جريمة العصر!

يكتبها اليوم / حمدي دوبلة

 

أمريكا لا ترى في جريمة العصر – التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة على مرأى العالم – غير حق بسيط ومشروع من حقوق المحتل في الدفاع عن نفسه والذود عن أمن مستوطنيه، فيما صارت جريمة الإبادة الشاملة بحق شعب كامل – في وجهة نظر كثير من أنظمة دول “العدالة والإنسانية”، مجرد أرقام تتصاعد للضحايا في انتظار الحصيلة النهائية لمسلسل دموي تُرك للقاتل حرية اختيار موعد انتهاء فصوله ومُنح حق العبث بأرواح الناس وحياتهم كيف يشاء وبالطريقة التي تحلو له دون رقيب أو حسيب أو حتى مخافة سماع عتب من أحد.
-أمّا من يرى الجريمة بشكل مغاير ومن زاوية أخرى، بعيدا عن المنظور الأمريكي فهو في شريعة الولايات المتحدة -أعظم قوة في عالم اليوم – إرهابي ومصدر خطر كبير على أمن واستقرار العالم ويجب أن تُشكّل التحالفات الدولية ضده وأن تهب الدول مجتمعة لردعه وزجره وتأديبه.
-على مدار أربعة أشهر لم تتوقف آلة القتل الصهيونية ساعة واحدة من ليل أو نهار عن سفك دماء المدنيين الأبرياء وإزهاق المزيد من أرواح النساء والأطفال وتدمير المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة ومقار المنظمات الأممية وتدمير وإحراق كل ما يعترض قوات الغزو من بيوت وأحياء سكنية والتفنن في القتل والتخريب على نطاق واسع للحياة، ومن ينجو من جحيم الانتقام والحقد الإسرائيلي من أبناء غزة عليه أن يهاجر قسريا إلى ساحة أخرى للموت المؤجل لانتظار دوره في الغرق في حمام الدم المتواصل، وسط دعوات حقوقية وجماهيرية متصاعدة ومطالبات سياسية خجولة وعقيمة بوقف الجريمة.
-المناشدات التي باتت تُسمع من هنا وهناك بضرورة وقف العدوان على غزة آخذة في مسارها التصاعدي على المستوى الشعبي إلى جانب تحركات المنظمات الحقوقية لملاحقة قيادة الكيان قضائيا، صارت تشكل حرجا متزايدا لسياسيي أنظمة الدعم والتبرير للجريمة فراحوا يحاولون مسايرة واحتواء الموقف بإطلاق نداءات مماثلة وذرف دموع التماسيح على المدنيين، بيد أن الكيان الطارئ المتسلّح بالدعم الأمريكي والغربي اللامحدود لا يلقي بالا لكل ذلك ولا لمشاعر القلق على سلامة المدنيين، على غرار تلك التي يطلقها مسؤولو البيت الأبيض وسرعان ما تُترجم على الواقع في شكل حزمة مساعدات عسكرية ومالية عاجلة للكيان بمليارات المليارات ليتمكن من مواصلة جريمته بكل ارتياح وبلا إزعاج أو ملامة.
-جرائم الصهاينة اليوم في قطاع غزة – التي تحولت إلى مقبرة كبرى للأحياء والأموات، على حد سواء مع انعدام كل أساسيات الحياة – تبقى شاهدة على وفاة الضمير العالمي وانهيار المؤسسات الدولية المعنية بالأمن الدولي وتحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان، ودليل آخر على أن مثل هذه الكيانات لم تعد سوى أدوات رخيصة بيد قوى الشر والاستكبار لتمرير الظلم وشرعنة الاحتلال وتبرير الاستبداد وقهر الشعوب ومصادرة حقوقها.

قد يعجبك ايضا