فلسطين ومؤتمرات العرب وقمم المسلمين..

طه العامري

 

لقاءات ومؤتمرات وتصريحات يطلقها العرب والمسلمون حول فلسطين ومجازر العدو الصهيوني بحق أبواقها تزداد وتتسع المذابح وتطال المرافق الصحية والخدمية في حرب غير مسبوقة بأدواتها وأطرافها، ومن مؤتمر سلام القاهرة إلى اللقاءات المكوكية العربية، إلى مؤتمر (ماكرون) الذي لا يعد كونه تجمعاً لتسجيل حضور فرنسي بحثا عن دور لها في المنطقة وهي المطرودة من أفريقيا، وغدا أو بعده قيل هناك مؤتمرا قمة عربي وإسلامي برعاية نظام آل سعود، فماذا ستكون نتائج هذه المؤتمرات؟!
هل سيكون للعرب والمسلمين موقف يعيد للعروبة ألقها وللإسلام قيمه السمحة؟!
هل ستخرج هذه القمم بموقف يرفع الضيم والظلم عن أبناء فلسطين وغزة ويعمل على وقف الوحشية الصهيونية؟
هل سينتصر العرب والمسلمون لدماء أطفال غزة وشيوخهم ونسائهم؟!
ماذا سيناقش العرب والمسلمون في قممهم المرتقبة؟ هل سيناقشون آلية دعم الشعب العربي في فلسطين ويمدون المقاومة بالسلاح والمال والعتاد المطلوب لمواصلة كفاحهم ضد العدو المحتل؟!
هل سيناقشون مقاطعة الصهاينة والأمريكان ومن يتحالف معهم ويساند حق الصهاينة (بالدفاع عن النفس)؟!
هل سيقرر العرب والمسلمون الاقتداء بحلفاء الكيان الصهيوني وإعلان مساندتهم وتضامنهم مع الشعب العربي المسلم في فلسطين ودعمهم بكل متطلبات الصمود إسوة بمواقف أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والغرب الذين أعلنوا تضامنهم مع كيان العدو وهرولوا إليه معبرين عن تضامنهم معه ومؤكدين وقوفهم المبدئي والثابت إلى جانبه ومناصرته ضد (إرهاب الشعب العربي الفلسطيني) الذي أصبح هو (الإرهابي والمجرم) والكيان المحتل هو الحمل الوديع والضحية المجني عليه..؟!
ماذا سيناقش العرب والمسلمون في قمتهم المرتقبة بعد أكثر من شهر من المذابح والمجازر الصهيونية التي تتم برعاية أمريكية غربية وفي ظل صمت دولي مطبق، وهل ما يجري للشعب العربي في فلسطين وغزة تحديدا منذ 7 أكتوبر الماضي، أي منذ أكثر من شهر أسقط خلالها العدو أكثر من 35 ألف طن من المتفجرات منها أسلحة محرمة دولية وبعد استشهاد أكثر من ستة آلاف طفل ناهيكم عن أولئك الذين لا يزالون تحت الأنقاض لعدم تمكن فرق الإنقاذ من أخراجهم ودفنهم لنقص في معدات الأنقاض، ماذا سيقدم العرب والمسلمون لفلسطين بعد استشهاد أكثر من ثلاثة آلاف امرأة هن زوجات وأمهات، ماذا سيقدم حكام العرب والمسلمون لفلسطين وقد بلغ عدد الشهداء قرابة 11 ألف شهيد وهناك 30 ألف جريح، وبعد دمار القطاع بمشافيه ومراكزه الصحية وبنيته التحتية.
نعم.. ماذا في جعبة الحكام العرب والمسلمين وعلى ماذا سيجتمعون ويتفقون؟ هل يملكون القدرة علي إيقاف العدوان ومحاكمة المجرمين الذين ارتكبوا المجازر بحق الشعب الفلسطيني ليس في قطاع غزة بل في كل فلسطين بما فيها أرض 48 المحتلة، منذ أكثر من شهر وأمام هول وبشاعة الجرائم الصهيونية وتصريحات قادة العدو المستفزة ومعها التصريحات الأمريكية والغربية الوقحة، لم نسمع ولم نشاهد موقفاً عربياً أو إسلامياً يعكس وحدة الهوية والانتماء ولا وحدة العقيدة ولم نر حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر) صدق رسول الله.
