العام الهجري الجديد والعشر الفرص المتاحة بين يدي المتفائلين والمتشائمين

العلامة / محمد بن محمد المطاع

 

 

 

أطّل على الأمة عام جديد يحمل في طياته وبين جنبه رجلاً لم تشهد الأرض ولا السماء ممثله، هو رسول الله محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم صلوات الله عليه وعلى آله، الذي يجب أن نعود إليه كرسول عظيم وما حمل من آيات بينات ومواقف قلبت وجهة التاريخ، ولابد أن نتفهَّم ما الذي جعل هذا الرسول العظيم يدخل مكة فاتحاً بعد ما خرج منها متخفياً مظلوماً من قسوة الطغاة الظلمة, لابد أن نعرف من بداية هجرته إلى المدينة المنورة ونعرف الفئة المؤمنة التي استقبلته في الأحضان ونعرف المواقف البطولية التي خاضها مع المشركين واليهود وعانى فيها من المنافقين وكيف بدأ جهادهُ في بدر بفئة قليلة وجاهد الطغيان القرشي بقيادة أبو سفيان وكيف انتصر ونستمر في السير معه حتى دخوله مكة فاتحاً.
فهل لنا أن نتفكر تفكراً سليماً في هذا الرسول العظيم، الذي أرسله الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور وأرسله رحمة للعالمين حتى اليهود والنصارى والملحدين وعبدة الأوثان شملتهم رحمة الله التي أوكلها إلى رسوله صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وكيف قابل العالم الكفري بهذه الرحمة وها هو أكبر زعيم في العالم يتفاخر بأن قومه هم مصدر الفساد والرذيلة والشذوذ وآخرون منهم من أحرق المصحف الشريف والذي بين دفتيه الرحمة التي أهداها لهم من الله ورسوله كدولتي السويد والدنمارك وأخواتهما وبغطاء أبناء القردة الخنازير إسرائيل.
فهل يا ترى يستحق هؤلاء الرحمة؟.. إن الله جل شأنه هو يعلم أنهم لا يستحقونها، إلا أنها حجة عليهم يوم يقدم إليهم بالسلاسل والأغلال ويسحبون على وجوههم إلى النار، فهل يستطيعون أن يقولوا لا نعلم ما أراد الله منا، أما المسلمون فالحجة عليهم أعظم وهم عند الله ألوم فقد أسلموا فكان عليهم ألا يخرجوا عن منهج هذا الرسول قيد أنملة ومع الأسف الشديد نجد المتمسكين بهذا الرسول العظيم كالنقطة البيضاء في الثور الأسود وغير المتمسكين هم الكثرة وهم يتقمصون الإسلام والإسلام هو التمسك برسول الإسلام ومن لم يتمسك قولاً وعملاً فهو يكذب على الله وعلى رسوله، ولو علموا بالمصير الذي يصيرون إليه لما أصرّوا على التمسك بحب هذه الدنيا التي سوف يغادرونها ويواجهون أعمالهم وقد سجلت في كتبهم صغيرها وكبيرها ولا خلاص لهم من العقوبة التي اختاروها لأنفسهم في هذه الحياة والناجون هم المتقون والحجة على غير المتمسكين.
إن الرسول عربي والقرآن عربي والأرض التي يعيشون عليها هي أرض الله أعطاها ليتمتعوا فيها ويعيشون في خيراتها وكان لهم فرصة ذهبية وبالأخص اليمنيين وهي جهاد أعداء الله والذي أمر الله رسوله بقوله (حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ) والفرصة الثانية الذهبية أن هذا القرآن الذي بين أيديهم فيه ما ينير لهم الطريق ليعرفوا الحق من الباطل.
والفرصة الثالثة هي وجود قيادة تمثّل الرسول بصفة مصغرة وهي مؤهله أن تكون قدوة حتى للأميين الذي لا يقرأون ولا يفهمون القرآن وفرصة رابعة هي أنهم يقاتلون أعداء الله وفرصة خامسة وهي أنهم يقاتلون في سبيل الله وفرصة سادسة هي أنهم على الأرض التي يعيشون عليها وفرصة سابعة أنهم يقاتلون من أجل أعراضهم وثرواتهم وأموالهم وسيادتهم وحريتهم وفرصة ثامنة أن لهم تاريخا مشرفا كأجدادهم الذين استقبلوا الرسول وناصروه والحاكمون في اليمن السابقون كان أكثرهم من خيرة البشر ومثّلوا الإسلام خير تمثيل وما يحيى ابن الحسين ابن القاسم ابن إبراهيم إلا صورة للإسلام الصحيح والفرصة التاسعة أن قدوتهم هو الرسول العظيم وبعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والذي قال الرسول فيه أنت مني بمنزله هارون من موسى إلا أنه لا نبي من بعدي والفرصة العاشرة أن اليمن لم يمارس المنكرات جهاراً نهاراً كما هي موجودة في بعض الأقطار الإسلامية ولا توجد ملاهي ولا مراقص ولا مجاميع للرذيلة، هذي الفرص كلها تحتّم على من له قلب واعي وسمع وبصر أن لا يخرج عن منهج الرسول قيد أنملة.
