يستميت الأطباء ورجال الدفاع المدني وغيرهم من المتطوعين في هذا المجال الإنساني في بذل قصارى جهدهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أراوح الأبرياء وضحايا القصف الجنوني الذي يشنه الكيان الغاصب بحق المدنيين في قطاع غزة، فمن لم يمت من هؤلاء تحت غارات العدوان، لم تسلم أسرته وعائلته من القصف والموت وبات هو الآخر يبحث عن طبيب ومنقذ له من هول الصدمة والألم في خضم هذا المشهد المؤلم والحزين على امتداد القطاع .
وزارة الصحة الفلسطينية كشفت عن إحصائية لحجم الضحايا الذين سقطوا من أفراد الكوادر الطبية ورجال الدفاع المدني بغزة، وبحسب الإحصائية فإن اكثر من 200 شهيد من الكوادر الطبية استشهدوا جراء غارات العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة، فيما بلغ شهداء أفراد الدفاع المدني اكثر من 40 شهيداً بالإضافة إلى إصابة 150 فرداً من الأطباء وأفراد الدفاع المدني خلال فترة لم تتجاوز 40 يوماً من عمر العدوان الصهيوني على قطاع غزة .الثورة / مصطفى المنتصر
لا شيء يبدو مفاجئا في مدينة غزة المنكوبة وما نقلناه في هذه السطور التي نروي فيها جزءاً مما تيسر من هول المعاناة وقصص الموت المروعة في قطاع غزة ، فالطبيب والممرض ورجل الدفاع المدني الذين يبذلون جهودا مضنية لإنقاذ أرواح الأبرياء ومن سخروا أنفسهم لهذا المجال الشاق فقد باتوا هم اليوم وفي ظل هذا العدو الغاشم هم ضحايا لهذا الإجرام الذي لم يميز حتى بين الأطباء ورجال الدفاع المدني الذي يقومون بدور إنساني خالص وفي ظل وضع استثنائي وحساس وقد تمكنا ان نروي لكم جزءاً من قصص الموت الذي يتعرض له الأطباء ورجال الدفاع المدني في غزة في ظل استمرار العدوان الصهيوني الجبان على قطاع غزة منذ قرابة 40 يوماً.
رجل دفاع مدني ذهب لإنقاذ المهمة فتفاجأ بقصف الاحتلال لمنزله واستشهاد أفراد عائلته
في واحدة من ابشع قصص الجرائم التي خطتها غارات العدو الصهيوني الجبان على أهالي غزة بمختلف الأجناس والاعمار ففي الوقت الذي كان أبو حمزة الخولي احد رجال الدفاع المدني في قطاع غزة يركض بين ركام الدمار والقصف المهول للبحث عن من لازال على قيد الحياه أو انتشال من قضى في تلك الغارة الإجرامية على احد المنازل في حي الزيتون، وفي حين لم يجدوا ما يمكن ان يقوموا به لقلة الإمكانيات تلقى بلاغ قصف جديد استهدف احد المنازل في حي الزيتون شرق مدينة غزة لتذهب سيارة الإسعاف على الفور وعلى متنها ابو حمزة الذي تفاجأ بان القصف الذي ذهب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه على اثر تلك الغارة قد طال جميع أفراد أسرته ولم يتمكن من تقديم أي شيء لإنقاذهم .
قصص مأساوية ورويات حزينة يرويها رجال الإنقاذ في الدفاع المدني بغزة والذين باتوا بحاجة إلى من ينقذهم من هول ما يعيشونه من إجرام ووحشية طالت كل مناحي الحياة واستهدفت الشجر والحجر والإنسان والطفل الرضيع في عدوان ومشاهد دامية لم يحدث ان عاشتها البشرية من قبل .
ووفق ما ذكرته مصادر إعلامية، فإن رجل الدفاع المدني كان ذاهبا لمهمة الإنقاذ في المنطقة التي يسكن فيها، لكنه لم يعلم بأن المنزل المستهدف من قبل الاحتلال الإسرائيلي هو منزله واستشهاد جميع من كانوا بداخله من أفراد عائلته.
ويتشابه الحال الذي عاشه رجل الدفاع المدني الفلسطيني الخولي مع مآس عديدة عاشها العديد من الأشخاص كالأطباء الذين تفاجأوا خلال عملهم داخل المشفى باستقبال أفراد عائلاتهم مصابين وشهداء، خلال حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي من قبل الاحتلال الإسرائيلي المستمر على غزة منذ اكثر من شهر .
