لقد أصبح واضحاً اليوم أن التنظيم الدولي للإخوان أصبح جزءا من الحركة الصهيونية العالمية، فقد نشأ كأداة بيد الصهيونية تحركها متى شاءت وتُقلق من خلاله السكينة والأمن العام في كل البلدان، وقد كتب الأديب المصري عباس العقاد نهاية أربعينيات – القرن الماضي – عن هذا الارتباط في صحيفة الوفد فأنكر عليه الكثير ذلك، وبعد كل هذا الزمن ها هي الحقائق تكشف عن ساقيها على صرح المواقف الممرد، فموقف الإخوان من حركة المقاومة الإسلامية يتماهى مع الموقف الصهيوني، وموقفهم من القضايا الإسلامية الكلية يتسق اتساقا كليا مع مصالح الصهيونية العالمية بل كادوا الآن يتماهون في المشروع إلى درجة الاندماج الكلي دون التمايز الذي تمليه الضرورة السياسية، وقد بدا ذلك جليا في أحداث الربيع العربي التي اجتاحت الوطن العربي وخطط لها اليهود الصهاينة حتى يصلوا إلى فكرة مشروع شمعون بيريز في الشرق الأوسط الجديد، ونفذها الإخوان في كل قٌطر من الأقطار العربية، ولولا أن تدارك الله اليمن بحركة أنصار الله وبقائدها العلم السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لكانت اليمن جزءا مفصليا من حركة الصهيونية العالمية، ولعل الكل يذكر – أو أخص من كان متابعا أنه خلال الربيع العربي صاحب الاضطراب الاجتماعي نظريات ثقافية قائمة على القياس والاستنباط التاريخي تحاول أن تثبت أن تاريخ اليهود كان في اليمن كله من خلال تشابه بعض أسماء الأماكن والتباس بعض الأحداث والمرويات في الكتب المقدسة، تلك النظريات استمر الترويج لها إلى وقت قريب حين قلب المجاهدون من أبناء اليمن المعادلة، ولعل الكثير يذكر اهتمام الإعلام بتهريب التوراة من اليمن باعتبار تلك التوراة يتوارثها أبناء الأسباط، وبالتالي كان الترويج أن الأسباط كانوا في اليمن، ولذلك ظلت التوراة في اليمن، ومثل ذلك يعزز النظرية وقد فشل مثل هذا المشروع أو كاد يفشل بعد أن فقد الإخوان مفردات القدرة على اللعبة في اليمن أو فقدوا الكثير منها، وقد لا يستغرب الكثير أن النظريات الصهيونية أكثر من يروج لها إعلاميا هم الإخوان والموضوع لا يحتاج إلا إلى قليل من التأمل فقط لتصل إلى هذه النتيجة المفجعة .
لم يفسر أحد حتى اليوم سر التحول في شخصية سيد قطب بعد زيارته أمريكا، فقبل الزيارة عُرف كأديب وناقد علماني بحت ثم عاد بعد الزيارة متدينا منظرا زرع فكرة القطبية والجماعات الإرهابية في الفكر العربي وقال بجاهلية المجتمعات وقال بضرورة جهاد المجتمعات حتى تعود إلى الفطرة، وتناسلت جماعات من فكره مثل القطبية والجهادية الإسلامية والقاعدة والكثير من الخلايا التي شهد العالم نشاطها في القتل والتدمير والتوحش، وقد ساهموا في تشويه الصورة المُثلى للإسلام .
الصهيونية العالمية حاولت السيطرة على الموجهات الثقافية الاجتماعية العربية وقد استطاعت أن تلبس عباية الإسلام وتعمل على تفكيك عراه من داخله عن طريق تيار الإخوان، ولولا محور المقاومة الإسلامية لرأيت اليوم واقعا عربيا متصهينا كليا ولرأيت الإسلام قد أصبح غريبا في أهله وبين معتنقيه .
تقول إحدى الدراسات الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية :
” إن الصراع الموجود حالياً في معظم أنحاء العالم الإسلامي عبارة عن حرب للأفكار، وسوف تحدد نتائج هذه الحروب التوجهات المستقبلية للعالم الإسلامي وما إذا كان خطر المجاهدين الإرهابيين سوف يستمر مع عودة بعض المجتمعات الإسلامية إلى أبعد أنماط التعصب والعنف.
وهذه الحرب لها تأثير عميق على أمن الدول الغربية. وعلى الرغم من أن الإسلاميين المتطرفين يعتبرون قلة في كل مكان إلا أنهم يحظون بالتفوق في العديد من المناطق.
ويكمن السبب وراء ذلك بدرجة كبيرة إلى أنهم قاموا بتطوير شبكات شاملة تغطي العالم الإسلامي وتتجاوزه في بعض الأحيان إلى المجتمعات الإسلامية في أمريكا الشمالية وأوروبا، أما المسلمون المعتدلون والليبراليون – رغم أنهم أكثرية في العالم الإسلامي – فإنهم لم يُنشئوا شبكات مماثلة، ويمكن لشبكات ومؤسسات المسلمين المعتدلين أن تعمل على توفير منبر لتقوية رسالة المعتدلين، إضافة إلى كونها تشكل قدراً من الحماية ضد العنف والإرهاب.”.
ومنذ بداية الألفية بدأت هذه الاستراتيجيات والملامح تتشكل في الواقع العربي والإسلامي، وبالعودة إلى مسار الأحداث نجد كل ما ورد في السياق وما لم يرد قد تفاعل مع واقع العرب، بدءا من حركة ” تشويه الأيديولوجيات المتطرفة في أعين معتنقيها ومؤيديها ” والنيل من الرموز الإسلامية .. ولعلنا نتذكر ما نال رسولنا الأكرم من إساءات ولا نقول انتهاء بالمعارك التي تدار بالوكالة عبر المنظمات والشبكات، فالمعركة العسكرية بدأت من العراق وما يزال أوارها مشتعلا في كل مكان وها هو يحط رحاله اليوم في غزة، فالمعركة في غزة تدار من قبل أمريكا ومن قبل الصهيونية العالمية، وبالتوازي مع معركة السلاح هناك سيطرة كلية على الموجهات الإعلامية والثقافية من خلال السيطرة على التطبيقات الاجتماعية وتشكيل المنظمات ودعمها، وحين نسترجع شريط الأحداث في العقدين الأخيرين نكتشف كم كان العرب أغبياء في التعاطي مع الرأسمالية ونظامها القذر، فقد أدارت معركتها معنا من خلالنا وبنا وهي تعلن حربها عياناً، فالأمر لم يعد خافيا .. ولله الأمر من قبل ومن بعد .