في ظل ما تتعرض له الأمة الإسلامية من غزو فكري وحرب ناعمة لاستهداف هويتها الإيمانية التي يرى فيها العدو سبب انتصار المسلمين في معاركهم العسكرية، وبالتالي هم يحاولون نزع هذا السلاح الفعال من أيديهم ليكون المجتمع المسلم تابعا لهم، فكان اتجاههم الأول نحو المرأة المسلمة كونهم يعلمون انها هي المجتمع وهي التي سيخرج من بين يديها إما جيل صالح قوي يصعب السيطرة عليه أو العكس. فبدأوا بالدعوة إلى حرية المرأة وتخليصها من تلك القيود التي وضعها الإسلام في طريقها كما يدعون وباسم الموضة والتحضر نزعوا عنها حجابها وجعلوها منشغلة بقدوات هشة جعلتها لاهثة وراء اللوك ودور التجميل ونجت من هذه الحرب المرأة التي رأت دينها هو حاميها ومن يصون حقها وكرامتها وانسانيتها وكانت السيدة فاطمة الزهراء هي قدوتها.
فالزهراء كان النبي صلوات الله عليه وعلى آله قد أعدها لتكون الأنموذج الأمثل والقدوة للمرأة في كل زمان ومكان، تربت في بيت النبوة وعاشت معه كل مراحل النمو والإعداد كامرأة يكون الاقتداء بها هو فلاح في الدنيا والآخرة، لذا فإحياء ذكرى ولادتها هو إحياء لكل القيم والأخلاق التي يراها الأعداء سلاحا يتصدى لمخططاتهم وحروبهم.
في هذا الاستطلاع الذي أجراه المركز الإعلامي بالهيئة النسائية بمكتب أمانة العاصمة مع عدد من الناشطات الثقافيات نستعرض تفاصيل مهمة عن ذكرى ميلاد الزهراء باعتباره يوماً عالمياً للمرأة المسلمة ..نتابع الحصيلة:الأسرة/ خاص
بداية الكاتبة إقبال صوفان تقول عن السيدة الزهراء: إنها نهج حياة مليء بالدروس والعبر ومصباحُ نور لا ينطفئ أو يقلُّ وهجه، تربّت تربية نقيّة كان أساسها التقوى والعِفة، فكانت خير ابنة لخير رجل، كَبُرت وردة جوريّة تنفحُ بالحياء المُتجذر فيها والعلم الناطق على لسانها.
واضافت صوفان: ولها تعريف موجز من ابنها الحسن حين سألَه رجلٌ: يا صبي، مَن أُمّك؟ فقال: “أمّي الزهراء بنتُ مُحمّد المصطفى، قلادةُ الصفوة، ودُرَّةُ صَدَفِ العِصْمة، وغُرَّة جَمال العِلْمِ والحِكْمة، وهي نُقْطةُ دائرةِ المَناقب والمفاخر، ولمْعةُ أنوارِ المَحامدِ والمَـآثر، خَمَرتْ طينَةُ وُجوِدِها مِن تُفاحةٍ مِن تُفاحِ الجنَّـة، وكتَبَ اللهُ في صَحيفتها عِتْقَ عصاةِ الأمَّة، وهي أمُّ السادةِ النجباء، وسيّدةُ النساءِ، البتول العذراء” واشارت اقبال في سياق حديثها إلى أنها خير قدوة للمرأة المسلمة.
وتابعت: نستطيع القول: إن المرأة اليمنية هي الأقرب لفاطمة الزهراء من بين كل نساء الشعوب بجهادها وصبرها، بثباتها، وقوتها ببذلها وعطائها، هي من تسيرُ على دربها آملة الوصول إلى درجة من درجات تعاملها العظيم في كل مجالات الحياة.
واردفت صوفان: لقد عمِل الأعداء في الداخل والخارج وخاصة الغرب على استدراج واستقطاب واستهداف المرأة المسلمة بشتى الطرق والوسائل من خلال حرب أُقيمت بجهودٍ جبارة لمسخ الهويّة والعقيدة الإيمانية الحقة، ولجعل المرأة المُسلمة سِلعة في أيديهم بدولاراتهم وخططهم الخبيثة، ولكن هيهات لهم ذلك لأنَّ القرآن الكريم كتابنا ومحمداً نبينا والزهراء قدوتنا.
النموذج الايماني
بدورها تقول الناشطة الثقافية هناء ابو نجوم المحاقري : الزهراء عطية الله وهبته ونعمته للنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله واختارها الله واصطفاها لأن تكون هي امتدادا للنسل المحمدي، لتكون منها الذرية المباركة والأسرة النبوية المطهرة.
