تم ولوج الكاتب في توطئة تفيض بمشاعر الحزن والآسى على زميل عمره ودراسته، الذي ضمتهما ثانوية باجدار بمحافظة أبين، حيث التقى فيها بالفقيد الراحل أ.د. عبدالله علوي الفضلي… يرحمه الله.
ليس من صفات صديقي دولة رئيس حكومة الإنقاذ بصنعاء المبالغة، لكنها لربما هي رهبة الموت ومكانة الفقيد في نفسه والذي زامله قرابة نصف قرن من الزمان، حيث امتلأ السرد الوصفي لملامح المشهد الوداعي الحزين بهول ما صوره من عيون دامعة وقلوب باكية، على عزيز في قومه خدوم لأبناء وطنه محبا لهم، ولم يترك لنا حتى برهة من زمن، حيث ذهب مسترسلا في تأصيل نسب الفقيد أسرة وبيت السلطنة الباذخ الصيت بأريحية العارف بكريم فعالها، فلم يقتر بذكر حسبها الكريم أو نسبها الفاضل، وما حازته بجليل خصال وعظيم فعال أنجزتها باقتدار.
قبل المضي قدما في قرائتي هذه، لا بد لي من البوح، وهو بوح فيه شيء من (جلد المحب) لمن نعتقد انهم بحاجة اليه وهو مهم، ليعلموا سبب انتصار الجعاربة عليهم، منذ 13 يناير الى يومنا هذا وهو قول فصل لا يعرف الهزل نتاج لمعايشة وانخراط حقيقي بالمشهد السياسي، اسمح لي ان أبثك اياه عزيزي القارئ الكريم، فهو شيء يجيش به صدر ويتحرك به لسان عجبا وتعجبا، لجهة سلوك فيه شيء من جحود لا اجد له مبرراً سوى (ركة أصل وقلة وفاء)، من لدن طابور طويل من تربطهم بالفقيد يرحمه الله، صلة قربى أو زمالة وصداقة وهم كثر، كنا نعتقدها حميمية، لكنها طلعت فيشنك لا معنى أو ثقل يحسب لها، فلم نجد لهم مرثيات أو حتى منشوراً حزيناً يواسي أهله وبنيه في مصابهم هذا الجلل —- هذه الجفوة بين النخب اﻻبينية لا احسبها غير سلوك طارئ تساكن مع الكثير من نخب أبين بعد الاستقلال وتحديدا بعد الإطاحة بالرئيس سالمين، حيث تنافسوا في نكران الانتماء والولاء لمحافظتهم (مفضلين تقمص الولاء والانتماء للأممية الثالثة أو الرابعة) على محافظتهم، وذلك ليس سلوكاً (نيو ليبرالأ) لكنه للهروب من دفع كلفة غرامة انتماء مخسر من وجهة نظر قاصرة لتلك النخب (بحسب اعتقادي) —– هناك الكثير مما يجب قوله ولكن الحيز لا يسمح بذلك الحيز، فهو مخصص للقراءة في مقال اخينا دولة رئيس وزراء حكومة الإنقاذ بصنعاء، لربما تناولناه في مقال منفصل بذاته —— عموما نقول رحم الله فقيدنا الكبير واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة…
وبالعودة لمتن مرثية صديقي بن حبتور … حفظه الله، والذي أجده قد كتبه بمداد فؤاد يعتصره الحزن والأسى، لأسباب لا داع لذكرها، فقد تناولها في سياق ذلك المتن المرهف، وبصراحة أقول لك عزيزي القارئ الكريم، انها المرة الأولى التي اجد فيها صديقي الكاتب ينصب شلالا من السرد الوصفي لملامح المشهد الوداعي الحزين، لم يغفل فيه محاسن ومناقبية رجل من اشرف وانبل رجالات الوطن خلقا وأخلاقا وسيرة ومسيرة عاطرة، بل ولم يغفل ذكر محاسن وإيجابيات قوم الفقيد آل فضل كبيت سلطنة أو كقبائل يمانية تساكنوا مع جوار مدني (ولاية عدن) التي هذبت فيهم النعرات القبلية وجعلتهم اقرب للحضر منهم للبداوة الرعناء.
طبعا الكاتب لا منفعة ذاتية يرجوها من وراء كتابة مرثيته هذه، فهو لا يرجو زعامة أو تنقصه شهرة، بالرغم من كل انشغالاته اليومية ومهام عمله المضني بقيادة حكومة بزمن حرب عدوانية تتطلب منه جهود مضاعفة لمهام أي رئيس وزراء آخر، لكنه ضغط على نفسه يطالعنا بهذا المقال الإنساني المؤثر مبنى ومعنى، إنصافا لمن يستحق الإنصاف ووفاء لتاريخ علاقة صداقة نبيلة واخوة شرح تفاصيلها بإسهاب ممتع مضيئا على جوانب في سيرة الفقيد ومسيرته، لربما لم يكن في موسوعنا معرفتها لولا هذه المرثية التي تشبه صاحبيها الراثي والمرثي .
وفي الختام أقول، إنني لا اجد نفسي غير مجبر على رفع قبعتي توقيرا وتبجيلا لصديقي الكريم كاتب هذه المرثية، التي يحق لذوي الفقيد الكبير/عبدالله علي علوي الفضلي وكل آل فضل رفعها حيثما أمكن كونها تعلي شأن الفقيد وشأنهم كذلك.
ومسك الختام: –
حفظك الله ورعاك ايها الماجد الشهم والعدني النبيل، ورحم فقيدنا الكبير/عبدالله بن علي علوي الفضلي، واسكنه ربي بتوفيق رضوانه الفردوس الأعلى من الجنة.
جامعة عدن