قوة عربية في غزة.. مؤامرة بأمر أمريكي!!

مطهر الأشموري

 

كل الأخبار والتسريبات الأمريكية الإسرائيلية تُجمع على تأكيد موافقة دول عربية على إرسال قوات إلى غزة، وأكثرها وضوحاً تحدثت عن ثلاث دول لها علاقة “بإسرائيل»..
الدول المطبعة مع الكيان علناً هي مصر والأردن والإمارات والبحرين، ويمكن الفهم من هذا الطرح هو مصر والأردن وتبقى الثالثة الإمارات والبحرين..
طبعاً سلطة رام الله هي الأكثر حماساً، وتؤكد أنها من سيحكم غزة كما الضفة، فهل ذلك يعني أنها ستشارك في هذه القوات “متعددة الجنسيات” أم أنها ستنتظر حتى تسلم لها غزة لتحكمها؟..
بالمقابل، ففصائل المقاومة الفلسطينية أكدت أن دخول قوات عربية أو غير عربية إلى غزة هو موقف مرفوض وستتعامل معها على أنها قوات “احتلال”، ومع أنه لم يصدر أي موقف بهذا الشأن من محور المقاومة إلا أن موقفه هو من تلقائية مسماه “محور مقاومة”، ولكنه يؤكد أن القرار لا يؤخذ ولا يتخذ إلا من المقاومة الفلسطينية والمحور يدعم ما تسير فيه من خيارات أو قرارات، وهو فقط الداعم والمساند لما تسير فيه من قرارات..
فكرة القوات متعددة الجنسيات هي فكرة أمريكية أشرك الكيان في غربلتها وبلورتها ومثلت أهم أجندة ما ناقشه وزير الدفاع الصهيوني في زيارته الأخيرة لواشنطن، بينما العرب الذين وافقوا على هذه المشاركة كأنظمة كأنما ينفذون أمراً أمريكياً فحسب..
المطروح في الظاهر أن هذا بمثابة تحضير لإقامة الدولة الفلسطينية، وفي سياق تتحدث أنظمة أوروبية عن تحضير للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيما تسمى السلطة في رام الله تزغرد وتقوم بما يعرف في اليمن بدور “المحجرة”..
أما جوهر الموضوع فهو القضاء على أي مقاومة فلسطينية أكانت حماس أو الجهاد أو الجبهة الشعبية، ولو تحقق مثل هذا فسيتم إنهاء القضية الفلسطينية، وسيكتشف المزغردون وأصحاب دور “المحجرة” أنهم كرروا زغاريد “أوسلو” ولن يجنوا، ولن يصلوا إلى أكثر من معطى “أوسلو”..
مثل يمني يقول “لو فيه شمس كان من أمس” ولو أن أمريكا وبلدان الغرب التي تتحدث عن دولة فلسطينية صادقون، لكانت الدولة تحققت من خلال اتفاق “أوسلو”..
كل ما يجري في هذا السياق هو حلقات من حلقة التآمر على فلسطين “الشعب والقضية” ويراد استعمال العرب الأنظمة لتمرير هذه المؤامرة وهذا الضجيج والهدير الأمريكي الغربي عن الدولة الفلسطينية ليس إلا لإسناد “العربان” إعلامياً لتمرير المؤامرة الأخطر في محاولة إنهاء القضية الفلسطينية، وباستعمال معاكس ومضاد لـ “طوفان الأقصى”..
كل ما يعتمل هو لإطفاء هذا “الطوفان” بمفاعليه العالمية، ومن ثم نعود إلى نفس ما قاله “بايدن” لعباس السلطة “عليك أن تأتي بالمسيح ليطبق لك قرارات الشرعية الدولية»..
أمريكا ترى أنها من خلال هذا “السيناريو” تسير إلى تفعيل ليس اقتتال “فلسطيني ـ فلسطيني” بل وإفشال فلسطيني ـ عربي، بل وعربي ـ وهلمّ جرا..
ولهذا فالمقاومة الفلسطينية سارعت إلى وضوح وحسم لتحديد موقفها ليس فقط بالرفض بل واعتبار أي قوات تدخل “غزة” بمثابة قوة احتلال..