وذكرت المحاقري ان الزهراء هي نموذج ومثال عالٍ وقدوة للمرأة المؤمنة، نشأت الزهراء على يد أبيها الرسول الكريم الذي اولاها التربية الحسنة والاهتمام الكبير في مرحلة عصيبة ومرحلة كبيرة لمواجهة تحديات كبرى، لقد عاشت الزهراء مع أبيها في مواجهة تحديات ومحن وأخطار الذين كانوا يتحركون لمواجهة الإسلام والعمل على إطفاء نور الله والعمل على إسكات صوت الحق بكل جهدهم وبكل إمكانياتهم، وبكل حقدهم وبكل مكرهم وواجهت مع ابيها الطغاة والمستكبرين ومراحل الدعوة كاملة!
واشارت الى زواج الزهراء من الإمام علي -عليه السلام- حيث قالت: انه كان باختيار من الله واختيار ابيها المصطفى وكانت مراسيم الزواج متواضعة جدا، لأن المرأة المؤمنة قيمتها ليست بالمهر الغالي والمزاهر المبهرجة، قيمتها عند الله وكان مهرها درع الإمام علي الذي كان يقدر بأربعمائة درهم .
وتقول المحاقري عن حياة الزهراء: إن الزهراء عاشت في بيتها الجديد مع زوجها حياة الإيمان من عمل وسلوك وأخلاق، عاشت صابرة تواجه أعباء الحياة ومشاقها لا تتذمر ولا تتململ وهي الطاهرة الزكية ولا تطالب بأن تكون لها امتيازات مختلفة، عاشت حياة متواضعة تقوم بمسؤولياتها في بيتها وكل المسؤوليات المعروفة والمعتادة وتعاني من ظروف صعبة وهي صابرة.
وتابعت: لقد كانت الزهراء تجلب الماء وتطحن لنفسها وتكنس وخلال اعمالها المنزلية لم تكن تغفل عن ذكر الله كما علمها أبوها المصطفى (سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله اكبر اربعا وثلاثين فتلك مائة باللسان، وألف حسنة بالميزان) وكان هذا احب إليها وأهم عندها وارضى لها من خادم يعينها .
واكدت المحاقري ان الزهراء هي نموذج عالٍ قدمها الإسلام للمرأة الصالحة ودورها في مسيرة الدين والحياة، وهذه النماذج تقدم لنا شاهدا على إمكانية التطبيق على التعليمات والتوجيهات الإلهية في واقع عملي وهناك احاديث عظيمة لفاطمة الزهراء فهي النموذج الأرقى والأكثر تميزا وقال عنها رسول الله (إنها سيدة نساء العالمين وإنها بضعة منه ومن آذاها فقد آذاه)، وكان مقامها كبيراً عند رسول الله عندما كانت تزور رسول الله فكان يقوم من مجلسه ويجلسها بكل إكبار وبكل احترام وبكل تقدير، وكان اذا غاب عن المدينة في أي سفر في اي رحلة جهادية كانت آخر من يودعها، وعندما يرجع الى المدينة كانت اول من يذهب إليها .
وتواصل هناء المحاقري : ان الزهراء هي المثل الأعلى والقدوة الحسنة في قيمها واخلاقها وفي حفاظها على بيتها وتربية ابنائها التربية القرآنية، فقد بنت البناء الصالح، بناء من واقع اسري متميز متماسك قائم على الخير والرفق والقيم والأخلاق والتقوى والتعاون والتكاتف وهذا له دور إيجابي في المسؤولية الكبرى وعلى مستوى الترابط الاجتماعي بكله.
فالإسلام بيَّن ان للرجل وللمرأة في مواجهة تحديات كبرى في إطار المسؤولية الكبرى في مسيرة الدين في مسيرة المسؤولية يقول الله (وَالْـمُؤْمِنُونَ وَالْـمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
وحول استهداف المرأة المسلمة أوضحت المحاقري ان الأعداء يستهدفون المرأة لأنها الدعامة الأساسية للأسرة والأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع .
مضيفة: الأعداء يتجهون إلى مجتمعاتنا على مسارين هما:
الاول: مسار التفريق وإثارة النزاعات بالتصارع والتنافس والحروب .
ثانيا: التركيز بشكل كبير جدا على افساد المرأة وضرب نفسيتها وفكرها والعمل على تحويلها إلى عنصر لإفساد الآخرين وذلك بإبعادها عن الالتزام بالضوابط الشرعية وتصبح منفتحة على علاقة بالجميع دون أي ضوابط وجعلوها وسيلة لإفساد الآخرين، والله قال لنا وبين لنا نفسية الأعداء (ويريدون أن تضلوا السبيل) هذه حقيقة يؤكدها القرآن .
