوا إلى عسكرة تلك الجامعات، وانتهاك حرمتها، وعسكرتها بالأعداد الكبيرة من الشرطة الذين يقتحمونها، ثم قاموا بالاعتقال للطلاب والطالبات الجامعيين، بطريقة مسيئة، وبدون أي احترام، وهنا لم يعودوا يراعون أي شيء، لا عنوان الحرم الجامعي، والحرمة الجامعية، والقدسية التي يحاولون أن يصوروا أنفسهم أمام شعوب العالم أنهم يتباهون بها، وأنهم يلتزمون بها، للعلم والتعليم والجامعات، كل هذا انتهى، أيضاً فيما يتعلق بالحقوق، حقوق أولئك الطلاب الجامعيين، والطالبات أيضاً، حقوقهم، حقهم في التعبير، هذا انتهى، هذا انتهى نهائياً، لم يعد هناك أي اعتبار لذلك، لا بالاستناد إلى قانون، ولا إلى غيره، ولا إلى قيم لبرالية يتباهون بها ويرفعون عناوينها، كل هذا انتهى.
الطالبات، انتهى عنوان حقوق المرأة، تلك المرأة التي هي أيضاً طالبة في الجامعة، تدرس في الجامعة، لم يعدوا يلتفتون إلى أيٍّ من هذه العناوين، يقومون باعتقالها بطريقة قاسية، بطريقة مسيئة، بدون أي احترام، لماذا؟ لأنها طالبت بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، طالبت بوقف تجويع الشعب الفلسطيني في غزة، وهذه جريمة لا تغتفر، الذي يمثل صوته عندهم صوتاً مقبولاً- عند السلطات الرسمية في أمريكا- هو من يؤيد جرائم الإبادة الجماعية، من ينادي بإبادة الشعب الفلسطيني، بل برزت أصوات، أصوات أيَّدت قصف الشعب الفلسطيني بالقنابل النووية، لإبادته نهائياً، وأين؟ في داخل مجلس النواب الأمريكي، داخل مؤسسات رسمية، أصوات في منتهى العدوانية والتوحش والإجرام، سقفها عالٍ في هذا الجانب، لا تتحرج ولا تستحي من أي شيء، ليس عندها أي قيم، ولا أي أخلاق، ولا أي اعتبارات نهائياً.
وتستمر حالات الاقتحام للجامعات، والاعتقال بطريقة مسيئة لطلاب الجامعات ولطالبات الجامعات، وهكذا يستخدمون هذا الأسلوب في الإرهاب والتخويف لكل من يحتج، أو يتظاهر، أو يظهر صوته مندداً بتلك الجرائم الفظيعة الرهيبة، جرائم الإبادة الجماعية، التجويع لمليوني إنسان في قطاع غزة، أو لمليون ومئاتي ألف من أهالي غزة، كل هذا يحاولون أن يستخدموه كأسلوب حتى في دول أوروبية أخرى، وليس فقط في أمريكا.
من الظريف، ومن الغريب أن الأمريكيين، وهناك دول أوروبية أخرى، كذلك في أوروبا دول ترفع عنوان معاداة السامية؛ لقمع من يطالب بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وإنهاء التجويع للشعب الفلسطيني، يسمُّون ويصفون من يتبنى هذا المطلب، ويوصِّفون هذا الصوت بأنه معاداة للسامية، وفي ألمانيا اتجهوا إلى أن يعتمدوا قانوناً، يعتبر مجرد الانتقاد للعدو الإسرائيلي، تجاه ما يعمله من جرائم رهيبة جداً، بأنه معاداةٌ للسامية، وهذه حالة فريدة عندهم هم، يستخدمونها فقط عندما يتعلق الموضوع بالعدو الإسرائيلي، وهي رؤية صهيونية، رؤية صهيونية، وما يتم تحت هذا العنوان، من محاولة لمصادرة حق الشعب الفلسطيني في الحياة، والوجود، وبقية حقوقه، التي هي ضمن الحقوق المعترف بها عالمياً، هو يتم بمسعى صهيوني، بعمل من قبل الصهيونية التي تتحرك في هذا الاتجاه.
لماذا؟! لماذا يُسمح للعدو الإسرائيلي في الغرب بفعل كل ما يريده من كل محضور، من كل إجرام، مما يتجاوز به كل شيء: قوانين، وأعراف، ومواثيق، وشطب لكل الحقوق من أجله؛ وأمَّا اتجاه الآخرين تختلف المسألة، وبالذات إذا كان الموضوع لمصلحة الصهيونية تختلف المسألة تماماً؟!
في الدول الأوروبية كذلك، سعي لمنع المظاهرات، توصيف للمطالبات بأنها معاداة للسامية وسعيٌ لحضرها، ومع ذلك تستمر المظاهرات بشكلٍ واسع، هذا كله فضيحة للأمريكي، وفضيحة لكل أتباع الصهيونية، الذين لديهم هذا التحرك، هم يرفعون عناوين الحُريَّة، الديمقراطية، حقوق الإنسان، حقوق المرأة… وغير ذلك من العناوين، ثم يشطبون كل هذا دفعةً واحدة بكله؛ من أجل أن يفعل العدو الإسرائيلي ما يفعل من جرائم رهيبة جداً، خروج المظاهرات في مئات المدن الأوروبية والغربية، يعني: في أكثر من مائة مدينة، له أهمية كبيرة جداً، مع أنه يواجه بحملة دعائية وإعلامية كبيرة في الغرب، في أوروبا نفسها، وفي أمريكا، في مختلف بلدان الغرب الكافر، هناك سعي لمنع هذا التحرك الواعي، الذي بدأ يستيقظ إلى هول ما يحدث، بالرغم من المغالطات والتوجهات السياسية للحكام هناك، للحكومات، للأنظمة، الذي هو ضمن الاتجاه الصهيوني، ويخضع للهيمنة الصهيونية، لكن هناك وعي يتنامى، وصوت يتنامى، وخروج واسع يخرج في كثيرٍ من المدن، فتأتي أيضاً بعض المصطلحات، بعض التحركات في بعض الدول الأوروبية، في الحديث عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية، ولكن وفق التفصيل والمقاس الغربي، أولاً: أن يبقى مجرد عنوان لا يكون له أي حقيقة على أرض الواقع، هذا هو ما يفعلونه منذ زمن بعيد، القضية الفلسطينية لها من الحق والوضوح ما يجعل أي دولة أخرى في العالم، في أي مكانٍ في العالم، يكون في موقفٍ محرج من أن ينكر هذا الحق بشكلٍ كامل، فيأتي أحياناً الحديث عن أنه: يحق للشعب الفلسطيني أن يكون له دولة، ولكن يقومون بتوصيفات وتفصيلات لتلك الدولة التي يفترضون أن تقوم هناك، لكن دون أن تقوم حتى، دون أن تقوم، أن تكون فقط على جزءٍ يسير من أرض الشعب الفلسطيني، ويريدون أن يصادروا عليهم معظم فلسطين، لتكون للعدو الإسرائيلي المغتصب، المحتل، المجرم، القاتل، المنتهك لكل الحقوق، وأيضاً ألَّا تكون دولة حقيقية، ذات سيادة كاملة، واستقلال تام، وحُريَّة كاملة، فهم يتعمدون أن يحاربوا الشعب الفلسطيني على حقه، وفي قضيته العادلة، ويحاولون أن تكون مثل هذه العناوين مجرد مخادعة، في مقابل ما يجري في الواقع من دعم من جانبهم للعدو الإسرائيلي، باستثناء بعض الدول الأوروبية التي لها موقف أقوى، لا بأس، يعني: وصل إلى مستويات لا بأس بها على المستوى السياسي، بعض الدول الأوروبية أُحرجت بشكل كبير من حجم ما يحدث، من تنكر واضح للحقوق، من تجاوز لكل الاعتبارات، لكل القوانين، لكل العناوين، من إجرام رهيب جداً، تحاول أن يكون لها على المستوى السياسي مواقف فيها انتقادات، فيها كذلك إظهار شيءٍ من التعاطف مع الشعب الفلسطيني، فالمطلوب هو أكثر من ذلك، فأي اعتراف هو اعتراف لا يرقى بذلك العنوان، وبذلك التوصيف والتفصيل، هو لا يرقى إلى مستوى الحق الكامل للشعب الفلسطيني، ولا يترافق معه أيضاً مواقف عملية، وإجراءات عملية مساندة فعلاً للشعب الفلسطيني.