طفلة تساعد رجال الإنقاذ في رفع الدمار وهي تحت الركام
في مشهد أخر لا يقل مأساوية عن ما سبق ذكره تداول ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لطفلة فلسطينية تساعد رجال الدفاع المدني الذين يحاولون انتشال جسدها من تحت الدمار وهي تحاول رفع ركام منزلها المدمر فوقها لتخفيف الحمل الثقيل الذي ألقت به طائرات الكيان الصهيوني فوق رأسها .
واظهرت المشاهد بسالة لا نظير لها وشجاعة عرت الجبن الوضيع للأنظمة العربية المتخاذلة التي جعلت من هذه الطفلة البريئة تدفع ثمن عمالة ووضاعة أنظمة الخزي والعار في صورة تعكس حجم الصمود والتضحية الفلسطينية في معركة التصدي للطغيان الصهيوني الأمريكي والدفاع عن المقدسات الإسلامية .
وبين الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على نطاق واسع، قيام رجال الإنقاذ برفع الركام عن الطفلة التي تساعدهم بيدها من تحت ركام منزلها المدمر، جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي لمنزلها وتحويله إلى كومة من الحجارة في الوقت الذي كان رجال الدفاع المدني يقولون أثناء رفعهم للركام عن الطفلة التي كانت تساعدهم في رفع الركام عنها، ” قويّ.. قوي أنتي”.
ممرضة تتفاجأ بأسرتها من بين ضحايا القصف
مشاهد مؤثرة تنقلها عدسات الكاميرا لحجم المأساة التي يعيشها المواطن الفلسطيني وهو يواجه عدواً منزوع الإنسانية والضمير ومحتلاً وحشياً صنع على أيدي قوى الاستكبار والطغيان والصهيونية النازية.
بكلمات ممزوجة بالدموع والحزن على فقدان أسرتها في مجازر التطهير العرقي التي يشنها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة ودعت الممرضة الفلسطينية أختها وأبناءها بعد استشهادهم بقصف الاحتلال الإسرائيلي لمنزلهم في قطاع غزة.
وتداول ناشطون مقطع لممرضة فلسطينية في احد مستشفيات غزة وهي تردد كلمات حزينة في رثاء أختها وأولادها والتي قالت انها بمثابة أمها فهي من تبقى لها من رائحتها العطر “أمي هذه.. وحياة الله أمي”.
وفي وداع ابنها -الحافظ لكتاب الله- عبرت الأم المنهكة من صور الموت المضرجة بدماء أسرتها بقولها “يا حبيبي يا عبود كنت جايا أباركلك .. حفظ القرآن”
مشاهد الموت ووداع الأهل والأحبة لا تتوقف على امتداد القطاع المدمر والذي يتعرض أبناؤه لحرب إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق المدنيين من الأطفال والنساء، بفعل قصف الاحتلال الإسرائيلي للأحياء السكنية ومنازل المواطنين على رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار.
طبيب يزف أفراد أسرته الشهداء
في ظل تمادي الإجرام الصهيوني في استهداف الأبرياء والمدنيين في غزة، يعمل الأطباء والمسعفون في مستشفيات قطاع غزة على مدار الساعة في ظروف غاية التعقيد والصعوبة، عبر عنها أحد أطباء فرز الإصابات حين بات يعلن عن حصيلة الشهداء بذكر أسماء أسرته الذين ارتقوا في قصف طيران العدوان الصهيوني على غزة.
الطبيب اياد شقورة وهو صيدلي يعمل وقت الحروب في غرفة الطوارئ، لم يتمالك نفسه عندما وصلت جثث أطفاله وأمه وأقاربه إلى المستشفى بعد قصف استهدف منزله في خان يونس جنوب قطاع غزة، الذي تقصفه إسرائيل بلا هوادة منذ بدء العدوان على القطاع.
وبينما يلقي شقورة بعينين دامعتين النظرة الأخيرة على جثث أحبائه الذين تم لفهم بأكفان بيضاء بدأ الطبيب بتعداد أسماء أصحاب الجثامين واحدا تلو آخر “في هذه الضربة، فقدت والدتي زينب أبو دية، وفقدت أخوي محمود وحسين شقورة، وأختي إسراء شقورة مع ابنيها حسين ونبيل، وفقدت ابني، فلذة كبدي عبد الرحمن (7 سنوات) وعمر (5 سنوات).
وأضاف شقورة واضعا جبهته على جبهة طفله عبد الرحمن التي كانت ملطخة بالدماء “لدي 5 أطفال، ولكنه كان المفضل بالنسبة إلي”. ووضعت جثتا عبد الرحمن وشقيقه في كفن واحد.
وتساءل الطبيب بألم وحسرة “ما الذنب الذي اقترفوه حتى تصب على رؤوسهم أطنان من القنابل وأطنان من المتفجرات؟ الحمد لله. هم ليسوا أحسن حالا من أطفال سبقوهم إلى عند الله”.