إعلان عالمي : فظائع غزة وإسقاط المواثيق تحدٍّ أخلاقي للعالم

صدر بثماني لغات ووقعت عليه أكثر من 100 شخصية عامة حول العالم
■ التحذير من مغبة الرضوخ لخطابات تبرير الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب

الثورة / متابعات
حذّر إعلان عالمي- وقّعت عليه أكثر من مائة شخصية من أنحاء العالم- من أنّ الفظائع الجارية في قطاع غزة تمثِّل تحدِّياً أخلاقياً للعالم أجمع، رافضًا غضّ النظر عن الجرائم الشنيعة ضدّ الإنسانية الجارية ضدّ الشعب الفلسطيني.
وجاء في الإعلان- الذي صدر الاثنين الماضي ووقّع عليه قادة دول وحكومات ووزراء سابقون، وحائزون على جوائز دولية بارزة، وعلماء وقيادات دينية ومفكِّرون وكتّاب وأدباء وفنّانون وسياسيون وأكاديميون وحقوقيون وشخصيات عامّة من أنحاء العالم- “نواكب، بأسى وغضب، فظائع رهيبة تستهدف أكثر من مليوني إنسان من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، إنّ هذا يمثِّل تحدِّياً أخلاقياً للعالم أجمع يستدعي يقظة إنسانية عاجلة ومراجعة مبدئية صارمة”.
وأكّدت الشخصيات العامّة- الموقِّعة على الإعلان الصادر بثماني لغات- “نرفض غضّ النظر عن الجرائم الشنيعة ضدّ الإنسانية الجارية ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، التي تتخذ طابع الإبادة والتطهير العرقي، ونستنكر بأقصى العبارات ما يحظى به ذلك من دعم عسكري وسياسي ودعائي متواصل من جانب قوى دولية”.
وبيّن الإعلان، الصادر بالإنجليزية والعربية والإسبانية والبرتغالية والفرنسية والألمانية والتركية والبوسنية، أنّ هذه التطوّرات “كشفت أنّ عالمنا يعاني اختلالات جسيمة، وأزمة أخلاقية مُتفاقمة، ومعضلة قيمية مُستعصية، وممارسات دعائية مضلِّلة”. وحذّرت الشخصيات من “العواقب التي يجرّها تغييب المواثيق والشرائع وإسقاط القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؛ على السِّلم العالمي ومصالح الشعوب”.
وأكّد الإعلان أنّ “دعم الاحتلال العسكري وسياسات القهر والاضطهاد وحملات الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب بسرديّات تتذرّع بالأخلاق والمبادئ والإنسانية؛ هو تغليف مضلِّل يتّخذ من الشعار الأخلاقي والمبدئي والإنساني أداة قتل وقهر واضطهاد”.
ورفض الإعلان “استدعاء القيَم والمبادئ والمواثيق أو تعطيلها بصفة انتقائية سافرة حسب أولويّات السياسة واتجاهات المصالح. إنّ تناقُض مواقف القوى الدولية حسب مصالحها واستقطاباتها؛ ينزع المصداقية عن مواقفها عموماً”.
وأشار الإعلان إلى أنّ “العدوان الرهيب الجاري ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أفقد شعوباً وجماهير حول العالم ما تبقّى لديها من ثقة بأخلاقيّات النظام الدولي، وبعمل العدالة الجنائية الدولية، وبمفعول القيم والمبادئ والمواثيق والشعارات في الواقع”.
وقالت الشخصيات في الإعلان: “من بواعث الفزع أن تحتفي منصّات دولية وسياسية وإعلامية بخطابات مكرّسة لتبرير العدوان وتمجيد مقترفه ولوْم ضحاياه وتحميلهم المسؤولية عن مصيرهم المُرعِب قتلاً وسحقاً وتعطيشاً وتجويعاً وتشريداً”. ورأى الموقِّعون أنّ “ما يجري في فلسطين يُعيد إلى الأذهان فصولاً مُرعبة من ذاكرة العهد الاستعماري. إنّ هذا يؤكِّد أهمية فتح ملفّات الاستعمار ومحاكَمته أخلاقياً ومبدئياً واستلهام العظات اللازمة منه للحاضر والمستقبل”.