في مقابل كل ذلك الإجرام والوحشية من قبل العدو الإسرائيلي، بالاشتراك من الأمريكي والبريطاني، وبدعم من كبريات الدول الأوروبية، وبالرغم من خذلان معظم البلدان الإسلامية، إلَّا أن الشعب الفلسطيني في غزة ومجاهديه الأعزاء صامدون، وثابتون، بالرغم من حجم العدوان، والإجرام، والدمار، والتجويع، والحصار… وغير ذلك.
صمود الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، واستمرار عملياتهم في شمال القطاع، وفي وسط القطاع، وفي مختلف المحاور في قطاع غزة، هو صمودٌ عظيم وأسطوري، ولا مثيل له في ظل الظروف التي يعيشونها؛ ولذلك هو صفحةٌ مشرِّفةٌ وعظيمة، في صفحات جهاد وتضحيات ونضال الشعب الفلسطيني، وغير مسبوق حتى في تاريخ الشعب الفلسطيني.
فاعلية المجاهدين أيضاً، صمود بفاعلية، بنكاية بالعدو، بتأثير على العدو، إلى درجة استمرار الرشقات الصاروخية، التي استمرت أيضاً في هذا الأسبوع، وكان هناك رشقات من داخل قطاع غزة، إلى [مستوطنات سيديروت، وقاعدة زيكيم العسكرية]، هذا يدل بوضوح على مدى تماسك الإخوة المجاهدين، ومدى فاعليتهم، بالرغم من كل ما قد مضى، وقت طويل، يرتكب فيه العدو الإسرائيلي أبشع الجرائم، يحاول أن يدمِّر القطاع بشكلٍ كامل، خذلان من معظم البلدان العربية والإسلامية، لكن هناك هذا المستوى من الصمود والثبات والفاعلية.
صمود الشعب الفلسطيني في مقابل جرائم الإبادة الجماعية بكل الوسائل صمودٌ عظيم، وثباتٌ عظيمٌ ومشرِّف، واحتضانه أيضاً للمجاهدين في ظل تلك الظروف الصعبة، هذا الصمود من قبل المجاهدين، من قبل المجتمع بشكلٍ عام، وهذا التماسك العظيم، هو عاملٌ مهمٌ وأساسيٌ في مدى الإخفاق والفشل الذي وقع فيه العدو الإسرائيلي.
العدو الإسرائيلي هو في حالة إخفاق واضح، ويعترف قادةٍ منه، وسائل إعلامه، بالإخفاق المخزي، بالفضيحة، يسمُّونها فضيحة، يسمُّونه أيضاً إخفاق وفشل مُخزٍ، (مُخزٍ) بهذا التعبير، أصبح هذا مما يعترفون به: أن العدو الإسرائيلي بالرغم مما يمتلكه من إمكانات، وما يحظى به من دعم أمريكي وشراكة أمريكية معه؛ ولذلك الهزيمة والإخفاق والفشل هو لكليهما (للعدو الإسرائيلي، ومعه الأمريكي شريكه في ذلك العدوان)، وهم يفشلون في أن يحققوا أي صورة نصر فعلي، لا هم استعادوا أسراهم، ولا هم تمكنوا من إنهاء المقاومة، والقضاء على المجاهدين، كانوا يزعمون أنهم فككوا كتائب القسام، أو تمكنوا من القضاء على بعض الفصائل المجاهدة في قطاع غزة، ولكننا نجد أن كتائب القسام، وأن سرايا القدس، وأن بقية الفصائل التي تجاهد في قطاع غزة، أن كل الإخوة المجاهدين هناك في حالة تماسك، في حالة تكيِّف مع الظروف، تمكُّن من الاستمرارية، في مواجهة أي تكتيك أو أسلوب يعتمد عليه العدو الإسرائيلي، مهما كان في وحشيته، في إجرامه، في طغيانه، فيما يمتلكه من إمكانات، لا يزالون في فاعلية، في استمرارية، في ثبات، في تنكيل بالعدو، في تكبيده الخسائر.
هذا الصبر، وهذا الصمود، وهذا الثبات، له ثمرةٌ عظيمة، هي: ذلك المستوى الهائل من الفشل، والإخفاق الذي مُنِيَ به العدو الإسرائيلي بالرغم من كل هذا الوقت الطويل، لم يكن أبداً في حسبان العدو الإسرائيلي أنه سيمر كل هذا الوقت الطويل، الذي لم يسبق له أن يخوض معركةً شاملةً كاملةً مستمرةً بمثله، في أي مرحلة من مراحل عدوانه على الشعب الفلسطيني والبلدان العربية الأخرى، فثمرة ذلك الصمود وذلك الصبر، رغم خذلان معظم العرب والمسلمين، وتفرُّج العالم الذي يكتفي بإطلاق التصريحات دون المواقف، وبالرغم مما يحظى به العدو من الدعم، هو انتصارٌ من جهة، وإخفاق وفشل كبير للعدو الإسرائيلي، انتصارٌ للشعب الفلسطيني، وإخفاق وفشل هائل للعدو الإسرائيلي، الذي يخسر باستمرار المزيد من القتلى والجرحى، يتكبَّد تلك الخسائر في قوته، والخسائر الهائلة جداً على مستوى المرضى النفسانيين، وهذه ظاهرة ملفتة في واقع العدو الإسرائيلي، في جيشه، وفي غير جيشه من بقية المحتلين الصهاينة، تنتشر فيهم الأمراض النفسية، والهلع، والقلق، والفزع، وهم في موقف المعتدي، المجرم، الذي يرتكب تلك الجرائم الرهيبة بحق الشعب الفلسطيني، يعني: كيف لو كان ذلك المستوى من القتل في أوساطهم، هل كانوا سيتحملون؟ على مستوى القتلى في الجيش فقط يعني؛ لأنه ليس هناك أي افتراضية لأي إجرام ضدهم من قبل الشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني هو شعب منتمي للإسلام، يتمسك بقيمه وأخلاقه ومبادئه، ويقاتل بشكلٍ مشرِّف، ويواجه العدو، ويرفع راية الجهاد، ويتحرك تحركاً ضمن قضية عادلة، وموقف حقٍ لا شك فيه، ولا لُبس فيه، فهم يعانون من الإخفاق والفشل المخزي، خسائرهم البشرية مستمرة، تأثيرات الحالة النفسية تتوسع في أوساطهم، على المستوى العقلي، وعلى المستوى النفسي ضمن إحصائياتهم هم.
