تدمير 70% من المباني والبنى التحتية ونزوح 90% من السكان

نصف عام من الإبادة الجماعية في غزة .. المدنيون في عين العاصفة

 

أكمل العدوان العسكري الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة أمس السبت، شهره السادس (183 يومًا)، ولا يزال سكان غزة في عين عاصفة الاستهداف يدفعون الثمن الباهظ جراء سياسات الاحتلال الاستعمارية وجرائمه من ضمنها جريمة الإبادة الجماعية.
وتواصل قوات الاحتلال منذ نصف عام كاملة القصف عبر الجو والبر والبحر والقتل الجماعي، والتدمير الواسع والمتعمد الذي طال ما بين 50-70% من مباني القطاع وبنيته التحتية، وسط استمرار نزوح قرابة 90% من السكان، والذين يعيشون واقعًا بائسًا في الخيام أو يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في الأراضي الزراعية وما تبقى من مدارس تستعمل كمراكز إيواء، وفق بيان لثلاث مؤسسات حقوقية.
ويأتي إكمال نصف عام من العدوان قبل أيام من حلول عيد الفطر الذي يأتي وسط استمرار قوات الاحتلال في هجومها وقصفها الواسع بما في ذلك تدمير المنازل على رؤوس ساكنيها، مع استمرار الحصار والقيود التي فرضت حالة من المجاعة غير المسبوقة خاصة في محافظة غزة ومحافظة شمال غزة.
وتمضي آلاف العائلات الأيام دون أن تحصل وجبة إفطار أو سحور، فيما يخاطر الآلاف بحياتهم للحصول على المساعدات التي تلقيها الطائرات أو تصل عبر شاحنات ليجدوا أنفسهم عرضة للاستهداف والقتل.

رفح تحت التهديد
ومن بين قرابة 1.9 مليون نازحة ونازح في قطاع غزة، هناك 1.2 مليون على الأقل يعيشون في رفح جنوب قطاع غزة، التي حددها الاحتلال الإسرائيلي منطقة آمنة وأجبر السكان على النزوح إليها من مختلف أرجاء قطاع غزة، ومنذ عدة أشهر يهدد بهجوم بري واسع عليها، وسط حديث بأن موعد هذا الهجوم الوشيك قد يكون بعد عيد الفطر.
تدمير المستشفيات
وخلال ستة أشهر من العدوان، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي المستشفيات والمراكز الصحية بشكل ممنهج وحولتها إلى ساحات قتل وتدمير، وأخرجت غالبيتها عن الخدمة، حيث خرجت جميع المشافي الأساسية عن العمل ولم يتبق سوى مستشفيين (الأوروبي في خانيونس وأبو يوسف النجار في رفح)، فيما تعمل 8 مستشفيات أخرى بشكل جزئي، أُعيدت للعمل بعد اقتحامها واستهدافها.
وقد أُخرج مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وهو أكبر مستشفيات قطاع غزة، عن الخدمة نهائيا، جراء الاقتحام الإسرائيلي الثاني عليه والذي استمر منذ منتصف مارس وحتى بداية الشهر الجاري، وألحق به دماراً هائلا، كما تعرض أيضاً مستشفى ناصر بخانيونس، ثاني أكبر مستشفى في القطاع، للاقتحام والتدمير ما يعني فعليا انهيار شامل للمنظومة الصحية.
وحتى 25 مارس، سجّلت منظمة الصحة العالمية 586,402 إصابة بالتهابات الجهاز التنفسي الحادة، و81,259 حالة من الجرب والقمل، و46,195 حالة من الطفح الجلدي، و19,117 حالة يرقان، و7,037 إصابة بجدري الماء.

المجاعة
ومنذ نهاية الهدنة الإنسانية في 1 ديسمبر 2023، فرضت قوات الاحتلال حصارا مشددًا على غزة ومنعت إدخال شاحنات المساعدات ونجم عن ذلك مجاعة حقيقية، حيث فقد السكان كثيراً من أوزانهم وأظهرت مقاطع الفيديو والصور مرضى وأطفال في المستشفيات التي تعمل جزئيا شمال غزة في حالة الهزال والنحافة والجفاف، وباتت تسجل حالات وفاة بسبب الجوع والجفاف بشكل شبه يومي وُثق منها 30 شخصًا أغلبهم من الأطفال. ودأبت قوات الاحتلال على قتل عشرات المدنيين والمدنيات واستهدافهم خلال تجمعهم في انتظارهم المساعدات.

استهداف الأونروا
وفق البيان الحقوقي؛ عملت إسرائيل – القوة القائمة بالاحتلال- على استهداف ممنهج لوكالة الأونروا والتحريض عليها، وسط إعلانات إسرائيلية رسمية بالسعي لإنهاء عملها في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وفي 2 أبريل، أفاد المفوض العام للأونروا بأن السلطات الإسرائيلية رفضت مشاركة الأونروا في قوافل المساعدات المتجهة نحو شمال غزة، بما في ذلك مستشفى الشفاء، ودعا السلطات الإسرائيلية إلى السماح للأونروا بالوصول إلى الشمال دون تأخير. ووفقًا للأونروا، فإن أكثر من نصف إمدادات الأمم المتحدة التي عبرت إلى غزة في مارس كانت من إمدادات الأونروا. وفي 31مارس، أعاد مارتن غريفيثس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، التأكيد على أن “الأونروا بمثابة العمود الفقري للعملية الإنسانية في غزة وأي جهد لتوزيع المساعدات بدونها محكوم عليه بالفشل”.
ولا تزال قوات العدو الإسرائيلي تخفي قسرًا آلاف المعتقلين والمعتقلات من قطاع غزة بعدما اعتقلتهم من مناطق التوغل أو خلال محاولتهم النزوح والخروج من الأماكن المحاصرة، وسط أنباء عن مقتل أعداد منهم، حيث وردتنا إفادات عن وفاة العديد من المعتقلين جراء التعذيب والإهمال الطبي، وسط تكتم إسرائيلي.

تعذيب وحشي
وكشفت المؤسسات الحقوقية تلقيها عشرات الشهادات من معتقلين مفرج عنهم تعرضوا لانتهاكات جسيمة وخطيرة وتكاد تكون غير مسبوقة، شملت التعرية والتحرش والتعذيب بالضرب حتى القتل، وتسببت الأصفاد الحديدية والبلاستيكية ببتر أطراف العديد من المعتقلين، وخرج بعضهم وهم يعانون من فقدان للذاكرة مع علامات وندوب لا تزال على أجساد غالبيتهم. ولم تسلم النساء أو الأطفال أو الأشخاص ذوي الإعاقة من هذه الأنماط القاسية من التعذيب.

حصيلة
أسفر العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر الماضي، حتى ظهر أمس السبت، عن استشهاد 33,137 فلسطينياً/ة، وإصابة 75,815 آخرين، وبين الشهداء 14,500 طفل و9500 سيدة، وفق المعطيات المعلنة من وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وأكدت أن العدد الفعلي للشهداء هو أكبر بكثير من الرقم المعلن؛ بالنظر لوجود أعداد كبيرة من الضحايا وهم بالآلاف (بين 7-8 آلاف مفقود/ة) تحت الأنقاض أو في الشوارع، وفي كثير من الحالات يضطر الأهالي لدفنهم لتعذر نقلهم للمشافي. وضمن هؤلاء هناك أعداد كبيرة تحللت جثثهم، ما ينذر بانتشار الأمراض والأوبئة الصحية، فضلا عن انتهاك كرامة الميت.

*غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

قد يعجبك ايضا