تستمر واشنطن في مواصلة سياسة الغطرسة والعنجهية بطرق وأساليب مقززة تعكس عقلية وثقافة (الكابوي) و (رعاة البقر) الذين قدموا وجلبهم الغازي الأول لأمريكا (كريستوفر كولمبوس) القائد الاستعماري الأسوأ في التاريخ الذي تمّ على يديه وبمساعدته إبادة سكان أمريكا الأصليين والقضاء على حضارتهم وتاريخهم وثقافة، في تقديرات أولية تقول إن ضحايا المستعمر الأبيض من الهنود الحمر بلغ أكثر من ( خمسين مليون إنسان) تم التخلص منهم بدم بارد من أجل أن يستولي القادمون البيض لأمريكا على أراضيهم وإقامة دولتهم العنصرية والإرهابية والتي تسمى الولايات المتحدة الأمريكية، نشأة هذه الدولة الاستعمارية _أولا _كمستعمرة بريطانية وإليها نقلت بريطانيا الرجل الأبيض القادم من إيرلندا، ونيوزلندا، والعديد من المستعمرات التي كانت تحت سيطرة التاج البريطاني، وعلى أيدي هؤلاء تم إبادة سكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر وتدمير حضارتهم، ولا يزل حتى اليوم هناك بعض من قبائل السكان الأصليين من الهنود يعيشون في محميات مغلقة وكأنهم حيوانات وليسوا بشرا..!
بعد أن استقرت الأوضاع داخل هذه القارة للرجل الأبيض وجد نفسه غير قادر على استصلاح وتعمير وتنمية الوطن الجديد، فذهب تجار النخاسة إلى القارة الأفريقية وبرعاية استعمارية، فأقنعوا شباب ورجال ونساء أفريقيا بالعمل في أمريكا باعتبارها الجنة الموعودة، فصدق الأفارقة الخديعة وهرولوا على متن السفن التي ستقلهم للجنة، ولكن تجار النخاسة كانوا وبمجرد أن تتحرك السفن من موانئ أفريقيا حتى يقوم هؤلاء التجار بوشم أجساد الركاب بوشم العبودية والتملك باعتبارهم عبيدا يملكهم من أقنعهم بالسفر، ولم يكن أمام هؤلاء المخدوعين من خيار غير التسليم بالأمر الواقع، وفيهم من كانت نزعة الحرية طاغية في وجدانه فقاوم النخاسين على متن هذه السفن فتعرض للقتل وبعضهم كان يقفز للمحيط مفضلا الموت غرقا من حياة العبودية فذهب الملايين ضحية هذا السلوك الاستعماري البغيض..!
تم خداع ملايين من الأفارقة وإيصالهم إلى أمريكا، فتم بيعهم فيها كعبيد من قبل من جلبوهم من أفريقيا وتم شراؤهم من قبل أصحاب الأراضي والشركات العاملة في مجال الطرقات والسكك الحديدية ومنشأت البنية التحتية، فتعمرت أمريكا بسواعد الأفارقة الذين كانوا أحرارا في بلدانهم الأصلية، ولكن أمريكا المتحضرة حولتهم إلى (عبيد)..!
بعد فترة من ميلاد هذه الدولة نمت نزعة استقلالية لدى بعض النخب فيها الذين كانوا يستعبدون الأفارقة، لكنهم رفضوا بالمقابل أن يكونوا عبيدا (للوردات لندن) فقرروا الاستقلال عن بريطانيا وقاد (جورج واشنطن) ثورة الاستقلال عن بريطانيا بعد أن تلقى إهانة من أحد اللوردات الإنجليز وكان هذا دافعه للثورة والاستقلال، فتأسست الولايات المتحدة الأمريكية كوطن مفتوح لكل القادمين إليها، واعتبارها دولة رأسمالية وصناعية ودولة مهاجرين ترحب لكل قادم اليها قادر على العمل والعطاء والاستثمار، ووضعت لنفسها دستورا مكونا من ( صفحة واحدة تحتوي على 12 مادة)..!
خلال الفترة من عام 1861 إلى 1865م اندلعت الحرب الأهلية في أمريكا، بعد قرار الرئيس ( إبراهام لنكولن) تحرير العبيد وإلغاء حياة العبودية للسود، وبما أن الجنوب كان يعتمد اعتماد أساسي على حياة العبودية واستغلال العبيد، فقد رفض القرار وقرر الجنوب الأمريكي الانفصال عن الدولة الاتحادية، وقد واجهت الدولة المركزية الانفصاليين في إحدى عشرة ولاية جنوبية مجتمعة، والتي أطلقت على نفسها اسم ( الولايات الكونفدرالية الأمريكية.) غير أن الدولة المركزية أو ما يسمى بجيش الاتحاد كان هو من فاز وانتصر بهذه الحرب التي ما زالت تعدّ الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة..!
وخلال عقود طويلة من ميلاد هذه الدولة ظلت تمارس الإرهاب بكل أشكاله وطرقه من الإرهاب العسكري، إلى الإرهاب السياسي، إلى الإرهاب الثقافي والإعلامي والاجتماعي، وصولا إلى الإرهاب الاقتصادي، مستغلة كل عوامل القوة التي توفرت لديها للسيطرة على الآخرين، ولم تكن أمريكا يوما غير دولة إرهاب وغطرسة مستندة على ترسانتها العسكرية وقد زادت غطرستها بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد أن جيرت النصر على ألمانيا واليابان لصالحها مع أن من صنع هذا الانتصار كان الاتحاد السوفييتي وليست أمريكا، ولكنها انتزعت ثمار النصر بإلقائها قنابلها النووية على اليابان والهدف إرعاب الاتحاد السوفييتي وفعلا هذا ما حدث وخضع (ستالين) في لقاء طهران مع (تشرشل وروزفلت) لمنطق ومطالب الأخيرين وتعمد هذا الخضوع في اتفاقية (مالطا) التي أعطت أمريكا كل النصر الذي مكنها من فرض هيمنتها على العالم.
مع انهيار الاتحاد السوفييتي الذي صنف _العدو الأول _لأمريكا والغرب بعد ثلاثة أشهر فقط من إبرام اتفاقية مالطا، اعتبرت أمريكا أنها سيدة العالم ومارست كل صنوف الإرهاب المختلفة لدرجة أنها ذهبت لاستبدال القانون الدولي بقوانينها الخاصة وأجبرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات التابعة لهما بأن يصبحوا تحت إمرة وزارة الخارجية الأمريكية.
ابتكرت أمريكا خلال سنوات هيمنتها الأخيرة قوانين الحصار الاقتصادي على كل من يخالفها ويعارض سياستها الاستعمارية والاستعلائية، وهذه القوانين منافية لكل القوانين الدولية، ثم منحت نفسها حق تصنيف وتوصيف كل من يخالفها ب (الإرهاب) دون وجه حق وثمة دول أطلقت عليها (دول محور الشر) دون أسس قانونية أو أخلاقية، لكنها استغلت عملتها كعملة دولية لفرض قوانينها وخاصة ما يتصل بالحصار على الآخرين المخالفين لها وطالت هذه الإجراءات دولاً وأحزاباً ومنظمات وأفراداً في سابقة غير معهودة بالتاريخ وهذا هو أسوأ أشكال الإرهاب الذي يستهدف تجويع شعوب بأكملها.