والحالة التي هم فيها الآن في قطاع غزة، وصلت إلى درجة أن أحد مجرميهم، من أكابر مجرميهم، يقول في تصريحٍ له: [أن جنودهم- جنود الإسرائيليين في قطاع غزة- باتوا كطيور بط في مرمى النيران]، هذا التوصيف يأتي من مجرم من أكابر مجرمي العدو الإسرائيلي، يوصِّف به حالة الجنود الإسرائيليين الذين ذهبوا لاقتحام قطاع غزة، وهم هناك في عدوانهم على الشعب الفلسطيني في القطاع، هذه الحالة يوصِّفهم أنهم باتوا كطيور بط في مرمى النيران، ويقول أيضاً: [لسنا على خطوةٍ من الانتصار، بل على خطوةٍ من العار]، هكذا يقول، وهو من أكابر المجرمين في العدو الإسرائيلي، من قادتهم وشخصياتهم البارزة في أوساطهم، وهو توصيف- نحن نقول- غير واقعي، لم يصل إلى المستوى الحقيقي، هم في وحل الغار، هم في منتهى العار، هم في أسوأ حالة؛ إنما هو يعني هنا: عار الهزيمة؛ أمَّا السلوك الإجرامي فهو لا يتحدث عنه، الذي يمارسونه ضد الشعب الفلسطيني.
في وسائل إعلام إسرائيلية، اعترفت بأنه: [بعد أكثر من مائتي يوم على اندلاع الحرب- هكذا يقولون، وهو عدوان همجي، وجرائم إبادة جماعية- لم يحقق جيش العدو الإسرائيلي أهدافه في أي ساحة من ساحات القتال]، يعني: لا في شمال القطاع، ولا في وسط القطاع، ولا في جنوب القطاع، هم يعترفون هذا الاعتراف، وهذه مشكلة كبيرة عليهم بالنسبة لهم.
بعد استقالة رئيس جهاز الاستخبارات الصهيوني، هناك تقارير صحفية تتحدث عن نيَّة العديد من الضباط الكبار في جيش العدو الصهيوني الاستقالة، نيَّتهم أن يستقيلوا، وهذا مؤشر واضح على حجم الفشل، وضيق الأفق، وغياب أي ملامح لما يدَّعيه (المجرم نتنياهو) بالنصر القريب.
على مستوى الأمراض النفسية، أظهرت نتائج استطلاع أجرته إحدى الشركات العاملة في خدمات الرعاية الصحية لدى العدو الإسرائيلي، أن معظم الإسرائيليين ينظرون إلى صحتهم الجسدية والعقلية على أنها أسوأ الآن مما كانت عليه سابقاً، وأن ربع الإسرائيليين طلبوا المساعدة من أخصائي الصحة العقلية، منذ السابع من أكتوبر، يعني: عدد كبير، نسبة كبيرة، أصبحت عندهم أزمة على المستوى العقلي، شيء عجيب هذا، ربع الإسرائيليين! كما أن نحو نصف الإسرائيليين باتوا يعانون من اضطرابات أثناء النوم، هذه الحالة التي يعيشونها من الاضطراب والقلق؛ لأنهم يعيشون أزمة حقيقية، بالرغم مما يمتلكونه من إمكانات، ويحظون به من مشاركة أمريكية، ومساندة غربية، وفي نفس الوقت هم من يرتكبون تلك الجرائم الفظيعة والمهوِّلة، لكنه يؤرِّقهم فشلهم ذلك، عجزهم عن تحقيق صورة نصر حقيقية في عدوانهم على الشعب الفلسطيني في غزة، يؤرِّقهم جداً، يقلقهم جداً، إلى حالة رهيبة على المستوى النفسي.
بالنسبة لأهالي الأسرى من العدو الصهيوني، مظاهراتهم مستمرة؛ لأنه فشل في إخراجهم بالطريقة التي يريدها، عن طريق عدوانه وإجرامه، ولا يريد أن ينساق وأن يتجاوب لمنطق العقل، في وقف عدوانه؛ وبالتالي الدخول في صفقة تبادل، فهم يستمرون في المظاهرات، وأصبحت مشكلة مستمرة، وشبه يومية عندهم.
على مستوى الهجرة المعاكسة، هذا من التأثيرات الاستراتيجية لصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كشف موقعٌ فرنسي- حاول أن يستقصي الأحداث بشيءٍ من الواقعية- عن أن طلبات الإسرائيليين للحصول على جوازات السفر تتزايد بشكلٍ حاد في القنصليات الغربية، وتضاعفت بأكثر من خمس مرات مقارنةً بالعام الماضي، وأن العدد تجاوز نصف الصهاينة، يعني: نسبة عالية جداً ممن أصبحوا يفكرون بالهجرة والمغادرة من فلسطين، لديهم أزمة وجودية؛ لأنهم يعرفون أنهم مجرد مغتصبين، محتلين، معتدين، مجرمين، ولفيف من بلدان أخرى، أتوا بهدف الاحتلال لفلسطين، ومصادرة الحق الفلسطيني، والاغتصاب لأرض فلسطين؛ ولذلك لديهم أزمة وجودية، ولديهم ذلك المستوى من القلق والاضطراب، وتلك المشاعر التي يحملونها، هذا عدد كبير جداً.
نقل الموقع انطباع عدد من الصهاينة، وغضبهم، وإحباطهم الكبير، حيث أسموا حكومة كيان العدو المحتل بحكومة الخاسرين؛ لأن هناك اعتراف بالخسارة، اعتراف بالفشل، بالرغم من حجم الإجرام والعدوان، وقالوا: بأنها عاجزة عن إعادة الأسرى، والانتصار- فيما يقولون عنه- في هذه الحرب، يقصدون: ذلك العدوان على الشعب الفلسطيني، والتي وصفوها بالرهيبة، وقالوا: يواصل (نتنياهو) وعد الإسرائيليين بالنصر الكامل، لكن الحقيقة أنهم- كما يقولون عن أنفسهم- على بعد خطوتين من الهزيمة الكاملة. هذا هو الرأي العام في داخلهم، هذه هي النظرة التي في أوساطهم، هذا هو شعورهم.
أضاف الموقع وهو يشرح تفاصيل ما وجده في فلسطين المحتلة: الهزيمة تهدد مستقبل إسرائيل، يتحدث الجميع عن ذلك على انفراد، مع العائلة، مع صديقٍ عابر.
ونقل الموقع عن أحد الجنرالات السابقين في جيش العدو، قوله: [من المستحيل تدمير حماس]، هذا ضابط، جنرال في الجيش الإسرائيلي، وهو يقول: [من المستحيل تدمير حماس، ليس لدى إسرائيل رؤية لكيفية مواصلة هذه الحرب، إنه لأمرٌ مُخزٍ]، هذا جنرال يُعبِّر بهذا التعبير: [إنه لأمرٍ مُخزٍ]. فعلاً هم في حالة خزي، خزي لإجرامهم وطغيانهم وعدوانهم، وخزي لفشلهم وفضيحتهم.
هذا كله يعود أولاً إلى صمود الشعب الفلسطيني، إلى تضحياته، إلى صبره، إلى ثبات وصمود مجاهديه في قطاع غزة، فتلك المعاناة، تلك التضحيات، ذلك الصبر؛ له ثمرةٌ عظيمة، له نتيجةٌ مهمة، هو بعين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، برعاية الله “جَلَّ شَأنُهُ”، الذي وعد الصابرين بالنصر، وعد المتقين بالتأييد، بأن يكون معهم، وعد المظلومين، الصابرين، الثابتين، المجاهدين، بأن ينصرهم، وأن يؤيدهم بنصره.
فيما يتعلق بجبهات الإسناد، فحزب الله في جبهته المهمة المباشرة، التي يُنكِّل فيها بالعدو الإسرائيلي، جبهة جنوب لبنان باتجاه شمال فلسطين المحتلة، هناك تصعيد كبير في هذه الأيام، وعمليات مكثفة، وعمليات حزب الله عمليات دقيقة، هادفة، مؤثِّرة على العدو الإسرائيلي، مُنَكِّلة بالعدو الإسرائيلي، وبدأت الأصوات في أوساط العدو الإسرائيلي ترتفع، عن حجم المأزق الذي يعيشونه في مواجهة حزب الله، وتجاه عمليات حزب الله.