منطق المقاومة ومحور المقاومة كفرضية أن الميدان هو الحكم فيما جد وفيما يستجد، فالاستسلام هو المرفوض، وهو المستحيل بالنسبة للمقاومة إن جاء الجيش الأمريكي وكل جيوش الغرب أو قبلت أنظمة عربية تسيير جيش وتجييش في سياق الخط الأمريكي الصهيوني، ومن يواجه المقاومة الفلسطينية ويسعى لإنهائها هو “صهيوني” مهما ظل يرفع من شعارات العروبة والإسلام ونحو ذلك..
من الواضح التماهي إلى حد الاندماج والواحدية في إعلام بقيادة إمبراطورية أمريكا في هذا المنحى، والإعلام الصهيوني، وإعلام عربي “متصهين” وهو أخطر من الصهيونية..
ولهذا علينا أن نتوقع تصعيداً استثنائياً لهذا الإعلام، ولذلك يفترض نرتكز على قاعدة “الميدان هو الحكم”، ولا نتأثر بهذا الإعلام، ولا نمنحه أي فرصة للتأثير..
علينا أن نتأكد بأنه لولا طوفان الأقصى ما جاءت هذه المؤامرة الأمريكية وما كانت أنظمة عربية تجر إلى وضع مهين كهذا، وما كان “لعباس ودرباس” وقاحة التحدث عن استحقاق له ليحكم غزة، فهذا الطوفان الذي ما يجري أمريكياً بين معطياته، والذي أعاد لفلسطين الشعب والقضية الاعتبار عالمياً، لا خيار غير استمراره أياً كانت التضحيات..
ليست فلسطين الدولة أو الشعب أو القضية لها علاقة بما يجري وبقيادة أمريكا، وهؤلاء بعربهم قبل عجمهم لا هدف لهم غير إخراج الأسرى الصهاينة والقضاء على المقاومة وبعد ذلك فلتذهب الدولة والقضية والشعب إلى الجحيم، فإذا أمريكا تخطط لإيصال العالم إلى ما يسمى “المليار الذهبي” فالشعب الفلسطيني هو أول من يريد التخلص منه وإنهاء وانتهاء قضيته، ولعل الأنظمة العربية التي قبلت الشراكة تريد هذا وهذا هدف لها..
ثلاث نقاط أراها الأنسب لختام أو خاتمة الموضوع:
الأولى.. تصريح مصري خجول هو أقرب للتسريب يقول إن مصر تعاطت ـ وليس وافقت ـ على المشاركة بقوات لحفظ السلام في غزة، وربطاً بهذا يطرح سوء فهم وزير الدفاع الإسرائيلي في الكيفية التي طرح بها الموضوع..
الثانية.. باستثناء هذا التصريح أو التسريب المصري فدول عربية أخرى تفضل الصمت بما فيها الأردن غير الدولة الثالثة التي لم يتحدث عنها حتى تسريباً، وفي كل حال فعلاقة الإمارات أو البحرين هي علاقة عداء مع حماس والجهاد بمعزل عن التطبيع..
الثالثة.. تصعيد “نتنياهو” لأسطوانة أنه صدّق على خطة لاجتياح “رفح” وهذا ما يردده منذ شهرين أو أكثر..
دعونا نتجاوز فرضية أن هذا من باب الاستعمال لتكثيف الضغوط، فهل اجتياح “رفح” سينهي المقاومة والنضال الفلسطيني كما يزعم نتنياهو؟..
المقاومة ترفض الاجتياح وترفض أكثر الضغوط بتهديد الاجتياح ولنتنياهو أن يركب ما في رأسه، فالقضية الفلسطينية لن تنتهي لا بتهديد ولا باجتياح بل أن المقاومة ستصبح أقوى ومحور المقاومة بات يتبلور إلى قوة إقليمية، وتذكروا ما كان العدو الصهيوني يطرحه عن حزب الله في حرب 2006م وما وصل إليه حزب الله من قوة الآن وقد بات يهدد الكيان الصهيوني ولم يعد يبتز بأي تهديد!!.

قد يعجبك ايضا