على مدى تسع سنوات من العدوان على اليمن – الذي بدأ في مارس 2015 – كان اليمنيون يدركون أن التحالف الذي أعلنته السعودية للحرب على اليمن، لم يكن سوى أدوات تحركها واشنطن ولندن لتحقيق أجندتهما الاستعمارية في المنطقة وحماية الكيان الاستعماري الصهيوني ربيب الاستعمار الغربي ورأس حربته في قلب العالم العربي والإسلامي .
التحالف الذي قادته السعودية لم يكن سوى تحالف “وكلاء”، بينما كان “الأصلاء” يتوارون خلف وكلائهم ويقدمون مختلف أنواع الدعم طيلة تسع سنوات .
ارتكب تحالف الوكلاء جرائم مروعة في اليمن، قتل مئات الآلاف من اليمنيين، ودمرت البنى التحتية في كل المحافظات اليمنية، ولا يمكن إحصاء الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تسبب بها الحرب والحصار قرابة عقد من الزمان، ولا تزال تداعيات الحرب على اليمن مستمرة وأخطرها مؤامرات وخطط تفكيك اليمن وتقسيمه كهدف رئيسي للحرب التي شنت على اليمن بذريعة ” استعادة الشرعية ” .
بعد تسع سنوات من فشل حرب الوكلاء في تحقيق كامل أهدافها في اليمن، وبعد أن ارتدت ” عاصفة الحزم ” على أصحابها، تدخل “الأصلاء” وشكلوا تحالفا من نوع آخر، أطلقوا عليه اسم “حارس الازدهار” بشكل مباشر واستخدموا ذريعة أخرى، هي ” حماية الملاحة ” في البحر الأحمر .
يتشابه التحالفان في كثير من الأوجه، فالأول كان يضم أكثر من عشر دول ـ بحسب الإعلان السعودي حينها ـ لكنه سرعان ما تآكل وانحصر في دولتين أو وكيلين، هما: السعودية والإمارات .
التحالف الجديد – الذي أعلنه وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن في 18 ديسمبر الماضي من عشر دول – تآكل هو الآخر عندما أدركت الكثير من الدول أن التحالف الذي اسمته أمريكا ” حارس الإزدهار» لا يهدف سوى لحماية المصالح الإسرائيلية ومنح الكيان الصهيوني المزيد من الوقت لإبادة الفلسطينيين في غزة . لقد كان حجم الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة أكبر مما يتحمله ضمير أقرب حلفاء الولايات المتحدة، لذلك نأوا بأنفسهم وجيوشهم من المشاركة في هذا التحالف الذي بات مقصورا على واشنطن ولندن، تماما كما اقتصر التحالف السابق على الرياض وأبوظبي .
كلا التحالفين – تحالف الوكلاء وتحالف الأصلاء – يستهدفان اليمن. ومثلما حاول الأول إضفاء شرعية على عدوانه وحصاره على اليمن، سواء من خلال تفسيراتهم الخاصة للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، أو من خلال إعلان تحالفات عددية شكلية تكون مجرد غطاء دولي يخفي أهدافهم الخاصة .
في الساعات الأولى من فجر السادس والعشرين من مارس 2015، شن تحالف الوكلاء أولى غاراته على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، وفي الساعات الأولى من فجر يوم الـ 12 من يناير 2024، شن تحالف الأصلاء غاراته على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية . تدرك واشنطن ولندن أن عدوانهما على اليمن يعد انتهاكا صريحا للقانون الدولي، كما أن قرار مجلس الأمن الذي صدر قبل يوم من العدوان ليس فيه ما يشرعن هذا العدوان، وإقحام أستراليا وهولندا والبحرين – كشركاء في العدوان الأخير على اليمن – لا يمنحه أي مشروعية .
بعد أيام من عدوان تحالف ” الوكلاء ” أعلن ” أحمد عسيري ” أن غارات التحالف نجحت في القضاء على 95 % من القدرات العسكرية اليمنية، حينها كانت وحدات الجيش اليمني مفككة ومنقسمة تعاني ضعفا مركباً بعد خضوعها لسنوات لبرنامج أمريكي تحت مسمى ” إعادة الهيكلة” .. وحينها أيضا، كان ” المجاهدون ” التابعون لحركة أنصار الله يجهلون التعامل مع زاوية مدفعية الهاون، وفي إحدى المرات عادت القذيفة التي أطلقوها لتسقط على بعد أمتار من المدفع .
مرّت الأشهر والسنين، وانقلبت المعادلة .. راكم أنصار الله قدراتهم وخبراتهم، عددا، صاروا بالملايين، وعدة، وصلت صواريخهم وطائراتهم المسيّرة إلى شواطئ الخليج وجنوب فلسطين . وفي نفس الوقت، كان تحالف الوكلاء يراكم خيباته وهزائمه، وارتدت عاصفته عليه، واشتعلت أرامكو وأدنوك ولولا الهدنة لما انطفئت الحرائق .
يكرر تحالف الأصلاء أخطاء وكلائه، وها نحن نسمع تصريحات بريطانية وأمريكية على طريقة ” أحمد عسيري “، يقولون فيها إن صواريخهم التي اطلقت من السفن والغواصات والطائرات استهدفت قدرات ” الحوثيين ” العسكرية، وأنها دمرت مخازن ومصانع وأضعفت قدراتهم لشن هجمات مستقبلية .. تماما مثلما كان يقول ناطق تحالف الوكلاء وقياداته .. فانتظروا، إن غداً لناظره قريب .