عمليات حزب الله التي تتصاعد، وبدقة، وبتأثير ضد العدو الإسرائيلي، تُنكِّل أولاً بالجيش الإسرائيلي، تلحق به الخسائر المؤثرة عليه، كماً وكيفاً، تقتل ضباط إسرائيليين، قادة إسرائيليين، وتفتك بالجنود الإسرائيليين قتلاً، وهناك أعداد كبيرة من الجرحى في أوساط الجيش الإسرائيلي في جبهة العدو في شمال فلسطين، ضد حزب الله في لبنان.
أيضاً لها تأثيرٌ كبير على المحتلين المغتصبين، الذين يصفون أنفسهم بالمستوطنين في شمال فلسطين، مئات الآلاف يواجهون مشكلة كبيرة جداً، ويخافون من أن يستقروا أو يتواجدوا في تلك المغتصبات التي اغتصبوها في شمال فلسطين، ويسمونها بالمستوطنات.
هناك أيضاً على مستوى المصانع، وعمليات الإنتاج، التي يعتمد العدو الإسرائيلي فيها على شركات ومصانع في شمال فلسطين المحتلة، هناك تعطل غير مسبوق، له تأثيره الكبير على الوضع الاقتصادي لدى العدو الإسرائيلي.
فعمليات مجاهدي حزب الله فعَّالة، ودقيقة، ومؤثرة على العدو، وأصبح الوضع هناك يمثل تأثيراً حقيقياً على العدو الإسرائيلي، مع الوقت زاد هذا التأثير بشكلٍ كبير، وأصبح مزعجاً جداً للعدو الإسرائيلي، ولم تنفع أي وسيلة لإيقاف جبهة حزب الله، لا الضغوط الدبلوماسية، ولا الاقتصادية، ولا التصعيد أيضاً في الغارات الجوية، والعمليات التي ينفِّذها العدو الإسرائيلي للاعتداء على جنوب لبنان، كل ذلك فشل في إثناء حزب الله عن مواصلة ما يقوم به من دورٍ كبيرٍ وعظيم في إسناد الشعب الفلسطيني، ومناصرة الشعب الفلسطيني.
فيما يتعلق بجبهة اليمن، جبهة يمن الإيمان، يمن الحكمة، يمن الوفاء والجهاد: العمليات العسكرية البحرية مستمرة، مع السعي لتقويتها في مسرحها الجديد الواسع الكبير، في المحيط الهندي، المحيط الهندي واسع، وكبير جداً، محيط في مقابل البحر الأحمر، في مقابل البحر العربي، خليج عدن، الذي هو نسبة صغيرة في مقابل سعة واتِّساع المحيط الهندي، فهناك سعي مستمر في توسيع وتقوية العمليات في مسرحها الجديد، الذي امتدت إليه في المحيط الهندي، بما لم يكن وارداً أبداً في ذهن وحسابات الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، كلهم، وربما كل دول العالم، لم تكن تتوقع أن تمتد عمليات بلدنا العسكرية إلى المحيط الهندي، إلى ذلك المدى البعيد.
وبلغت السفن المستهدفة (مائة سفينة واثنتين)، في مقابل العدوان على غزة مائتين ويومين، هناك هذا العدد الكبير من الاستهداف للسفن، يعني: لو جئنا إلى قسمة الأيام؛ لقابل في كل يومين سفينة، والسفن في البحر أهداف صعبة؛ لأنها تحظى أولاً بحماية، بتمويه… بوسائل كثيرة جداً، في مساعي أن تسلم من الاستهداف، ومع ذلك تستهدف، يعني: العدو حاول (الأمريكي، والبريطاني، ومن يتعاون معهم) حاولوا أن يكون لهم نشاط في الرصد على بلدنا، الرصد عبر الأقمار الصناعية، عبر الطائرات، التي هي المخصصة للرصد والاستطلاع، من أهم طائراتهم في هذا المجال، أن يكون لديها نشاط مستمر، لمحاولة استهداف أي محاولات لإطلاق الصواريخ من بلدنا، هذا التكتيك اعتمد عليه الأمريكي والبريطاني منذ البداية، منذ بداية موقف بلدنا المعلن، الواضح، الكامل، الشامل، في مساندة الشعب الفلسطيني، ونُصرة غزة، طالما استمر العدوان والحصار عليها، فهم عملوا على أن يكون لهم رصدٌ كاملٌ واسعٌ دقيقٌ على هذه المناطق، التي يتوقَّعون إطلاق الصواريخ والطائرات المسيَّرة منها، رصد دائم ومستمر ومكثف على الساحل، على البحر، رصد مستمر ومكثف، بما يمتلكونه من تقنيات وإمكانات، وفي البحر نفسه، البوارج، والسفن، وحاملات الطائرات، التي هي بهدف تأمين الحماية لحركة السفن، ومع ذلك عجزوا، وتمكنت قوات بلدنا، ومجاهدو بلدنا من هذا الإنجاز، الذي يقابل كل يومين من العدوان على غزة، هناك (مائتي يوم ويومين)، وهنا (مائة سفينة وسفينتين)، هذا يعتبر إنجازاً مهماً، ورقماً كبيراً، ويدل على مدى الفاعلية والنجاح، والذي كان بتأييد من الله، وتوفيق من الله، ومعونة من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وإلَّا لم يكن بالإمكان تحقيق هذا المستوى من الإنجاز.
العمليات فاعلة، مؤثرة على العدو، والتأثير الذي نتج عنها هو نصرٌ كبيرٌ بكل ما تعنيه الكلمة، نصرٌ من الله، ومعونةٌ من الله، ميناء العدو الإسرائيلي الذي يسيطر عليه في أم الرشراش، ويسميه بميناء إيلات، تعطَّل بشكلٍ تام، باعتراف من يوصِّف نفسه بأنه المدير التنفيذي لذلك الميناء، الشخص الإسرائيلي الذي يوصِّف نفسه بأنه مديراً تنفيذياً، هو يعترف بالتعطل التام، يعني: خلال ستة أشهر يقول: وصلت ثلاث سفن فقط، تعطل الميناء بشكلٍ تام، وتعطل نشاطه بشكلٍ تام، وأثَّر على مستوى ومجمل الوضع الاقتصادي للعدو الإسرائيلي؛ لأنه كان يعتمد عليه كبنية تحتية، تأتي من خلالها بضائع مهمة جداً، يعتمد عليها العدو الإسرائيلي، ومنها السيارات والبضائع السائبة، وأيضاً يصدِّر من خلاله صادرات كثيرة؛ لذلك بلغ التأثير على العدو الإسرائيلي في انكماش اقتصاده إلى درجة مؤثرة عليه، يعني: انكماش الصادرات إلى نسبة كبيرة، والواردات بنسبة أكبر، الصادرات باعتراف العدو الإسرائيلي، ببياناته هو، بنسبة 22% من إجمالي صادراته، التي يعتمد فيها على كل موانئه، وكل وسائل التصدير لديه، والواردات بأكثر من 40%، هذه نسبة من التأثير الكبير على العدو الإسرائيلي، والتعطل التام لميناء أم الرشراش.