واستهجن الإعلان “وضع بعض البشر فوق بعض في المرتبة والحقوق والاهتمام، وننبذ المساس بكرامة أيّ من الشعوب والجماعات البشرية بصفة صريحة أو إيحائية”، وأكّد أنّ “الفظائع الجارية في غزة مثال مُعبِّر عن عالَم يُعاني من اختلالات جسيمة على حساب جنوب الكوكب وشعوبه ومجتمعاته، وهذا يتطلّب نهجاً تصحيحياً عاجلاً بلا هوادة”.
وقالت الشخصيات الموقِّعة على الإعلان العالمي “نحذِّر من نهج احتكار الحقيقة ومصادرة القيَم والمبادئ وتشغيلها انتقائياً حسب مصالح القوى الدولية وفرض سردية أحادية على العالم تقوم على التحيّز والغطرسة والتجاهل والتبرير”، وأضافوا أنّ “عالماً يُقرِّر تشغيل قيَمه ومبادئه ومواثيقه بصفة انتقائية، ولا تتكافأ فيه أرواح البشر أو تتساوى فيه حقوقهم وحريّاتهم وكرامتهم؛ هو عالم جائر يزرع الغضب في صفوف أجيالٍ تلحظ الفجوة بين شعارات نبيلة وممارسات مروِّعة”.
وحذّر الإعلان العالمي من أنّ “الرضوخ لخطابات تبرير الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب التي سُمعت من منصّات دولية وثقافية وإعلامية، يمثِّل تهديداً للإنسانية جمعاء وليس للشعب الفلسطيني وحده”، كما حذّر من “إسباغ أوصاف “الحضارة” و”التحضُّر” و”الإنسانية” و”الخير” و”النور” على سياسات الإبادة وجرائم الحرب، ومن تبرير الفظائع عبر نزع الإنسانية عن الشعوب المضطّهَدة وتسميم أجواء التعايش الإنساني والتفاعل الثقافي في عالم متنوِّع”.
ونبّهت الشخصيات إلى أنّ “عالمنا يفتقد سُلطة مُساءلة أخلاقية تقف في وجه الغطرسة والسطوة وانتهاك المواثيق والشرائع وسياسات الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب والاضطهاد”. وأضاف الإعلان: “صار مُلحّاً خوْض نقاش فلسفي وفكري وثقافي عالمي للتحقُّق من مدى جاهزية عالمنا المبدئية والأخلاقية للامتثال للمواثيق الإنسانية والدولية والتصدِّي لحملات الإبادة والتطهير العرقي وسلب حقوق الشعوب وحريّاتها”.
وحثّ الإعلان العالمي روّاد الفلسفة والفكر والثقافة والأدب والفنّ وقادة المجتمعات الدينية والمدنية على “النهوض بدورهم المبدئي والأخلاقي في إنصاف الحقوق والعدالة والحرية وكرامة الإنسان في فلسطين وفي كلّ مكان، وفي التصدِّي للظلم والقهر والاضطهاد والإبادة والتطهير العرقي والسياسات العنصرية”.
وشدّد الإعلان على أنّه “يتعيّن إعلاء صوت الضمير الإنساني بشجاعة وقبل فوات الأوان، فالجرائم ضدّ الإنسانية انتهاك للبشرية جمعاء وليس فقط لضحاياها المُباشرين الذين تُسلَب حقوقهم في الحياة والأمان والحرية والكرامة في فلسطين”.
وانتهى الإعلان العالمي إلى أنّ “عالماً يُحدِّد موْقفه من الفظائع والانتهاكات طبقاً لهُويّة الجاني وهُويّة الضحية؛ هو عالم لا أمان فيه ولا حقوق ولا عدالة، ولن تتورّع دوله وجيوشه عن الفتك ببعض البشر، لتمكين بعض السياسات التي تُقدِّم مصالحها على التزاماتها المُعلنة”، كما ورد فيه.

قد يعجبك ايضا