ظهرت الجبل الأسود وهي دولة صغيرة في منطقة البلقان، كمورد بارز للأسلحة إلى دولة الإمارات، على الرغم من مجمعها الصناعي العسكري المحدود.
وقال (معهد التكتيكات للأمن ومكافحة الإرهاب) الأوروبي في دراسة تحليلية مطولة ترجمها المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، إن التعاون الآخذ بالتصاعد بين الإمارات والجبل الأسود يشكل تهديدا للأمن والاستقرار العالميين.
وذكر المعهد أن هذه التجارة غير المشروعة لا تقوض الاستقرار الإقليمي فحسب، بل إنها تشكل أيضًا تهديدًا خطيرًا للأمن العالمي.
وبحسب المعهد تمتد عواقب هذه التجارة إلى ما هو أبعد من حدود هذه البلدان، مما يؤثر على الصراعات المستمرة ويكرس العنف، ويؤجج الإرهاب في الشرق الأوسط وما وراءه.
إذ يتم نقل هذه الأسلحة لاحقًا إلى فصائل ودول مختلفة في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن وليبيا وسوريا، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات المستمرة ويؤجج عدم الاستقرار في المنطقة.
والدوافع وراء تجارة الأسلحة متعددة الأوجه. إذ تسعى الإمارات إلى تعزيز قدراتها العسكرية وتأكيد نفوذها في المنطقة.
شرعت أبو ظبي في برنامج طموح للتحديث العسكري، بهدف وضع نفسها كقوة إقليمية كبرى.
والحصول على أسلحة متطورة من الجبل الأسود ومصادر أخرى يمكّن الإمارات من تعزيز قوتها العسكرية وقوة استعراضها في الشرق الأوسط المضطرب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تورط الإمارات في الصراعات الإقليمية، مثل تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، يستلزم إمدادًا ثابتًا بالأسلحة.
بصفتها شريكًا رئيسيًا في التحالف، شاركت الإمارات بنشاط في الصراع، حيث قدمت الدعم العسكري لقواتها في الجنوب.
وتعمل تجارة الأسلحة مع الجبل الأسود كوسيلة لتجديد ترسانة الإمارات ومواصلة عملياتها العسكرية في اليمن.
تمتد عواقب تجارة الأسلحة بين الإمارات والجبل الأسود إلى ما هو أبعد من عدم الاستقرار الإقليمي، إذ لها آثار عميقة على الأمن العالمي ومكافحة الإرهاب.
وقد أدى التدفق غير المنظم للأسلحة من الجبل الأسود إلى الإمارات ومن ثم إلى مناطق الصراع، إلى تفاقم الصراعات المستمرة، وإطالة المعاناة الإنسانية، وتقويض جهود بناء السلام.
في اليمن على سبيل المثال، شاركت الإمارات في التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية منذ عام 2015م. أدى تدفق الأسلحة من خلال تجارة الأسلحة إلى تكثيف الصراع، مما أدى إلى أزمة إنسانية وخيمة وانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.
كما كان لدعم الإمارات للفصائل المختلفة في الصراع الليبي عواقب وخيمة. وقد اتُهمت البلاد بتسليح وتقديم المساعدة العسكرية لفصائل تتماشى مع مصالحها، في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.
أدت هذه الأسلحة إلى تفاقم الصراع، وتأجيج العنف، وعرقلة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سلمي. كما ساهم الانتشار العشوائي للأسلحة في ظهور الجماعات المتطرفة واستمرار الإرهاب في المنطقة.
علاوة على ذلك، تثير تجارة الأسلحة بين الإمارات والجبل الأسود مخاوف جدية بشأن التحويل المحتمل للأسلحة إلى المنظمات الإرهابية والجهات الفاعلة غير الحكومية.
ويؤدي ضعف ضوابط التصدير والافتقار إلى آليات رصد فعالة إلى خلق فرص لعمليات نقل الأسلحة غير المشروعة. يمكن أن ينتهي الأمر بهذه الأسلحة في أيدي الجماعات المتطرفة، مما يؤدي إلى استمرار العنف ويشكل تهديدًا للأمن العالمي.
في ضوء هذه العواقب الوخيمة، أكد المعهد الأوروبي أنه لا بد للمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة تجارة الأسلحة بين الإمارات والجبل الأسود، ودعم الأمن والاستقرار العالميين.
وحث بهذا الصدد دولة الجبل الأسود على تعزيز ضوابط تصدير الأسلحة وضمان الامتثال الصارم للالتزامات الدولية، بما في ذلك معاهدة تجارة الأسلحة (ATT).
وقال إنه من الأهمية بمكان أن يمارس الجبل الأسود العناية الواجبة وتقييم الاستخدام النهائي للأسلحة بدقة، مع ضمان عدم تحويلها إلى جهات غير مشروعة أو مناطق نزاع.
وأضاف أن إنشاء نظام شامل وشفاف لمراقبة تصدير الأسلحة، إلى جانب آليات الرقابة الفعالة، أمر ضروري لمنع إساءة استخدام الأسلحة.
كما أكد أنه يجب على المجتمع الدولي، ولا سيما الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ممارسة الضغط الدبلوماسي على كل من الإمارات والجبل الأسود لوقف تجارة الأسلحة غير المشروعة.
وشدد على أنه يجب فرض العقوبات المستهدفة على الأفراد والكيانات المشاركة في تسهيل التجارة، وإرسال رسالة واضحة مفادها أن مثل هذه الإجراءات لن يتم التسامح معها.
وأوضح أه من خلال فرض عقوبات مالية وقيود على السفر وتجميد الأصول، يمكن للمجتمع الدولي بشكل فعال ردع ومعاقبة الضالعين في عمليات نقل الأسلحة غير المشروعة.