الأحداث في قطاع غزة كفيلة بكشف كل الحقائق ، والموقف فيها يفرز الناس ويميز الخبيث من الطيب، يا مؤمن صريح ، يا منافق صريح ، فاذا كان العدوان والحصار على اليمن كشف كل المنافقين والمتصهينين والمطبعين طوال تسعة أعوام فإن حرب غزة أظهرتهم للسطح عُـراة، والحقيقة اليوم انه ومنذ خمسين عاما، ولأول مره يظهر الإيمان كله للكفر كله، فبعد معركة طوفان الأقصى هذه أن تكون عربياً ومسلماً تابعاً ومرتهنآ وموالياً ومستمعاً لسياسة من نوعية سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن ، فهذا يعني أن تكون من دون شك نذلاً وواطياً ، بلا أخلاق وبلا شرف ، و بلا عقل وبلا أمل وبلا ضمير، لأنه لا يمكن أن تكون مع فلسطين ومع الصهاينة في نفس الوقت ، واي إيحاء بالحياد والوساطة بينهما مهما كان نوعه ، ما هو إلا أكاذيب عاهر ، يقوم بدور القواد في أشرف وأطهر معركة في هذا العصر ..
إن ما يحدث في غزة الآن، حدث أضعاف أضعافه في اليمن ، مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال قضوا واستشهدوا وجرحوا وتشردوا ، خاصة أن القوى التي كانت تضرب اليمن كانت عالمية وبتحالف إقليمي و دولي وليست مجرد جيش واحد مدعوم من الخارج، بل تحالف عربي و دولي تقوده السعودية بكل ترسانتها المالية والنفطية وتديره أمريكا بكل ترسانتها العسكرية واللوجستية ، الفارق الوحيد بين هذه الحرب التي في غزة وسابقتها في اليمن هو تطور استخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت الأمور علنية ومكشوفة، نحن ضحايا على الدوام والأنظمة والمؤسسات العالمية الكبرى تعاملنا باعتبارنا كائنات من الدرجة العاشرة ولا قيمة لنا، عسى أن يكشف ما يحدث الغمامة عن عيوننا، سواء فيما يتعلق بنظرة العالم لنا، أو دور الأنظمة العربية غير القادرة سوى على سحق امتنا ومنعها من الكلام أو الحركة..
رغم قسوة ما يحدث في فلسطين الآن وفي غزة تحديدا ، إلا أنه فرصة كي يعيد من تم تزييف وعيهم قراءة التاريخ على ضوء الحاضر ، وليعلموا أن الفلسطينيين لم يقوموا ببيع أرضهم، بل تم تهجيرهم بالقتل والإبادة، ما يحدث الآن حدث كثيرا من قبل، الفارق الوحيد أن ثورة الاتصالات جعلته مرئيا بشكل مباشر، فلست محتاجا للقراءة كي تعرف الحقيقة، فقط شاهد الآن لتعرف حقيقة ما حدث و يحدث وسيحدث،
إن تصنيف الدول والمنظمات وحركات المقاومة باعتبارها إرهابية من عدمه، مجرد أداة في يد القوى الغربية لا أكثر، تُلوّح بها أمام الدول والأنظمة كي لا تخرج عن المسار المرسوم لتحقيق مصالح الغرب وأمريكا ، حماس ليست منظمة إرهابية، بل هي كيان مقاومة نشأ في ظروف استيطان غاشم واحتلال صهيوني قذر ، ووصلت إلى السلطة بناء على اختيار الشعب في غزة لها ، وتم رفضها من قبل إسرائيل وحلفائها لأنها لم تقبل بالوجود الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية ، ورفضها للاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير في الضفة الغربية مع إسرائيل، وقد أثبتت الأيام أن هذه الاتفاقيات لا قيمة لها، مع عدو لا يعترف سوى بالقوة وفرض الأمر الواقع على الأرض..
البعض ربما يختلف مع أيديولوجية حماس الإسلامية، لكن في النهاية لا يمكن إنكار أنها تدافع عن قضية حقيقية، الاختلاف حول الأيديولوجيا مقبول نوعا ما ، لكن الاختلاف مع حماس حول المبدأ في كونها حركة مقاومة ومن ضمن محور المقاومة، وهو حق حماس وغيرها من قوى المقاومة في السعي لتحرير أرضها وشعبها، فهذا غير مقبول بالمرة، ومن الواجب في وقت معركة التحرير هذه أن يكون الجميع في ظهر المقاومة ومحور المقاومة أيا كانت أيديولوجيتهم ومذاهبهم وتوجههم..