فيا أهل اليمن، لا تفوتكم هذه الفرص وغادروا ما أنتم عليه من الهلع والطمع غير المشروع على الأرض والبناء تربحون في الدنيا والآخرة إذا كنتم مع الله.
ولا يفوتني أن أشير إلى ما يقوله السياسيون من أن الشياطين يسكنون في التفاصيل هذه المقولة غير صحيحة، فالشياطين يسكنون في الرؤوس الفارغة المهيئة لهم أما الرؤوس التي ترفض سكناهم فيها فقد حددوا مصيرهم والله معهم أما الرؤوس التي رحبت بهم وفتحت لهم أبوابها فقد ضلت سواء السبيل أمَا يقرأون( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) وفي هذا الموضوع حديث طويل وأخشى ما أخشاه إذا تعرضت له أن يصيبه الكبر لذلك أتركه للفرسان وما أكثرهم وما أنا إلا واحد من هذا الجمهور العريض والذي يسأل الله أن تحيط به دعوات الصالحين ويتمنى من الله التوفيق والسداد.
و الخلاصة من قولي هل يفهمون أن الممارسات التي يمارسونها وهي بعيدة كل البعد عن منهج الرسول الذي نحتفل بيوم هجرته صلوات الله عليه وعلى آله مثلاً الكذب وكم هو منتشر يا ترى وهو يخفي الحقيقة وهو خطير على صاحبه ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) والغش وخطورته وكم هم الغاشون وشهادات الزور وما أخطرها وأكل أموال اليتامى وضررها والتحايل من الرجال على النساء في الميراث وأكل أموال الأوقاف بدون خوف ولا ضمير والتحايل على إخراج الزكاة كاملة والطعن في أعراض المؤمنين والمؤمنات وتناول المخدرات والمحرمات سراً فهي محرمه سراً أو جهراً والتهاون في أداء الصلاة في أوقاتها وترك البنين والبنات دون انضباط والمغالاة في المهور والإسراف والتبذير في إقامة الحفلات والتباهي في بناء الأبراج والبناء في الأرض الزراعية والإسراف في مضغ القات.
ومما عمت به البلوى وهي السموم التي ترش على القات والأعناب والخضروات وأتمنى من الدولة أن تمنع الموظفين والمسؤولين عن مضغ القات ولو لمدة أسبوع عسى أن ينتهي الممارسون عن رش هذه السموم التي تضر البشر.
ومن الانفلات ترك الشباب يتسكعون في الشوارع بدون فائدة ويجب على السلطة أن تفتح لهم أكثر من كلية من كليات المجتمع وأن تمنع دخول الكماليات وحتى الفواكه وكل ما يؤثر على المنتجات المحلية ولا يشجعها على الإنتاج وكل ما يتعارض مع الإسلام يجب تركه والا فإن الإنسان الذي يمارس هذه المخالفات سيضر نفسه ويجب أن يعيش كل إنسان في هذه الأرض مؤدباً ولا حياة بدون أدب وأخلاق وتجنب الشبهات التي لا صلة لها لا بالأخلاق ولا بالإسلام ولا بالدين ولا بالعادات النظيفة والتعاون في هذا المنعطف الخطير.
على العقلاء والمؤمنين في الحارات أن يشكلوا نظاماً تعاونياُ أخلاقياً بأن ينشأ بكل حارة ثلاثة أشخاص مؤمنين وعفيفين وأمينين يأخذوا من كل المؤسرين في الحارات بعد أن يحصروهم ويعطوا للمحتاجين في نفس الحارة كل ثلاثة أشهر ويأخذ من الموسرين ما تفضلوا به من أموال أو طعام أو ثياب أو أي شيء ويحصر المحتاجون في نفس الحارة وتكون الحارة مؤلفة من ثلاثين إلى خمسين بيتاً ثم تقوم حارة أخرى بنفس الفعل حتى تكتمل العاصمة واذا طرح الله البركة في اليمنيين وبدأوا في التعاون يمكن أن ينتقل التعاون إلى الريف والله سبحانه لم يقل (وتعاونوا على البر والتقوى) إلا للمصلحة وعلى القائد المبارك ورئاسة الدولة أن يشجعوا على ذلك والله سبحانه سيبارك للمنفقين في أموالهم وسيجدون بركة هذا العمل وثوابه عند لقاء ربهم وأرجو من المتشائمين أن يصمتوا ومن المتفائلين أن يبادروا.

قد يعجبك ايضا