الخبير الذي طال انتظاره !!

كلما وصل قانون “الشراكة” للجهات المختصة وإلى مجلس الوزراء يكون السؤال التالي : هل وصل الخبير واطلع عليه¿ والجواب طوال عام كامل منذ يناير 2013م وحتى فبراير 2014م “لم يأت بعد” .
هكذا تجسد أزمة الخبير الذي طال انتظاره بوضوح ما تعانيه اليمن من أزمة “كفاءات” حادة وكبيرة حيث نسير منذ سنوات في نفس الاتجاه المتمثل في عدم توفير كادر بشري مؤهل ومدرب قادر على تطوير الأداء والتعامل مع مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للفترة القادمة الأمر الذي يجعلنا “محلك سر” في انتظار الخبير الذي يعد لنا كل شيء من خطط تنموية واجتماعية وبرامج إدارية وسياسات إصلاحية وقوانين تشريعية.

ظلت عملية الشد والجذب السمة السائدة في إجراءات إعداد أحد القوانين التشريعية المنظمة لبيئة الأعمال والشراكة بين القطاعين العام والخاص المثير للجدل والذي ترتسم الكثير من علامات الاستفهام حوله – لتباين وجهات النظر بين جميع الأطراف ويتحدث مسؤول في جهاز التواصل مع القطاع الخاص : معروف أن أي قانون سيأتي يجب أن يتماشى مع الوضع الراهن للبلد ومع المنظومة التشريعية لليمن مضيفاٍ: عموماٍ أنجز مشروع القانون خلال نحو شهرين بعد التعامل مع ملاحظات جميع الأطراف طبعا لم يحصل توافق بنسبة 100% لأن هذا صعب وهناك أكثر من طرف تتباين وجهات نظرهم.
ويشير إلى استيعاب ما أمكن من الملاحظات حيث كان هناك كما يقول تأخر لشهور لانتظار خبير من البنك الدولي للتشاور معه حول مسودة القانون ومع بعض الجهات المعنية الأخرى هذا بعد إنتاج ثلاث مسودات للقانون .
طال انتظار الخبير ودخل العام 2014م ولم يأت وتم تقديم المسودة لمجلس الوزراء وكان الرأي انه يتم عرض المسودة على الخبير وبالتالي سحب القانون مع إعطاء مهلة لشهر ونصف وانتهت الفترة ولم يتم توفير الخبير يعني سنة والخبير لم يأت أعيد القانون إلى مجلس الوزراء وتم إقراره وبعد فترة وجيزة تم إلغاء قرار الموافقة والعودة مرة جديدة لأزمتنا المستفحلة توفير الخبير وضرورة أن يكون أجنبياٍ.
جهود شاقة
لم تخطر في بال أحد حتى الآن قضية انعدام الكوادر البشرية المؤهلة التي تتسبب في تدهور التنمية وانحدار الإدارة وتلاشي الإنتاجية.
.وطبقاٍ المستشار الإداري للمؤسسة اليمنية للتدريب الدكتور ياسين النهاري فإن الوضعية الحالية للإدارة في اليمن تتطلب جهوداٍ شاقة ومضنية لتحسين الأداء وخلق اطر وهياكل مؤسسية وفقاٍ للأسس والمعايير الإدارية الحديثة في كافة المرافق العامة والخاصة.
ويضيف أن جميع الإشكاليات الإدارية والمالية التي تحد من تطور الأداء معروف أن سببها الإنسان يعني هي من صنع الناس وليست قدراٍ محتوماٍ ولهذا يجب إعادة تأهيل كل من تعود العيش تحت مظلة العجز والتقاعس .
ويرى أن تطوير الأداء والحد من الفساد والنهوض بالأداء التنموي والاعتماد على الذات في التعامل مع جميع مشاكلنا ومنظومة حياتنا العملية يحتاج لكادر بشري مؤهل ومدرب تدريباٍ عالياٍ يوازي التطورات الحاصلة في كل المجالات .
ويقول: من خلال الاهتمام بالتنمية البشرية وإيجاد كادر بشري مؤهل نستطيع تلافي أي أخطاء حصلت في الماضي وممكن أن تحصل في الحاضر في إيجاد بيئة أعمال جاذبة ومنتجة تستند إلى منظومة تشريعية سلسة ومرنة بجودة معايير عالية وحديثة وكذا فيما يخص مشاريع التنمية والتمويلات الاقتصادية التي لم تجد كادر بشري يستطيع إدارة عملية استيعابها بكفاءة وفاعلية.
ثغرات
أزمة الخبير ومحدودية العقول وتلاشي الكفاءات ظواهر سلبية خطيرة تتسع معضلتها نتيجة لتراجع تصنيف الأداء المؤسسي في اليمن بشكل كبير بسبب الضعف الإداري والمؤسسي الحاصل وهو ما انعكس في النقاط المنخفضة التي أحرزتها اليمن 3 نقاط من 6 في التقييم المؤسسي للبلاد.
ويعود السبب الرئيسي إلى ضعف القدرات المؤسسية والفساد وتأثيرهما بشكل خطير على قدرة الحكومة في تشكيل رؤية تنموية قابلة للاستدامة وإدارة الموارد وأداء المهام الأساسية وتقديم الخدمات أو تصميم وتنفيذ الإصلاحات.
كما أن هناك ثغرات كبيرة في القدرات وعدد الموظفين المؤهلين محدود بالإضافة إلى أن هيكل المؤسسات الحكومية وصلاحيتها تحتاج إلى توضيح.
أما الخدمة المدنية فهي لا تزال إما لديها فائض أو نقص في الموظفين وتفتقر للإدارة المناسبة وأنظمة الحوافز اللازمة.
وانخفض تصنيف اليمن في مؤشر الفساد السنوي بشكل مطِرد منذ 2005م وإلى 164 من أصل 182 بلداٍ في عام 2013م.
وعلى الرغم من التقدم المحرز مؤخراٍ في إرساء وتنفيذ القوانين واللوائح لتحسين البيئة العامة للحكم بما في ذلك تمرير قانون حرية الوصول إلى المعلومات إلا أنه لا تزال هناك تحديات كبيرة على الحكومة العمل على حلها وتجاوزها لتحقيق تقدم منشود في التنمية الشاملة.
قصور
العجز الذي تعاني منه اليمن في إيجاد كوادر بشرية مؤهلة ومدربة في الجهاز الإداري للقطاعين العام والخاص يعود إلى مجموعة من العوامل التي ساهمت في توسع هوة هذه المعضلات من أهمها القصور في البناء المؤسسي والذي يرجع بشكل رئيسي إلى ضعف السياسات الخاصة بإدارة الموارد البشرية بما في ذلك أنظمة التوظيف والتدريب والحوافز وعدم تفعيل إجراءات الضبط والرقابة الداخلية بالإضافة إلى عدم قدرة الإدارة في معظم الوحدات على مواكبة التطوير ورفع كفاءة الأداء وعدم تطبيق سياسات وأنظمة إدارية تحقق القدر المطلوب من الكفاءة التشغيلية وما يصاحب هذا القصور من سوء تخطيط وعدم الدراسة والتقييم أولا بأول للانحرافات السلبية في الأداء ومعالجتها وقت حدوثها.

قد يعجبك ايضا