إذا ماذا في جعبة النظام العربي والإسلامي لم نعرفه بعد ولم يعلن عنه؟
ومع ذلك نرحب ويرحب كل عربي ومسلم بهذا الجمع العربي الإسلامي في بلاد يفترض أنها بلاد رسول الله وفيها مدينته صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وفيها بيت الله الحرام، وكل أملنا أن تخرج هذه القمم بقرارات ترتقي لمستوى قدسية مكة والمدينة وتعاليم ديننا الإسلامي وبما تتطلبه وحدة الهوية والانتماء وقيم العروبة وأخلاقياتها وبما يتماهى مع وحدة الهوية والانتماء والمصير الواحد.
غير أن الخوف كل الخوف أن يخضع المجتمعون لتعاليم أمريكا ويجبروا على إدانة المقاومة واعتبارها حركات (إرهابية) قامت بمغامرة طائشة وبعمل إرهابي ضد (دولة ديمقراطية متحضرة) حسب مزاعم أمريكا والغرب الذين ينظرون للحدث من يوم 7 أكتوبر ولا علاقة لهم بـ75 عاما من الاحتلال، ينظرون للحدث متجاهلين دوافعه وأسبابه ومتجاهلين أن هذا العدو الإرهابي تجاهل كل القوانين والتشريعات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة بما في ذلك قرار التقسيم الذي قبل به الكيان وحصل بقبوله علي هذا القرار بالاعتراف الدولي عام 1948م وبعد أن نال الاعتراف تنكر للقرار ولم يعمل به حتى اليوم.
إن القادة العرب والمسلمين مطالبين بالخروج بموقف موحد يرتقي لمستوى التضحيات التي قدمها شعبنا العربي في فلسطين، موقف يرتقي لمستوى الجرائم الصهيونية، أو فلا يلطخوا وجوههم بمزايدات من مواقف العار والانهزام، أن المشهد الفلسطيني لم يعد يحتمل التخاذل والسمسرة والمساومة والتسويف والمزايدة، أن النظام العربي برمته والنظام الإسلامي أمام تحد حقيقي، تحدي يتصل بوجودهم وبدورهم ومكانتهم وشرعيتهم.
مطلوب موقف عربي وإسلامي يرتقي لتضحيات أطفال ونساء وشيوخ فلسطين، ويتماهى مع بطولات المقاومة الأسطورية التي استطاعت ولا تزل تمرغ جيش العدو وتلحق به العار والهزيمة رغم المجازر التي يرتكبها العدو بحق المدنيين الأبرياء تعبيرا عن فشله وإخفاقاته في الميدان أمام أبطال المقاومة الصامدين للشهر الثاني أمام وحشية القوة الصهيونية وجيشها الذي أثبت للعالم أنه جيش مهزوم وفاشل وجبان ولهذا يحاول إرعاب أبطال المقاومة بارتكاب المجازر بحق الأطفال والنساء والمدنيين العزل ومحاصرتهم من الغذاء والدوا والماء والكهرباء في سابقة لم بقوم بها أحدا قبل الصهاينة عبر التاريخ.
فهل تأتي قرارات قمتي العرب والمسلمين مختلفة عن سابقاتها أم ستأتي على غرار قمة 1982م التي عرفنا فيها مبادرة آل سعود للسلام.؟!
تلك المبادرة التي كتبها الصحفي الأمريكي (توماس فريدمان) وقدمت للقمة باسم ولي العهد السعودي حينها الأمير عبد الله بن عبدالعزيز، للتغطية على جرائم الصهاينة في لبنان..
والخشية أن تأتي قمم السعودية اليوم تلبية لطلب أمريكي صهيوني غربي والهدف التحايل على تضحيات الشعب العربي في فلسطين ومصادرة تضحيات المقاومة وتلميع الوجه الصهيوني القبيح.
هذا ما سوف تكشف عنه تداعيات الأيام القادمة.

قد يعجبك ايضا