في ذكرى رحيل الأستاذ جار الله عمر

اللواء / مجاهد مجاهد القهالي

 

( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلً ) صدق الله العظيم
لقد ذهب عنا الأستاذ جار الله عمر في 28 ديسمبر 2002 م، اغتالته يد الغدر والخيانة والتآمر والعمالة للخارج من رؤوس النظام السابق الذين خططوا لهذه العملية الدنيئة واعتقدوا بأنهم سوف ينجون بأنفسهم وسوف يستمرون في حكم البلاد إلى مالا نهاية، لكنهم شربوا من نفس الكأس وماتوا في مزبلة التاريخ وتخلّد جار الله عمر في ذاكرة الشعب إلى الأبد
فلقد ذهب عنا ذلك القائد العظيم جسداً، لكنه يعيش بيننا حيّاً بأفكاره و سيرته الكفاحية العطرة وتاريخه الحافل بصنع التحولات الوطنية التاريخية، فجار الله عمر كان مهندس توحيد فصائل العمل الوطني في إطار الجبهة الوطنية الديمقراطية و مهندس وحدة فصائل أحزاب اليسار في إطار حزب الوحدة الشعبية و من ثمّ الحزب الاشتراكي اليمني الذي حقق لليمن وحدتها برغم كل الظروف الصعبة و المعقدة التي كانت تحول دون ما تحقيقها لولا أن إدارة الوحدة لم تكن على مستوى ذلك الحدث العظيم والمنجز التاريخي الكبير لكانت اليمن اليوم في مصاف الدول المزدهرة.
لكن تلك الإدارة سرعان ما عادة إلى التمترس في الماضي وتراوح جراحاته وأفقدت الوحدة بريقها ووهجها لكن الوحدة برغم ذلك باقية ولن تموت.
لقد لعب الأستاذ جار الله عمر دوراً كبيراً في تقديم رؤاه المتميزة بالحكمة والحنكة و المسؤولية عبر مختلف الظروف والمراحل التي مرت بها اليمن و برغم أننا والأستاذ جار الله عمر اُقصينا خارج اليمن بسبب تداعيات آثار حرب 94، إلا أنه سرعان ما قدم رؤيته التاريخية الهادفة إلى إزالة آثار تلك الحرب من خلال حزمة من الإصلاحات التي بلغ صداها الساحة اليمنية بأسرها، لكن من اعتقدوا أنهم انتصروا في 7 يوليو عام 94 أسكرهم غرور ذلك النصر الوهمي المسكون بغرور القوة و الغطرسة إلى أن تزلزلت الأرض من تحت أقدامهم و أوصلوا اليمن إلى هذه الأوضاع السيئة التي نعيشها.
لقد ترك لنا الأستاذ جار الله عمر عبر و تجارب ورؤى في التسامح والمصالحة و الإصلاح ما ينبغي علينا أن نستفيد منها إذا ما صدقت النوايا للتوجه لبناء اليمن أرضاً و إنساناً و اتخذنا قراراً شجاعاً يُجرم الولائات للخارج، لأن الخارج لا يحمل لنا الا معاول الهدم و الدمار و كلنا تجرع مرارة العدوان و غطرسته و همجيته وعرفنا أهدافه الهدامة.
لقد خسر الشعب اليمني باغتيال جار الله عمر خسارة فادحة وغاب عن الساحة رجل الحوار والتسامح والمصالحة وتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف على مستوى الساحة بأسرها وغابت عنا تنبؤاته الحكيمة المحنكة لما كان يمتلك من رجاحة عقل وسعة صدرو حنكة سياسية نادرة.
لقد كان بالنسبة لي الاستاذ جار الله عمر أخاً ورفيق الدرب الطويل و تعلّمت منه الكثير لأنه كان مدرسة وطنية متكاملةاجتمعت في شخصة كل الخصال الحميدة و تجاوزنا معاً كل الصعاب و المخاطر و المتاعب التي رافقت نضالنا الطويل.
أسأل الله العلي القدير ان يتغمده بواسع رحمته و أن يسكنه فسيح جناته.
* رئيس تنظيم التصحيح

قد يعجبك ايضا