ونوهت المحاقري بأن الإسلام تضمن في تعليماته ونظامه وبرنامجه للحياة مايكفل للمرأة دورها الإيجابي العظيم في الحياة، وأن من المهم للأخوات المؤمنات الاستفادة القصوى من مآثر وسير سيدة نساء العالمين فاطمة وابنتها زينب -سلام الله عليهما- والنماذج التي قدمها القرآن الكريم والاحتراز من التأثر بما يسعى له أعداء الإسلام من رموز الخلاعة والضياع، لأن هناك محاولات كبيرة وجادة في مسخ قيم الرجال والنساء .
طهر البتول
فيما تقول الناشطة الثقافية غادة حيدر: الزهراء هي السيدة فاطمة الطهر البتول بنت خير المرسلين وخاتم النبيين محمد ابن عبدالله صلوات الله عليهم أجمعين، نشأت وترعرعت وتربت في بيت يملأه الهدى والعفاف والتقى، بيت يرتل في جوانبه آيات القرآن ويستقبل الوحي والنور السماوي، فنشأت على الحياء والحشمة والعفة والطهر والإيمان والإحسان وارتقت حتى بلغت سلم الكمال الإنساني وصارت نموذجاً وقدوة وقرآناً يتلى ومنهجاً يتبع ونبراساً يستضاء به، سلام الله عليها.
وعن اهمية إحياء ميلاد الزهراء اوضحت غادة حيدر انه في ظل ما تعيشه المرأة المسلمة من استهداف لهويتها الإيمانية، هناك ضرورة ملحة جدا للعودة إلى النماذج والقدوات كوسيلة لتحصين المرأة المسلمة من الهجمة الشرسة التي تتعرض لها بغية افسادها وتفريغها من قيمها وأخلاقها وهويتها الإيمانية، فباتت الحاجة لإحياء هذه المناسبة حتى نعود بأنفسنا وبناتنا إلى النماذج الصالحات اللاتي اختارهن الله لنا كمظهر من مظاهر رحمته .
وفي سياق حديثها اشارت حيدر إلى تعمد تغييب سيرة الزهراء حيث قالت: ولهذا السبب عمد الاعداء الى تغييبها من واقع الناس من خلال تهميش ذكر سيرتها العطرة وشذرات حياتها الملئية بالدروس والعبر والتي تمثل دليلاً يسترشد ويستهدى به ومن خلالها في إصلاح النفوس وتزكيتها وتربيتها والهامها وتحفيزها وتحريكها في واقع الحياة بفعالية وجذابية لا مثيل لها.
واضافت : ان هذا ما أخاف وارعب الأعداء فغيبوها بكل جرأة ووقاحة وظلم، لأن سيرتها وتاريخها كفيلان بإفشال كل مخططاتهم الافسادية الشيطانية الخبيثة وتمثل جسر نجاة وحصانة كاملة وشاملة للمرأة المسلمة مما يمكن ان يستهدفها ويميعها ويفرغها من مهمتها ودورها الرئيسي في الحياه.
قدوة المرأة المؤمنة
وتشير الى ان السيدة الزهراء كانت مشروع فضيلة من قبل أن تتزوج، فهي أم ابيها فقد مارست الأمومة مع والدها وهذا له دور كبير في جدارتها كأم لأولادها، فلو تتبَّعنا رعايتها وحدْبها وحنانها على أبيها، على الرغم من صغر سنّها، لعرفنا كم هي الأمومة الحانية والكريمة التي كانت تحملها هذه الفتاة التي وقفت الى جانب أبيها في أصعب المواقف وأحرج الأوقات، كونها شكّلت مع قرينها الإمام عليّ -عليه السلام- ثنائياً زوجياً رائعاً ونادراً بكلّ المقاييس.
وأكدت الرميمة انه كان من الطبيعي أن تكون الأم الحنونة مع أبنائها، أنّ أكثر شخص يؤثر في الطفل ويتأثر الطفلُ به هو أُمّه التي تترك بصمات تربيتها على نفسه وسلوكه عميقاً وعلى مدى حياته كلّها، خاصّة إذا كانت أمّاً واعيةً صالحةً، ووفقاً لقول علماء التربية، فإنّ شيئاً من روح الأم يبقى سارياً في حياة الأبناء حتى وإن بلغوا سنّاً متقدّمةً.
