الظاهرة البوتينية.. رجل روسيا القوي!

هشام الهبيشان

من غير الممكن الحديث عن روسيا بدون بوتين هكذا يقول الكثير من الروس، فالظاهرة البوتينية، أصبحت فعلياً ذات وقع كبير على الأمة الروسية، فـبوتين أقنع الأمة الروسية بأنه لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله، حيث أنه نجح على أن يتناوب على تولي منصبي رئيس الوزراء والرئيس، إذ عين رئيسا للوزراء عام 1999م، ثم انتخب رئيسا بين في الفترة من 2000 – 2008م، ثم رئيسا للوزراء بين عامي 2008 – 2012م، وخلال تلك الفترة عدّل بوتين الدستور ليمدد سنوات منصب الرئيس من أربع إلى ست سنوات، ثم انتخابه مرة أخرى رئيسا مرة أخرى عام 2012م، وهكذا.
وعند الحديث عن حياة بوتين السياسية، فلابد من العودة إلى التاريخ السياسي للرجل، فـبوتين المولود في 7 (أكتوبر) عام 1952م في لينينغراد (سانت بطرسبورغ حالياً)، هو خريج كلية الحقوق من جامعة لنينغراد في عام 1975م، وأدى خدمته العسكرية في جهاز أمن الدولة الروسي، وعمل في جمهورية ألمانيا الشرقية بالفترة من 1990 – 1985م، وبعدها تولى منصب مساعد رئيس جامعة لينينغراد للشؤون الخارجية منذ عام 1990، ثم أصبح مستشارا لرئيس مجلس مدينة لينينغراد، وبعدها تولى منصب رئاسة لجنة الاتصالات الخارجية في بلدية سانت بطرسبورغ (لينينغراد سابقا) منذ يونيو 1991م، وفي الوقت نفسه تولى منصب النائب الأول لرئيس حكومة مدينة سانت بطرسبورغ منذ عام 1994م، وبخطوات سياسية سريعة وعبر شبكة علاقات كونها الرجل داخل طبقة الحكم في الداخل الروسي، وبحكمة وحنكة عالية أصبح نائباً لمدير الشؤون الإدارية في الرئاسة الروسية منذ أغسطس 1996م، ثم أصبح نائبا لمدير ديوان الرئيس الروسي ورئيسا لإدارة الرقابة العامة في الديوان منذ مارس 1997م وفي مايو 1998م أصبح نائبا أول لمدير ديوان الرئيس الروسي. وعين في يوليو 1998م مديرًا لخدمة الأمن الفيدرالية في روسيا الاتحادية، وتولى في الوقت نفسه منصب أمين مجلس الأمن في روسيا الاتحادية منذ مارس 1999م، وفي أغسطس 1999م أصبح رئيساً لحكومة روسيا الاتحادية وذلك باختيار من الرئيس بوريس يلتسن، تولى اختصاصات رئيس روسيا الاتحادية بالوكالة منذ 31 ديسمبر 1999م بعد استقالة الرئيس بوريس يلتسن، وانتخب في 26 مارس 2000م رئيسا لروسيا الاتحادية، وتولى منصبه في 7 مايو 2000م.
وعند الحديث، عن أهم المراحل المفصلية التي اثبت من خلالها بوتين « أنه رجل روسيا القوي « … الذي أعاد روسيا إلى واجهة التأثير بالأحداث العالمية، فهنا لا يمكن لأي متابع لمسيرة بوتين السياسية والعسكرية، أن ينكر أن الرجل كان صاحب حنكة ودهاء، وخصوصاً بما يخص الملف الشيشاني وما تبعه من ملفات وصولاً لمعارضة بوتين لملف الغزو الأمريكي للعراق، وصولاً للصراع السياسي المفتوح مع الأمريكي حول مجمل ملفات وأزمات العالم، وصولاً للحرب مع جورجيا، وما تبعها من تداعيات بما يخص الملف الأوكراني وجزيرة القرم، وصولاً لحرب بوتين على الإرهاب في شرق المتوسط والدعم العلني للدولة السورية بحربها على الإرهاب، وصولاً لبناء تحالف سياسي – عسكري – اقتصادي مع الصين مناهض للسياسات الأمريكية، وصولاً لملف الحرب على أوكرانيا، وملف الأحداث الجارية في غزة، فـهذه الملفات وغيرها وبالمحصلة بمجموعها قد أعطت لروسيا وزناً سياسياُ جديداً، وهي بالتالي دفعت بوتين إلى واجهة الزعماء الأكثر تأثيراً في الملفات والأزمات العالمية، وهذا بحد ذاته كان هو السبب الرئيسي الذي انعكس على حجم التأييد الواسع من الشعب الروسي لسياسات بوتين الخارجية، التي أعادت روسيا إلى مكانتها العالمية، كقطب عالمي فاعل ومؤثر بملفات وأزمات العالم .
ختاماً، المؤكد اليوم، أن بوتين يريد استعادة الدور العالمي لروسيا «وريثة الاتحاد السوفيتي»، وهذا بحد ذاته ما يريده غالبية الشعب الروسي، ولهذا اليوم نرى أن هناك دعماً كبيراً من غالبية الشعب الروسي لسياسات بوتين الخارجية، ولكن السؤال الأهم بهذه المرحلة هو: إلى أي مدى سيقدر بوتين على الاستمرار بمشروعه هذا؟، في ظل تصاعد العداء الغربي لسياسات بوتين الخارجية، هذا السؤال بحد ذاته، ستجيب عنه حتماً السنوات القليلة المقبلة.
* كاتب وناشط سياسي – الأردن.
hesham.habeshan@yahoo.com

قد يعجبك ايضا