قواعد ثبتت صدقيتها، كلما طال العدوان على اليمن زاد التصنيع العسكري اليمني من قفزاته التطويرية، وكلما تمادى الكيان الأمريكي في الغطرسة، واستمر يتعامل مع دول المنطقة بذات التعالي، كلما اتسعت مديات العمليات اليمنية لمنع عبور السفن المرتبطة بثلاثي الوقاحة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.
صرنا اليوم إلى المحيط الهندي وجنوب أفريقيا، وغدا سيلعن التاريخ الأمريكي قياداته حين يصير للسلاح اليمني أن يجتاز المحيطات والقارات، خصوصا وأن خبراء دوليين بدأوا الحديث عن احتمالية امتلاك صنعاء للأسلحة العابرة للقارات أو إمكانية وصولها إلى هذا النوع من السلاح، ولا شيء مستحيل ولا شيء صعب، متى ما توفرت الإرادة والشجاعة.
في اليمن كل شيء يبدو استثنائيا في زمن استكان فيه الواقع في مساحة كبيرة من خارطة العالم إلى الإرادة الأمريكية، اليمن من لا شيء يتخلق، واليمن من لا شيء يفضح هشاشة القوى التي كان يُزعم أنها الأقوى، واليمن يثبت إمكانية تحقيق التحولات رغم سيطرة اللوبي الصهيوأمريكي على العالم، ثم اليمن يقدم لهذا العالم النموذج على أن الإيمان والإرادة والثقة أركان تصير أمامها كل التحديات الغربية هشة.
ليس بالإمكان- جملة وتفصيلا- انتقاد اليمن على موقفه أو إخضاعه لأي مقاربة قانونية بقصد حصره في موقف المخالف للقانون، فقد كان الموقف الأخلاقي والإنساني معلنا منذ البداية: ما يجري في فلسطين أمر يتجاوز كل الأعراف والقيم، وممارسات عصابات وقطّاع طرق، ولا يصح للمجتمع الدولي أن يبقى يشاهد هذه المجازر دون أن يحرك ساكناً، وعلى النقيض من ذلك يقف العالم الحر ضد السلوك الأمريكي الطائش والمستميت في الدفاع عن الكيان الصهيوني واعتماده لغة الإرهاب لتحقيق هذا الغرض, فهل شاهد الأمريكان الطوفان البشري الذي شهدته العاصمة صنعاء و15 محافظة أخرى يوم أمس الأول، لقد خرجوا رغم مشقة الخروج تحت أشعة الشمس وهم صائمون ليؤكدوا رسوخ ثباتهم على الموقف المناصر لفلسطين والمقدسات، وليؤكدوا أن الكيان وحاميته الأمريكية والبريطانية مآلهم الخسران الأكيد
اليمن يوسع من نطاق عملياته لأن كيانات الشر تمادت وتحدت العالم وأمعنت في عمليات الإبادة بتجويع النساء والأطفال في غزة، ولا أحد يعلم غدا ما الذي ستفاجئ به اليمن العالم من اقتدار أكبر يمثل إعجازا شكلا ومضمونا، يعجز التحليل عن تفسيره.
ويبقى الأمر دائما دفاعا عن القيم الإنسانية، ورفض الاستفراد الصهيوني بشعب أعزل مُنع عنه الغذاء والدواء.
وفي الأثناء تحافظ بعض الأنظمة العربية العميلة على دورها في حماية الكيان، فتمد اليه حبلا سُرِّيا برِّيا بالغذاء وكل ما يحتاج، ولا يطرأ في حسابها أن تتخذ نفس التوجه مع حالة الجوع التي يعيشها الفلسطينيون، وحسنا كان موقف الشعب الأردني الباسل الذي خرج متظاهراً، مطالباً بفتح جسر بري إلى غزة لدعم الفلسطينيين هناك بالغذاء والدواء.
فيما أمريكا لا تزال تكذب على عالم يعلم أنها تكذب، مع ذلك يتماهى مع مسلكها الشيطاني، فتتحدث واشنطن عن إمكانية دخول المواد الغذائية إلى غزة في غضون شهرين مع انتهاء جيش البيت الأبيض من إنشاء ميناء بايدن العائم، وهذا الاستخفاف إنما يشير أولا إلى استمرار العملية الإرهابية الصهيونية ضد غزة، وثانيا أن أي تحركات أو نقد ضد ممارسات الكيان وأمريكا لا تأثير له.
ويؤكد ما سلف أيضا، حديث أمريكا (الطازج) عن تفعيل جديد لتحالفها الفاشل منذ البداية، وجديدها هذه المرة دخول أنظمة عربية في التحالف، وطبعا من المستحيل عليها أن تسميه، وفي كل الأحوال الترهيب الجديد يؤكد أن أمريكا باتت مثيرة للشفقة ولم يعد لديها من الأوراق ما تلعب بها، وإلا لكانت تذكرت أنها لا تزال تقود تحالفا جمع من كل مكان مرتزقاً، وشن عدوانا واسعا على اليمن استمر تسعة أعوام ولم يحقق شيئا يذكر.