وتضيف الرميمة :لا بدّ لنا أن نعرف أنّ التربية هي محصّلة جهدين مشتركيْن، وليست جهداً واحداً، هي مجهود تعليمي ومجهودٌ آخر تربوي ولأن مسألة القدوة والاقتداء لها مكانة هامة في حياة الانسان، فيجب ان يختار الإنسان القدوة التي تسير به إلى ملكوت الله، فنلاحظ ان الكثير في طريق البحث عن القدوة يتخذ قراراً مهماً في حياته، فالقدوة هي من تحدد مصير الإنسان إذا كانت صالحة او العكس، وهي مسألة لا تختص بعمر محدد، فالإنسان مسؤول عن نفسه منذ التكليف.
واشارت هاجر إلى ان المرأة الواعية هي من جعلت الزهراء قدوة لها في ظل تهافت البعض نحو قدوات ضالات تسوق صاحبها إلى النار والعياذ بالله.
مضيفة: أن فاطمة الزهراء تعتبر المثال والقدوة للمرأة المسلمة التي حاربت في سبيل الإسلام وكانت عونا لأبيها وزوجها في آن واحد، كما أنها من أفضل النساء أخلاقا وأكثرهن التزاماً وعلمت من أمور الدين الكثير ما جعل لها المكانة الأرقى والأسمى بين نساء العالمين، وليس هذا فقط فقد كانت لها مواقف بطولية في نصرة الإمام علي عليه السلام، وفي حادثة الدار القصة العظيمة البطولية التي مثلتها في الدفاع عن زوجها وإمامها فقد ضحت بنفسها فداء لهذا الدرب الولائي.
واوضحت هاجر الرميمة ان الزهراء لم تكن الحنونة فقط، بل كانت الشجاعة أيضا التي لا تخاف في الله لومة لائم، فهي بنت رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو المعلم الاول لكل السمات التي انتمت لها السيدة فاطمة -عليها السلام- لقد نشأت السيدة فاطمة في بيت النبوة ومهبط الملائكة والوحي وقد ترعرعت منذ نعومة أظافرها في كنف النبي الاعظم وكانت المثل الاعلى في الجهاد والصبر والثبات والتقرب الى الله والعبادات.
وتواصل حديثها :هي كوكب دُري تنير درب كل مؤمنة اختارت طريق الهداية ومن خلال الأحداث التي نعيشها في ظل التهافت نحو الانحراف والانخراط وتتبع الموضة والتسارع في طمس الهوية الايمانية وخاصة هويتنا الايمانية التي طالما عرفت بالأخلاق والالتزام.
و حول الحرب الموجهة الى المرأة قالت الرميمة : نلاحظ كمية الهجوم الشرس على المرأة المؤمنة من خلال الحرب الناعمة وغيرها، ولكن كلما تحصنت المرأة وارتبطت بالله وجعلت قدوتها بنت نبيها -عليهما السلام- تكون قد حمت نفسها من كل ما قد يخرب عفتها وحياءها.
وعن أهمية إحياء ذكرى ميلاد الزهراء أكدت انه عندما نحيي مولد السيدة فاطمة الزهراء -عليها السلام- نكون قد افشلنا كل المخططات التي تحاك لهدم الاسرة المؤمنة، ونحيي اسم السيدة فاطمة التي غيبها الأعداء لأنهم يعلمون انهم إذا غيبوا عنا سيرتها بذلك لن تكون هناك قدوة مؤمنة وكان بالمقابل البديل للقدوة الممثلات والمغنيات، هم بذلك أرادوا طمس الدين لأنهم يعلمون انه إذا ما تمسكت النساء بالسيدة فاطمة فإن المرأة ستكون أقوى وكلما قوت المرأة كانت قوة الرجال، فالمرأة لها دور كبير في التأثير على الرجل.
وختمت بالقول: ونحن بحمد الله نتمسك بالسيدة فاطمة الزهراء- عليها السلام- ونحاول بل ونجاهد أنفسنا على السير على خطاها لنكون بذلك قد ضمنا لأنفسنا النجاة هي قدوتنا في حياتنا، في تعاملنا مع الوالدين ومع الزوج وفي تربية الأولاد، لأن فاطمة الزهراء تعتبر المثال والقدوة للمرأة المسلمة التي حاربت في سبيل الإسلام وكانت عونا لأبيها وزوجها في آن واحد، كما أنها من أفضل النساء أخلاقا وأكثرهن التزاماً وعلمت من أمور الدين الكثير ما جعل لها المكانة الأرقى والأسمى بين نساء العالمين.