من خلال متابعتي لمختلف وسائل الإعلام التي تتناول الحديث عن اغتيال مدير برنامج الغذاء الأممي في منطقة التربة محافظة تعز ظهيرة يوم الجمعة أي قبل يومين.
هذه الجريمة جعلتني أغوص في التفكير عنها وأستحضر ما كان يروّجه إعلام العدوان خلال الأسابيع المنصرمة عن محافظة تعز وكأنه بدأ الترويج للشروع في ارتكاب جريمة الاغتيال لهذا الموظف الأممي مع أن تلك المكنات الإعلامية ملت منها مسامعي وهي تروِّج كذبا وتضليلا أن صنعاء تستعد للتصعيد في محافظة تعز وأن العرض العسكري في محافظة إب الغرض منه التصعيد في تعز، كما تكرر هذا الكلام على لسان المرتزق العليمي وكذا طارق عفاش ونبيل شمشام وعبدالكريم شيبان.
تراجُع قوى العدوان عن تنفيذ الاتفاق مع صنعاء وبمشاركة الجانب الأممي المتعلق بفتح طرقات ما بين المديريات الخاضعة لسلطات صنعاء وبين المديريات الخاضعة لسلطات العدوان على أساس التخفيف من متاعب أبناء هذه المحافظة نتيجة ذلك ورغم المبادرات والتنازلات التي قدمتها صنعاء بهذا الصدد إلا أن تعنت وتراجع الطرف الآخر عن التنفيذ يضع العديد من علامات الاستفهام، وبرز تراجع تلك القوى مؤخرا من خلال المواقف والتصريحات والتلميحات للمرتزق العليمي وعبدالكريم شيبان وطارق عفاش ونبيل شمسان إضافة لما ورد في إحاطات المبعوث الأممي التي يقدمها لمجلس الأمن شهريا حين يتطرق بكثير من إحاطاته هذه عن هذه المحافظة والتي لو تم ترجمة ما بين السطور لتلك الإحاطات سوف يصل لاستنتاج منطقي عمّا ورد بتلك الإحاطات معرفة الأهداف العميقة عن هذه المحافظة وتسليط الأضواء عن دور سماسرة الهيئة الأممية بنسج هذه المسرحية وتحديد خطرها على حاضر ومستقبل اليمن بشكل عام وهذه المحافظة بشكل خاص.
ما ينبغي إدراكه أن أجندات العدوان من الداخل بالتنسيق مع دول التحالف العدواني ومن خلفها واشنطن ولندن وبجانبها إسرائيل لديهم مشاريع من تحت الطاولة تهدف لاستنساخ نفس النموذج الذي تم تنفيذه بإدلب في سوريا ونقله إلى محافظة تعز ضمن أهدافه العميقة وضع آليات متعددة تتيح لها السيطرة على المديريات الخاضعة لسلطات صنعاء في هذه المحافظة وبما يكفل استمرارية تلك القوى المعادية بناء قواعد عسكرية في عمق تعز برا وبحرا وعسكرة المياه السيادية لليمن وبالذات من مضيق باب المندب وصولاً لسواحل مديرية الخوخة لأن ذلك يكفل لهم تأمين التحركات الإسرائيلية من قناة السويس إلى نفس المضيق مرورا ببحر العرب وجزيرة سقطرى خصوصا بعد الأعمال المتسارعة للإمارات في عملية القبض والبسط على أهم الجزر اليمنية ميون وأرخبيل سقطرى ودعمها للقوات العسكرية لطارق عفاش بالساحل الغربي ومحافظة تعز مع أننا قد سبق أن تناولنا هذا الخطر بالعديد من الصحف اليمنية بعد أن تطرقنا فيها للدور البالغ الخطورة الذي يقوم به الناتو سواء بتأسيس قواعد عسكرية برا وبحرا وكذا استثماره للقواعد الجاهزة وتحديدا قاعدة العند التي أسسها الروس خلال مرحلة الحرب الباردة والذي يسعى الغرب راهنا تأمين نشاطه العسكري المتسارع في المياه السيادية لبلدنا والجزر التابعة لليمن وبعض المحافظات الواقعة على الشريط الساحلي منها محافظة تعز التي تطل على قاعدة العند من جهة ومضيق باب المندب من جهة أخرى وصولا لمدينة المخا، وكما أن أطماع تلك القوى تتطلب من وجهة نظرهم وضع قواعد عسكرية في بلدنا بحكم الموقع الاستراتيجي لليمن بشكل عام وبهذه المحافظة بشكل خاص وليس أمامهم سوى نسج مسرحيات وبرنامج للتنفيذ يحقق الهدف العميق ويكون التنفيذ عبر أدواتهم الإقليمية والداخلية العملية مما جعلهم ينسجون هذه المسرحية الواهية والوهمية بحيث تتيح لهم تحقيق أهدافهم منها عسكريا من خلال بناء قواعد عسكرية في نفس منطقة التربة إضافة للسابقة باعتبار هذه المنطقة التي أصبحت مسرح الجريمة للاغتيال وما حولها من مديريات لتصبح جريمة الاغتيال هي المدخل لتحقيق بنك أهدافهم العميقة وهنا تتضح الصورة من ترويج وتضليل إعلام العدوان ما قبل الاغتيال وتعد بمثابة تهيئة غير مباشرة للتنفيذ والضحك على الذقون .على هذا الأساس تقاس عملية الإعداد والتحضير لمسلسل الدول الطامعة والعدوانية وأجنداتهم من الداخل بتنفيذ جريمة الاغتيال ووضوح خطتهم بهذه المحافظة سوءا من خلال التحركات العسكرية لواشنطن ولندن في حوض البحر الأحمر وبالذات تحديدا في باب المندب وبحر العرب والموازية للتحركات العسكرية لطارق عفاش ولو عرجنا قليلا لخطاب المرتزق العليمي بحضرموت سنجد مضامينه يوحي بذلك إضافة لاتصاله لنبيل شمسام قبل اغتيال مؤيد حميدي .