الذي ينتحل صفة الرئيس التنفيذي للميناء، يقول: بأن النشاط في الميناء توقف منذ ستة أشهر، بسبب إغلاقه ممن أسماهم بالحوثيين، يقصد جبهة اليمن، أنَّ لهذا التأثير، يسمي الإغلاق، وينسب الإغلاق إليها، هذا يدل على مدى التأثير، مؤكداً أنَّ المدينة لا يمكنها العيش بدون البحر الأحمر، ومعترفاً أيضاً أنَّ الهجمات بالصاروخية والمسيَّرات أثَّرت أيضاً على وضع العدو في المدينة بشكلٍ عام، وليس فقط على مستوى الميناء، في المدينة بشكلٍ عام، فيما يتعلق بمظاهر الحياة والسياحة.
فهذا تأثير- وبحمد الله- كبير على العدو الإسرائيلي، وانتصار مهم، ونتيجة عظيمة، وقد وفَّق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” شعبنا وبلدنا بأن يكون له هذا التأثير، وفَّق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أبناء هذا البلد الذين اتخذوا هذا الموقف رسمياً وشعبياً، وقواتهم المسلحة، إلى أن يحظوا بهذا التأييد الإلهي، ويكون لفعلهم وعملهم هذا المستوى من التأثير على العدو، هذا بالنسبة للإسرائيلي.
بعد أن قام الأمريكي والبريطاني بإعلان العدوان على بلدنا، إسناداً للعدو الإسرائيلي، وقاموا هم بمحاولتهم التَّكفل بحماية سفنه، واتَّجهوا لمحاولة أن يؤمِّنوا له الاستمرار في عبور سفنه عبر خليج عدن، وباب المندب، والبحر الأحمر، وورَّطوا أنفسهم بذلك: بالعدوان إسناداً للعدو الإسرائيلي، كان لذلك تأثيراً عليهم.
أولاً: على مستوى انتشارهم العسكري، وطبيعة هذا الانتشار، ومستوى هذا الانتشار في البحر الأحمر، وطبيعة حركتهم في البحر الأحمر، على مدى كل العقود الماضية، على مدى عشرات السنين، كان الأمريكي يعربد في البحار، يحرِّك قطعه العسكرية البحرية في أي بحر، بكل استكبار، بكل تعالٍ، بكل غطرسة، وهو آمن مطمئن أنه ليس هناك أحد سيجرؤ على أن يستهدفه في أي بحرٍ من البحار، بل اعتاد هو أن يستهدف الآخرين فقط، دون أن يكون هناك ردة فعل لاستهداف قطعه العسكرية البحرية.
فالأمريكي كان يعربد في البحر الأحمر، في خليج عدن، في البحر العربي، يتحرك بقطعه العسكرية، ويقدم عروضاً لإخافة الآخرين، ممن اعتاد منهم أن يخافوا من أي مشهد فيديو يشاهدونه لأي سفينة، أو بارجة عسكرية أمريكية، ولكن هذا الحال لم يستمر أمام شعبنا وبلدنا، وقوات بلدنا، القوات المسلحة بمجاهديها المجاهدين بما تعنيه الكلمة في سبيل الله تعالى؛ ولذلك انكمش مستوى الانتشار الأمريكي، وغابت كثيرٌ من القطع الحربية، وانتشرت إلى مناطق بعيدة في أطراف البحر الأحمر، وأصبحت تخاف، بارجات الأمريكي، وبارجات البريطاني، أصبحت تخاف من التواجد في مناطق متعددة، وأماكن ومواقع متعددة في البحر الأحمر، لا تجرؤ على أن تستقر في كثيرٍ من الأماكن التي تتوقع فيها أن تستهدف فيها بالصواريخ؛ نتيجة اشتراكها مع العدو الإسرائيلي، وقيامها بالعدوان على بلدنا، هذا انتصارٌ كبير.
الأمريكي الذي يقدِّم نفسه أنه المهيمن على كل البحار، والمسيطر عليها، وهو لا يتواجد فيها للحراسة؛ إنما للاعتداء، يحرس العدو الإسرائيلي فقط، ويحرس نفسه، هو لا يهمه أمر الآخرين، ولا يبالي بالآخرين مهما جرى عليهم، وهو من يشكل تهديداً للملاحة الدولية، فالأمريكي أصبح يعتمد في حركته في البحر على التخفي، على التمترس بالأوروبيين، ومحاولة دفعهم هم أن يتواجدوا حيث لا يجرؤ على التواجد، يحاول أن يدفع بقطعهم، والتي انسحب البعض منها، ونأمل انسحاب ما تبقى إن شاء الله.
أيضاً هناك تراجع في حركة السفن الأمريكية، التي كانت في كل ما قد مضى تعتمد في حركتها أن تمر عبر البحر الأحمر، نسبة تراجع حركة السفن الأمريكية، التي تحمل البضائع، والتي كانت تمر عبر البحر الأحمر، نسبتها: 80% من السفن، أليس هذا انتصاراً كبيراً؟ أليس إنجازاً حقيقياً بتأييدٍ من الله، بمعونةٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؟ نسبة 80% من السفن الأمريكية، التي كانت سابقاً تمر عبر البحر الأحمر، أصبحت لا تجرؤ على أن تواصل حركتها عبر البحر الأحمر، واستبدلته بطرق أخرى بعيدة جداً، وأصبح في بعض الطرق الأخرى، مثل ما هو طريق المحيط الهندي، وعن طريق أفريقيا، أصبحت تواجه أيضاً خطراً يتزايد هناك يوماً بعد يوم، هذا له تأثيره على الاقتصاد الأمريكي، تأثيره على مستوى تأخر البضائع، الكلفة الكبيرة جداً في الشحن، وأيضاً في تأمين النقل البحري، وأيضاً له تأثيره على الأسعار، أسعار البضائع والمواد الخام، التي تصل من بلدان الشرق إلى أمريكا؛ فأصبح يعتمد طرقاً بعيدة ومكلِّفة، بما يترتب على ذلك من خسائر اقتصادية، وتداعيات على كلفة الشحن التي ارتفعت كثيراً، وعلى الأسعار، مع تأخر وصول البضائع والمواد الخام، وبلغت- لاحظوا، اصغوا جيداً- وبلغت عمليات التأمين لبعض الشركات على السفينة الواحدة: (خمسين مليون دولار)، وهذا شيء غير مسبوق لدى الأمريكيين، لم يعتادوا عليه من قبل، ومشكلة حقيقية أمامهم، وهي نفس المشكلة على البريطاني، فالأمريكي يتكبَّد الخسائر:
أولاً: على المستوى العسكري، في طائراته، بارجاته التي في عملياته بها يتكبَّد الكثير من الخسائر المادية.
خسائره في العدوان على بلدنا على المستوى العسكري، بما يستنزفه ذلك من أموال.
وأيضاً على المستوى الاقتصادي، وهو تأثير مهم، مهم، الأمريكي لم يعتد إلَّا أن دائماً يتآمر على الآخرين في وضعهم الاقتصادي، أن يحاصر بلدان عالمنا الإسلامي، يحاصر غزة مع العدو الإسرائيلي، ويتبجح بذلك، فها هو يواجه مشكلة في وضعه الاقتصادي.
