قراءة وعرض وتحليل كتاب “اليهود وراء كل جريمة”- تأليف:- وليم غاي كار
مزاعم الهولوكست وعداء السامية
قبل الدخول في صلب الموضوع، تقتضي الضرورة البحثية والأمانة العلمية، توضيح طبيعة وجود اليهود في أوروبا، وبيان صورة تموضعهم في بنية المجتمع الأوروبي، حيث كانوا عبارة عن أقليات دينية، رفضت اعتناق المسيحية، وبقيت على معتقدها اليهودي، لكن ذلك لم يغير حقيقة كونها جزءاً لا يتجزأ من نسيج مجتمعها ومحيطها، انتماء وهوية وثقافة وعادات وتقاليد و….. إلخ، ورغم أن عزلتها في جيتوهات – كانت نابعة من رغبة الذات اليهودية المتعالية، أكثر من كونها عقوبة اجتماعية – إلا أنها لم تنفصل عن مجتمعها ثقافياً وسياسياً واقتصاديا، وأما ما يشاع من حالات العداء نحوها، أو تنفيذ بعض العقوبات الاجتماعية أو التأديبية بحقها، كالنفي خارج المجتمع، أو العزلة داخله، أو فرض أعمال ومهن دونية على الجاني، فما ذلك إلا جزء من عادات وأعراف وقوانين المجتمعات، التي تسعى إلى تكريس مكارم الأخلاق والصفات الحميدة، لتكون نهج وأسلوب حياة لجميع أبناء المجتمع، ونبذ مشاعر البغض والكراهية والعنصرية، وسلوكيات الحقد والغدر والكذب والتضليل، وغيرها من مساوئ الأخلاق، ولذلك يمكن القول إن ما تتخذه سلطات المجتمع من عقوبات، بحق كل من يتجاوز حدود الأدب والأخلاق، إلى مستوى مرذول الفعال، وانتهاك المحرم والمحظور، ليس إلا تعبير فعلي عن حرص تلك السلطات المجتمعية، على كينونتها وانتظام حياتها واستمرارها، والحفاظ على جوهر بنيتها الإنسانية، بوصفها الحامل الأساس للفضيلة والقيم والمثل والمبادئ الراقية.
ولذلك يعد غياب الإجراءات العقابية، بحق أعداء الفضيلة والقيم والمبادئ، ضربا من الهدم والتوحش والسقوط الأخلاقي والقيمي، لأن من أمن العقاب أساء الأدب، بما من شأنه إلحاق الضرر بجميع أبناء المجتمع الإنساني، في تموضعهم الفردي والجمعي على السواء، ولذلك طالما كره الناس الإنسان المنافق والكذاب والسفيه والبذيء، وطالما عاقبت المجتمعات أصحاب الجرائر من أبنائها، بالنفي أو التعزير أو الغرامة، بغض النظر عن معتقدهم الديني أو طبقتهم الاجتماعية، أو انتمائهم العرقي، فهم أمام العرف المجتمعي سواسية، واليهود كغيرهم من أبناء مجتمعاتهم، متساوين أمام منظومة الأعراف والقوانين المجتمعية الناظمة، متساوين في جميع الحقوق، ويمتازون بأنهم معفيون من معظم الواجبات، ولكن كما هي طبيعة النفسية اليهودية (المدللة)، حين تنزع إلى ممارسة كل مظاهر الإجرام، وما إن تُعاتب أو تُلام أو يُرفض إجرامها، حتى تملأ الأرض صراخاً ونواحا وشكاية، بأنها ضحية الاضطهاد والتمييز العنصري والديني، وذلك ديدنها عبر التاريخ.
ذلك يكشف زيف حكاية الهولوكست، التي لا تكاد تخرج عن سياق الطرح السابق، فاليهود كانوا يشغلون مناصب قيادية مختلفة، في كلا الجيشين المتحاربين، ولأن الحرب كانت صناعة صهيونية بامتياز، فقد حرصت المنظمة الصهيونية على استغلال أعضائها القادة والجنود اليهود، في كلا الجيشين، لرسم مسار المعارك، بما يخدم رؤيتها ومصالحها.
وطبقاً لقوانين وأعراف المؤسسة العسكرية – المعروفة عالميا – فقد حُكم على أولئك، الذين ثبت أنهم أفشوا أسرارا عسكرية بالإعدام، عقوبة لجريمة الخيانة العظمى، ومثلما عاقب هتلر (اليهودي عقيدة وانتماء)، الخونة من أفراد وقادات جيشه من اليهود، بجرم خيانتهم العظمى، فعل ستالين (اليهودي عقيدة وانتماء)، بمن في جيشه من الجنود والقادة اليهود، الذين ثبت ارتكابهم جرم خيانة الوطن، وإفشاء الأسرار العسكرية، غير أن كتب التاريخ الرسمي، وماكينات الإعلام الإمبريالي الصهيوني، أغفلت ما فعله ستالين بالخونة في معسكره، وركزت على فعل هتلر الموصوف بالنازي، وصورت فعله عداء للسامية، واضطهادا للجنس اليهودي، بينما صمتت الأفواه عن ستالين، الذي يحدثنا عنه المؤلف – وليم غاي كار – بقوله:- “أجرى ستالين عام 1939م، حملة تطهير أخرى، قضى فيها بين من قضى عليهم، على عدد من العناصر اليهودية، التي تزعمت الشبكات الثورية السرية، ردحاً }من الزمن،{ لمصلحة ستالين نفسه، ولمصلحة جماعة المؤامرة، وقد ظنت نفسها تلعب دوراً قيادياً، فإذا بها تكتشف – بعد فوات الأوان – أنها لم تكن جماعة سوى مطية بلهاء، ولم يلقِ زعماء اليهودية العالمية، بالاً إلى مصير إخوانهم هؤلاء، بل بالعكس تدفقت مساعداتهم فيما بعد على ستالين، أثناء الحرب”.
لم يتوقف تزييف اليهود لحقائق التاريخ، عند استغلال أحداثه الكبرى، بما يخدم مصالحهم الاستعمارية، ولم تكن كذبة الهولوكست المزعوم، هي الأولى في تحريفاتهم وخرافاتهم، فقد سبقها ادعاؤهم أن “محاكم التفتيش” كانت تهدف إلى التنكيل باليهود، وإبادة عرقهم المقدس في عموم أوروبا، وإسبانيا خاصة، محاولين القفز على حقيقة أن تلك المحاكم الدينية، كانت فكرة إجرامية يهودية في الأساس، تنطلق من صلب العقيدة اليهودية، وأن الهدف الحقيقي لها، هو الانتقام من المسلمين، ومحو وجودهم من كل أوروبا، وأنها كانت متزامنة مع ما عُرف بـ “حروب الاسترداد”، بالإضافة إلى دورها الاستعماري، الذي اتخذ من البحث عن مسلمين فارين في أفريقيا، ذريعة لاحتلال هذه القارة السمراء، واستعباد قبائلها وبيعهم خدما في أوروبا، والاستيلاء على مصادر خيرات أفريقيا وثرواتها، لصالح المستعمر الأوروبي اليهودي الجديد.