ومن ناحية أخرى تقاس تلك التحركات وتصعيداتهم الإعلامية أن ذلك مؤشر يوحي بعملية الاستعداد لتصعيد عسكري ربما يشترك فيه كوكتيل الناتو ودول تحالف العدوان، فماذا يعني قصفهم لمستشفى بالطيران المسيَّر في منطقة البرح؟ والذي باعتقادي بأن القصف للمستشفى كان لعدة أهداف منها نزوح السكان من نفس المربع الواقع فيه المستشفى.
كما أن إعداد هذه المسرحية من قبل القوى المضادة، أي ما قبل اغتيال هذا الموظف جاء متزامنا مع وصول الفريق الأممي إلى ميناء الحديدة بشأن قضية السفينة صافر في ظل استمرارية مكنات الإعلام المضاد تصعيدها إعلاميا أن تعز محاصرة فماذا يعني التصعيد الإعلامي من قبل تلك القوى قبل ارتكاب جريمة الاغتيال هذا الموظف الأممي في منطقة التربة؟ ولماذا كانت تلك القوى، أي قبل عملية الاغتيال، تروّج بمكناتها كذبا وتضليلا أن صنعاء تتجه نحو التصعيد في تعز؟ أليس كل ذلك يوحي بأنها التي تولت التنفيذ ومن خلفها من الناتو ولديهم بنك من الأهداف يريدون تحقيقها في هذه المحافظة، وكما أوضحت سلفا تطلب الأمر من وجهة نظرهم نسج مسرحية تتيح لهم تسليم هذه المحافظة للدول الطامعة والعدوانية لتامين سيطرتهم على باب المندب وتثبيت مخالبهم في المحافظات الخاضعة للاحتلال وكل ذلك جعل الطرف المضاد يعد الخطة ويضع بوابة الولوج لتنفيذ اغتيال هذا الموظف الأممي بحيث تكون مخرجات الهيئة الأممية إصدار قرار ضمن الديباجة دخول قوات دولية تحت عنوان قوات حفظ السلام لمنطقة التربة والمديريات المحيطة بها لتأمين سيطرتهم على مضيق باب المندب، وهنا تلميحات الأمين العام للهيئة الأممية توحي بذلك بعد اغتيال مؤيد حميدي عند التطرق لمشروع السلام .
على هذا الأساس تقاس أهداف الاغتيال لحميدي من خلال المعطيات السالفة والتي من المحتمل تحمل بصمات القوى المساندة للعدوان ومعرفة ما بعد تنفيذ الجريمة.
من خلال ذلك يتسنى لكل ذي عقل تصويب خطط أمريكا وأخواتها بالسيطرة الكاملة على هذه المحافظة لتكون بنفس النموذج الذي نفذه الغرب بإدلب في سوريا تحت اسم وعنوان (منطقة آمنة) ومن أجل ذلك نسجوا مسرحية واهية لتنفيذ المخطط واختيار بوابة الولوج باغتيال الموظف الأممي مؤيد حميدي، ولهذا ما تم الإشارة إليه سلفا يمثل معطيات لارتكاب هذه الجريمة وقياس ما بعد الجريمة لهذا الموظف الأممي.. إذا على قوى العدوان أن تتحمل مسؤولية هذه الجريمة وكل ما جرى ويجري بهذه المحافظة من الماضي للحاضر.
*نائب وزير الإعلام