الأمريكي في هذه الفترة الأخيرة، يعني: في هذا الأسبوع والذي قبله، وعادةً في بعض الأسابيع، يقول: [أنَّ عمليات بلدنا انخفضت في البحر الأحمر]، ويحاول أن يتكلم بهذا على أساس أنه إنجاز، والواقع ليست عملياتنا هي التي انخفضت، الذي انخفض هو حركة وعبور السفن الأمريكية، السفن الإسرائيلية كادت الحالة أن تصل إلى الصفر، أن يكون هناك سفن تتحرك مرتبطةً بالعدو الإسرائيلي، كادت أن تصل إلى الصفر، حالة نادرة جداً، وأثناء الاطِّلاع على ذلك، والمعرفة به، يتم الاستهداف لها بشكلٍ فوري، والإسرائيلي حاول أن يعتمد على تكتيكات أخرى لنقل البضائع إليه، أن يكون هناك سفن تنقل إلى مناطق أخرى، وبلدان أخرى، ثم يحاول أن يحصل على البضائع من تلك البلدان الأخرى، بعد أن تكون قد تجاوزت بلدنا، فالعدو الإسرائيلي بالنسبة له الحالة هي تصل إلى قريباً من الصفر في حركته، الأمريكي هذا التراجع الكبير في حركته، يعني: بنسبة 80%، أليس هو الذي انخفضت حركته؟! ليست عملياتنا هي التي انخفضت، الترصد من قبل قواتنا المسلحة مستمرة، رصد، رقابة، نشاط معلوماتي قوي ودقيق، اختراق معلوماتي قوي ودقيق، عندما تصل المعلومة بأي حركة لأي سفينة، لا يتمكن الأمريكي من أن يمنع الضرب والإطلاق بالصواريخ من بلدنا، وبالطائرات المسيَّرة، هذا مستمرٌ من جانب بلدنا، فالذي انخفض في الواقع هو عبور السفن الأمريكية بنسبة 80%، وأصبحت حركة الأمريكي حركة قليلة ونادرة، نادراً ما تأتي سفينة أمريكية.
السفن الأخرى ليست مستهدفة أصلاً، يعني: السفن التي لا ترتبط بالعدو الإسرائيلي، وليست تابعةً للأمريكي، ولا للبريطاني، مرورها وعبورها بأمان، لا يعود إلى إنجاز للأمريكي، أو تمكن للأمريكي من الحماية، أو أنها لم تستهدف فهذا انخفاض في العمليات، هي ليست هدفاً بالأساس لتستهدف، أي بلد لا يشارك العدو الإسرائيلي ويدعمه في العدوان على بلدنا، ولا تأتي سفن من البحر الأحمر لتذهب إليه (إلى العدو الإسرائيلي)، فليست سفنه مستهدفة أصلاً، بل إننا نسعى لطمأنة بقية البلدان، طالما لم يكن لهم سفن بهدف الذهاب لدعم العدو الإسرائيلي، أو ببضائع لصالح العدو الإسرائيلي، وليسوا متورِّطين في العدوان على بلدنا إسناداً للعدو الإسرائيلي، كما يفعل الأمريكي والبريطاني، نحاول أن نطمئنهم؛ لأنه ليس هناك أي استهداف لهم من بلدنا، فالذي انخفض هو حركة الأمريكي انخفاضاً كبيراً ومؤثراً عليه، وبالاتجاه من طرق بعيدة جداً مكلِّفة بشكلٍ كبير، وكذلك بالنسبة للبريطاني، هناك انخفاض في حركته بشكل كبير.
الأمريكي أيضاً يسعى إلى توريط الآخرين، عندما يتحدث عما يجري في البحر الأحمر، يحاول أن يقول أنه استهداف للآخرين، لبقية البلدان، أحياناً يقول لخمسين دولة، وهو يكذب، والجميع يعرف أنَّه يكذب؛ لأن الأمريكي دائماً ممارساته وأسلوبه في تبرير جرائمه وعدوانه، هو الاعتماد على الدعايات الكاذبة والافتراءات، هذا هو سلوك أمريكي: الكذب، الإجرام، الطغيان، الإفساد، سمة، وسلوك، وصفة لما يفعله الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، هذه هي حالهم، وينبغي على العالم أن يتعامل معهم على هذا الأساس: على أساس أنهم يعتمدون على الكذب، والافتراءات، والإجرام، والظلم، وأنهم بذلك يمثِّلون مشكلة في واقع العالم، وفي الاستقرار العالمي، وفي السلم العالمي، يحاول أن يشوِّه العمليات، يحاول أن يحرض الآخرين، البعض من الدول العربية، يحاول أن يدفع بهم إلى مواقف سلبية.
فيما يتعلق بالبريطاني- أيضاً- خسائره مستمرة في الاعتراض على المستوى العدواني، واعتداءاته على بلدنا مع الأمريكي، هذا يكبِّده الخسائر دون نتيجة، كما هو الحال بالنسبة للأمريكي، دون نتيجة، وأيضاً هو عاجز عن حماية سفنه، غرقت سفن بريطانية، لم يتمكن من حمايتها أصلاً، خسائره الاقتصادية أيضاً متصاعدة، وباعترافاته هو في تقاريره، تقارير في داخل بريطانيا، تكشف مستوى الخسائر المتصاعدة نتيجة لذلك.
في نهاية فبراير الماضي، كانت غرفة التجارة البريطانية قد نشرت تقريراً، كشفت فيه أنَّ العمليات اليمنية، أدَّت إلى أضرار- أنصتوا، تأملوا، اصغوا إلى حجم هذه الأضرار- أدت إلى أضرار طالت 55% من المصدِّرين في بريطانيا- هذا انتصار كبير، هذا تأثير كبير، بسبب حماقة البريطاني، بسبب توجهه الصهيوني، الذي هو ضارٌ بمصالح الشعب البريطاني- إلى أضرار طالت 55% من المصدِّرين في بريطانيا، و53% من الشركات المصنِّعة وتجار التجزئة، نسبة عالية جداً هذه، وتأثير كبير وواضح.
أيضاً على الوضع الاقتصادي؛ لأن تلك الدول المستكبرة، الظالمة، السارقة، الناهبة، المتلصصة على بلدان أمتنا، وشعوب أمتنا، والتي اعتادت هي أن تنهب ثروات بقية الشعوب المستضعفة في العالم، البريطاني كم نهب وكم سرق؟ أقام ثروته، اقتصاده، إمكاناته، على ما سرقه ويسرقه وينهبه من مختلف الشعوب في أفريقيا، في البلدان العربية، في دول كثيرة في أمريكا اللاتينية، هذا هو حال الأمريكي والأوروبيين، هم يعتمدون على نهب ثروات الآخرين بشكل جائر وظالم، ثم هم من يفرضون سياسات اقتصادية تدميرية، ومضرة بالشعوب الأخرى، وعقوبات اقتصادية، لا يتوقَّفون دائماً عن عقوبات اقتصادية، ويستهدفون بها مَنْ؟ الشعوب، الذي يتضرر دائماً من عقوباتهم الاقتصادية هي الشعوب، والمتضرر الآن في قطاع غزة، هو الشعب الفلسطيني، الذي يجوِّعونه، الذي يحاولون ألَّا يصل إليه ما يسدُّ جوعه من الخبز، من الغذاء الضروري، ما يحتاجه من الدواء والاحتياجات الإنسانية، التي هي حقٌ مكفول، فها هم يعانون هذه المعاناة؛ بفعل سياساتهم العدوانية، والغبية، والخاطئة، أدَّت إلى أضرار طالت 55% من المصدِّرين في بريطانيا، و53% من الشركات المصنعة وتجار التجزئة، كما أدَّت إلى ارتفاع تكاليف شحن الحاويات بنسبة- اصغوا إلى هذا الرقم- كما أدت إلى ارتفاع تكاليف الشحن الحاويات بنسبة 300%، أضعاف مضاعفة جداً، وتأخيرات كبيرة في تسليم البضائع إلى المملكة المتحدة.
