اليمن.. تصعيد وثبات في وجه العدوان..

طه العامري

 

في كل إطلالة يؤكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، موقف اليمن الثابت والمبدئي إزاء القضية العربية الأولى فلسطين وبخصوص أحداث قطاع غزة وما يجري بحق أهلها من جرائم وحرب إبادة ممنهجة ومنظمة بهدف الإبادة ورفض التهجير وتكرار مأساة ونكبة ١٩٤٨م، وذلك في ظل صمت دولي وتواطؤ من قبل بعض العرب وخيانة وتآمر من البعض الآخر، نعم هناك أنظمة عربية متواطئة مع العدوان الصهيوني، وهناك أنظمة متآمرة ومرحبة بكل ما تقوم به حكومة الاحتلال من جرائم بحق الشعب العربي في فلسطين، وحدها اليمن بقيادة السيد القائد عبد الملك بدر الدين تسجل مواقفها المبدئية بكل ثقة واقتدار وشفافية، تعبيرا عن قناعة إيمانية راسخة، وتأصيلا لثوابت وطنية وقومية ودينية وإنسانية وحضارية، وتجسيدا لحقيقة الشراكة الوجودية التلاحمية التي تربط اليمن بفلسطين وبكل الأمة العربية والإسلامية سواءً تعلق هذا التلاحم بالإنسان والقيم والعقائد، أو تعلق بالجغرافية والتراث الحضاري والتاريخي..
اليمن التي خرجت عن مظلة الوصاية التي عاشتها هي اليوم أيقونة الحرية والكرامة وعنوان السيادة، ونقطة إشعاع حضاري، منهمكة في التفاعل مع قضايا الأمة الوجودية وليس للأمة قضية اهم من القضية الفلسطينية ونصرة شعبها الذي يواجه عدواناً كونياً منظماً وتآمراً متعدد الأبعاد والجهات والتوجهات، وليست اليمن بقيادة السيد قائد الثورة عبدالملك بدرالدين من ترى جرائم العدوان بحق أشقائنا وتقف صامتة أو مكتوفة الأيادي أمام هذه العربدة الصهيونية الأمريكية البريطانية الغربية، عربدة غير مسبوقة جاءت في زمن امتلكت فيه المقاومة إرادة وقدرات غير مسبوقة أيضا.
دعونا نكون أكثر عقلانية، وأكثر منطقية، والعدوان في شهره الخامس، وجميعنا يدرك تفاوت القدرات بين أطرافه، وليس منطقيا أن نقارن قدرات المقاومة المتواضعة بما لدى العدو من قدرات خيالية مضاف إليها دعم وإسناد أمريكا وبريطانيا والمنظومة الغربية، وتواطؤ بعض العرب وتآمر وخيانة بعضها الآخر، ومع ذلك تقف المقاومة في الشهر الخامس من بدء الهمجية الصهيونية مرفوعة الهامة ثابتة في مواقفها صامدة صموداً أسطورياً أمام أكثر عدوان متوحش وهمجي وبربري ومجرد من القيم والأخلاق، عدوان يعكس قيم وأخلاقيات المجتمع الدولي والنظام الدولي الذي تحاول أمريكا التمسك به دفاعا عن همجيتها المرتبطة ديمومتها بديمومة هذا الحال الدولي الذي يتمثل في سلوكيات أمريكا والعدو الصهيوني ومن يناصر مواقفهما خوفا أو تزلفا أو رغبة في التكسب على حساب الدم الفلسطيني، وهذا ما لا تقبل به اليمن وقائدها الذي يكرر في كل إطلالة له عبر وسائل الإعلام التأكيد على ثبات الموقف اليمني واستمرار تصديه للسفن الصهيونية أو المتعاونة معها عبر مياه البحر الأحمر والبحر العربي ومضيق باب المندب وخليج عدن بغض النظر عن رد الفعل الأمريكي البريطاني، وزمجرتهما الكاذبة التي لا تخيف اليمن لا قيادة ولا حكومة ولا شعب، فالقيادة والحكومة والشعب اليمني في حالة تلاحم وتناغم وانسجام وازداد هذا التلاحم تجاه مساندة أشقائنا في فلسطين، وتجاه الجرائم التي ترتكب بحق الشعب في قطاع غزة وهي جرائم كفيلة بإيقاظ الأموات من قبورهم ولكنها لم توقظ ضمائر الخونة والمرتزقة العرب الذين لم يخذلوا الشعب الفلسطيني إرضاء لأمريكا والصهاينة فحسب، ولكنهم خذلوا الله والرسول وخذلوا شعوبهم التي تلعنهم وتلعن اليوم الذي تسلط عليها أمثالهم في غفلة من الزمن والتاريخ والوعي الجمعي الوطني.
إن العدوان الأمريكي والتهديدات الأمريكية – البريطانية والصهيونية المتجددة بحق اليمن، لن يثني اليمن عن موقفها المعلن والمنفذ ميدانيا، وان توسيع الاستهداف من شأنه أن يلقي بظلاله على أمريكا بدرجة أساسية من خلال مصالحها التي ستكون بمثابة بنك أهداف مشروعة للقوات المسلحة اليمنية، فأمريكا التي تكذب عن سبب وجودها بالبحر الأحمر، تدرك جيدا أن امنها القومي ومصالحها القومية ليست على شواطئ اليمن وعند تخومها وفي بحارها ومضائقها، لكن حين تتحدث أمريكا عن امنها القومي في منطقتنا فإنها تعني الكيان الصهيوني الذي يعيش على حماية أمريكا والغرب الاستعماري.
إن العدوان الإجرامي والهمجي الذي يتعرض له قطاع غزة، وكما أسلفت يثير غضب الأموات الذين لم يسلموا من العدوان الصهيوني، إذ تم تجريف المقابر بغطرسة وهمجية وانحطاط، صفات لا تقف في نطاق السلوك الصهيوني، بل أصبحت صفات يتصف بها النظام الدولي، بما فيه بعض الأنظمة العربية، التي ظهرت خلال عدوان غزة وكأنها تتماهى مع (راقصات التعري)، تتحدث بما لا تؤمن وتقول ما لا تفعل، لذا برزت اليمن بقيادة السيد القائد بدور لم تهن به أمريكا وبريطانيا وتتحدي به غطرستهما وجبروتهما فحسب، بل وتهين وتتحدى أنظمة الارتهان العربية، تتحدى هويتها، وعقيدتها، وعروبتها، وقيمها الأخلاقية والحضارية، وهي صفات اتضح أن كثيرا من الأنظمة العربية تجردت منها، كما تجردت من كرامتها وسيادتها وباعت نفسها للشيطان بثمن بخس، لا يساوي مفردات وعبارات الازدراء والتحقير التي تكال ضد هذه الأنظمة ورموزها، من كل عربي ومسلم وكل حر في هذا العالم لا يجد نفسه إلا النظر لهذه الأنظمة بنظرات الازدراء والاحتقار.
تحية إجلال وتقدير لسماحة السيد القائد الذي جاءت كلمته الأخيرة لتدحض تخيلات وأوهام الضعفاء والمرجفين الذين ينتجون الإشاعات ويسوقون الأكاذيب كمهنة امتهنوها مثلهم مثل (راقصات التعري)، فلا فرق بين من ترقص بهز جسدها وتتعرى، ومن يرقص بلسانه وحروف كلماته التي قد تكون أكثر تقززا وانحطاطاً من عمل (الراقصات)…!

قد يعجبك ايضا