روشتات رمضانية.. وبينات من الهدى ..؟

محمد أحمد المؤيد

 

خرجت السوق في أول ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك، لقضاء بعض حاجياتي الرمضانية الضرورية، بهدف التمهيد لبداية رمضانية مليئةً بالحفاوة والترحيب والاستعداد الجاد بدون هزلية وتكاسل وهو تعظيم مني – كبقية المسلمين – لشعيرة صوم رمضان المبارك “ونسأل الله التوفيق والسداد والثبات والتيسير”، وعند عودتي على المواصلات العامة وكنت بجانب السائق الذي يفتح المسجل بصوت الغناء والطرب رغم كونها أصبحت ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك، وفجأةً سألني أيش رأيك يا هذا.. كيف سيكون حال رمضان هذا العام ؟، فنظرت إليه نظرة استغراب ودهشة رغم أنني كنت قد عرفت عقليته من خلال صوت الغناء والطرب الذي يستمتع بسماعه في ليلة فضيلة من ليالي شهر فضيل، وقلت بكل برودةٌ وهدوء : “رمضان شهر خير وبركة ورحمة، ونسأل الله أن يدخله علينا بالخير والعافية والسلامة والطمأنينة، وأن يجعلنا فيه من الذاكرين الشاكرين، وأن يعيننا على صيام نهاره وقيام ليله وتلاوة القرآن، والتمعن في أحكامه، وتطبيق ما فيه والتصدق فيه، وعمل الخيرات وتجنب المنكرات على الوجه الذي يرضيه عنا، وأن يكتب لنا فيه ما سيكتبه لعباده الصالحين، وأن لا يحرمنا أجره وثوابه وادراك ليلة القدر فيه وأن ننال أجرها وثوابها وبركتها بحوله وقوته وهو أرحم الراحمين”، فسكتنا قليلاً وكنت على وشك النزول لحال سبيلي فقلت : “اسمع يا هذا قبل أن أنزل، عليك أن تعلم أن ليالي وأيام شهر رمضان المبارك مليئةً بالخير والبركة والأجر العظيم، ولذا من الأفضل أن تترك هذه المغاني والسماع لها في شهر فضيل وأن تفتح ما يفيدك في دنياك وأخرتك، وتعود أن تقول يا الله يا الله وربك كريم عظيم خاصة وأن إبليس اللعين يتعمد أن يكدر على الناس حالهم ويشعرهم باليأس والقنوط حتى ولو هم في أجل النعم، ومن حمد وتمسك بحبل الله نجا وأفلح وحفته السعادة من كل مكان”، فقال : “معنا الليلة ثم من غد نبدأ” فقلت :” ألا تعلم أن هذه الليلة صارت ليلة من ليالي شهر رمضان”، فتبسم وقال : “ يشهد الله أنك أثلجت صدري بعد أن كاد ينفجر من الهم والغم”، فقلت يا هذا :”اعرف الله حق المعرفة وسلم وطع وسترى الفرق».
من خلال هذه القصة القصيرة التي تعمدت البدء بها للفائدة والتعليق، هو أن مشكلة الناس المسلمين في كل بقاع الأرض هي نظرتهم السطحية لغالبية مسائل الدين، ولذا كثير ما تحدث الهفوات والمغالطات في حق دين الله وشرعه ممن ينتسبون لهذا الدين القويم وهم غير مدركين بعظم الخسران، أي بمعنى، جعلوا دين الله على مهب الريح، إن أمكن وإلا فالله رحيم !!!، يا أخي أعرف المعنى والمغزى والهدف من التشريع للشيء من عدمه، وستدرك مدى ضرورة الامتثال، كمن يتحدث لماذا حرم صوم يوم الشك، فقلنا له : لأن دين الله لا تنبني شرائعه على أمور تكون مدعاة للشك والتشكيك، فما جاء في القرآن هو بينات من الهدى أي واضحات بدون شك وريبة ولا تحتمل وتدعو للتخاذل أو تتبع الأهواء، كما كان يوم عرفه، وكنت منهمكاً بالدعاء والتسبيح وإذا بقوم ببشرة سوداء يتجمعون ويتنقلون في ساحة عرفة بعلم أحمر عليه شعار يقال أنهم ينتمون لدولة أفريقية لا أتذكر من هي بالضبط، وإذا بهم يولولون ويصفقون ويلطمون رؤوسهم بأيديهم ويندبون بأصوات عواء وبكاء، منظر غريب ومقزز لا يمت إلى دين الله الإسلام بشيء !!!!!، أو كمن يجمع نساء في خيمة من خيام منى ويفتح شريطاً يعتقد أنه دعاء أو لا أدري ما؛ وبصوت عال، وإذا بالبكاء والعويل والنواح من نساء بشكل جماعي !!!، وكيف يبدو ذلك في شعيرة من شعائر الله تستوجب الهدوء والسكينة وحمد الله والثناء عليه والدعاء بتضرع ومناجاة بين العبد وربه، كون دين الله واضحاً وبيّناًًًًًً ويسيراً وميسراً بلا مزايدات أو تهويل وتأويل يخرج الناس عن المقصد الأساسي لطاعة الله والامتثال لأمره.
لابد أن يعي الناس أن رمضان هو شهر جعل لتربية النفوس وترتيب وضعها، التي دائماً ما تنال منها الأيام والظروف لتخرجها ولو بشكل بسيط عن الطور ليبعدها عن الروحية الإيمانية التي يستلزم على كل مؤمن موحد التشبث والالتزام بها، ولذا جاء شهر رمضان كشعيرة سنوية يمر بها كل مسلم ومسلمة من شأنها إعادة الهيكلة للأولويات الحياتية على أسس من بينات من الهدى، فهي فرصة لأن يرتب الإنسان وضعه بحيث يحدث تناسق وانسجام بين دينه ودنياه قال تعالى :”وابتغ فيما أتاك الله الدار الأخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك” صدق الله العظيم.

قد يعجبك ايضا