وذكر تقرير الغرفة التجارية البريطانية، أنَّ تأثيرات العمليات اليمنية أدَّت أيضاً إلى صعوبات التدفق النقدي، الوضع الاقتصادي حسَّاس، عانينا منه نحن بفعل ظلمهم، وعدوانهم، وإجرامهم، وسياساتهم التي تستهدف شعوب أمتنا، وفي المقدِّمة: شعبنا العزيز، فنجد كيف يمتد التأثير في الوضع الاقتصادي ويتوسع، يمتد من مشكلة إلى مشاكل أخرى، لاسيما بعض الأمور، يعني: مثل ما هي مسألة حركة النقل، فهذه تؤثر على بقية الأمور، فهنا إلى درجة هذا التأثير: أدت أيضاً إلى صعوبات التدفق النقدي، ونقص المكونات في خطوط الانتاج داخل بريطانيا.
مع هذه التداعيات، فقد أثبتت بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة أيضاً فشلاً ذريعاً في محاولة إيقاف الهجمات اليمنية، أو الحد منها، وقد نقلت ((BBC عن ضباط كبار في البحرية البريطانية، يعني: ليست مسألة محللين صحفيين، بل من أصحاب المشكلة، أصحاب الموقف، ضباط البحرية البريطانية، اعترافات أكدت صعوبة مواجهة الأسلحة اليمنية الفتَّاكة والسريعة- وهذه توصيفاتهم، يصفونها هذا الوصف- وعدم تمكن السفن الحربية البريطانية من اعتراض أي صاروخ يمني حتى الآن، يعني: عندهم مشكلة حقيقية في القدرة على اعتراض الصواريخ، وهو ما يجعل الخسائر الاقتصادية مرشحة للتصاعد مع مرور الوقت؛ ولذلك كلما طال أمد العدوان على غزة، واستمروا في حصارهم للشعب الفلسطيني في غزة؛ كلما سيكون لذلك انعكاسات وتأثيرات على وضعهم الاقتصادي هم أيضاً، ولماذا يتحملون كل هذه الخسائر؟! لماذا الإصرار على تلك السياسة العدوانية، الإجرامية، الوحشية، التي ليست لصالح شعوبهم، وهي ظلمٌ للشعب الفلسطيني؟! فقط من أجل الصهيونية، صهاينة، صهاينة، لديهم في مواقع القرار والسلطة صهاينة، يؤثرون على وضعهم بشكلٍ عام.
وعلى كلٍّ، فلا جدوى نهائياً للعدوان الأمريكي البريطاني على بلدنا، إسناداً للعدو الاسرائيلي، وسعياً منهم في استمرار جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، والتجويع له بوسيلة العدوان على بلدنا، هذا لن يفيدهم بشيء، الحل هو: وقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وأيضاً وقف وإنهاء الحصار ضد الشعب الفلسطيني.
فتأثير العمليات على الأمريكي الفاشل، في انكماش انتشاره في البحر، اعتماده على التخفي، تمترسه بالأوروبيين، تراجع حركة السفن، تأثيره على البريطاني، كل هذا التأثير هو نتيجة وانتصار لعمليات بلدنا، التي هي عمليات فاعلة، مؤثرة؛ وبالتالي تعتبر مشاركة بلدنا مع الشعب الفلسطيني في التصدي لما يجري عليه من ظلم وإجرام، مشاركة فعَّالة، ومؤثِّرة، ومهمة، ومفيدة، والحمد لله.
على مستوى الأنشطة الشعبية في المسيرات والمظاهرات، في الأسبوع الماضي في يوم الجمعة خرج شعبنا العزيز في العاصمة صنعاء، وفي مختلف المحافظات، وفي كثير من المديريات، خروجاً مليونياً، وهو يستمر في هذا الخروج المليوني أسبوعياً بشكلٍ كبير، كان الخروج في الأسبوع الماضي في (مائة وثلاثة وسبعين مسيرة)، بالرغم من هطول الأمطار في العاصمة صنعاء، وفي بعض المحافظات، خرج الناس حتى بين المطر، هذا يدل على مدى التفاعل، الإحساس بالمسؤولية، الوعي، الحرص على الوفاء، القيم والأخلاق، الشهامة والرجولة والوفاء.
هذا الخروج المليوني الواسع المستمر بشكلٍ غير مسبوق، يعني: في تاريخ شعبنا العزيز، في أي قضية، في أي موقف، لم يسبق أن خرج شعبنا بمثل هذا المستوى، وأن يكرر هذا الخروج المليوني بهذا المستوى أسبوعاً بعد أسبوع بشكلٍ مستمر، مع بقية الأنشطة الأخرى: أنشطة التعبئة، التي هي في الإعداد العسكري، في التدريب والتأهيل العسكري، أنشطة العمليات العسكرية… وهكذا بقية الأنشطة.
مستوى هذا التفاعل في مقابل معاناة الشعب الفلسطيني، ومأساته، ومظلوميته، هو المستوى الذي يفترض بنا، اللائق بنا، الذي يتناسب مع حجم المسؤولية أمام الله من جهة، المسؤولية في الجهاد، في الموقف، وأيضاً مع القيم التي ننتمي إليها، والمبادئ التي ينتمي إليها شعبنا العزيز، والأخلاق التي يتحلى بها شعبنا العزيز، وحجم المظلومية والمأساة للشعب الفلسطيني، يكفي من بقي له ذرة واحدة من الشعور الإنساني، من الضمير الحي، من القيم الإنسانية، من الإحساس الإنساني، أن يشاهد في التلفاز معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، أن يشاهد معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، أن يشاهد تلك الجرائم للإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، أن يسمع صراخ، وتأوهات، وبكاء النساء الأرامل، ممن يسلمن، وإلَّا الكثير يُقتلن، يقتلهنَّ العدو الإسرائيلي، يستشهدنَّ، ويسمع أهات وصراخ ويرى دموع الأطفال الأيتام أيضاً ممن يسلم من القتل، ممن لم يستشهد بالقصف والعدوان الإسرائيلي، أن يرى الجثامين، جثامين الأطفال والنساء، الكبار والصغار، منتشرة، وأحياناً ممزقة، وأحياناً محترقة بالقنابل الأمريكية والإسرائيلية، تلك المشاهد لوحدها، وأن يبقى للإنسان ذرة من الضمير، من الإحساس الإنساني، من الشعور الإنساني، كافية لأن يخرج الإنسان ولو كل يوم، وليس فقط في يوم الجمعة، ولو كل يوم؛ ولهذا من المهم أن يستمر الإنسان في المتابعة، المتابعة للأحداث في فلسطين، ألَّا يحاول أن يتجاهلها، أو أن يغمض عينيه عن متابعتها، أو أن يعيش وكأنه ليس هناك أي أحداث، أنت معنيٌ بما يحصل هناك؛ باعتبارك إنساناً مسلماً، أولاً: باعتبارك إنساناً، هذه بحساب الإنسانية، والضمير الإنساني، والإحساس الإنساني، والقيم الإنسانية، مسؤولية كبيرة، بحساب الدين، والانتماء الإيماني، والأخلاق، والقيم، والمبادئ الإلهية، هناك مسؤولية كبيرة جداً.
ولذلك نحن نصحنا من يشعرون بالملل عن الخروج الأسبوعي، من يشعر بالتكاسل، بالتثاقل، مع أنه ليس عملاً، معقداً، يعني: لاحظوا مثلاً في الأرياف، بالرغم من وعورة الطرق وصعوبتها، بلدنا في تضاريسه جبلي، مناطق جبلية، تضاريس جبلية، وفيها طرق وعرة، هناك حضور في الأرياف، والحالة أيسر من المدن، وأسهل من المدن، مع ذلك شاهدوا في التلفاز مختلف المحافظات، كيف يتحركون في تلك الأرياف الوعرة الطرق، التي فيها صعوبة كبيرة في الحضور، ولكنهم يحرصون على الحضور والمشاركة بفاعلية، يخرج الكبار والصغار ليشاركوا في تلك المسيرات والمظاهرات؛ ولهذا هناك خروج مليوني، وفي هذا العدد الكبير من المسيرات والمظاهرات، الأسبوع الماضي (مائة وثلاثة وسبعين مسيرة).
هذا الخروج الكبير هو اللائق بشعبنا، بيمن الإيمان؛ لأنه يجسِّد مصداقية الانتماء الإيماني مع بقية الموقف، في رفع راية الجهاد في سبيل الله، في التحرك الشامل الكامل على كل المستويات:
استمرارية في مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، حتى بقرارات رسمية، وليس على سبيل التطوع الشعبي فقط، بل اجتمع الموقف الشعبي مع الرسمي.
استمرارية في التبرعات، بالرغم من الظروف الصعبة للغاية، بحسب الممكن والمتاح.
استمرارية في الخروج الأسبوعي.
لأن ما يجري ليس عادياً، المسؤولية تجاهه كبيرة جداً، وهذا هو اللائق بشعبنا العزيز، هو نتاجٌ للانتماء الإيماني، والقيم الأخلاقية، وجزءٌ من الجهاد في سبيل الله؛ ولذلك المهم هو الاستمرار والثبات، مع المتابعة للأحداث.
والاستمرارية والثبات هي من أهم متطلبات الموقف؛ لأن الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني بحسب تقييماتهم للشعوب العربية، أنها شعوب تعاني من الملل، وضعف الذاكرة، والترويض على الأحداث، تأتي أحداث رهيبة، ثم تصبح في نظرهم اعتيادية، ويريدون أحداثاً أقسى منها، أصعب منها، أكثر أساً ووجعاً مما سبق؛ لكي يتفاعلوا من جديد، لكن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فيما قدَّمه لنا في القرآن الكريم من هدىً عظيم يزكينا، هدى الله يزكينا، يسمو بنا في اهتماماتنا، في أفكارنا، في مشاعرنا، في إحساسنا، في وجداننا، يجعلنا على مستوى نرتقي حتى في مواقفنا، نتجاوز تلك النظرة تجاه شعوبنا من جانب الأمريكيين والإسرائيلي والبريطاني، من قبل الصهاينة، من قبل اليهود، نتجاوزها، فيرون في واقعنا وضعاً مختلفاً، وضعاً لا يقبل بالضعف، ولا بالتراجع، ولا بالاستكانة، ولا بالوهن، ولا بالملل أيضاً؛ لأن المسألة مسألة مسؤولية، موقفٌ نابعٌ من إنسانيتنا، وإيماننا، وديننا، وأخلاقنا، أخلاقنا في شهامتنا، في رجولتنا، في وفائنا، في وفائنا، الوفاء من أعظم القيم الإنسانية والدينية والإلهية، الوفاء، الله أثنى حتى على نفسه بالوفاء: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ}[التوبة: من الآية111].
ولذلك حينما يقول الله لنا في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران: الآية200]، الفلاح والنجاح، وتحقيق الغايات الكبرى، والأهداف العظيمة والمقدَّسة، يأتي بالثبات، بالصبر والمصابرة، بالاستمرار والمرابطة؛ ولذلك- قلنا فيما مضى- لا يليق أبداً والشعب الفلسطيني يقتل، يعذَّب، يجوَّع، يظلم، يضطهد، ترتكب بحقه من الأعداء الصهاينة جرائم الإبادة الجماعية، أن نطرح الرايات، وأن نجلس في البيوت، وأن نتخاذل حتى عن الحضور في الساحات لمجرد ملل، أو كسل، أو ونى وفتور، هذا غير لائق، هذا شيءٌ لا مكان له أبداً في نفسٍ تحمل القيم الإيمانية والإنسانية، قيم شعبنا الأصيلة، التي توارثها جيلاً بعد جيل.
ولذلك نشاهد في الساحات من مختلف الأعمار، البعض يحضر إلى الساحة وعمره ثمانون عاماً، أو سبعين عاماً، أو أكثر أو أقل، يحضر وهو يحمل تفاعلاً كبيراً، وعزماً عظيماً، وصبراً كبيراً، يحضر بتفاعل، برغبة، بدافعٍ عظيم، وليس أنَّه فقط حمل نفسه، أو قسر نفسه وغصب نفسه لكي يحضر، بل برغبة، بشعور بالمسؤولية، بتفاعل حقيقي، البعض حتى من الأطفال، يحضر بهذه الروحية، بهذه الرغبة، بهذا التفاعل، بهذا الإحساس الإنساني، فما بالك أيضاً بمنهم في مكتمل الشباب، في مرحلة الشباب والنشاط والحيوية، أَلَا يجدر بهم أن يحضروا، ونرى الكثير، مئات الآلاف يحضرون وهم يحملون الإحساس بالمسؤولية، يتفاعلون بمنتهى التفاعل، والاستعداد أكبر، الاستعداد أكبر- كما قلنا- مراراً وتكراراً، لو أتيح لشعبنا أن يذهب إلى فلسطين، وفتحت له الطرق، والممرات البرية الآمنة، من الدول التي تفصل بيننا جغرافياً وبين فلسطين؛ لتحرك أبناء شعبنا، ليس فقط إلى ساحات المدن، وليس فقط إلى مراكز المديريات، ولكن إلى جبهات القتال، وكذلك إذا تورَّط الأمريكي، أو تورَّط البريطاني، ومن يتورَّط معهم، ليحاول أن يفتح معركةً برية، سيشاهد كيف أنَّ الآلاف، وعشرات الآلاف، ومئات الآلاف، ممن ينتمون إلى الإيمان، ممن يحظون بشرف الوسام النبوي في الحديث الشريف: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ))، ويجسِّدون قيم الإيمان في وفائهم، في صبرهم، في عزمهم، في ثباتهم، في رجولتهم، في شهامتهم، في نخوتهم، في عزتهم، في إبائهم، في شموخهم، في عملهم وموقفهم، في حضورهم، حيث يتطلب الموقف والمسؤولية أن يحضروا؛ يحضرون.
وأنا أعتبر أنَّ من أعظم وأشرف ما أثنى به رسول الله “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” الآباء والأجداد من الأنصار، حين قال عنهم أنهم: ((يكثرون حين الفزع، ويقلُّون عند الطمع))، يحضرون ويكثرون ويتواجدون في المواقف الكبيرة والمشرِّفة، التي تفرض عليهم مسؤوليتهم أن يحضروا فيها.
ولذلك ما نأمله من شعبنا العزيز بإيمانه، بوفائه، بالتقوى لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هو: الاستمرار بزخم، فالعنوان الذي هتف به شعبنا ليصل إلى الشعب الفلسطيني في غزة، هتاف الملايين، هتاف حناجر الرجال الأوفياء، الثابتين، الصادقين، الصابرين، الذين هتفوا بعزم وصدق: (لستم وحدكم)، هذا العنوان ليس مجرد هتاف في الهواء، بل هو كلمات تُعبِّر عن موقف وعن قرار، ليس مجرداً، أو ليس مفرَّغاً من معناه، (ومعكم حتى النصر)، هذا ما نريده، المواصلة؛ لأن النصر آتٍ آت بإذن الله تعالى، بوعده الحق الذي لا يتخلى.
فلذلك أدعو شعبنا العزيز للخروج المليوني يوم غد الجمعة، في العاصمة صنعاء والمحافظات حسب الترتيبات المعتمدة، استجابةً لله تعالى، ووفاءً مع الشعب الفلسطيني المظلوم.
وَنَسْألُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ بِعَاجِلِ الفَرَجِ وَالنَّصر لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِي وَمُجَاهِدِيه، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